١٤٣

قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا الآية وكون الرسول شهيدا قيل معناه بأعمالكم يوم القيامة

وقيل عليكم بمعنى لكم أي يشهد لكم بالإيمان

وقوله تعالى وما جعلنا القبلة الآية قال قتادة وغيره القبلة هنا بيت المقدس أي إلا فتنة لنعلم من يتبعك من العرب الذين لم يالفوا إلا مسجد مكة  من اليهود على ما قاله الضحاك الذين قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم - إن صليت إلى بيت المقدس اتبعناك فأمره اللّه بالصلاة إليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا وقال ابن عباس القبلة في الآية

الكعبة وكنت عليها بمعنى أنت عليها كقوله تعالى كنتم خير أمة بمعنى أنتم وما جعلناها وصرفناك إليها إلا فتنة

وروي في ذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - لما حول إلى الكعبة أكثر في ذلك اليهود والمنافقون وارتاب بعض المؤمنين حتى نزلت الآية ومعنى لنعلم أي ليعلم رسولي والمؤمنين به والقاعدة نفي استقبال العلم بعد إن لم يكن وينقلب على عقبيه عبارة عن المرتد والرجوع على العقب أسوأ حالات الراجع

وقوله تعالى وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى اللّه الآية الضمير في كانت راجع إلى القبلة إلى بيت المقدس  إلى التحويلة إلى الكعبة حسبما تقدم من الخلاف في القبلة وكبيرة هنا معناه شاقة صعبة تكبر في الصدور ولما حولت القبلة كانت من قول اليهود يا محمد إن كانت الأولى حقا فأنت الآن على باطل وإن كانت هذه حقا فكنت في الأولى على ضلال فوجمت نفوس بعض المؤمنين وأشفقوا على من مات قبل التحويل من صلاتهم السالفة فنزلت وما كان اللّه ليضيع إيمانكم أي صلاتك قاله ابن عباس وغيره وسمى الصلاة إيمانا لما كانت صادرة عن الإيمان ولأن الإيمان هو القطب الذي عليه تدور الأعمال فذكره إذ هو الأصل وليلا يندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر وأيضا سميت إيمانا إذ هي من شعب الإيمان

ت

وفي العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك قال اللّه تبارك وتعالى وما كان اللّه ليضيع إيمانكم قال هي صلاة المؤمنين إلى بيت المقدس قال ابن رشد وعلى هذا القول أكثر أهل التفسير

وقد قيل إن المعنى في ذلك وما كان اللّه ليضيع إيمانكم بفرض الصلاة عليكم إلى بيت المقدس انتهى من البيان والرأفة أعلى منازل الرحمة

﴿ ١٤٣