١٧٢وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم الآية الطيب هنا يجمع الحلال المستلذ والآية تشير بتبعيض من إلى أن الحرام رزق وحض سبحانه على الشكر والمعنى في كل حالة وفي مصابيح البغوي عن أبي داود والنسائي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال الطاعم الشاكر كالصائم الصابر انتهى قال القشيري قال أهل العلم بالأصول نعم اللّه تعال على ضربين نعمة نفع ونعمة دفع فنعمة النفع ما أولاهم ونعمة الدفع ما زوي عنهم وليس كل أنعامه سبحانه انتظام أسباب الدنيا والتمكن منها بل الطاف اللّه تعالى فيما زوى عنهم من الدنيا أكثر وإن قرب العبد من الرب تعالى على حسب تباعده من الدنيا انتهى من التحبير وقال أبو عمر بن عبد البر في كتابه المسمى ببهجة المجالس قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما أنعم اللّه على عبد بنعمة فعلم أنها من عند اللّه إلا كتب اللّه له شكرها وما علم اللّه من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفره وإن الرجل ليلبس الثوب فيحمد اللّه فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له قال أبو عمر مكتوب في التوراة اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك فإنه لا زوال للنعم إذا شكرت ولا مقام لها إذا كفرت انتهى وإن من قوله إن كنتم إياه تعبدون شرط والمراد بهذا الشرط التثبيت وهز النفوس كما تقول أفعل كذا إن كنت رجلا وإنما هاهنا حاصرة ولفظ الميتة عموم والمعنى مخصص لأن الحوت لم يدخل قط في هذا العموم وفي مسند البزار عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال إن اللّه حرم الخمر وثمنها وحرم الميتة وثمنها وحرم الخنزير وثمنه انتهى من الكوكب الدري للإمام أبي العباس أحمد بن سعد التجيبي والدم يراد به المسفوح لأن ما خالط اللحم فغير محرم بإجماع ت بل فيه خلاف شاذ ذكره ابن الحاجب وغيره والمشهور أظهر لقول عائشة رضي اللّه عنها لو حرم غير المسفوح لتتبع الناس ما في العروق ولقد كنا نطبخ اللحم والبرمة تعلوها الصفرة انتهى وما أهل به لغير اللّه قال ابن عباس وغيره المراد ما ذبح للأنصاب والأوثان وأهل به معناه صيح به ومنه استهلال المولود وجرت عادة العرب بالصياح باسم المقصود بالذبيحة وغلب ذلك في استعمالهم حتى عبر به عن النية التي هي علة التحريم فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال قتادة وغيره معناه غير قاصد فساد وتعد بأن يجد عن هذه المحرمات مندوحة ويأكلها وأصحاب هذا القول يجيزون الأكل منها في كل سفر مع الضرورة وقال مجاهد وغيره المعنى غير باغ على المسلمين وعاد عليهم فيدخل في الباغي والعادى قطاع السبل والخارج على السلطان والمسافر في قطع الرحم والغارة على المسلمين وما شاكله ولغير هؤلاء هي الرخصة قال مالك رحمه اللّه يأكل المضطر شبعه وفي الموطأ وهو لكثير من العلماء أنه يتزود إذا خشي الضرورة فيما بين يديه من مفازة وقفز قال ابن العربي في أحكامه وقد قال العلماء أن من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل دخل النار إلا أن يغفر اللّه له انتهى والمعنى أنه لم يأكل حتى مات جوعا فهو عاص وكأنه قتل نفسه وقد قال تعالى ولا تقتلوا أنفسكم الآية إلى قوله ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا قال ابن العربي وإذا دامت المخصمة فلا خلاف في جواز شبع المضطر وإن كانت نادرة ففي شبعه قولان أحدهما لمالك يأكل حتى يشبع ويتضلع وقال غيره يأكل بمقدار سد الرمق وبه قال ابن حبيب وابن الماجشون انتهى |
﴿ ١٧٢ ﴾