١٤٩

وقوله تعالى ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة الآية المعنى عرفتكم وجه الصواب في قبلتكم والحجة لذلك لئلا يكون للناس عليكم حجة والمراد بالناس العموم في اليهود والعرب وغيرهم إلا الذين ظلموا منهم أي من المذكورين ممن تكلم في النازلة في قولهم ما ولاهم عن قبلتهم

وقوله تعالى فلا تخشوهم واخشوني الآية فيه تحقير لشأنهم وأمر بإطراح أمرهم ومراعاة أمره سبحانه قال الفخر وهذه الآية تدل على أن الواجب على المرء في كل أفعاله وتروكه أن ينصب بين عينيه خشية ربه تعالى وأن يعلم انه ليس في أيدي الخلق شيء البتة وأن لا يكون مشتغل القلب بهم ولا ملتفت الخاطر إليهم انتهى قال

ص

إلا الذين استثناء متصل قاله ابن عباس وغيره أي لئلا تكون حجة من اليهود المعاندين القائلين ما ترك قبلتنا وتوجه للكعبة إلا حبا لبلده

وقيل منقطع أي لكن الذين

ظلموا منهم فإنهم يتعلقون عليكم بالشبه وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى أن لا في الآية بمعنى الواو قال ومنه

... وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان ...

أي والذين ظلموا والفرقدان ورد بأن إلا بمعنى الواو لا يقدم عليه دليل انتهى

وقوله تعالى فولوا وجهكم شطره أمر باستقبال القبلة وهو شرط في الفرض إلا في القتال حالة الالتحام وفي النوافل إلا في السفر الطويل للراكب والقدرة على اليقين في مصادفتها تمنع من الاجتهاد وعلى الاجتهاد تمنع من التقليد

وقوله سبحانه ولأتم نعمتي عليكم عطف على قوله ليلا

وقيل هو في موضع رفع بالابتداء والخبر مضمر تقديره ولأتم نعمتي عليكم عرفتكم قبلتي ونحوه ولعلكم تهتدون ترج في حق البشر والكاف في قوله كما رد على قوله ولأتم أي إتماما كما وهذا أحسن الأقوال أي لأتم نعمتي عليكم في بيان سنة إبراهيم عيه السلام كما أرسلنا فيكم رسولا منكم إجابة لدعوته في قوله ربنا وابعث فيهم رسولا منهم

وقيل الكاف من كما رد على ما تهتدون أي اهتداء كما قال الفخر وهنا تأويل ثالث وهو أن الكاف متعلقة بما بعدها أيكما أرسلنا فيكم رسولا وأوليتكم هذه النعم فاذكروني أذكركم واشكروا لي الآية انتهى

ت

وهذا التأويل نقله الداودي عن الفراء انتهى وهذه الآية خطاب لأمة صلى اللّه عليه وسلم - وءاياتنا يعني القرءان ويزكيكم أي يطهركم من الكفر وينميكم بالطاعة والكتاب القرءان والحكمة ما يتلقى عنه ص - من سنة وفقه ودين وما لم تكونوا تعلمون قصص من سلف وقصص ما يأتي من الغيوب

قوله تعالى فاذكروني أذكركم الآية قال سعيد بن جبير معنى الآية اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب

ت

وفي تفسير أحمد بن نصر الداودي وعن ابن جبير اذكروني بطاعتي أذكركم

بمغفرتي

وروي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال من أطاع اللّه فقد ذكر اللّه وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرءان ومن عصى اللّه فقد نسي اللّه وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرءان انتهى

وروى ابن المبارك في رقائقه بسنده عن أنس بن مالك قال ما من بقعة يذكر اللّه عليها بصلاة  بذكر إلا افتخرت على ما حولها من البقاع واستبشرت بذكر اللّه إلى منتهاها من سبع أرضين وما من عبد يقوم يصلي إلا تزخرفت له الأرض قال ابن المبارك وأخبرنا المسعودي عن عون بن عبد اللّه قال الذاكر في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين انتهى وقال الربيع والسدى المعنى اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحوه وفي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - يقول اللّه تبارك وتعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملإ خير منهم الحديث انتهى واشكروا لي أي نعمي وأيادي ولا تكفرون أي نعمي وأيادي

ت

وعن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - ما أنعم اللّه على عبد من نعمة فقال الحمد للّه إلا وقد أدى شكرها فإن قالها الثانية جدد اللّه لها ثوابها فإن قالها الثالثة غفر اللّه له ذنوبه رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح انتهى من السلاح

﴿ ١٤٩