٢٧٨

وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وذروا ما بقي من الربوا الآية سبب هذه الآية أنه لما افتتح النبي صلى اللّه عليه وسلم مكة قال في خطبته اليوم الثاني من الفتح الأكل ربا في الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس فبدأ صلى اللّه عليه و سلم بعمه وأخص الناس به وهذه من سنن العدل للإمام أن يفيض العدل على نفسه وخاصته فيستفيض في الناس ثم رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة واستعمل على مكة عتاب بن أسيد فلما استنزل صلى اللّه عليه و سلم أهل الطائف بعد ذلك إلى الإسلام اشترطوا شروطا وكان في شروطهم أن كل ربا لهم على الناس فإنهم يأخذونه وكل ربا عليهم فهو موضوع فيروى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرر لهم هذه ثم ردها اللّه بهذه الآية كما رد صلحه لكفار قريش في رد النساء إليهم عام الحديبية وذكر النقاش رواية أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر أن يكتب في أسفل الكتاب لثقيف لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فلما جاءت آجال رباهم بعثوا إلى مكة للإقتضاء وكانت على بني المغيرة المخزوميين فقال بنو المغيرة لا نعطي شيأ فإن الربا قد وضع ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد بمكة

فكتب به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزلت الآية وكتب بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى عتاب فعلمت بها ثقيف فكفت هذا سبب الآية على اختصار مما روى ابن إسحاق وابن جريج والسدي وغيرهم فمعنى الآية أجعلوا بينكم وبين عذاب اللّه وقاية بترككم ما بقي لكم من ربا وصفحكم عنه ثم توعدهم تعالى إن لم يذروا الربا بحرب منه ومن رسوله وأمته والحرب داعية القتل

وقوله تعالى فأذنوا قال سيبويه آذنت أعلمت ت وهكذا فسره البخاري فقال قال أبو عبد اللّه فأذنوا فأعلموا وقال ع هي عندي من الإذن وقال ابن عباس وغيره معناه فستفينوا بحرب ثم ردهم سبحانه مع التوبة إلى رؤوس أموالهم وقال لهم لا تظلمون في أخذ الزائد ولا تظلمون في أن يتمسك بشيء من رؤوس أموالكم ويحتمل لا تظلمون في مطل لأن مطل الغنى ظلم كما قال عليه السلام فالمعنى أنه يكون القضاء مع وضع الربا وهكذا سنة الصلح وهذا أشبه شيء بالصلح ألا ترى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما أشار على كعب بن مالك في دين ابن أبي حدرد بوضع الشطر فقال كعب نعم فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم للآخر قم فاقضه فتلقى العلماء أمره بالقضاء سنة في المصالحات

﴿ ٢٧٨