سورة الحجراتوهي مدنية بإجماع بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله عز و جل يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله الآية قال ابن زيد معنى لا تقدموا لا تمشوا وقرأ ابن عباس والضحاك ويعقوب بفتح التاء والدال على معنى لا تتقدموا وعلى هذا يجيء تأويل ابن زيد والمعنى على ضم التاء بين يدي قول اللّه ورسوله وروي أن سبب هذه الآية أن وفد بني تميم لما قدم قال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه يا رسول اللّه لو أمرت القعقاع بن معبد وقال عمر لا يا رسول اللّه بل أمر الأقرع ابن حابس فقال له أبو بكر ما أردت إلا خلافي فقال عمر ما أردت خلافك وارتفعت أصواتهما فنزلت الآية وذهب بعض قائلي هذه المقالة إلى أن قوله لا تقدموا أي ولاة فهو من تقديم الأمراء وعموم اللفظ أحسن أي اجعلوه مبدأ في الأقوال والأفعال وعبارة البخاري وقال مجاهد لا تقدموا لا تفتاتوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - حتى يقضي اللّه عز و جل على لسانه انتهى وقوله سبحانه لا ترفعوا أصواتكم الآية هي أيضا في هذا الفن المتقدم فروي أن سببها ما تقدم عن أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما والصحيح أنها نزلت بسب عادة الأعراب من الجفاء وعلو الصوت وكان ثابت بن قيس بن شماس رضي اللّه عنه ممن في صوته جهارة فلما نزلت هذه الآية اهتم وخاف على نفسه وجلس في بيته لم يخرج وهو كئيب حزين حتى عرف النبي صلى اللّه عليه وسلم - خبره فبعث إليه فأنسه وقال له امش في الأرض بسطا فإنك من أهل الجنة وقال له مرة أما ترضى أن تعيش حميدا وتموت شهيدا فعاش كذلك ثم قتل شهيدا باليمامة يوم مسيلمة ت وحديث ثابت بن قيس وتبشيره بالجنة خرجه البخاري وكذلك حديث أبي بكر وعمر وارتفاع أصواتهما خرجه البخاري ايضا انتهى وقوله كجهر بعضكم لبعض أي كحال أحدكم في جفائه فلا تنادوه باسمه يا محمد يا أحمد قاله ابن عباس وغيره فأمرهم اللّه بتوقيره وأن يدعوه بالنبوءة والرسالة والكلام اللين وكره العلماء رفع الصوت عند قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم - وبحضرة العالم وفي المساجد وفي هذه كلها آثار قال ابن العربي في أحكامه وحرمة النبي صلى اللّه عليه وسلم - ميتا كحرمته حيا وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر أن لا يرفع صوته عليه ولا يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به وقد نبه اللّه تعالى على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا وكلام النبي صلى اللّه عليه وسلم - هو من الوحي وله من الحرمة مثل ما للقرآن انتهى وقوله تعالى أن تحبط مفعول من أجله أي مخافة أن تحبط ثم مدح سبحانه الذين يغضون أصواتهم عند رسول اللّه وغض الصوت خفضه وكسره وكذلك البصر وروي أن أبا بكر وعمر كانا بعد ذلك لا يكلمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - إلا كأخي السرار وأن النبي صلى اللّه عليه وسلم - كان يحتاج مع عمر بعد ذلك إلى استعادة اللفظ لأنه كان لا يسمعه من إخفائه إياه وامتحن معناه اختبر وطهر كما يمتحن الذهب بالنار فيسرها وهيأها للتقوى وقال عمر بن الخطاب امتحنها للتقوى أذهب عنها الشهوات قال ع من غلب شهوته وغضبه فذلك الذي امتحن اللّه قلبه للتقوى وبذلك تكون الاستقامة وقال البخاري امتحن أخلص انتهى ٥وقوله سبحانه إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون نزلت في وفد بني تميم وقولهم يا محمد اخرج إلينا يا محمد اخرج إلينا وفي مصحف ابن مسعود أكثرهم بنو تميم لا يعقلون وباقي الآية بين وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا وقرئ فتثبتوا روي في سبب الآية أن النبي صلى اللّه عليه وسلم - بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق مصدقا فلما قرب منهم خرجوا إليه ففزع منهم وظن بهم شرا فرجع وقال للنبي صلى اللّه عليه وسلم - قد منعوني الصدقة وطردوني وارتدوا فغضب النبي صلى اللّه عليه وسلم - وهم بغزوهم فورد وفدهم منكرين لذلك وروي أنه لما قرب منهم بلغه عنهم أنهم قالوا لا نعطيه الصدقة ولا نطيعه فقال ما ذكرناه فنزلت الآية وإن تصيبوا معناه مخافة أن تصيبوا قال قتادة وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم - عندما نزلت هذه الآية التثبت من اللّه والعجلة من الشيطان ٧وقوله سبحانه واعلموا أن فيكم رسول اللّه لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم توبيخ للكذبة والعنت المشقة وقوله تعالى أولائك هم الراشدون رجوع من الخطاب إلى الغيبة كأنه قال ومن اتصف بما تقدم من المحاسن أولائك هم الراشدون ٨وقوله سبحانه فضلا من اللّه ونعمة أي كان هذا فضلا من اللّه ونعمة وكان قتادة رحمه اللّه يقول قد قال اللّه تعالى لأصحاب محمد عليه السلام واعلموا أن فيكم رسول اللّه لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم وأنتم واللّه أسخف رأيا وأطيش أحلاما فليتهم رجل نفسه ولينتصح كتاب اللّه تعالى ٩وقوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما سبب الآية في قول الجمهور هو ما وقع بين المسلمين المتحزبين في قضية عبداللّه بن أبي ابن سلول حين مر به النبي صلى اللّه عليه وسلم - راكبا على حماره متوجها إلى زيارة سعد بن عبادة في مرضه حسبما هو معلوم في الحديث الطويل ومدافعة الفئة الباغية متوجهة في كل حال وأما التهيئ لقتالهم فمع الولاة وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم - حكم اللّه في الفئة الباغية أن لا يجهز على جريحها ولا يطلب هاربها ولا يقتل أسيرها ولا يقسم فيئها وتفيء معناه ترجع وقرأ الجمهور بين أخويكم وذلك رعاية لحال أقل عدد يقع فيه القتال والتشاجر وقرأ ابن عامر بين إخوتكم وقرأ عاصم الجحدري بين إخوانكم وهي قراءة حسنة لأن الأكثر في جمع الأخ في الدين ونحوه من غير النسب إخوان والأكثر في جمعه من النسب إخوة وآخاء قد تتداخل هذه الجموع وكلها في كتاب اللّه ١١وقوله سبحانه يا أيهاالذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم الآية هذه الآية والتي بعدها نزلت في خلق أهل الجاهلية وذلك أنهم كانوا يجرون مع شهوات نفوسهم لم يقومهم أمر من اللّه ولا نهي فكان الرجل يسخر ويلمز وينبز بالألقاب ويظن الظنون ويتكلم بها ويغتاب ويفتخر بنسبه إلى غير ذلك من أخلاق النفوس البطالة فنزلت هذه الآية تأديبا لهذه الأمة وروى البخاري ومسلم والترمذي واللفظ له عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله كل المسلم على السملم حرام عرضه وماله ودمه التقوى هاهنا بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم انتهى ويسخر معناه يستهزئ وقد يكون ذلك المستهزأ به خيرا من الساخر والقوم في كلام العرب واقع على الذكران وهو من أسماء الجمع ومن هذا قول زهير ... وما أدري وسوف أخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء ... وهذه الآية أيضا تقتضي اختصاص القوم بالذكران وقد يكون مع الذكران نساء فيقال لهم قوم على تغليب حال الذكور وتلمزوا معناه يطعن بعضكم على بعض بذكر النقائص ونحوه وقد يكون اللمز بالقول وبالإشارة ونحوه مما يفهمه آخر والهمز لا يكون إلا باللسان وحكىالثعلبي أن اللمز ما كان في المشهد والهمز ما كان في المغيب وحكى الزهراوي عكس ذلك وقوله تعالى أنفسكم معناه بعضكم بعضا كما قال تعالى أن اقتلوا أنفسكم كأن المؤمنين كنفس واحدة إذ هم ءاخوة كما قال ص - كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالسهر والحمى وهم كما قال ايضا كالبنيان يشد بعضه بعضا والتنابز التلقب والنبز واللقب واحد واللقب يعني المذكور في الآية هو ما يعرف به الإنسان من الأسماء التي يكره سماعها وليس من هذا قول المحدثين سليمان الأعمش وواصل الأحدب ونحوه مما تدعو الضرورة إليه وليس فيه قصد استخفاف واذى وقال ابن زيد معنى ولا تنابزوا بالألقاب أي لا يقل أحد لأحد يا يهودي بعد إسلامه ولا يا فاسق بعد توبته ونحو هذا وقوله سبحانه بيس الاسم الفسوق بعد الإيمان يحتمل معنيين أحدهما بيس اسم تكتسبونه بعصيانكم ونبزكم بالألقاب فتكونون فساقا بالمعصية بعد إيمانكم والثاني بيس قول الرجل لأخيه يا فاسق بعد إيمانه وعن حذيفة رضي اللّه عنه قال شكوت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - ذرب لساني فقال أين أنت من الاستغفار إني لأستغفر اللّه كل يوم مائة مرة رواه النسائي واللفظ له وابن ماجه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وفي رواية للنسائي اني لاستغفر اللّه في اليوم واتوب اليه مائة مرة والذرب بفتح الذال والراء هو الفحش انتهى من السلاح ومنه عن ابن عمر ان كنا لنعد لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي انك انت التواب الرحيم رواه أبو داود وهذا لفظه والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حسن صحيح غريب انتهى ثم امر تعالى المومنين باجتناب كثير من الظن وان لا يعلموا ولا يتكلموا بحسبه لما في ذلك وفي التجسس من التقاطع والتدابر وحكم على بعضه انه اثم اذ بعضه ليس باثم والظن المنهي عنه هو ان تظن شرا برجل ظاهره الصلاح بل الواجب ان تزيل الظن وحكمه وتتأول الخير قال ع وما زال اولوا العزم يحترسون من سوء الظن ويجتنبون ذرائعه قال النووي واعلم ان سوء الظن حرام مثل القول فكما يحرم ان تحدث غيرك بمساوى انسام يحرم ان تحدث نفسك بذلك وتسىء الظن به وفي الصحيح عنه ص - اياكم والظن فانه اكذب الحديث والاحاديث بمعنى ما ذكرناه كثيرة والمراد بذلك عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء فاما الخواطر وحديث النفس اذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء لأنه لا اختيار له في وقوعه ولا طريق له الى الانفكاك عنه انتهى قال ابو عمر في التمهيد وقد ثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه قال حرم اللّه من المومن دمه وماله وعرضه وان لا يظن به الا الخير انتهى ونقل في موضع آخر بسنده ان عمر بن عبد العزيز كان اذا ذكر عنده رجل بفضل صلاح قال كيف هو اذا ذكر عنده اخوانه فان قالوا انه يتنقصهم وينال منهم قال عمر ليس هو كما تقولون وان قالوا انه يذكر منهم جميلا وخيرا ويحسن الثناء عليهم قال هو كما تقولون ان شاء اللّه انتهى من التمهيد وروى أبو داود في سننه عن ابي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال حسن الظن من حسن العبادة انتهى وقوله تعالى ولا تجسسوا أي لا تبحثوا عن مخبئات امور الناس وادفعوا بالتي هي احسن واجتزءوا بالظواهر الحسنة وقرأ الحسن وغيره ولا تحسسوا بالحاء المهملة قال بعض الناس والتجسس بالجيم في الشر وبالحاء في الخير قال ع وهكذا ورد القرآن ولكن قد يتداخلان في الاستعمال ت وقد وردت احاديث صحيحة في هذا الباب لولا الاطالة لجلبناها ولا يغتب معناه لا يذكر احدكم من اخيه شيأ هو فيه ويكره سماعه وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم - اذا ذكرت ما في اخيك فقد اغتبته وذا ذكرت ما ليس فيه فقد بهته وفي حديث آخر الغيبة ان تذكر المؤمن بما يكره قيل وان كان حقا قال اذا قلت باطلا فذلك هو البهتان وحكى الزهراوي عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه قال الغيبة اشد من الزنا قيل وكيف قال لان الزاني يتوب فيتوب اللّه عليه والذي يغتاب لا يتاب عليه حتى يستحل قال ع وقد يموت من اغتيب يابى وروى أبو داود في سننه عن انس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - لما عرج بي مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين ياكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم انتهى والغيبة مشتقة من غاب يغيب وهي القول في الغائب واستعملت في المكروه ولم يبح في هذا المعنى الا ما تدعو الضرورة اليه من تجريح الشهود وفي التعريف بمن استنصح في الخطاب ونحوهم لقول النبي صلى اللّه عليه وسلم - اما معاوية فصعلوك لا مال له وما يقال في الفسقة ايضا وفي ولاة الجور ويقصد به التحذير منهم ومنه قوله عليه السلام اعن الفاجر ترعون اذكروا الفاجر بما فيه متى يعرفه الناس اذا لم يذكروه ت وهذا الحديث خرجه ايضا ابو بكر بن الخطيب بسنده عن بهز عن ابيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال اترعون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه يحذره الناس ولم يذكر في سنده مطعنا انتهى ومنه قوله عليه السلام بيس ابن العشيرة ثم مثل تعالى الغيبة باكل لحم ابن آدم الميت ووقف تعالى على جهة التوبيخ بقوله ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه أي فكذلك فاكرهوا الغيبة قال ابو حيان فكرهتموه قيل خبر بمعنى الامر أي فاكرهوه وقيل على بابه فقال الفراء فقد كرهتموه فلا تفعلوه انتهى وقد روى البخاري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه قال لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر الا ارتدت عليه ان لم يكن صاحبه كذلك وفي رواية مسلم من دعا رجلا بالكفر قال عدو اللّه وليس كذلك الا حار عليه وفي الصحيحين عنه ص - أي رجل قال لأخيه كافر فقد باءبها احدهما انتهى وباقي الآية بين ١٣وقوله تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى الآية المعنى يا أيها الناس انتم سواء من حيث انتم مخلوقون وانما جعلتم قبائل لأن تتعارفوا لان تعرفوا الحقائق واما الشرف والكرم فهو بتقوى اللّه تعالى وسلامة القلوب وقرأ ابن مسعود لتعارفوا بينكم وخيركم عند اللّه اتقاكم وقرأ ابن عباس لتعرفوا ان على وزن تفعلوا بكسر العين وبفتح الهمزة من ان وروي ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال من سره ان يكون اكرم الناس فليتق اللّه واما الشعوب فهو جمع شعب وهو اعظم ما يوجد من جماعات الناس مرتبطا بنسب واحد كمضر وربيعة وحمير ويتلوه القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة والأسرة وهما قرابة الرجل الادنون ثم نبه سبحانه على الحذر بقوله ان اللّه عليم خبير أي بالمتقى الذي يستحق رتبة الكرم وخرج مسلم في صحيحه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه قال ان اللّه اوحى الي ان تواضعوا حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغى احد على أحد ورورى أبو داود والترمذي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - أنه قال لينتهين اقوام يفتخرون بآبائهم انما هم فحم من جهنم ليكونن على اللّه اهون من الجعل الذي يدهده الخراء بانفه ان اللّه اذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها انما هو مؤمن تقي فاجر شقي كلكم بنو آدم وآدم من تراب انتهى ونقله البغوي في مصابيحه ١٤وقوله تعالى قالت الأعراب آمنا قال مجاهد نزلت في بني اسد وهي قبيلة كانت تجاور المدينة اظهروا الاسلام وفي الباطن انما يريدون المغانم وعرض الدنيا ثم امر اللّه تعالى نبيه ان يقول لهؤلاء المدعين للايمان لم تؤمنوا أي لم تصدقوا بقلوبكم ولكن قولوا اسلمنا أي استسلمنا والاسلام يقال بمعنيين احدهما الذي يعم الايمان والاعمال وهو الذي في قوله تعالى ان الدين عند اللّه الاسلام والذي في قوله عليه السلام بني الاسلام على خمس والمعنى الثاني للفظ الاسلام هو الاستسلام والاظهار الذي يستعصم به ويحقن الدم وهذا هو الذي في الآية ثم صرح بان الايمان لم يدخل في قلوبهم ثم فتح باب التوبة بقوله وان تطيعوا اللّه الآية وقرأ الجمهور لا يلتكم من لات يليت اذا نقص يقال لات حقه اذا نقصه منه وقرأ ابو عمرو لا يالتكم من ألت يألت وهي بمعنى لات ١٥وقوله سبحانه انما المؤمنون انما هنا حاصرة وقوله ثم لم يرتابوا أي لم يشكوا ثم امر اللّه تعالى نبيه عليه السلام بتوبيخهم بقوله اتعلمون اللّه بدينكم أي بقولكم آمنا وهو يعلم منكم خلاف ذلك لأنه العليم بكل شيء وقوله سبحانه يمنون عليك ان اسلموا نزلت في بني اسد ايضا وقرأ ابن مسعود يمنون عليك اسلامهم وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية واللّه بصير بما يعلمون |
﴿ ٠ ﴾