٩٤

وقوله تعالى قل إن كانت لكم الدار الآخرة الآية أمر لصلى اللّه عليه وسلم أن يوبخهم والمعنى إن كان لكم نعيما وحظوتها وخيرها فذلك يقتضي حرصكم على الوصول إليها فتمنوا الموت والدار اسم كان وخالصة خبرها ومن دون الناس يحتمل أن يراد بالناس صلى اللّه عليه وسلم ومن تبعه ويحتمل أن يراد العموم وهذه آية بينة أعطاها اللّه رسوله صلى اللّه عليه وسلم لأن اليهود قالت نحن أبناء اللّه وأحباؤه وشبه ذلك من القول فأمر اللّه نبيه أن يدعوهم إلى تمني الموت وأن يعلمهم أنه من تمناه منهم مات ففعل

النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك فعلموا صدقه فأحجموا عن تمنيه فرقا من اللّه لقبح أفعالهم ومعرفتهم بكذبهم وحرصا منهم على الحياة

وقيل أن اللّه تعالى منعهم من التمني وقصرهم على الإمساك عنه لتظهر الآية لنبيه صلى اللّه عليه و سلم ت وقال عياض ومن الوجوه البينة في إعجاز القرآن أي وردت بتعجيز قوم في قضايا واعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك كقوله تعالى لليهود قل ان كانت لكم الدار الآخرة عند اللّه خالصة الآية قال أبو إسحاق الزجاج في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة الرسالة لأنه قال لهم فتنموا الموت واعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا فلم يتمنه واحد منهم وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم لى اللّه تعالى عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يقولها رجل منهم إلاغص بريقه يعني يموت مكانه قال أبو محمد الأصيلي من أعجب أمرهم أنه لا توجد منهم جماعة ولا واحد من يوم أمر اللّه تعالى بذلك نبيه يقدم عليه ولا يجيب إليه وهذا موجود مشاهد لمن أراد أن يمتحنه منهم انتهى من الشفا والمراد بقوله تمنوا أريدوه بقلوبكم واسألوه هذا قول جماعة من المفسرين وقال ابن عباس المراد به السؤال فقط وان لم يكن بالقلب ثم أخبر تعالى عنهم بعجزهم وأنهم لا يتمنونه أبدا وأضاف ذنوبهم واجترامهم إلى الأيدي إذ الأكثر من كسب العبد الخير والشر إنما هو بيديه فحمل جميع الأشياء على ذلك

﴿ ٩٤