سورة الأنبياء

مكية بإجماع

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله عز و جل اقترب للناس حسابهم الآية روي أن رجلا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يبني جدارا فمر به آخر يوم نزول هذه السورة فقال الذي كان يبني الجدار ماذا نزل اليوم من القرءان فقال الآخر نزل اليوم اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون فنفض يديه من البنيان وقال واللّه لا بنيت قال أبو بكر بن العربي قال لي شيخي في العبادة لا يذهب لك الزمان في مصاولة الأقران ومواصلة الأخوان ولم أر للخلاص شيئا أقرب من طريقين إما أن يغلق الإنسان على نفسه بابه وإما أن يخرج إلى موضع لا يعرف فيه فإن اضطر إلى مخالطة الناس فليكن معهم ببدنه ويفارقهم بقلبه ولسانه فإن لم يستطع فبقلبه ولا يفارق السكوت قال القرطبي ولأبي سليمان الخطابي في هذا المعنى ... أنست بوحدتي ولزمت بيتي ... فدام الأنس لي ونمى السرور ... وأدبني الزمان فلا أبالي ... بأني لا أزار ولا أزور

ولست بسائل ما دمت حيا ... أسار الجيش أم ركب الأمير ...

انتهى من التذكرة

وقوله اقترب للناس حسابهم عام في جميع الناس وأن كان المشار إليه في ذلك الوقت كفار قريش ويدل على ذلك ما يأتي بعد من الآيات قال ص - اقترب بمعنى الفعل المجرد وهو قرب

وقيل اقترب ابلغ للزيادة وهم في غفلة الواو للحال انتهى

وقوله وهم في غفلة معرضون يريد الكفار ويأخذ عصاة المؤمنين من هذه الألفاظ قسطهم ت - أيها الأخ اشعر قلبك مهابة ربك فإليه مئالك وتأهب للقدوم عليه فقد آن ارتحالك أنت في سكرة لذاتك وغشية شهواتك وإغماء غفلاتك ومقراض الفناء يعمل في ثوب حياتك ويفصل أجزاء عمرك جزءا جزءا في سائر ساعاتك كل نفس من أنفاسك جزء منفصل من جملة ذاتك وبذهاب الأجزاء تذهب الجمل أنت جملة تؤخذ آحادها وأبعاضها إلى أن تستوفي سائرها عساكر الأقضية والأقدار محدقة بأسوار الأعمار تهدمها بمعاول الليل والنهار فلو أضاء لنا مصباح الاعتبار لم يبق لنا في جميع أوقاتنا سكون ولا قرار انتهى من الكلم الفارقية والحكم الحقيقية

وقوله ما يأتيهم من ذكر وما بعده مختص بالكفار والذكر القرءان ومعناه محدث نزوله لا هو في نفسه

وقوله وهم يلعبون جملة في موضع الحال أي استماعهم في حال لعب فهو غير نافع ولا واصل إلى النفس

وقوله لاهية حال بعد حال

واختلف النحاة في إعراب قوله وأسروا النجوى الذين ظلموا فمذهب سيبويه رحمه اللّه تعالى أن الضمير في أسروا فاعل وأن الذين بدل منه وقال ليس في القرءان لغة من قال أكلوني البراغيث ومعنى أسروا النجوى تكلمهم بينهم في السر ومناجات بعضهم لبعض وقال أبو عبيدة اسروا أظهروا وهو من الأضداد ثم

بين تعالى الأمر الذي تناجوا به وهو قول بعضهم لبعض على جهة التوبيخ بزعمهم أفتأتون السحر المعنى أفتتبعون السحر وأنتم تبصرون ثم أمر اللّه تعالى نبيه صلى اللّه عليه و سلم أن يقول لهم وللناس جميعا قل ربي يعلم القول في السماء والأرض أي يعلم أقوالكم هذه وهو بالمرصاد في المجازاة عليها ثم عدد سبحانه جميع ما قالته طوائفهم ووقع الإضراب بكل مقالة عن المتقدمة لها ليبين اضطراب أمرهم فقال تعالى بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر والأضغاث الأخلاط ثم حكى سبحانه اقتراحهم ءاية تضطرهم كناقة صالح وغيرها وقولهم كما أرسل الأولون دال على معرفتهم بإتيان الرسل الأمم المتقدمة

﴿ ١