٤

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} يعني المهور. واحدها صَدُقَةٌ. وفيها لغة أخرى: صُدْقَةٌ.

{نِحْلَةً} أي: عن طيب نفس. يقول ذلك لأولياء النساء لا لأزواجهن (٣) ؛

__________

(١) سورة الجن ١٥.

(٢) في اللسان ١٣/٥١٢ "عالت الفريضة، أي ارتفعت وزادت. وفي حديث علي: أنه أتى في ابنتين، وأبوين؛ وامرأة؛ فقال: صار ثمنها تسعا. قال أبو عبيد: أراد أن السهام عالت حتى صار للمرأة التسع. ولها في الأصل الثمن؛ وذلك أن الفريضة لو لم تعل كانت من أربعة وعشرين، فلما عالت صارت من سبعة وعشرين. فللابنتين: الثلثان ستة عشر سهما. وللأبوين: السدسان ثمانية أسهم. وللمرأة: ثلاثة من سبعة وعشرين. وهو التسع، وكان لها قبل العول: ثلاثة من أربعة وعشرين، وهو الثمن. وهذه المسألة تسمى "المنبرية" لأن عليا سئل عنها وهو على المنبر فقال من غير روية: صار ثمنها تسعا؛ لأن مجموع سهامها: واحد وثمن واحد، فأصلها ثمانية والسهام تسعة".

(٣) لا، بل الخطاب للأزواج؛ لأن اللّه ابتدأ ذكر الآية بخطاب الناكحين النساء، ونهاهم عن ظلمهن والجور عليهن وعرفهم سبيل النجاة من ظلمهن. ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صرف عنهم إلى غيرهم. فإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين قيل لهم: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) هم الذين قيل لهم: (وآتوا النساء صدقاتهن) ، وأن معناه: وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة؛ لأنه قال في أول الآية: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) ولم يقل: "فأنكحوا"، فيكون قوله: (وآتوا النساء صدقاتهن) مصروفا إلى أنه معني به أولياء النساء دون أزواجهن. وهذا أمر من اللّه أزواج النساء المدخول بهن والمسمى لهن الصداق، أن يؤتوهن صدقاتهن، دون المطلقات قبل الدخول ممن لم يسم لها في عقد النكاح صداق". راجع تفسير الطبري ٧/٥٥٤.

لأن الأولياء كانوا في الجاهلية لا يعطون النساء من مهورهن شيئا. وكانوا يقولون لمن ولدت له بنت: هنيئًا لك النَّافِجةُ. يريدون أنه يأخذ مهرها إبلا فيضمها إلى إبله. فَتُنْفِجُها. أي تعظِّمُها وتُكَثِّرُها. ولذلك قالت إحدى النساء في زوجها:

* لا يأخذ الحُلْوَانَ مِنْ بَنَاتِيَا * (١)

تقول: لا يفعل ما يفعله غيره. والحلوان هاهنا: المهور.

وأصل النِّحْلة العطية. يقال: نَحَلْتُه نحلة حسنة. أي أعطيته عطية حسنة. والنحلة لا تكون إلا عن طيب نفس. فأما ما أخذ بالحكم فلا يقال له نحلة.

﴿ ٤