سورة الأعلىوهي مكية في قول الجمهور بسم اللّه الرحمن الرحيم ١سبح في هذه الآية بمعنى نزة وقدس وقل جل سبحانه عن النقائص والغير جميعا وروي ابن عباس ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - كان اذا قرأ هذه الآية قال سبحان ربي الاعلى وكان ابن مسعود وابن عمر وابن الزبير يفعلون ذلك ولما نزلت قال النبي صلى اللّه عليه وسلم - اجعلوها في سجودكم وعن سلمة بن الاكوع قال ما سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم - يستفتح دعاء الا استفتحه بسبحان ربي الاعلى الوهاب رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد انتهى من سلاح المؤمن وسوى معناه عدل واتقن وقوله فهدى عام لوجوه الهدايات في الانسان والحيوان وقال الفراء معناه هدى واضل والعموم في الآية اصوب والمرعى النبات والغثاء ما يبس وجف وتحطم من النبات وهو الذي يحمله السيل والاحوى قيل هو الاخضر الذي عليه سواد من شدة الخضرة والغضارة فتقدير الآية الذي اخرج المرعى احوى اي اسود من خضرته وغضارته فجعله غثاء عند يبسه فاحوى حال وقال ابن عباس المعنى فجعله غثاء احوى اي اسود لان الغثاء اذا قدم واصابته الامطار اسود وتعفن فصار احوى فهذا صفة ٦وقوله تعالى سنقرئك فلا تنسى قال الحسن وقتادة ومالك ابن انس هذه الآية في معنى قوله تعالى لا تحرك به لسانك الآية وعده اللّه ان يقرئه واخبره انه لا ينسى نسيانا لا يكون بعده ذكر وقيل بل المعنى انه امره تعالى بان لا ينسى على معنى التثبيت والتأكيد وقال الجنيد معنى لاتنسى لا تترك العمل بما تضمن من امر ونهي ٧وقوله تعالى الا ما شاء اللّه قال الحسن وغيره معناه مما قضى اللّه بنسخه ورفع تلاوته وحكمه وقال ابن عباس الا ما شاء اللّه ان ينسيكه ليسن به على نحو قوله عليه السلام انى لا نسى نسى لاسن قال ع ونسيان النبي صلى اللّه عليه وسلم - ممتنع فيما امر بتليغه اذ هو معصوم فاذا بلغه ووعي عنه فالنسيان جائز على ان يتذكر بعد ذلك على ان يسن على النسخ ٨وقوله تعالى ونيسرك لليسرى معناه نذهب بك نحو الامور المستحسنة في دنياك وءاخرتك من النصر والظفر ورفعة الرسالة وعلو المنزلة يوم القيامة والرفعة في الجنة ثم امره تعالى بالتذكير قال بعض الحذاق قوله تعالى ان نفعت الذكرى اعتراض بين الكلامين على جهة التوبيخ لقريش ثم اخبر تعالى انه سيذكر من يخشى اللّه والدار الآخرة وهم العلماء والمؤمنون كل بقدر ما وفق له ويتجنب الذكرى ونفعها من سبقت له الشقاوة وتزكى معناه طهر نفسه ونماها بالخير ومن الاربعين حديثا المسندة لابي بكر محمد بن الحسين الآجري الامام المحدث قال في ءاخرها وحديث تمام الاربعين حديثا وهو حديث كبير جامع لكل خير حدثنا ابو بكر جعفر بن محمد الفريابي املاء في شهر رجب سنة سبع وتسعين ومائتين قال حدثنا ابراهيم بن هشام بن يحيى الغساني قال حدثني ابي عن جدي عن ابي ادريس الخولاني عن ابي ذر قال دخلت المسجد فاذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - جالس فجلست اليه فقال يا ابا ذر للمسجد تحية وتحيته ركعتان قم فاركعهما قال فلما ركعتهما جلست اليه فقلت يا رسول اللّه انك امرتنى بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع فاستكثر استقلل الحديث وفيه قلت يا رسول اللّه كم كتابا انزل اللّه عز و جل قال مائة كتاب واربعة كتب انزل اللّه على شئت خمسين صحيفة وعلى خانوخ ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشر صحائف وانزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف وانزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان قال قلت يا رسول اللّه ما كانت صحف ابراهيم قالت كانت امثالا كلها ايها الملك المسلط المبتلى المغرور انى لم ابعثك لتجمع الدنيا بعضعا على بعض ولكني بعثتك لترد عنى دعوة المظلوم فإني لا اردها ولو من كافر وكان فيها امثال وعلى العاقل ان تكون له ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يفكر في صنع اللّه عز و جل اليه وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل ان لا يكون ظاعنا الا لثلاث تزود لمعاد مؤنة لمعاش لذة في غير محرم وعلى العاقل ان يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شانه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه الا فيما يعينه قال قلت يا رسول اللّه فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها عجبت لمن ايقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن ايقن بالقدر ثم هو ينصب وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها باهلها ثم أطمان اليها وعجبت لمن ايقن بالحساب غدا ثم لا يعمل قال قلت يا رسول اللّه فهل في ايدينا شيء مما كان في ايدي ابراهيم وموسى مما أنزل اللّه عز و جل عليك قال نعم اقرأ يا ابا ذر قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحيوة الدنيا الى ءاخر هذه السورة يعنى ان ذكر هذه الآيات لفى صحف ابراهيم وموسى قال قلت يا رسول اللّه فأوصنى قال اوصيك بتقوى اللّه عز و جل فإنه راس امرك قال قلت يا رسول اللّه زدنى قال عليك بتلاوة القراءن وذكر اللّه عز و جل فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الارض قال قلت يا رسول اللّه زدنى قال واياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قال قلت يا رسول اللّه زدنى قال عليك بالجهاد فانه رهبانية امتى قال قلت يا رسول زدنى قال عليك بالصمت الا من خير فانه مطردة للشيطان وعون لك على امر دينك انتهى ١٥وقوله تعالى وذكر اسم ربه اي وحده وصلى له الصلوات المفروضة وغيرها وقال ابو سعيد الخدري وغيره هذه الآية نزلت في صبيحة يوم الفطر فتزكي ادى زكاة الفطر وذكر اسم ربه في طريق المصلى وصلى صلاة العيد ثم اخبر تعالى الناس انهم يوثرون الحياة الدنيا وسبب الايثار حب العاجل والجهل ببقاء الآخرة وفضلها وروينا في كتاب الترمذي عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - استحيوا من اللّه حق الحياء قال فقلنا يا رسول اللّه انا نستحي والحمد للّه قال ليس ذلك ولكن الاستحياء من اللّه حق الحياء ان تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى ومن اراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحي من اللّه حق الحياء انتهى قال الغزالي وايثار الحياة الدنيا طبع غالب على الانسان ولذلك ١٦قال تعالى بل توثرون الحيوة الدنيا ثم بين سبحانه ان الشر قديم في الطباع وان ذلك مذكور في الكتب السالفة فقال ان هذا لفي الصحف الاولى صحف ابراهيم وموسى انتهى من الاحياء ١٨وقوله تعالى ان هذا قال ابن زيد الاشارة بهذا الى هذين الخبرين افلاح من تزكى وايثار الناس للدنيا مع فضل الآخرة عليها وهذا هو الارجح لقرب المشار اليه وعن ابي بن كعب قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الاعلى وقل يا ايها الكافرون وقل هو اللّه احد فاذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يمد صوته في الثالثة ويرفع رواه أبو داود والنساءي وهذا لفظه ورواه الدارقطني في سننه ولفظه فاذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يمد بها صوته في الاخيرة ويقول رب الملائكة والروح انتهى من السلاح قال النووي وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنساءي عن علي رضي اللّه عنه ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - كان يقول في ءاخر وتره اللّهم اني اعوذ برضاك من سخطك واعوذ بمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك قال الترمذي حديث حسن انتهى |
﴿ ٠ ﴾