سورة لقمانوهى مكية غير ءايتين قال قتادة اولهما ولو ان ما فى الارض الى ءاخر الايتين وقال ابن عباس ثلاث بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله عز و جل آلم تلك ءايات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين خصه للمحسنين من حيث لهم نفعة والا فهو هدى فى نفسه ٦وقوله تعالى ومن الناس من يشترى لهو الحديث روى ان الآية نزلت فى شأن رجل من قريش اشترى جارية مغنية لتغنى له بهجاء النبى صلى اللّه عليه و سلم وقيل انه ابن خطل وقيل نزلت فى النضر بن الحارث وقيل غير هذا والذى يترجح ان الآية نزلت فى لهو حديث منضاف الى كفر فلذلك اشتدت الفاظ الآية ولهو الحديث كل ما يلهى من غناء وخناء ونحوه وآلاية باقية المعنى فى الأمة غابر الدهر لكن ليس ليضلوا عن سبيل اللّه ولا ليتخذوا ءايات اللّه هزؤا ولا عليهم هذا الوعيد بل ليعطلوا عبادة ويقطعوا زمنا بمكروه قال ابن العربى فى احكامه وروى ابن وهب عن مالك عن محمد بن المنكدر ان اللّه تعالى يقول يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون انفسهم واسماعهم عن اللّهو ومزامير الشيطان ادخلوهم فى ارض المسك ثم يقول اللّه تعالى للملائكة اسمعوهم ثناءى وحمدى واخبروهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون انتهى ٧وقوله عز و جل واذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبرا كان لم يسمعها كان فى اذنيه وقرا فبشره بعذاب اليم الوقر فى الاذن الثقل الذى يعسر معه ادراك المسموعات والرواسى هى الجبال والميد التحرك يمنه وبسره وما قرب من ذلك والزوج النوع والصنف وكريم مدحه بكرم جوهره وحسن منظره وغير ذلك ثم وقف تعالى الكفرة على جهة التوبيخ فقال هذا خلق اللّه فأرونى ماذا خلق الذين من دونه ١٢وقوله تعالى ولقد آتينا لقمان الحكمة اختلف فى لقمان هل هو نبى رجل صالح فقط وقال ابن عمر سمعت النبى صلى اللّه عليه و سلم يقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين احب اللّه فاحبه فمن عليه بالحكمة وخيره فى ان يجعله خليفة يحكم بالحق فقال رب ان خيرتنى قبلت العافية وتركت البلاء وان عزمت على فسمعا وطاعة فانك ستعصمنى وكان قاضيا فى بنى اسراءيل نوبيا اسود مشقق الرجلين ذا مشافر قاله سعيد بن المسيب وابن عباس وجماعة وقال له رجل كان قد رعى معه الغنم ما بلغ بك يا لقمان ما ارى قال صدق الحديث واداء الأمانة وتركى ما لا يعنينى وحكم لقمان كثيرة مأثورة قال ابن العربى فى احكامه وروى علماؤنا عن مالك قال قال لقمان لابنه يا بنى ان الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون وهو الى الاخرة سراعا يذهبون وانك قد استدبرت الدنيا مذ كنت واستقبلت الاخرة مع انفاسك وان دارا ستسير اليها اقرب اليك من دار تخرج منها انتهى وقوله ان اشكر يجوز ان تكون ان فى موضع نصب على اسقاط حرف الجر اي بأن اشكر للّه ويجوز ان تكون مفسرة اي كانت حكمته دئراة على الشكر للّه وجميع العبادات داخلة فى الشكر للّه عز و جل وحميد بمعنى محمود اي هو مستحق ذلك بذاته وصفاته ١٤وقوله تعالى ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن هاتان آلآيتان اعتراض اثناء وصية لقمان ووهنا على وهن معناه ضعفا على ضعف كأنه قال حملته امه والضعف يتزيد بعد الضعف الى ان ينقضى امده وقال ص وهنا على وهن حال من امه اي شدة بعد شدة جهدا على جهد وقيل وهنا نطفة ثم علقة فيكون حالا من الضمير المنصوب فى حملته انتهى وقوله تعالى ان اشكر لى ولوالديك قال سفيان بن عيينه من صلى الصلوات الخمس فقد شكر اللّه تعالى ومن دعا لوالديه فى ادبار الصلوات فقد شكرهما ١٥وقوله سبحانه وإن جاهداك على أن تشرك بي الآية روى ان هاتين الايتين نزلتا فى شأن سعد بن ابى وقاص وامه حمنة بنت ابى سفيان على ما تقدم بيانه وجملة هذا الباب ان طاعة الأبوين لا تراعى فى ركوب كبيرة ولا فى ترك فريضة على الأعيان وتلزم طاعتهما فى المباحات وتستحسن فى ترك الطاعات الندب وقوله سبحانه واتبع سبيل من أناب الى وصية لجميع العالم وهذه سبيل الأنبياء والصالحين وقوله تعالى حاكيا عن لقمان يابنى انها ان تك مثقال حبة الآية ذكر كثير من المفسرين انه اراد مثقال حبة من اعمال المعاصى والطاعات وبهذا المعنى يتحصل فى الموعظة ترجيه وتخويف منضاف الى تبيين قدرة اللّه تعالى وقوله واصبر على ما اصابك يقتضى حضا على تغير المنكر وان نال ضرر فهو اشعار بان المغير يوذى احيانا وقوله ان ذلك من عزم الامور يحتمل ان يريد مما عزمه اللّه وامر به قاله ابن جريج ويحتمل ان يريد ان ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم اهل الحزم السالكين طريق النجاة قاله جماعة والصعر الميل فمعنى الآية ولا تمل خدك للناس كبرا عليهم واعجابا واحتقارا لهم قاله ابن عباس وجماعة وعبارة البخارى ولا تصاعر اي لا تعرض والتصاعر الإعراض بالوجه انتهى والمرح النشاط والمشى مرحا هو فى غير شغل ولغير حاجة واهل هذه الخلق ملازمون للفخر والخيلاء فالمرح مختال فى مشيه وقد ورد من صحيح الأحاديث فى جميع ذلك وعيد شديد يطول بنا سرده قال عياض كان ابو اسحاق الجبنيانى قل ما يترك ثلاث كلمات وفيهن الخير كله اتبع ولا تبتدع اتضع ولا ترفع من ورع لا يتسع انتهى وغض الصوت اوقر للمتكلم وابسط لنفس السامع وفهمه ثم عارض ممثلا بصوت الحمير على جهة التشبيه اي تلك هى التى بعدت عن الغض فهى انكر الاصوات فكذلك ما بعد عن الغض من اصوات البشر فهو فى طريق تلك وفى الحديث اذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا باللّه من الشيطان فانها رأت شيطانا وقال سفيان الثورى صياح كل شيىء تسبيح الاصياح الحمير ت ولفظ الحديث عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اذا سمعتم صياح الديكة فسألوا اللّه من فضله فإنها رأت ملكا واذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا باللّه من الشيطان فإنه رأى شيطانا رواه الجماعة الا ابن ماجة وفى لفظ النساءى اذا سمعتم الديكة تصيح بالليل وعن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير من الليل فتعوذوا باللّه من الشيطان الرجيم فإهنا ترى ما لا ترون واقلوا الخروج اذا جدت فان اللّه يبث فى ليله من خلقه ما يشاء رواه أبو داود والنساءى والحاكم فى المستدرك واللفظ له وقال صحيح على شرط مسلم انتهى من السلاح وقوله تعالى واسبغ عليكم نعمة ظاهره وباطنه قال المحاسبى رحمه اللّه الظاهرة نعم الدنيا والباطنةنعم العقبى والظاهر عندى التعميم ثم وقف تعالى الكفرة على اتباعهم دين ءابائهم ايكون وهم بحال من يصير الى عذاب السعير فكأن القائل منهم يقول يتبعون دين ءابائهم ولو كان مصيرهم الى السعير فدخلت الف التوقيف على حرف العطف كما كان اتساق الكلام فيه فتأمله ٢٢وقوله تعالى ومن يسلم وجهه الى اللّه معناه يخلص ويوجه ويستسلم به والوجه هنا الجارحة استعير للمقصد لان القاصد الى شيىء فهو مستقبله بوجهه فاستعير ذلك للمعانى والمحسن الذى جمع القول والعمل وهو الذى شرحه صلى اللّه عليه و سلم حين سأله جبريل عن الاحسان والمتاع القليل هنا هو العمر فى الدنيا وقوله قل الحمد للّه اي على ظهور الحجة ٢٧وقوله تعالى ولو ان ما فى الارض من شجرة اقلام الآية روى عن ابن عباس ان سبب ترولها ان اليهود قالت يا محمد كيف عنينا بهذا القول وما اوتيتم من العلم الا قليلا ونحن قد اوتينا التوراة تبيانا لكل شىء فنزلت الآية وقيل غير هذا قال ع وهذه الآية بحر نظر وفكرة نور اللّه قلوبنا بهداه وقوله تعالى ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة اي لأنه كله بكن فيكون قاله مجاهد وقوله تعالى كل يجرى الى اجل مسمى يريد القيامة وقوله بنعمة اللّه يحتمل ان يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات فالباء للالزاق ويحتمل ان يريد بالريح وتسخير اللّه البحر ونحو هذا فالباء باء السبب وذكر تعالى من صفات المومن الصبار والشكور لأنهما عظم اخلاقه الصبر على الطاعات وعلى النوائب وعن الشهوات والشكر على الضراء والسراء وقال الشعبى الصبر نصف الايمان والشكر نصفه الآخر واليقين الايمان كله وغشى غطى قارب والظلل السحاب وقوله تعالى فمنهم مقتصد قال الحسن منهم مؤمن يعرف حق اللّه فى هذه النعم والخيار القبيح الغدر وذلك ان منن اللّه على العباد كانها عهود ومنن يلزم عنها اداء شكرها والعبادة لمسديها فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان قال الحسن الختار هو الغدار وكفور بناء مبالغة ٣٣وقوله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده الآية يجزى معناه يقضى والمعنى لا ينفعه بشيىء وقرأ الجمهور الغرور بفتح الغين وهو الشيطان قاله مجاهد وغيره واعلم ايها الأخ ان من فهم كلام ربه ورزق التوفيق لم ينخدع بغرور الدنيا وزخرفها الفانى بل يصرف همته بالكلية الى التزود لآخرته ساعيا فى مرضاة ربه وان من ايقن ان اللّه يطلبه صدق الطلب اليه كما قاله الإمام العارف باللّه ابن عطاء اللّه وانه لا بد لبناء هذا الوجود ان تنهدم دعائمه وان تسلب كرائمه فالعاقل من كان بما هو ابقى افرح منه بما هو يفنى قد اشرق نوره وظهرت تباشيره فصدف عن هذه الدار مغضيا واعرض عنها موليا فلم يتخذها وطنا ولاجعلها سكنا بل انهض الهمة فيها الى اللّه وصار فيها مستعينا به فى القدوم عليه فما زالت مطية عزمه لا يقر قرارها دائما تسيارها الى ان اناخت بحضرة القدس وبساط الأنس انتهى وروينا فى جامع الترمذى عن ابى امامة عن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال ان اغبط اولياءى عندى لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة احسن عبادة ربه واطاعه فى السر وكان غامضا فى الناس لا يشار اليه بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك ثم نفض بيده فقال عجلت منيته قلت نوائحه قل تراثه قال ابو عيسى وبهذا الاسناد عن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال عرض على ربى ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا قلت لا يا رب ولكن اشبع يوما واجوع يوما قال ثلاثا نحو هذا فاذا جعت تضرعت اليك واذا شبعت شكرتك وحمدتك قال ابو عيسى هذا حديث حسن وفى الباب عن فضالة بن عبيد انتهى والغرور التطميع بما لا يحصل وقال ابن حبير معنى الآية ان تعمل المعصية وتتمنى المغفرة وفى الحديث الصحيح عنه صلى اللّه علليه وسلم قا خمس من الغيب لا يعلمهن الا اللّه تعالى وتلا الآية ان اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث الى ءاخرها قال ابو حيان بأي ارض الباء ظرفية والجملة فى موضع نصب بتدرى انتهى |
﴿ ٠ ﴾