سورة السجدة

وهى مكية - غير ثلاث ءايات نزلت بالمدينة وهى

قوله تعالى افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا الى تمام ثلاث ءايات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قال جابر ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينام حتى يقرأ آلم السجدة وتبارك الذى بيده الملك وتنزيل يصح ان يرتفع بالابتداء والخبر لا ريب ويصح ان يرتفع على انه خبر مبتدإ محذوف اي ذلك تنزيل والريب الشك وكذلك هو فى كل القرءان الا قوله ريب المنون

٣

وقوله ام يقولون اضراب كأنه قال بل ايقولون ثم رد على مقالتهم واخبر انه الحق من عند اللّه

وقوله سبحانه ما ءاتاهم اي لم يباشرهم ولا رأوه هم ولا ءاباؤهم العرب

وقوله تعالى وان من امة الا خلا فيها نذير يعم من بوشر من النذر ومن سمع به فالعرب من الامم

التى خلت فيها النذر على هذا الوجه لأنها علمت بابراهيم ونبيه وبدعوتهم ولم يأتهم نذير مباشر لهم سوى صلى اللّه عليه وسلم وقال ابن عباس ومقاتل المعنى لم يأتهم نذير فى الفترة بين عيسى ونبينا صلى اللّه عليه وسلم

٥

وقوله تعالى يدبر الامر من السماء الى الارض الآية الامر اسم جنس لجميع الامور والمعنى ينفذ سبحانه قضاءه بجميع ما يشاءه ثم يعرج اليه خبر ذلك فى يوم من ايام الدنيا مقداره ان لو سير فيه السير المعروف من البشر الف سنة اي نزولا وعروجا لان ما بين السماء والارض خمس مائة سنة هذا قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما

وقيل المعنى يدبر الامر من السماء الى الارض فى مدة الدنيا ثم يعرج اليه يوم القيامة ويوم القيامة مقداره الف سنة من عدنا وهو على الكفار قدر خمسين الف سنة

وقيل غير هذا وقرأ الجمهور الذى احسن كل شيىء خلقه بفتح اللام على انه فعل ماض ومعنى احسن اتقن واحكم فهو حسن من جهة ما هو لمقاصده التى اريد لها وقرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر خلقه بسكون اللام وذهب بعض الناس على هذه القرءاة الى ان احسن هنا معناه الهم وان هذه الآية بمعنى

قوله تعالى اعطى كل شيىء خلقه ثم هدى اي الهم والانسان هنا ءادم والمهين الضعيف ونفخ عبارة عن افاضة الروح فى جسد ءادم والضمير فى روحه للّه تعالى وهى اضافة ملك الى مالك وخلق الى خالق ويحتمل ان يكون الانسان فى هذه الآية اسم جنس وقليلا صفة لمصدر محذوف

١٠

وقوله تعالى وقالوا ائذا ضللنا فى الارض اي تلفنا وتقطعت اوصالنا فذهبنا فى التراب حتى لم نوجد انا لفى خلق جديد اي انخلق بعد ذلك خلقا جديدا انكارا منهم للبعث واستبعادا له ويتوفا كم معناه يستوفيكم روى عن مجاهد ان الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الانسان ياخذ من حيث امر

١٢

وقوله تعالى ولو ترى اذ المجرمون ناكسوا رءوسهم الآية تعجيب

لمحمد عليه السلام وامته من حال الكفرة وما حل بهم وجواب لو محذوف لأن حذفه اهول فى النفوس وتنكيس رءوسهم هو من الذل واليأس والهم بحلول العذاب وقولهم ابصرنا وسمعنا اي ما كنا نخبربه فى الدنيا ثم طلبوا الرجعة حين لا ينفع ذلك ثم اخبر تعالى عن نفسه انه لو شاء لهدى الناس اجمعين بأن يلطف بهم لطفا يومنون به ويخترع الايمان فى نفوسهم هذا مذهب اهل السنة والجنة الشياطين ونسيتم معناه تركتم قاله ابن عباس وغيره

وقوله انا نسيناكم سمى العقوبة باسم الذنب ثم اثنى سبحانه على القوم الذين يؤمنون بئاياته ووصفهم بالصفة الحسنى من سجودهم عند التذكير وتسبيحهم وعدم استكبارهم

١٦

وقوله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع الآية تجافى الجنب عن موضعه اذا تركه قال الزجاج وغيره التجافى التنحي الى فوق قال ع وهذا قول حسن والجنوب جمع جنب والمضاجع حوضع الاضطجاع للنوم ت وقال الهروى تتجافى جنوبهم عن المضاجع اي ترتفع وتتباعد والجفاء بين الناس هو التباعد انتهى

وروى البخارى بسنده عن ابى هريرة ان عبد اللّه بن رواحة رضى اللّه عنه قال ... وفينا رسول اللّه يتلو كتابه ... اذا انشق معروف من الفجر ساطع ... ارانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات ان ما قال واقع ... يبيت يجافى جنبه عن فراشه ... اذا استثقلت بالكافرين المضاجع ...

انتهى وجمهور المفسرين على ان المراد بهذا التجافى صلاة النوافل بالليل قال ع وعلى هذا التأويل اكثر الناس وهو الذى فيه المدح وفيه احاديث عن النبى صلى اللّه عليه و سلم يذكر عليه السلام قيام الليل ثم يستشهد بالاية ففى حديث معاذ الا ادلك على ابواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئى الخطيئة كما يطفئى الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل ثم قرأ تتجافى جنوبهم عن المضاجع

حتى بلغ يعملون رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح ورجح الزجاج ما قاله الجمهور بأنهم جوزوا باخفاء فدل ذلك على ان العمل اخفاء ايضا وهو قيام الليل يدعون ربهم خوفا اي من عذابه وطمعا اي فى ثوابه قال ص تتجافى اعربه ابو البقاء حالا ويدعون حال  مستانف وخوفا وطمعا مفعولان من اجله  مصدران فى موضع الحال انتهى وفى الترمذى عن معاذ بن جبل قال قلت يا رسور اللّه اخبرنى بعمل يدخلنى الجنة ويباعدنى عن النار قال لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره اللّه تعالى عليه تعبد اللّه لا تشرك به شيأ وتقيم الصلاة وتوتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال الا ادلك على ابواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئى الخطيئة كما يطفئى الماء النار وصلاة الرجل فى جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون ثم قال الا اخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول اللّه قال راس الامر الاسلام وعموره الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال الا اخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول اللّه فاخذ بلسانه وقال كف عليك هذا قلت يا رسول اللّه وانا لمواخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك امك وهل يكب الناس فى النار على وجوههم الا حصائد السنتهم قال الترمذى حديث حسن صحيح انتهى وقرأ حمزة وحده اخفى بسكون الياء كانه قال اخفى انا وقرأ الجمهور اخفى بفتح الياء وفى معنى الآية قال صلى اللّه عليه و سلم قال اللّه عو وجل اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا بله ما اطلعتم عليه واقرءوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين الآية انتهى قال القرطبى فى تذكرته وبله معناه غير

وقيل هو اسم فعل بمعنى دع وهذا الحديث خرجه البخارى وغيره ت وفى رواية للبخارى قال ابو هريرة واقرءوا ان شئتم فلا تعلم نفس الآية انتهى وقال ابن مسعود فى التوراة

مكتوب على اللّه للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وباقىآلاية بين والضمير فى

قوله تعالى ولنذيقنهم لكفار قريش ولا خلاف ان العذاب الاكبر هو عذاب الاخرة

واختلف فى تعيين العذاب الادنى فقيل هو السنون التى اجاعهم اللّه فيها

وقيل هو مصائب الدنيا من الامراض ونحوها

وقيل هو القتل بالسيف كبدر وغيرها

وقوله سبحانه انا من المجرمين منتقمون ظاهر الإجرام هنا انه الكفر

وروى معاذ بن جبل عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال ثلاث من فعلهن فقد اجرم من عقد لواء فى غير حق ومن عق والديه ومن نصر ظالما

٢٣

وقوله تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن فى مرية من لقائه اختلف فى الضمير الذى فى لقائه على من يعود فقال قتادة وغيره يعود على موسى والمعنى فلا تكن يا محمد فى شك من انك تلقى موسى اي فى ليلة الاسراء وهذا قول جماعة من السلف

وقالت فرقة الضمير عائد على الكتاب اي فلا تكن فى شك من لقاء موسى للكتاب ص

وقيل يعود على الكتاب على تقدير مضمر اي من لقاء مثله اي ءاتيناك مثل ما ءاتينا موسى والتأويل الاول هو الظاهر انتهى والمرية الشك والضمير فى جعلناه يحتمل أن يعود على الكتاب  على موسى قاله قتادة

وقوله تعالى ان ربك هو يفصل بينهم الآية حكم يعم جميع الخلق وذهب بعضهم الى تخصيص الضمير وذلك ضعيف

٢٦

وقوله تعالى  لم يهد معناه يبين قاله ابن عباس والفاعل بيهدى هو اللّه فى قول فرقة والرسول فى قول فرقة وقرأ ابو عبد الرحمن نهد بالنون وهى قراءة الحسن وقتادة فالفاعل اللّه تعالى والضمير فى يمشون يحتمل ان يكون للمخاطبين  للمهلكين والجرز الارض العاطشة التى قد اكلت نباتها من العطش والقيظ ومنه قيل للاكول جروز وقال ابن عباس وغيره الارض الجرز ارض ابين من اليمن وهى ارض تشرب بسيول لا بمطر

وفى البخارى وقال ابن عباس الجرز التى لم تمطر الا مطرا لا يغنى عنها شيأ انتهى ثم حكى سبحانه عن الكفرة انهم يستفتحون ويستعجلون فصل القضاء بينهم وبين الرسل على معنى الهزء والتكذيب والفتح الحكم هذا قول جماعة من المفسرين وهو اقوى الاقوال قال مجاهد والفتح هنا هو حكم الآية الاخرة ثم امر تعالى نبيه عليه السلام بالاعراض عن الكفرة وانتظار الفرج وهذا مما نسخته ءاية السيف

وقوله انهم منتظرون اي العذاب بمعنى هذا حكمهم وان كانوا لا يشعرون

﴿ ٠