٤١وقوله قال رب اجعل لي أية أي علامة قالت فرقة من المفسرين لم يكن هذا من زكريا على جهة الشك وانما سأل علامة على وقت الحمل وقوله تعالى آيتك ألا تكلم الناس الآية قال الطبري وغيره لم يكن منعه الكلام لآفة ولكنه منع محاورة الناس وكان يقدر على ذكر اللّه ثم استثنى الرمز وهو استثناء منقطع والكلام المراد في الآية إنما هو النطق باللسان لا الإعلام بما في النفس والرمز في اللغة حركة تعلم بما في نفس الرامز كانت الحركة من عين حاجب شفة يد عود غير ذلك وقد قيل للكلام المحرف عن ظاهره رموز وأمره تعالى بالذكر لربه كثيرا لأنه لم يحل بينه وبين ذكر اللّه وهذا قاض بأنه لم تدركه آفة ولا علة في لسانه قال محمد بن كعب القرظي لو كان اللّه رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا عليه السلام حيث قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا لكنه قال له أذكر ربك كثيرا قال الإمام الفخر وفي الآية تأويلان احدهما أن اللّه تعالى حبس لسانه عن امور الدنيا وأقدره على الذكر والتسبيح والتهليل ليكون في تلك المدة مشتغلا بذكر اللّه وطاعته شكرا للّه على هذه النعمة ثم اعلم ان هذه الواقعة كانت مشتملة على المعجز من وجوه أحدها أن قدرته على الذكر والتسبيح وعجزه عن التكلم بأمور الدنيا من المعجزات وثانيها أن حصول ذلك العجز مع صحة البنية من المعجزات وثالثها أن إخباره بأنه متى حصلت تلك الحالة فقد حصل الولد ثم أن الأمر خرج على وفق هذا الخبر يكون أيضا من المعجزات والتأويل الثاني أن المراد منه الذكر بالقلب وذلك لأن المستغرقين في بحار معرفة اللّه تعالى عادتهم في أول الأمر أن يواظبوا على الذكر اللساني مدة فإذا امتلأ القلب من نور ذكر اللّه تعالى سكتوا باللسان وبقي الذكر في القلب ولذلك قالوا من عرف اللّه كل لسانه فكان زكريا عليه السلام أمر بالسكوت باللسان واستحضار معاني الذكر والمعرفة واستدامتها بالقلب أ ه وقوله تعالى وسبح معناه قل سبحان اللّه وقال قوم معناه صل والأول أصوب لأنه يناسب الذكر ويستغرب مع امتناع الكلام مع الناس والعشي في اللغة من زوال الشمس إلى مغيبها والإبكار مصدر أكبر الرجل إذا بادر امره من لدن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وتتمادى البكرة شيأ بعد طلوع الشمس يقال أبكر الرجل وبكر |
﴿ ٤١ ﴾