٦١

وقوله تعالى وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد الآية كان هذا القول منهم في التيه حين ملوا المن والسلوى وتذكروا عيشهم الأول بمصر قال ابن عباس واكثر المفسرين الفوم الحنطة وقال قتادة وعطاء الفوم جميع الحبوب التي يمكن أن تختبز وقال الضحاك الفوم الثوم وهو قراءة عبد اللّه بن مسعود

وروى ذلك عن ابن عباس والثاء تبدل من الفاء كما قالوا

مغاثير ومغافير ت قال أحمد بن نصر الداودي وهذا القول أشبه لما ذكر معه أي من العدس والبصل انتهى وادنى قال علي بن سليمان الأخفش مأخوذ من الدنيء البين الدناءة بمعنى إلا خس إلا أنه خففت همزته وقال غيره هو مأخوذ من الدون أي الأحط فأصله أدون ومعنى الآية أتستبدلون البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل التي هي ادني بالمن والسلوى الذي هو خير وجمهور الناس يقرءون مصرا بالتنوين قال مجاهد وغيره أراد مصرا من الأمصار غير معين واستدلوا بما اقتضاه القرءان من أمرهم بدخول القرية وبما تظاهرت به الروايات أنهم سكنوا الشام بعد التيه وقالت طائفة أراد مصر فرعون بعينها واستدلوا بما في القرآن من أن اللّه أورث بني إسرائيل ديار آل فرعون وآثارهم قال في مختصر الطبري وعلى أن المراد مصر التي خرجوا منها فالمعنى أن الذي تطلبون كان في البلد الذي كان فيه عذابكم واستعبادكم وأسركم ثم قال والأظهر أنهم مذ خرجوا من مصر لم يرجعوا إليها واللّه أعلم انتهى

وقوله تعالى فإن لكم ما سألتم يقتضي أنه وكلهم إلى أنفسهم وضربت عليهم الذلة والمسكنة معناه الزموها كما قالت العرب ضربة لازب وباءوا بغضب معناه مروا متحملين له قال الطبري باءوا به أي رجعوا به واحتملوه ولا بد أن يوصل باء بخير  بشر انتهى

وقوله تعالى ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون النبيين بغير الحق الإشارة بذلك إلى ضرب الذلة وما بعده

وقوله تعالى بغير الحق تعظيم للشنعة والذنب ولم يجرم نبيء قط ما يوجب قتله وإنما التسليط عليهم بالقتل كرامة لهم وزيادة لهم في منازلهم صلى اللّه عليهم كمثل من يقتل في سبيل اللّه من المؤمنين والباء في بما باء السبب ويعتدون معناه يتجاوزون الحدود والاعتداء هو تجاوز الحد

﴿ ٦١