٢٥٩قوله تعالى كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها الآية عطفت في هذه الآية على المعنى الذي هو التعجب في قوله الم تر الى الذي حاج قال ابن عباس وغيره الذي مر على القرية هو عزير وقال وهب بن منبه وغيره هو ارميا قال ابن اسحاق ارميا هو الخضر وحكاه النقاش عن وهب بن منبه واختلف في القرية ما هي فقيل الموتفكة وقال زيد بن اسلم قرية الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف وقال وهب بن منبه وقتادة والضحاك والربيع وعكرمة هي بيت المقدس لما خربها بخت نصر البابلي والعريش سقف البيت قال السدي يقول هي ساقطه على سقفها أي سقطت السقف ثم سقطت الحيطان عليها وقال غيره معناه خاوية من الناس وخاوية معناه خالية يقال خوت الدار تخوي خواء وخويا ويقال خويت قال الطبري والأول افصح قال ص وهي خاوية في موضع الحال من فاعل مراو من قرية وعلى عروشها قيل على على بابها والمعنى خاوية من اهلها ثابته على عروشها والبيوت قائمة والمجرور على هذا يتعلق بمحذوف وهو ثابتة وقيل يتعلق بخاوية والمعنى وقعت جدراتها على سقوفها بعد سقوط السقوف انتهى وقد زدنا هذا المعنى وضوحا في سورة الكهف واللّه الموفق بفضله وقوله اني يحي هذه اللّه بعد موتها ظاهر اللفظ السؤال عن احياء القرية بعمارة سكان فكان هذا تلهف من الواقف المعتبر على مدينة احبته ويحتمل ان يكون سؤاله انما كان عن احياء الموتى فضرب له المثل في نفسه وحكى الطبري عن بعضهم ان هذا القول منه شك في قدرة اللّه على الاحياء قال ع والصواب ان لا يتأول في الآية شك وروي في قصص هذه الآية ان بني اسراءيل لما أحدثوا الأحداث بعث اللّه عليهم بخت نصر فقتلهم وجلاهم من بيت المقدس وخربه فلما ذهب عنه جاء عزير أزميا فوقف على المدينة معتبرا فقال أنى يحي هذه اللّه بعد موتها فأماته اللّه تعالى وكان معه حمار قد ربطه بحبل جديد وكان معه سلة فيها تين هو طعامه وقل تين وعنب وكانت معه ركوة من خمر وقيل من عصير وقل قلة من خماء هي شرابه وبقي ميتا مائة عام فروي أنه بلي وتفرقت عظامه هو حماره وروي أن الحمار بلي وتفرقت أوصاله دون عزير وقوله تعالى ثم بعثه معناه أحياه فسأله اللّه تعالى بوساطة الملك كم لبثت على جهة التقرير فقال لبثت يوما أبو بعض يوم قال ابن جريج وقتادة والربيع أماته اللّه غدوة يوم ثم بعثه قرب الغروب فظن هو اليوم واحدا فقال لبثت يوما ثم رأى بقية من الشمس فخشي أن يكون كاذبا فقال أبو بعض يوم فقيل له بل لبثت مائة عام وقوله تعالى فأنظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه أي لم يتغير ت قال البخاري في جامعة يتسنه يتغير وأما قوله تعالى وأنظر إلى حمارك فقال وهب بن منبه وغيره المعنى انظر إلى اتصال عظامه وأحيائه جزءا جزءا ويروى أنه أحياه اللّه كذلك حتى صار عظاما ملتئمة ثم كساه لحما حتى كمل حمارا ثم جاء ملك فنفخ في أنفه الروح فقام الحمار ينهق وروي عن الضحاك ووهب بن منبه أيضا أنهما قالا بل قيل له وانظر إلى حمارك قائما في مربطه لم يصبه شيء مائة سنة قالا وإنما العظام التي نظر إليها عظام نفسه وأعمى اللّه العيون عنه وعن حماره طول هذه المدة وكثر أهل القصص في صورة هذه النازلة تكثيرا اختصرته لعدم صحته وقوله تعالى ولنجعلك آية للناس قال ع وفي إماتته هذه المدة ثم إحيائه اعظم آية وأمره كله أية للناس غابر الدهر ت قال ابن هشام لا يصح انتصاب مائة باماته لأن الإماتة سلب الحياة وهي لا تمتد وإنما الوجه أن يضمن أماته معنى البثه فكأنه قيل فالبثه اللّه بالموت مائة عام وحينئذ يتعلق به الظرف انتهى من المغنى ومعنى ننشرها أي نحييها وقرأ حمزة وغيره ننشزها ومعناه نرفعها أي ارتفاعا قليلا قليلا فكأنه وقف على نبات العظام الرفات وقال النقاش ننشزها معناه ننبتها ومن ذلك نشز ناب البعير وقوله تعالى فلما تبين له قال أعلم قال هو أعلم أن اللّه على كل شيء قدير وهذا عندي ليس بإقرار بما كان قبل ينكره كما زعم الطبري بل هو قول بعثه الإعتبار كما يقول الإنسان المؤمن إذا رأى شيئا غريبا من قدرة اللّه لا إله إلا اللّه ونحو هذا وأما قراءة حمزة والكسائي قال اعلم موصولة الألف ساكنة الميم فتحتمل وجهين أحدهما قال الملك له أعلم وقد قرأ ابن مسعود والأعمش قيل أعلم والوجه الثاني أن ينزل نفسه منزلة المخاطب الأجنبي المنفصل أي قال لنفسه أعلم وأمثلة هذا كثيرة |
﴿ ٢٥٩ ﴾