٤٥

وقيل استعينوا بالصبر على الطاعات وعن الشهوات على نيل رضوان اللّه سبحانه وبالصلاة على نيل رضوان اللّه وحط الذنوب وعلى مصائب الدهر أيضا ومنه الحديث كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ومنه ما روي أن عبد اللّه بن عباس نعي له أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع وتنحى عن الطريق وصلى ثم انصرف إلى راحلته وهو يقرأ واستعينوا بالصبر والصلاة وقال مجاهد الصبر في هذه الآية الصوم ومنه قيل لرمضان شهر الصبر وخص الصوم والصلاة على هذا القول بالذكر لتناسبهما في أن الصيام يمنع الشهوات ويزهد في الدنيا والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر

وتخشع ويقرأ فيها القرآن الذي يذكر بالآخرة وقال قوم الصبر على بابه والصلاة الدعاء وتجيء الآية على هذا القول مشبهة لقوله تعالى إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا اللّه لأن الثبات هو الصبر وذكر اللّه هو الدعاء

وروى ابن المبارك في رقائقه قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن صلة بن اشيم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من صلى صلاة لم يذكر فيها شيأ من أمر الدنيا لم يسأل اللّه شيأ إلا أعطاه أياه واسند ابن المبارك عن عقبة بن عامر الجهني قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى صلاة غير ساه ولالاه كفر عنه ما كان قبلها من شيء انتهى وهذان الحديثان يبينان ما جاء في صحيح البخاري عن عثمان حيث توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من توضأ نحو وضوءى هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه انتهى والضمير في

قوله تعالى وأنها قيل يعود على الصلاة

وقيل على العبادة التي تضمنها بالمعنى ذكر الصبر والصلاة قال ص وأنها الضمير للصلاة وهو القاعدة في أن ضمير الغائب لا يعود على غير الأقرب إلا بدليل انتهى ثم ذكر أبو حيان وجوها أخر نحو ما تقدم وكبيرة معناه ثقيلة شاقة والخاشعون المتواضعون المخبتون والخشوع هيئة في النفس يظهر منها على الجوارح سكون وتواضع ويظنون في هذه الآية قال الجمهور معناه يوقنون والظن في كلام العرب قاعدته الشك مع ميل إلى أحد معتقديه وقد يقع موقع اليقين لكنه لا يقع فيما قد خرج إلى الحس لا تقول العرب في رجل مرءي أظن هذا إنسانا وإنما تجد الاستعمال فيما لم يخرج إلى الحس كهذه الآية وكقوله تعالى فطنوا أنهم مواقعوها قال ص قلت وما ذكره ابن عطية هو معنى ما ذكره الزجاج في معانيه عن بعض أهل العلم أن

الظن يقع في معنى العلم الذي لم تشاهده وإن كان قد قامت في نفسك حقيقته قال وهذا مذهب إلا أن أهل اللغة لم يذكروه قال وسمعته من أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق القاضي رواه عن زيد بن أسلم انتهى والملاقاة هي للثواب  العقاب ويصح أن تكون الملاقاة هنا بالرؤية التي عليها أهل السنة وورد بها متواتر الحديث وراجعون قيل معناه بالموت

وقيل بالحشر والخروج إلى الحساب والعرض ويقوى هذا القول الآية المتقدمة

قوله تعالى ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون

﴿ ٤٥