٢

وقوله تعالى لقوم يعلمون قالت فرقة يعلمون الأشياء ويعقلون الدلائل فكان القرآن فصلت آياته لهؤلاء اذ هم أهل الانتفاع بها فخصوا بالذكر تشريفا

وقالت فرقة يعلمون متعلق في المعنى بقوله عربيا أي لقوم يعلمون ألفاظه ويتحققون أنها لم يخرج شيء منها عن كلام

العرب وكان الآي على هذا التأويل رادة على من زعم أن في كتاب اللّه ما ليس في كلام العرب والتأويل الأول أبين وأشرف معنى وبين أنه ليس في القرآن الا ما هو من كلام العرب اما من أصل لغتها وأما مما عربته من لغة غيرها ثم ذكر في القرآن وهو معرب مستعمل

وقوله تعالى فهم لا يسمعون نفي لسماعهم النافع الذي يعتد به ثم حكى عنهم مقالتهم التي باعدوا فيها كل المباعدة وأرادوا أن يأيسوه من قبولهم ما جاء به وهي قلوبنا في أكنة مما تدعونا اليه وأكنة جمع كنان والوقر الثقل في الاذن الذي يمنع السمع

وقوله تعالى وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة الآية قال الحسن المراد بالزكاة زكاة المال وقال ابن عباس والجمهور الزكاة في هذه الآية لا اله الا اللّه التوحيد كما قال موسى لفرعون هل لك الى أن تزكي ويرجح هذا التأويل أن الآية مكية وزكاة المال انما نزلت بالمدينة وانما هذه زكاة القلب والبدن أي تطهيره من المعاصي وقاله مجاهد والربيع وقال الضحاك ومقاتل معنى الزكاة هنا النفقة في الطاعة وغير ممنون قال ابن عباس معناه غير منقوص

وقالت فرقة معناه غير مقطوع يقال مننت الحبل اذا قطعته وقال مجاهد مهناها غير محسوب قال ع ويظهر في الآية أنه وصفه بعدم المن والأذى من حيث هو من جهة اللّه تعالى فهو شريف لا من فيه وأعطيات البشر هي التي يدخلها المن والأنداد الأشباه والأمثال وهي اشارة الى كل ما عبد من دون اللّه

وقوله تعالى وبارك فيها أي جعلها منبتة للطيبات والأطعمة وجعلها طهورا الى غير ذلك من وجوه البركة وفي قراءة ابن مسعود وقسم فيها أقواتها

واختلف في معنى قوله أقواتها فقال السدي هي أقوات البشر وارزاقهم وأضافها الى الأرض من حيث هي فيها وعنها وقال قتادة هي اقوات الأرض من الجبال والأنهار والأشجار والصخور والمعادن والأشياء التي بها قوام الأرض ومصالحها

وروى

ابن عباس في هذا حديثا مرفوعا فشبهها بالقوت الذي به قوام الحيوان وقال مجاهد اراد أقواتها من المطر والمياه وقال الضحاك وغيره أراد بقوله أقواتها خصائصها التي قسمها في البلاد من الملبوس والمطعوم فجعل في بلد وفي قطر ما ليس في الآخر ليحتاج بعضهم الى بعض ويتقوت من هذه في هذه وهذا قريب من الأول

وقوله تعالى في أربعة أيام يريد باليومين الأولين وقرأ الجمهور سواء بالنصب على الحال أي سواء هي وما انقضى فيها وقرأ أبو جعفر ابن القعقاع سواء بالرفع أي هي سواء وقرأ الحسن سواء بالخفض على نعت الأيام

واختلف في معنى السائلين فقال قتادة معناه سواء لمن سأل واستفهم عن الأمر وحقيقة وقوعه وأراد العبرة فيه فانه يجده كما

قال تعالى وقال ابن زيد وجماعة معناه مستو مهيأ أمر هذه المخلوقات ونفعها للمحتاجين اليها من البشر فعبر عنهم بالسائلين بمعنى الطالبين لأنه من شأنهم ولا بد طلب ما ينتفعون به فهم في حكم من سأل هذه أشيءا اذ هم أهل حاجة اليها ولفظة سواء تجري مجرى عدل وزر في أن ترد على المفرد والجمع والمذكر والؤنث

﴿ ٢