سورة عبسوهي مكية باجماع بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى عبس وتولى ان جاءه الاعمى سببها ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - كان يدعو بعض صناديد قريش ويقرأ عليه القرءان ويقول له هل ترى بما اقول بأسا فكان ذلك الرجل يقول لا والدمى يعنى الاصنام اذ جاء ابن ام مكتوم فقال يا رسول اللّه استدننى وعلمنى مما علمك اللّه فكان في ذلك كله قطع لحديث النبي صلى اللّه عليه وسلم - مع الرجل فلما شغب عليه ابن ام مكتوم عبس ص - واعرض عنه فنزلت الآية قال سفيان الثوري فكان بعد ذلك اذا رأى ابن ام مكتوم قال مرحبا بمن عاتبنى فيه ربي عز و جل وبسط له رداءه واستخلفه على المدنية مرتين ت والكافر المشار اليه في الآية هو الوليد بن المغيرة قاله ابن اسحاق انتهى ثم اكد تعالى عتب نبيه بقوله اما من استغنى اي بماله فأنت له تصدى اي تتعرض وقوله وهو يخشى اي يخشى اللّه فانت عنه تلهى اي تشتغل تقول لهيت عن الشيء الهى اذا اشتغلت عنه وليس من اللّهو وهذه الآية السبب فيها هذا ثم هي بعد تتناول من شاركهم في هذه الاوصاف فحملة الشرع والعلم مخاطبون بتقريب الضعيف من اهل الخير وتقديمه على الشريف العارى من الخير مثل ما خوطب به النبي صلى اللّه عليه وسلم - في هذه السورة قال عياض وليس في قوله تعالى عبس وتولى الآية ما يقتضي اثبات ذنب للنبي صلى اللّه عليه وسلم - انه خالف امر ربه سبحانه وانما في الآية الاعلام بحال الرجلين وتوهين امر الكافر والاشارة الى الاعراض عنه انتهى قال السهيلي وانظر كيف نزلت الآية بلفظ الاخبار عن الغائب فقال عبس وتولى ولم يقل عبست وتوليت وهذا يشبه حال العاتب المعرض ثم اقبل عليه بمواجهة الخطاب فقال وما يدريك لعله يزكى الآية علما منه سبحانه انه لم يقصد بالاعراض عن ابن ام مكتوم الا الرغبة في الخير ودخول ذلك المشرك في الاسلام اذ كان مثله يسلم باسلامه بشر كثير فكلم نبيه حين ابتدأ الكلام بما يشبه كلام المعرض عنه العاتب له ثم واجهه بالخطاب تانيسا له عليه السلام انتهى ثم قال تعالى كلا يا محمد ليس الامر كما فعلت ان هذه السورة القراءة المعاتبة تذكرة وعبارة الثعلبي ان هذه السورة وقيل هذه الموعظة وقال مقاتل ءايات القرءان تذكرة اي موعظة وتبصرة للخلق فمن شاء ذكره اي اتعظ بأي القرءان وبما وعظتك وادبتك في هذه السورة انتهى ص ذكره ذكر الضمير لان التذكرة هي الذكر انتهى ١٣وقوله تعالى في صحف متعلق بقوله انها تذكرة وهذا يؤيد ان التذكرة يراد بها جميع القرءان والصحف هنا قيل انه اللوح المحفوظ وقيل صحف الانبياء المنزلة قال ابن عباس السفرة هم الملائكة لانهم كتبة يقال سفرت اي كتبت ومنه السفر وقال ابن عباس ايضا الملائكة سفرة لانهم يسفرون بين اللّه وبين انبيائه وفي البخاري سفرة الملائكة واحدهم سافر سفرت اصلحت بينهم وجعلت الملائكة اذا نزلت بوحي اللّه عز و جل وتاديته كالسفير الذي يصلح بين القوم انتهى قال ع ومن اللفظة قول الشاعر ... وما ادع السفارة بين قومى ... وما اسعى بغش ان مشيت ... والصحف على هذا صحف عند الملائكة اللوح وقوله تعالى قتل الانسان ما اكفره دعاء على اسم الجنس وهو عموم يراد به الانسان الكافر ومعنى قتل اي هو اهل ان يدعى عليه بهذا وقال مجاهد قتل معناه لعن وهذا تحكم ت ليس بتحكم وقد تقدم نحوه عن غير واحد وقوله تعالى ما اكفره يحتمل معنى التعجب ويحتمل الاستفهام توبيخا وقيل الآية نزلت في عتبة بن ابي لهب وذلك انه غاضب اباه فاتى النبي صلى اللّه عليه وسلم - فأسلم ثم ان اباه استصلحه واعطاه مالا وجهزه الى الشام فبعث عتبة الى النبي صلى اللّه عليه وسلم - وقال انى كافر برب النجم اذا هوى فدعا عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم - وقال اللّهم ابعث عليه كلبك حتى ياكله ثم ان عتبة خرج في سفرة فجاء الاسد فاكله من بين الرفقة وقوله تعالى من اي شيء خلقه استفهام على معنى التقرير على تفاهة الشيء الذي خلق الانسان منه فقدره اي جعله بقدر وحد معلوم ثم السبيل يسره قال ابن عباس وغيره هي سبيل الخروج من بطن امه وقال الحسن ما معناه ان السبيل هي سبيل النظر المؤدى الى الايمان وقوله فاقبره معناه امر ان يجعل له قبر وفي ذلك تكريم له ليلا يطرح كسائر الحيوان وقوله تعالى ثم اذا شاء يريد اذا بلغ الوقت الذي قد شاءه وهو يوم القيامة وانشره معناه احياه ٢٣وقوله تعالى كلا لما يقض اي لم يقض ما امره ثم امر اللّه تعالى الانسان بالعبرة والنظر الى طعامه والدليل فيه وكيف يسره له بهذه الوسائط والحب جمع حبة بفتح الحاء وهو كل ما يتخذه الناس ويربونه والحبة بكسر الحاء كل ما ينبت من البزور لا يحفل به ولا هو بمتخذ والقضب قيل هي الفصفصة وهذا عندي ضعيف لان الفصفصة للبهائم وهي داخلة في الاب والذي اقول به ان القضب هنا هو كل ما يقضب لياكله ابن ءادم غضا من النبات كالبقول والهليون ونحوه فإنه من المطعوم جزء عظيم ولا ذكر له في الآية الا في هذه اللفظة والحديقة الشجر الذي قد احدق بجدار ونحوه والغلب الغلاظ الناعمة والاب المرعى والكلا قاله ابن عباس وغيره وقد توقف في تفسيره ابو بكر وعمر رضي اللّه عنهما ومتاعا نصب على المصدر والمعنى تتمتعون به انتم وانعامكم فابن ءادم في السبعة المذكورة والانعام في الاب والصاخة اسم من اسماء يوم القيامة ص قال الخليل الصاخة صيحة تصخ الآذان صخا اي تصمها لشدة وقعتها انتهى ٣٤وقوله تعالى يوم يفر المرء من اخيه الآية قال جمهور الناس انما ذلك لشدة الهول كل يقول نفسي نفسي وقيل فرارهم خوفا من المطالبات لكل امرئى منهم يومئذ شأن يغنيه عن اللقاء مع غيره ثم ذكر تعالى اختلاف الوجوه من المؤمنين الواثقين برحمة اللّه حين بدت لهم تباشيرها ومن الكفار حين علاها قترها ومسفرة معناه نيرة باد ضوءها وسرورها والغبرة التي على الكفرة هي من العبوس كما يرى على وجه المهموم والميت والمريض شبه الغبار ص والقتر سواد كالدخان ابو عبيدة هو الغبار انتهى ثم فسر سبحانه اصحاب هذه الوجوه المغبرة بأنهم الكفرة الفجرة |
﴿ ٠ ﴾