سورة التغابنوهي مدنية وقال آخرون مكية إلا قوله عز و جل يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم إلى آخر السورة فإنه مدني بسم اللّه الرحمن الرحيم ٢قوله تعالى هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن أي في أصل الخلقة وهذا يجري مع قول الملك يا رب اشقي أم سعيد الحديث وذلك في بطن أمه وقيل الآية تعديد نعم فقوله هو الذي خلقكم هذه نعمة إلايجاد ثم قال فمنكم كافر أي بهذه النعمة لجهله باللّه ومنكم مؤمن باللّه والإيمان به شكر لنعمته فالإشارة على هذا التأويل في الإيمان والكفر هي إلى اكتساب العبد وهذا قول جماعة وقيل غير هذا ٣وقوله تعالى خلق السموات والأرض بالحق أي لم يخلقها عبثا ولا لغير معنى وقوله تعالى فأحسن صوركم هو تعديد نعم والمراد الصورة الظاهرة وقيل المراد صورة الإنسان المعنوية من حيث هو إنسان مدرك عاقل والأول أجرى على لغة العرب ٥وقوله تعالى ألم يأتكم جزم أصله يأتيكم والخطاب في هذه الآية لقريش ذكروا بما حل بعاد وثمود وغيرهم ممن سمعت قريش بأخبارهم ووبال الأمر مكروهه وما يسوء منه ٦وقوله تعالى ذلك بأنه إشارة إلى ذوق الوبال وباقي الآية بين ٧وقوله تعالى زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا يريد قريشا ثم هي بعد تعم كل كافر بالبعث ولا توجد زعم مستعملة في فصيح الكلام إلا عبارة عن الكذب قول انفرد به قائله ٨وقوله سبحانه فآمنوا باللّه ورسوله والنور الذي أننزلنا هذه الآية دعاء من اللّه وتبليغ وتحذير من يوم القيامة والنور القرءان ومعانيه ويوم الجمع هو يوم القيامة وهو يوم التغابن يغبن فيه المؤمنون الكافرين نحا هذا المنحى مجاهد وغيره ١١وقوله تعالى مااصاب من مصيبة يحتمل أن يريد المصائب التي هي رزايا ويحتمل أن يريد جميع الحوادث من خير وشر والكل بإذن اللّه والإذن هنا عبارة عن العلم والإرادة وتمكين الوقوع وقوله سبحانه ومن يؤمن باللّه يهد قلبه قال فيه المفسرون المعنى ومن آمن وعرف أن كل شيء بقضاء اللّه وقدره وعلمه هانت عليه مصيبته وسلم لأمر اللّه تعالى وقوله تعالى فإن توليتم إلى آخر الآية وعيد وتبرئة للنبي صلى اللّه عليه وسلم – ١٥وقوله يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم إلى آخر السورة قرءان مدني واختلف في سببه فقال عطاء بن أبي رباح أنه نزل في عوف بن مالك الأشجعي وذكل أنه أراد غزوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم - فاجتمع أهله وأولاده وتشكوا إليه فراقه فرق لهم فثبطوه ولم يغز ثم إنه ندم وهم بمعاقبتهم فنزلت الآية بسببه محذرة من الأزواج والأولاد وفتنتهم ثم صرف تعالى عن معاقبتهم بقوله وإن تعفوا وتصفحوا وقال بعض المفسرين سبب الآية إن قوما آمنوا وثبطهم أزواجهم وأولادهم عن الهجرة فلم يهاجروا إلا بعد مدة فوجدوا غيرهم قد تفقه في الدين فندموا وهموا بمعاقبة أزواجهم وأولادهم ثم أخبر تعالى أن الأموال والأولاد فتنة تشغل المرء عن مراشده وتحمله من الرغبة في الدنيا على ما لا يحمده في آخرته ومنه قوله ص - الولد مبخلة مجينة وخرج أبو داود حديثا في مصنفه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - كان يخطب يوم الجمعة على المنبر حتى جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يجرانهما يعثران ويقومان فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - عن المنبر حتى أخذهما وصعد بهما ثم قرأ إنما أموالكم وأولادكم فتنة الآية وقال أني رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في خطبته قال ع وهذه ونحوها هي فتنة الفضلاء فأما فتنة الجهال الفسقة فمؤدية إلى كل فعل مهلك وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي ذر قال انتهيت إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم - وهو يقول هم الأخسرون ورب الكعبة هم الأخسرون ورب الكعبة قلت ما شأني أيرى في شيئا فجلست وهو يقول فما استطعت أن أسكت وتغشاني ما شاء اللّه فقلت من هم بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه قال هم الأكثرون مالا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا وفي رواية أن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وأشار ابن شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم انتهى واللفظ للبخاري ١٦وقوله سبحانه فاتقوا اللّه ما استطعتم تقدم الخلاف هل هذه الآية ناسخة لقوله تعالى اتوقوا اللّه حق تقاته ليست بناسخة بل هي مبينة لها وإن المعنى اتقوا اللّه حق تقاته فيما استطعتم وهذا هو الصحيح قال الثعلبي قال الربيع بن أنس ما استطعتم أي جهدكم وقيل معناه إذا أمكنكم الجهاد والهجرة فلا يفتننكم الميل إلى الأموال والأولاد واسمعوا ما توعظون به وأطيعوا فيما تؤمرون به انتهى وقوله سبحانه ومن يوق شح نفسه تقدم الكلام عليه وأسند أبو بكر بن الخطيب من طريق أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال السخاء شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا فمن كان سخيا أخذ بغصن منها فلم يتركه الغصن حتى يدخله الجنة والشح شجرة في النار وأغصانها في الأرض فمن كان شحيحا أخذ بغصن من اغصانها فلم يتركه الغصن حتى يدخله النار انتهى وباقي الآية بين |
﴿ ٠ ﴾