٥وقوله سبحانه أفنضرب بمعنى أفنترك تقول العرب أضربت عن كذا وضربت اذا أعرضت عنه وتركته والذكر هو الدعاء الى اللّه والتذكير بعذابه والتخويف من عقابه وقال ابو صالح الذكر هنا أراد به العذاب نفسه وقال الضحاك ومجاهد الذكر القرآن وقوله صفحا يحتمل أن يكون بمعنى العفو والغفر للذنوب فكأنه يقول أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفوا عنكم وغفرا لاجرامكم من أجل إن كنتم قوما مسرفين أي هذا لا يصلح وهذا قول ابن عباس ومجاهد ويحتمل قوله صفحا أن يكون بمعنى مغفولا عنه أي نتركه يمر لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبره فكان المعنى أفنترككم سدى وهذا هو منحى قتادى وغيره وقرأ نافع وحمزة والكسائي ان كنتم بكسر الهمزة وهو جزاء دل ما تقدمه على جوابه وقرأ الباقون بفتحها بمعنى من أجل أن والاسراف في الآية هو كفرهم وكم أرسلنا من نبي في الأولين أي في الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وما يأتيهم من نبي الا كانوا به يستهزئون أي كما يستهزئ قومك بك وهذه الآية تسلية للنبي صلى اللّه عليه وسلم وتهديد بأن يصيب قريشا ما أصاب من هو أشد بطشا منهم ومضى مثل الأولين أي سلف أمرهم وسنتهم وصاروا عبرة غابر الدهر أنشد صاحب عنوان الدراية لشيخه أبي عبد اللّه التميمي ... يا ويح من غره دهر فسر به ... لم يخلص الصفو الا شيب بالكدر ... هو الحمام فلا تبعد زيارته ... ولا تقل ليتني منه على حذر ... انظر لمن باد تنظر آية عجبا ... وعبرة لأولي الألباب والعبر ... أين الألى جنبوا خيلا مسومة ... وشيدوا أرما خوفا من القدر ... لم تغنهم خيلهم يوما وإن كثرت ... ولم تفد أرم للحادث النكر ... بادوا فعادوا حديثا ان ذا عجب ... ما أوضح الرشد لولا سيء النظر ... تنافس الناس في الدنيا وقد علموا ... أن المقام بها كاللمح بالبصر ... انتهى |
﴿ ٥ ﴾