سورة الروموهى مكية اتفاقا بسم اللّه الرحمن الرحيم ١-٢قوله تعالى الم غلبت الروم قرأ الجمهور غلبت بضم الغين وقالوا معنى الآية انه بلغ اهل مكة ان الملك كسرى هزم جيش الروم بأذرعات وهى ادنى الارض الى مكة قاله عكرمة فسر بذلك كفار مكة فبشر اللّه تعالى المؤمنين بأن الروم سيغلبون فى بضع سنين فخرج ابو بكر رضى اللّه عنه الى المسجد الحرام فقال للكفار اسركم ان غلبت الروم فإن نبينا اخبرنا عن اللّه تعالى انهم سيغلبون فى بضع سنين فقال له ابى بن خلف واخوه امية بن خلف يا ابا بكر تعال فلنتناحب اي نتراهن فى ذلك فراهنهم ابو بكر على خمس قلائص والأجل ثلاث سنين وذلك قبل ان يحرم القمار فأخبر النبى صلى اللّه عليه و سلم بذلك فقال له ان البضع الى التسع ولكن زدهم فى الرهن واستزدهم فى الاجل ففعل ابو بكر فجعلوا القلائص مائة والأجل تسعة اعوام فغلبت الروم فارس فى اثناء الأجل يوم بدر وروى ان ذلك كان يوم الحديبية يوم بيعه الرضوان وفى كلا اليومين كان نصر من اللّه تعالى للمومنين وذكر الناس سرور المؤمنين بغلبة الروم من اجل انهم اهل كتاب وفرحت قريش بغلبة الفرس من اجل انهم اهل اوثان ونحوه من عبادة النار وقوله تعالى للّه الامر من قبل ومن بعد اي له انفاذ الأحكام من قبل ومن بعد هذه الغلبة التى بين هؤلاء ثم اخبر تعالى ان يوم غلبه الروم للفرس يفرح المؤمنين بنصر اللّه ولكن اكثر الناس لا يعلمون يريد كفار قريش والعرب اي لا يعلمون ان الأمور من عند اللّه وان وعده لا يخلف وان ما يورده نبيه حق قال ع وهذا الذى ذكرناه عمدة ما قيل ثم وصف تعالى الكفرة الذين لا يعلمون امر اللّه وصدق وعده بأنهم انما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون قال صاحب الكلم الفارقية الدنيا طبق مسموم لا يعرف ضرره الا ارباب الفهوم قوة الرغبة فى الدنيا علامة ضعفها فى الاخرة بحسب انصراف الرغبة الى الشىء يجد الراغب فى طلبه وتتوفر دواعيه على تحصيله المطلوبات تظهر وتبين اقدار طلابها فمن شرفت همته شرفت رغبته وعزت طلبته يا غافل سكر حبك لدنياك وطول متابعتك نغاوي هواك انساك عظمه مولاك وثناك عن ذكره والهاك وصرف وجه رغبتك عن آخرتك الى دنياك ان كنت من اهل الاستبصار فالق ناظر رغبتك عن زخارف هذه الدار فإنها مجمع الأكدار ومنبع المضار وسجن الابرار ومجلس سرور الاشرار الدنيا كالحية تجمع فى انيابها سموم نوائبها وتفرغه فى صميم قلوب ابنائها انتهى قال عياض فى الشفا قال ابو العباس المبرد رحمه اللّه قسم كسرى ايامه فقال يصلح يوم الريح للنوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر للشرب واللّهو ويوم الشمس للحوائج قال ابن خالويه ما كان اعرفهم بسياسة دنياهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون لكن نبينا صلى اللّه عليه وسلم جزأها ثلاثة اجزاء جزءا للّه تعالى وجزءا لأهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة ويقول ابلغوا حاجة من لا يستطيع ابلاغي فإنه من ابلغ حاجة من لا يستطيع امنه اللّه يوم الفزع الاكبر انتهى والمومن المنهمك فى امور الدنيا التى هى اكبرهمه ياخذ من هذه الآية بحظ نور اللّه قلوبنا بهداه ت قد تقدم ما جاء فى الفكرة فى ءال عمران قال ابن عطاء اللّه الفكرة سراج القلب فإذا ذهبت فلا اضاءة له وقال ما نفع القلب شىء مثل عزله يدخل بها ميدان فكرة انتهى وباقى الآية بين |
﴿ ١ ﴾