سورة العلق

وهي مكية باجماع

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى اقرأ باسم ربك هو اول ما نزل من كتاب اللّه تعالى نزل صدر هذه الآية الى قولهما لم يعلم في غار حراء حسب ما ثبت في صحيح البخاري وغيره ومعنى قوله اقرأ باسم ربك اي اقرأ هذا القرءان باسم ربك اي مبتدئا باسم ربك ويحتمل ان يكون المقروء الذي امر بقراءته هو باسم ربك الذي خلق كأنه قيل له اقرأ هذا اللفظ والعلق جمع علقة وهي القطعة اليسيرة من الدم والانسان هنا اسم جنس ثم

قال تعالى اقرأ وربك الاكرم على جهة التأنيس كأنه يقول امض لما امرت به وربك ليس كهذه الارباب بل هو الاكرم الذي لا يلحقه نقص ثم عدد تعالى نعمة الكتابة بالقلم على الناس وهي من اعظم النعم

وعلم الانسان ما لم يعلم قيل هو ءادم

وقيل هو اسم جنس وهو الاظهر

٦

وقوله تعالى كلا ان الانسان ليطغى الى ءاخر السورة نزلت في ابي جهل وذلك انه طغى لغناه وكثرة من يغشى ناديه فناصب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - ونهاه

عن الصلاة في المسجد وقال لئن رأيت محمدا يسجد عند الكعبة لاطأن عتقه فيروى ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - رد عليه القول وانتهره وعبارة الداودي فتهدده النبي صلى اللّه عليه وسلم - فقال ابو جهل اتهددنى اما واللّه اني لاكثر اهل الوادى ناديا فنزلت الآية انتهى وكلا رد على ابي جهل ويتجه ان تكون بمعنى حقا والضمير في رءاه للانسان المذكور كأنه قال ان رأي نفسه غنيا وهي رؤية قبيلة ولذلك جاز ان يعمل فعل الفاعل في نفسه كما تقول وجدتنى وظننتنى ثم حقر تعالى غنى هذا الانسان وحاله بقوله ان الى ربك الرجعى اي بالحشر والبعث يوم القيامة وفي هذا الخبر وعيد للطاغين من الناس ثم صرح بذكر الناهي لمحمد عليه السلام ولا خلاف ان الناهي ابو جهل وان العبد المصلي هو محمد عليه السلام

وقوله تعالى الم يعلم بان اللّه يرى اكمال للتوبيخ والوعيد بحسب التوقيفات الثلاث يصلح مع كل واحد منها ت وفي

١٤

قوله تعالى الم يعلم بان اللّه يرى ما يثير الهمم الراكدة

ويسيل العيون الجامدة

ويبعث على الحياء والمراقبة قال الغزالي اعلم ان اللّه مطلع على ضميرك ومشرف على ظاهرك وباطنك فتأدب ايها المسكين ظاهرا وباطنا بين يديه سبحانه واجتهد ان لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث امرك ولا تدع عنك التفكر في قرب الاجل

وحلول الموت القاطع للامل

وخروج الامر من الاختيار

وحصول الحسرة والندامة بطول الاغترار

انتهى ثم توعده تعالى ان لم ينته ليوخذن بناصيته فيجر الى جهنم ذليلا تقول العرب سفعت بيدي ناصية الفرس والرجل اذا جذبتها مذللة وقال بعض العلماء بالتفسير معناه لتحقرن من قولهم سفعته النار واكتفى بذكر الناصية لدلاتها على الوجه والرأس والناصية مقدم شعر الرأس ثم ابدل النكرة من المعرفة فى قوله ناصية كاذبة ووصفها بالكذب والخطا من حيث هي صفات لصاحبها

فليدع ناديه اي اهل مجلسه والنادى

والندي المجلس ومنه دار الندوة وقال البخاري قال مجاهد ناديه عشيرته

وقوله سندع الزبانية اي ملائكة العذاب ثم

قال تعالى لنبيه عليه السلام كلا لا تطعه اي لا تلتفت الى نهيه وكلامه واسجد لربك واقترب اليه بسجودك وفي الحديث اقرب ما يكون العبد من ربه اذا سجد فاكثروا من الدعاء في السجود فقمن ان يستجاب لكم

وروى ابن وهب عن جماعة من اهل العلم ان قوله واسجد خطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم - وان قوله واقترب خطاب لابي جهل اي ان كنت تجترئي حتى ترى كيف تهلك ت والتاويل الاول اظهر يدل عليه قوله ص - اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وعن ربيعة بن كعب الاسلمي قال كنت ابيت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم - فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي سل فقلت اسألك مرافقتك في الجنة قال  غير ذلك قلت هو ذاك قال فاعنى على نفسك بكثرة السجود رواه الجماعة الا البخاري ولفظ الترمذي كنت ابيت عند باب النبي صلى اللّه عليه وسلم - فاعطيه وضوءه فاسمعه الهوي من الليل يقول سمع اللّه لمن حمده واسمعه الهوي من الليل يقول الحمد للّه رب العالمين قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وليس لربيعة في الكتب الستة سوى هذا الحديث انتهى من السلاح

وروي ان ابا جهل جاء والنبي صلى اللّه عليه وسلم - يصلى فهم بان يصل اليه ويمنعه من الصلاة ثم كع وولى ناكصا على عقبيه متقيا بيديه فقيل له ما هذا فقال لقد عرض بينى وبينه خندق من نار وهول واجنحة فيروي ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال لودنا منى لاخذته الملائكة عيانا ت ولما لم ينته عدو اللّه اخذه اللّه يوم بدر وامكن منه وذكر الوائلي الحافظ في كتاب الابانة له من حديث مالك ابن مغول عن نافع عن ابن عمر قال بينا انا اسير بجنبات بدر اذ خرج رجل من الارض في عنقه سلسلة يمسك طرفها اسود فقال يا عبداللّه اسقنى فقال ابن

عمر لا ادرى اعرف اسمى  كما يقول الرجل يا عبداللّه فقال لي الاسود لا تسقه فانه كافر ثم اجتذبه فدخل الارض قال ابن عمر فاتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم - فاخبرته فقال  قد رأيته ذلك عدو اللّه ابو جهل بن هشام وهو عذابه الى يوم القيامةانتهى من التذكرة للقرطبي وقد ذكرت هذه الحكاية عن ابي عمر بن عبدالبر باتم من هذا عند

قوله تعالى فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا الآية

﴿ ٠