سورة الفجروهي مكية عند الجمهور وقيل مدنية والاول اصح واشهر بسم اللّه الرحمن الرحيم ١الفجر هنا عند الجمهور هو المشهور المعروف الطالع كل يوم وقال ابن عباس وغيره الفجر الذي اقسم اللّه به صلاة الصبح وقيل غير هذا ٢واختلف في الليالي العشر فقيل العشر الاول من رمضان وقيل العشر الاواخر منه وقيل عشر ذي الحجة وقيل غير هذا واللّه اعلم بما اراد فان صح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - شيء في هذا صير اليه واختلف في الشفع والوتر ما هما على اقوال كثيرة وروى عمران بن حصين عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه قال هي الصلوات منها الشفع ومنها الوتر وسرى الليل هو ذهابه وانقراضه هذا قول الجمهور وقيل المعنى اذا يسرى فيه ٥هل في ذلك قسم لذي حجر اي هل في هذه الاقسام مقنع لذي عقل ثم وقف تعالى على مصارع الامم الخالية وعاد قبيلة بلا خلاف واختلف في ارم فقال مجاهد هي القبيلة بعينها وقال ابن اسحاق ارم هو ابو عاد كلها وقال الجمهور ارم مدينة لهم عظيمة كانت على وجه الدهر باليمن واختلف في ٧قوله تعالى ذات العماد فمن قال ارم المدينة قال العماد اعمدة الحجارة التي بنيت بها وقيل القصور العالية والابراج يقال لها عماد ومن قال ارم قبيلة قال العماد اما اعمدة بنيانهم واما اعمدة بيوتهم التي يرحلون بها قاله جماعة والضمير في مثلها يعود اما على المدينة واما على القبيلة وجابوا الصخر معناه خرقوه ونحتوه وكانوا في واديهم قد نحتوا بيوتهم في حجارة وفوعون هو فرعون موسى واختلف في اوتاده فقيل ابنيته العالية وقيل جنوده الذين بهم يثبت ملكه وقيل المراد اوتادا خبية عساكره وذكرت لكثرتها قاله ابن عباس وقال مجاهد كان يوتد الناس باوتاد حديد يقتلهم بذلك يضربها في ابدانهم حتى تنفذ الى الارض وقيل غير هذا والصب مستعمل في السوط وانما خص السوط بان يستعار للعذاب لانه يقتضى من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره وقال بعض اللغويين السوط هنا مصدر من ساط يسوط اذا خلط فكانه قال خلط عذاب ص قال ابن الانباري ان ربك لبالمرصاد هو جواب القسم وقيل محذوف وقيل الجواب هل في ذلك وهل بمعنى ان وليس بشيء انتهى والمرصاد والمرصد موضع الرصد قاله بعض اللغويين اي انه تعالى عند لسان كل قائل ومرصد لكل فاعل واذا علم العبد ان مولاه له بالمرصاد ودامت مراقبته في الفؤاد حضره الخوف والحذر لا محالة واعلموا ان اللّه يعلم ما في انفسكم فاحذروه قال ابو حامد في الاحياء وبحسب معرفة العبد بعيوب نفسه ومعرفته بجلال ربه وتعاليه واستغنائه وانه لا يسئل عما يفعل تكون قوة خوفه فاخوف الناس لربه اعرفهم بنفسه وبربه ولذا قال ص - انا اخوفكم للّه ولذلك قال تعالى انما يخشى اللّه من عباده العلماء ثم اذا كملت المعرفة اورثت الخوف واحتراق القلب ثم يفيض اثر الحرقة من القلب على البدن فتنقمع الشهوات وتحترق بالخوف ويحصل في القلب الذبول والخشوع والذلة والاستكانة ويصير العبد مستوعب الهم بخوفه والنظر في خطر عاقبته فلا يتفرغ لغيره ولا يكون له شغل الا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والضنة بالانفاس واللحظات ومواخذة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات ثم قال واعلم انه لا تنقمع الشهوات بشيء كما تنقمع بنار الخوف انتهى ١٥وقوله سبحانه فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه الآية ذكر تعالى في هذه الآية ما كانت قريش تقوله وتستدل به على اكرام اللّه واهانته لعبده وجاء هذا التوبيخ في الآية لجنس الانسان اذ قد يقع بعض المؤمنين في شيء من هذا المنزع وابتلاه معناه اختبره ونعمه اي جعله ذا نعمة وقدر بتخفيف الدال بمعنى ضيق ثم قال تعالى كلا ردا على قولهم ومعتقدهم اي ليس اكرام اللّه تعالى واهانته كذلك وانما ذلك ابتلاء فحق من ابتلي بالغنى ان يشكر ويطيع ومن ابتلي بالفقر ان يشكر ويصبر واما اكرام اللّه فهو بالتقوى واهانته فبالمعصية وطعام في هذه الآية بمعنى اطعام ثم عدد عليهم جدهم في اكل التراث لانهم كانوا كانوا لا يورثون النساء ولا صغار الاولاد وانما كان يأخذ المال من يقاتل ويحمى الحوزة واللم الجمع واللف قال الحسن هو ان يأخذ في الميراث حظه وحظ غيره والجم الكثير الشديد ومنه قول الشاعر ... ان تغفر اللّهم تغفر جما ... واي عبد لك الا الما ... ومنه الجم من الناس ودك الارض تسويتها ٢٢وقوله تعالى وجاء ربك معناه جاء امره وقضاؤه وقال منذر بن سعيد معناه ظهوره للخلق هنالك ليس مجيء نقلة وكذلك مجيء الصاخة ومجيء الطامة والملك اسم جنس يريد به جميع الملائكة وصفا اي صفوفا حول الارض يوم القيامة على ما تقدم في غير هذا الموضع وجيء يومئذ بجهنم روي في ٢٣قوله تعالى وجيء يومئذ بجهنم انها تساق الى المحشر بسبعين الف زمام يمسك كل زمام سبعون الف ملك فيخرج منها عنق فينتقي الجبابرة من الكفار في حديث طويل باختلاف الفاظ وقوله تعالى يومئذ يتذكر الانسان معناه يتذكر عصيانه وما فاته من العمل الصالح وقال الثعلبي يومئذ يتذكر الانسان اي يتعظ ويتوب وانى له الذكرى انتهى ٢٤وقوله يا ليتنى قدمت لحياتي قال الجمهور معناه لحياتي الباقية يريد في الآخرة فيومئذ لا يعذب عذابه احد اي لا يعذب كعذاب اللّه احد في الدنيا ولا يوثق كوثاقه احد ويحتمل المعنى ان اللّه تعالى لا يكل عذاب الكافر يومئذ الى احد وقرأ الكساءي بفتح الذال والثاء اي لا يعذب كعذاب الكافر احد من الناس ثم عقب تعالى بذكر نفوس المؤمنين وحالهم فقال يا ايتها النفس المطمئنة الآية والمطمئنة معناه الموقنة غاية اليقين الا ترى قول ابراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبي فهي درجة زائدة على الايمان واختلف في هذا النداء متى يقع فقال جماعة عند خروج روح المؤمن وروي في ذلك حديث وفي عبادى اي في عداد عبادى الصالحين وقال قوم النداء عند قيام الاجساد من القبور فقوله ارجعي الى ربك معناه بالبعث وادخلى في عبادى اي في الاجساد وقيل النداء هو الآن للمؤمنين وقال ءاخرون هذا النداء انما هو في الموقف عند ما ينطلق بأهل النار الى النار ت ولا مانع ان يكون النداء في جميع هذه المواطن ولما تكلم ابن عطاء اللّه في مراعاة احوال النفس قال رب صاحب ورد عطله عن ورده الحضور فيه مع ربه هم التدبير في المعيشة وغيرها من مصالح النفس وانواع وساوس الشيطان في التدبير لا تنحصر ومتى اعطاك اللّه سبحانه الفهم عنه عرفك كيف تصنع فأي عبد توفر عقله واتسع نوره نزلت عليه السكينة من ربه فسكنت نفسه عن الاضطراب ووثقت بولي الاسباب فكانت مطمئنة اي خامدة ساكنة مستسلمة لاحكام اللّه ثابتة لا قداره وممدودة بتاييده وانواره فاطمأنت لمولاها لعلمها بانه يراها لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد فاستحقت ان يقال لها يا ايتها النفس المطئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية وفي الآية خصائص عظيمة لها منها ترفيع شأنها بتكنيتها ومدحها بالطمانينة ثناء منه سبحانه عليها بالإستسلام اليه والتوكل عليه والمطمئن المنخفض من الارض فلما انخفضت بتواضعها وانكسارها اثنى عليها مولاها ومنها قوله راضية اي عن اللّه في الدنيا باحكامه ومرضية في الآخرة يحوده وانعامه وفي ذلك اشارة للعبد انه لا يحصل له ان يكون مرضيا عند اللّه في الآخرة حتى يكون راضيا عن اللّه في الدنيا انتهى من التنوير |
﴿ ٠ ﴾