٢١وقوله تعالى وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية الرجاء هنا على بابه وقيل هو بمعنى الخوف ولما تمنت كفار قريش رؤية ربهم اخبر تعالى عنهم انهم عظموا انفسهم وسألوا ما ليسوا له باهل ص لقد جواب قسم محذوف انتهى والضمير فى قوله ويقولون قال مجاهد وغيره هو للملائكة والمعنى يقول الملائكة للمجرمين حجرا محجورا عليكم البشرى اي حراما محرما والحجر الحرام وقال مجاهد ايضا وابن جريج الضمير للكافرين المجرمين قال ابن جريج كانت العرب اذا كرهوا شيأ قالوا حجرا قال مجاهد حجرا عوذا يستعيذون من الملائكة قال ع ويحتمل ان يكون المعنى ويقولون حرام محرم علينا العفو وقد ذكر ابو عبيدة ان هاتين اللفظتين عوذة للعرب يقولها من خاف ءاخر فى الحرم فى شهر حرام اذا لقيه وبينهما تره قال الداودى وعن مجاهد وقدمنا اي عمدنا انتهى قال ع وقدمنا اي قصد حكمنا وانفاذنا ونحو هذا من الالفاظ اللائقة ومعنى الآية وقصدنا الى اعمالهم التى لا تزن شيأ فصيرناها هباء اي شيأ لا تحصيل له والهباء ما يتطاير فى الهواء من الاجزاء الدقيقة ولا يكاد يرى الا فى الشمس قاله ابن عباس وغيره ومعنى هذه الآية جعلنا اعمالهم لاحكم لها ولا منزلة ووصف تعالى الهباء فى هذه الآية بمنثور ووصفه فى غيرها بمينت فقالت فرقة هما سواء وقالت فرقة المنبث ارق وادق من المنثور لان المنثور يقتضى ان غيره نثره والمنبث كأنه انبث من دقته وقوله تعالى واحسن مقيلا ذهب ابن عباس والنخعى وابن جريج الى ان حساب الخلق يكمل فى وقت ارتفاع النهار ويقيل اهل الجنة فى الجنة واهل النار فى النار فالمقيل القائلة قال ع ويحتمل ان اللفظة انما تضمنت تفضيل الجنة جملة وحسن هوائها فالعرب تفضل البلاد بحسن المقيل لأن وقت القائلة يبدى فساد هواء البلاد فاذا كان بلد فى وقت فساد الهواء حسنا حاز الفضل وعلى ذلك شواهد ويوم تشقق السماء يريد يوم القيامة ص بالغمام الباء للحال اي متغيمة للسبب بمعنى عن انتهى وفى قوله تعالى وكان يوما على الكافرين عسيرا دليل على انه سهل على المؤمنين وروى عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال ان اللّه ليهون يوم القيامة على المومن حتى يكون عليه اخف من صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا وعض اليدين هو فعل النادم قال ابن عباس وجماعة من المفسرين الظالم فى هذه الآية عقبة بن ابى معيط وذلك انه كان اسلم جنح الى الإسلام وكان ابى بن خلف الذى قتله النبى صلى اللّه عليه و سلم بيده يوم احد خليلا لعقبة فنهاه عن الاسلام فقبل نهيه فنزلت الآية فالظالم عقبة وفلانا ابى قال السهيلى وكنى سبحانه عن هذا الظالم ولم يصرح باسمه ليكون هذا الوعيد غير مخصوص به ولا مقصور عليه بل يتناول جميع من فعل مثل فعله انتهى وقال مجاهد وغيره ! الظالم عام اسم جنس وهذ هو الظاهر وان مقصد الآية تعظيم يوم القيامة وذكر هوله بانه يوم تندم فيه الظلمة وتتمنى انها لم تطع فى دنياها اخلاءها والسبيل المتمناه هى طريق آلاخرة وفى هذه الآية لكل ذى نهية تنبيه على تجنب قرين السوء والاحاديث والحكم فى هذا الباب كثيرة مشهورة والذكر ما ذكر الانسان امر ءاخرته من قرءان موعظة ونحوه وكان الشيطان للانسان خذولا يحتمل ان يكون من قول الظالم ويحتمل ان يكون ابتداء اخبار من اللّه عز و جل على وجه التحذير من الشيطان الذى بلغهم ذذلك المبلغ وقوله تعالى وقال الرسول حكاية عن قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى الدنيا وتشكيه ما يلقى من قومه هذا قول الجمهور وهو الظاهر وقالت فرقة هو حكاية عن قوله ذلك فى آلاخرة ومهجورا يحتمل ان يريد مبعدا مقصيا من الهجر بفتح الهاء وهذا قول ابن زيد ويحتمل ان يريد مقولا فيه الهجر بضم الهاء اشارة الى قولهم شعر وكهانة ونحوه قاله مجاهد قال ع وقول ابن زيد منبه للمؤمن على ملازمة المصحف وان لا يكون الغبار يعلوه فى البيوت ويشتغل بغيره وروى انس عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال من علق مصحفا ولم يتعاهده جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب هذا اتخذنى مهجورا اقض بينى وبينه وفى حلية النووى قال وروينا فى سنن ابى داود ومسند الدارمى عن سعد بن عبادة عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال من قرأ القرءان ثم نسيه لقى اللّه تعالى يوم القيامة اجذم وروينا فى كتاب ابى داود والترمذى عن انس عن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال عرضت على اجور امتى حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد وعرضت علي ذنوب امتى قلم ار ذنبا اعظم من سورة من القرءان ءاية أوتيها رجل ثم نسيها تكلم الترمذى فيه انتهى ثم سلاه تعالى عن فعل قومه بقوله وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين اي فاصبر كما صبروا قاله ابن عباس ثم وعد تعالى بقوله وكفى بربك هاديا ونصيرا والباء فى بربك للتأكيد دالة على الأمر اذ المعنى اكتف بربك وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة قال ابن عباس وغيره قالوا فى بعض معارضاتهم لو كان من عند اللّه لنزل جملة كالتوراة والانجيل وقوله كذلك يحتمل ان يكون من قول الكفار اشارة الى التوراة والانجيل ويحتمل ان يكون من الكلام المستانف وهو اولى ومعناه كما نزل اردناه فالاشارة الى نزوله متفرقا والترتيل التفريق بين الشىء المتتابع ومنه ترتيل القرءان وجعل اللّه تعالى السبب فى نزوله متفرقا تثبيت قلب نبيه صلى اللّه عليه وسلم وأن ينزله فى النوازل والحوادث التى قد قدرها وقدر نزوله فيها وان هؤلاء الكفرة لا يجيئون بمثل يضربونه على جهة المعارضة منهم الاجاء القرءان بالحق فى ذلك والجلية ثم هو احسن تفسيرا وافصح بيانا وباقى الآية بين تقدم تفسير نظيره والجمهور ان هذا المشى على الوجوه حقيقة وقد جاء كذلك فى الحديث وقد تقدم ولفظ البخارى عن انس ان رجلا قال يا نبى اللّه ايحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال اليس الذى امشاه على الرجلين فى الدنيا قادرا على ان يمشيه على وجهه يوم القيامة قال قتادة بلى وعزة ربنا انتهى وقوله تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب آلايات تنبيه لكفار قريش وتوعد ان يحل بهم ما حل بهؤلاء المعذبين قال قتادة اصحاب الرس وأصحاب الأيكة قومان ارسل اليهما شعيب وقاله وهب بن مبنه وقيل غير هذا وقوله تعالى وقرونا بين ذلك كثيرا ابهام لا يعلم حقيقته الا اللّه عز و جل والتبار الهلاك والقرية التى امطرت مطر السوء هى سذوم مدينة قوم لوط وما لم نذكر تفسيره قد تقدم بيانه للفاهم المتيقط ثم ذكر سبحانه انهم اذا رأوا محمدا عليه السلام قالوا على جهة الاستهزاء اهذا الذى بعث اللّه رسولا قال ص ان يتخذونك ان نافية جواب اذا انتهى ثم انس اللّه تعالى نبيه بقوله ارأيت من اتخذ الهه هواه الآية المعنى لا تتأسف عليهم ومعنى اتخذ الهه هواه اي جعل هواه مطاعا فصار كالإله ان هم الا كالأنعام اي بل هم كالأنعام ت وعبارة الواحدى ان هم اي ما هم الا كالانعام انتهى |
﴿ ٢١ ﴾