سورة النّبأوهي مكية باجماع بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله عز و جل عم يتساءلون اصل عم عن ما ادغمت النون في الميم لاشتراكها في الغنة فبقي عما في الخبر وفي الاستفهام ثم حذفوا الالف في الاستفهام فرقا بينه وبين الخبر ثم من العرب من يخفف الميم فيقول عم وهذا الاستفهام بعم استفهام توقيف وتعجيب والنبأ العظيم قال ابن عباس وقتادة هو الشرع الذي جاء به صلى اللّه عليه وسلم - وقال مجاهد هو القرءان خاصة وقال قتادة ايضا هو البعث من القبور والضمير في يتساءلون لكفار قريش ومن نحا نحوهم واكثر النحاة ان قوله عن النبأ العظيم متعلق يتساءلون وقال الزجاج الكلام تام في قوله عم يتساءلون ثم كان مقتضى القول ان يجيب مجيب فيقول يتساءلون عن النبأ العظيم وله امثلة في القرءان اقتضاها ايجاز القرءان وبلاغته واختلافهم هو شك بعض وتكذيب بعض وقولهم سحر وكهانة الى غير ذلك من باطلهم ٤وقوله تعالى كلا سيعلمون رد على الكفار في تكذيبهم ووعيد لهم في المستقبل وكرر عليهم الزجر والوعيد تاكيدا والمعنى سيعلمون عاقبة تكذيبهم ثم وقفهم تعالى ودلهم على ءاياته وغرائب مخلوقاته وقدرته التي توجب للناظر فيها الاقرار بالبعث والايمان باللّه تعالى ت وفي ضمن ذلك تعديد نعمه سبحانه التي يجب شكرها والمهاد الفراش الممهد وشبه الجبال بالاوتاد لانها تمنع الارض ان تميد بهم وخلقناكم ازواجا اي انواعا والسبات السكون وسبت الرجل معناه استراح وروينا في سنن أبي داود عن معاذ بن جبل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال ما من مسلم يبيت على ذكر اللّه طاهرا فيتعار من الليل فيسال اللّه تعالى خيرا من امور الدنيا والآخرة الا اعطاه اللّه اياه وروى أبو داود عن بعض ءال ام سلمة قال كان فراش النبي صلى اللّه عليه وسلم - نحوا مما يوضع الانسان في قبره وكان المسجد عند رأسه انتهى ولباسا مصدر وكان الليل كذلك من حيث يغشى الاشخاص فهي تلبسه وتتدرعه والنهار معاشا على حذف مضاف على النسب والسبع الشداد السموات والسراج الشمس والوهاج الحار المضطرم الاتقاد المتعالى اللّهب قال ابن عباس وغيره المعصرات السحائب القاطرة وهو ماخوذ من العصر لان السحاب ينعصر فيخرج منه الماء وهذا قول الجمهور والثجاج السريع الاندفاع كما يندفع الدم من عروق الذبيحة ومنه قوله ص - وقد قيل له ما افضل الحج فقال العج والثج اراد التضرع الى اللّه تعالى بالدعاء الجهير وذبح الهدي والفافا اي ملتفة الاغصان والاوراق ويوم الفصل هو يوم القيامة والافواج الجماعات يتلو بعضها بعضا وفتحت السماء بتشديد التاء قراءة نافع وابي عمرو وابن كثير وابن عامر والباقون دون تشديد وقوله تعالى فكانت ابوابا قيل معناه تتشقق حتى يكون فيها فتوح كالابواب في الجدرات وقيل انها تتقطع السماء قطعا صغارا حتى تكون كألواح الابواب والقول الأول احسن وقد قال بعض اهل العلم تنفتح في السماء ابواب للملائكة من حيث ينزلون ويصعدون وقوله تعالى فكانت سرابا عبارة عن تلاشيها بعد كونها هباء منبثا ومرصادا موضع الرصد وقيل مرصادا بمعنى راصد والاحقاب جمع حقب وهي المدة الطويلة من الدهر غير محدودة وقال ابن عباس وابن عمر الحقب ثمانون سنة وقال ابو امامة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه ثلاثون الف سنة وقد اكثر الناس في هذا واللازم ان اللّه تعالى اخبر عن الكفار انهم يلبثون احقابا كلما مر حقب جاء غيره الى غير نهاية نجانا اللّه من سخطه قال الحسن ليس للاحقاب عدة الا الخلود في النار ٢٥وقوله سبحانه لا يذوقون فيها بردا الآية قال الجمهور البرد في الآية مس الهواء البارد اي لا يمسهم منه ما يستلذ وقال ابو عبيدة وغيره البرد في الآية النوم والعرب تسميه بذلك لانه يبرد سورة العطش وقال ابن عباس البرد الشراب البارد المستلذ وقال قتادة وجماعة الغساق هو ما يسيل من اجسام اهل النار من صديد ونحوه وقوله تعالى وفاقا معناه لاعمالهم وكفرهم ولا يرجون قال ابو عبيدة وغيره معناه لا يخافون وقال غيره الرجاء هنا على بابه وكذابا مصدر لغة فصيحة يمانية وعن ابن عمر قال ما نزلت في اهل النار ءاية اشد من ٣٠قوله تعالى فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا ورواه ابو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - والحدائق هي البساتين عليها حلق وحظائر وجدرات البخاري وكواعب اي نواهد انتهى والدهاق المترعة فيما قال الجمهور وقيل الصافية وقال مجاهد متتابعة وعبارة البخاري وقال ابن عباس دهاقا ممتلئة انتهى وكذابا مصدر وهو الكذب وقوله عطاء حسابا اي كافيا قاله الجمهور من قولهم احسبنى هذا الامر اي كفانى ومنه حسبي اللّه وقال مجاهد حسابا معناه بتقسيط فالحساب على هذا بموازنة اعمال القوم اذ منهم المكثر من الاعمال والمقل ولكل بحسب عمله ٣٧وقوله تعالى لا يملكون الضمير للكفار اي لا يملكون من افضاله واجماله سبحانه ان يخاطبوه بمعذرة ولا غيرها وهذا ايضا في موطن خاص ٣٨وقوله تعالى يوم يقوم الروح اختلف في الروح المذكور هنا فقال الشعبي والضحاك هو جبريل عليه السلام وقال ابن مسعود هو ملك عظيم اكبر الملائكة خلقة يسمى الروح وقال ابن زيد هو القرءان وقال مجاهد الروح خلق على صورة بني ءادم يأكلون ويشربون وقال ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - الروح خلق غير الملائكة هم حفظة للملائكة كما الملائكة حفظة لنا وقيل الروح اسم جنس لأرواح بني ءادم والمعنى يوم تقوم الارواح في اجسادها اثر البعث ويكون الجميع من الانس والملائكة صفا ولا يتكلم احد منهم هيبة وفزعا الا من اذن له الرحمن من ملك نبي وكان اهلا ان يقول صوابا في ذلك الموطن وقال البخاري صوابا حقا في الدنيا وعمل به انتهى وفي قوله فمن شاء اتخذ الى ربه مأبا وعد ووعيد وتحريض والعذاب القريب هو عذاب الآخرة اذ كل آت قريب وقال ابو هريرة وعبد اللّه بن عمر ان اللّه تعالى يحضر البهائم يوم القيامة فيقتص لبعضها من بعض ثم يقول لها بعد ذلك كونى ترابا فيعود جميعها ترابا فعند ذلك يقول الكافر ياليتنى كنت ترابا ت واعلم حمك اللّه انى لم اقف على حديث صحيح في عودها ترابا وقد نقل الشيخ ابو العباس القسطلاني عن الشيخ ابى الحكم بن ابي الرجال انكار هذا القول وقال ما نفث روح الحياة في شيء ففني بعد وجوده قد نقل الفخر هنا عن قوم بقاءها وان هذه الحيوانات اذا انتهت مدة اعراضها جعل اللّه كل ما كان منها حسن الصورة ثوابا لاهل الجنة وما كان قبيح الصورة عقابا لاهل النار انتهى والمعول عليه في هذا النقل فان صح فيه شيء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - وجب اعتقاده وصير اليه والا فلا مدخل للعقل هنا واللّه اعلم |
﴿ ٠ ﴾