سورة الصفوهي مدنية في قول الجمهور وقيل مكية والأول أصح لأن معاني السورة تعضده ويشبه أن يكون فيها المكي والمدني بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى سبح للّه ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم قد تقدم تفسيره واختلف في السبب الذي نزلت فيه يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فقال ابن عباس وغيره نزلت بسبب قوم قالوا لو علمنا أحب العمل إلى اللّه تعالى لسارعنا إليه ففرض اللّه الجهاد وأعلمهم بفضله وأنه يحب المقاتلين في سبيله كالبنيان المرصوص فكرهه قوم منهم وفروا يوم الغزو فعاتبهم اللّه تعالى بهذه الآية وقال قتادة والضحاك نزلت بسبب جماعة من شباب المسلمين كانوا يتحدثون عن أنفسهم في الغزو بما لم يفعلوا ع وحكم هذه الآية باق غابر الدهر وكل من يقول ما لا يفعل فهو ممقوت الكلام والقول الأول يترجح بما يأتي من أمر الجهاد والقتال والمقت البغض من أجل ذنب ريبة دناءة يصنعها الممقوت وقول المرء ما لا يفعل موجب مقت اللّه تعالى ولذلك فر كثير من العلماء عن الوعظ والتذكير وآثروا السكوت ت وهذا بحسب فقه الحال إن وجد الإنسان من يكفيه هذه المنونة في وقته فقد يسعه السكون وإلا فلا يسعه قال الباجي في سنن الصالحين له قال الأصمعي بلغني أن بعض الحكماء كان يقول أني لأعظكم وإني لكثير الذنوب ولو أن أحدا لا يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه لترك الأمر بالخير واقتصر على الشر ولكن محادثة الإخوان حياة القلوب وجلاء النفوس وتذكير من النسيان وقال أبو حازم اني لأعظ الناس وما أنا بموضع للوعظ ولكن أريد به نفسي وقال الحسن لمطرف عظ أصحابك فقال إني أخاف أن أقول ما لا أفعل فقال رحمك اللّه واينا يفعل ما يقول ود الشيطان أنه لو ظفر منكم بهذه فلم يأمر أحد منكم بمعروف ولم ينه عن منكر انتهى ٤وقوله تعالى إن اللّه يحب الذين يقاتلون في سبيله الآية قال معاذ بن جبل سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - يقول من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقة فقد وجبت له الجنة ومن سأل اللّه القتل من نفسه صادقا ثم مات قتل فإن له أجر شهيد مختصر رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه واللفظ لأبي داود وقال الترمذي هذا حديث صحيح انتهى من السلاح ثم ذكر تعالى مقالة موسى وذلك ضرب مثل للمؤمنين ليحذروا ما وقع فيه هؤلاء من العصيان وقول الباطل ٥وقوله لم تؤذونني أي بتعنيتكم وعصيانكم واقتراحاتكم واسند الزيغ إليهم لكونه فعل حطيطة وهذا بخلاف قوله تعالى ثم تاب عليهم ليتوبوا فاسند التوبة إليه سبحانه لكونها فعل رفعة وزاغ معناه مال وصار عرفها في الميل عن الحق وأزاغ اللّه قلوبهم معناه طبع عليها وكثر ميلها عن الحق وهذه هي العقوبة على الذنب بالذنب وقوله ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد قال عياض في الشفا سمى اللّه تعالى نبيه في كتابه محمدا وأحمد فأما اسمه أحمد فافعل مبالغة من صفة الحمد ومحمد مفعل من كثرة الحمد وسمى أمته في كتب أنبيائه بالحمادين ثم في هذين الاسمين من عجائب خصائصه سبحانه وبدائع اياته أنه سبحانه حمى أن يتسمى بهما أحد قبل زمانه أما أحمد الذي اتى في الكتب وبشرت به الأنبياء فمنع سبحانه أن يتسمى به أحد غيره حتى لا يدخل بذلك ليس على ضعيف القلب وكذلك محمد أيضا لم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده ص - وميلاده أن نبيا يبعث اسمه محمد فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو وهم محمد بن احيحة الأوسي ومحمد بن سلمة الأنصاري ومحمد بن براء البكري ومحمد بن سفيان باليمن ويقولون بل محمد بن اليحمد بن الأزد ومحمد بن سوادة منهم لا سابع لهم ولم يدع أحد من هؤلاء النبوءة يظهر عليه سبب يشكك الناس انتهى وروى أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - أنه قال لا تسموا أولادكم محمدا ثم تلعنونهم رواه الحاكم في المستدرك انتهى من السلاح وقوله سبحانه فلما جاءهم بالبينات الآية يحتمل أن يريد عيسى ويحتمل أن يريد صلى اللّه عليه وسلم - لأنه تقدم ذكره ت والأول أظهر ١٠وقوله سبحانه يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم الآية ندب وحض على الجهاد بهذه التجارة التي بينها سبحانه وهي أن يبذل المرء نفسه وماله ويأخذ ثمنا جنة الخلد وقرأ ابن عامر وحده تنجيكم بفتح النون وشد الجيم ١١وقوله تؤمنون معناه الأمر أي امنوا قال الأخفش ولذلك جاء يغفر مجزوما وفي مصحف ابن مسعود امنوا باللّه ورسوله وجاهدوا وقوله ذلكم إشارة إلى الجهاد والإيمان وخير هنا يحتمل أن يكون للتفضيل فالمعنى من كل عمل ويحتمل أن يكون إخبارا أن هذا خير في ذاته ومساكن عطف على جنات وطيب المساكن سعتها وجمالها وقيل طيبها المعرفة بدوام أمرها ١٣وقوله سبحانه وأخرى تحبونها الآية قال الأخفش وأخرى هي في موضع خفض عطفا على تجارة وهذا قلق وقد رده الناس لأن هذه الأخرى ليست مما دل عليه سبحانه إنما هي مما أعطى ثمنا وجزاء على الإيمان والجهاد بالنفس والمال وقال الفراء وأخرى في موضع رفع وقيل في موضع نصب بإضمار فعل تقديره ويدخلكم جنات ويمنحكم أخرى وهي النصر والفتح القريب وقصة عيسى مع بني إسراءيل قد تقدمت وقوله تعالى فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم قيل ذلك قبل محمد عليه السلام وبعد فترة من رفع عيسى رد اللّه الكرة لمن آمن به فغلبوا الكافرين الذين قتلوا صاحبه الذي ألقى عليه الشبه وقيل المعنى فأصبحوا ظاهرين بالحجة |
﴿ ٠ ﴾