سورة المائدة

مدنية كلها

١

{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} أي بالعهود. يقال: عَقَد لي عقدًا أي جعل لي عهدا؛ قال الحُطَيْئَةُ:

قَوْمٌ إذا عَقَدُوا عَقْدًا لِجَارِهِمُ ... شَدُّوا العِنَاجَ وشَدُّوا فَوقَه الكَرَبَا (١)

ويقال: هي الفرائض التي أُلْزِمُوها.

{بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} الإبل والبقر والغنم والوحوش كلها.

{إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} مما حُرِّم.

{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} واحدهم حرام. والحَرَام والمُحَرَّمُ سواء.

ثم تلا ما حرم عليهم وهو الذي استثناه فقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} (٢) .

٢

وكذا {شَعَائِرَ اللّه} ما جعله عَلَمًا لطاعته. واحدها شَعِيرة (٣) مثل الحرم. يقول: لا تحلِّوه فتصطادوا فيه، وأشباه ذلك.

__________

(١) ديوانه ٦ ومجاز القرآن ١/١٤٥ وتفسير الطبري ٩/٤٥١ واللسان ٢/٢٠٩، ٣/١٥٤ وتفسير القرطبي ٦/٣٢ والبحر المحيط ٣/٤١١ وتفسير الكشاف ١/٣٢٠ والاقتضاب ٣٥١ وقد شرحه ابن قتيبة في المعاني الكبير ٢/١١٠٦ فقال: "أي إذا عقدوا أوفوا لمن عقدوا له وكان عقدهم وثيقا. والعناج: حبل أو بطان يجعل في أسفل الدلو، تشد به العراقي ليكون عونا للوذم. والوذم: السيور التي بين أطراف العراقي وآذان الدلو، والكرب: عقد مثنى يشد على العراقي".

(٢) سورة المائدة ٣.

(٣) راجع صفحة ٣٢.

{وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} فتقاتلوا فيه.

{وَلا الْهَدْيَ} وهو ما أُهْدِي إلى البيت. وهو من الشَّعَائِر. وإشْعَارُه أن يُقلَّد ويُجَلَّلَ ويطعن في سَنامه ليعلم بذلك أنه هَدْيٌ. يقول: فلا تستحلوه قبل أن يبلغ محلّه.

{وَلا الْقَلائِدَ} وكان الرجل يقلِّد بعيره من لِحَاء شجرِ الحرم فيأمن بذلك حيث سلَك.

{وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} يعني العَامِدِين إلى البيت. واحدهم آمٌّ.

{يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ رَبِّهِمْ} أي يريدون فضلا من اللّه، أي رزقًا بالتجارة.

{وَرِضْوَانًا} بالحج.

{وَإِذَا حَلَلْتُمْ} أي خرجتم من إحرامكم.

{فَاصْطَادُوا} على الإباحة.

{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ} أي لا يكسبنكم. يقال: فلان جارم أهله: أي كاسبهم. وكذلك جَرِيمَتُهُمْ (١) وقال الهُذَلِيّ ووصف عقابا:

جَرِيمَة نَاهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ ... تَرَى لعِظَامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبَا (٢)

والناهض: فرخها. يقول هي تكسب له وتأتيه بِقُوتِه.

__________

(١) راجع تأويل مشكل القرآن وهامشه ٤١٨.

(٢) البيت لأبي خراش الهذلي، كما في المعاني الكبير لابن قتيبة ١/٢٨٠ واللسان ٢/١٦، ١٤/٣٥٩ وهو في وصف عقاب شبه فرسه بها وقبله:

كأنى إذا غدوا ضَمَّنْتُ بَزِّي ... من العقبان خائِتَةً طَلُوبا

بزي: سلاحي: عقابا خائتة: أي منقضة. يقول: كأن ثيابي حين غدوت على عقاب من سرعتي - خائتة تسمع لجناحها صوتا إذا انقضت. جريمة: كاسبة. والنيق: أرفع موضع في الجبل. والصليب: الودك. ونقل في اللسان ١٤/٣٥٩ عن الأزهري أنه قال في هذا البيت: "يصف عقابا تصيد فرخها الناهض ما تأكله من لحم طير أكلته وبقي عظامه يسيل منها الودك".

{شَنَآنُ قَوْمٍ} أي: بغضهم يقال: شنأته أشنأه: إذا أبغضته.

يقول: لا يحلمنكم بغض قوم نازلين بالحرم على أن تعتدوا فتستحلوا حُرْمَةَ الحَرَمِ (١) .

٣

{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّه بِهِ} أي ذبح لغير اللّه وذكر عند ذبحه غيرُ اسم اللّه. واسْتِهْلالُ الصَّبِيِّ منهُ أي صوته. وإِهْلالُ الحج منهُ أي التَّكَلُّم بإيجابه والتلبية (٢) .

{وَالْمُنْخَنِقَةُ} التي تَخْتَنِق.

{وَالْمَوْقُوذَةُ} التي تضرَب حتى تُوقَذُ أي تُشْرِف على الموت. ثم تترك حتى تموت وتؤكل بغير ذكاة. ومنه يقال: فلان وَقِيذٌ. وَقَذَتْه العبادة (٣) .

{وَالْمُتَرَدِّيَةُ} الواقعة من جبل أو حائط أو في بئر. (٤) يقال: تردَّى: إذا سقط. ومنه قوله تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} (٥) أي تردَّى في النار.

{وَالنَّطِيحَةُ} التي تنطحها شاة أخرى أو بقرة. فعيلة بمعنى مَفْعُولة (٦) .

{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} أي افْتَرَسَهُ فأكل بعضَه.

{إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} يقول: إلا ما لحقتم من هذا كلِّه وبه حياة فذبحتموه.

{وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} وهو حجر أو صنم منصوب كانوا يذبحون

__________

(١) راجع تأويل الطبري لها في تفسيره ٩/٤٨٩.

(٢) قارن هذا بشرح الطبري ٩/٤٩٣ وانظر مجاز القرآن ١/١٤٩.

(٣) أي سكنته وبلغت منه مبلغا يمنعه من انتهاك ما لا يحل ولا يجمل. راجع اللسان ٥/٥٦.

(٤) عن مجاز القرآن ١/١٥١.

(٥) سورة الليل ١١.

(٦) في تفسير الطبري ٩ /٤٩٩.

عنده (١) يقال له: النُّصُب والنُّصْب والنَّصْب. وجمعه أنْصاب.

{وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ} وهي القِدَاح. واحدها: زَلَم وزُلَم. والاستقسام بها: أن يضرَب بها ثم يعمل بما يخرج فيها من أمر أو نهى (٢) . وكانوا إذا أرادوا أن يقتسموا شيئا بينهم وأحبوا أن يعرفوا قسم كلِّ امرئ تَعَرَّفُوا ذلك منها. فأخذ الاستقسام من القسم وهو النَّصيب. كأنه طلب النصيب.

و (المَخْمَصَةُ) : المجاعة. والخَمْصُ الجوع. قال الشاعر يذم رجلا:

يَرَى الخَمْصَ تَعْذِيبًا وَإِنْ يَلْقَ شَبْعَةً ... يَبِتْ قَلْبُهُ من قِلَّة الهَمِّ مُبْهَمَا (٣)

{غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} أي منحرف مائل إلى ذلك. والجَنَفُ: الميل. والإثم: أن يتعَدى عند الاضطرار فيأكل فوق الشّبع.

٤

{الْجَوَارِحِ} كلاب الصيد. وأصل الاجتراح: الاكتساب. يُقال: امرأة لا جارح لها، أي: لا كاسب. ويقال ما اجترحتم: أي ما اكتسبتم.

{مُكَلِّبِينَ} أصحاب كلاب.

١٢

(النَّقِيبُ) : الكَفِيل على القوم والنِّقَابة والنِّكَابة شبيهٌ بالعِرافة.

{وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} أي: عظّمتموهم. والتعزير: التعظيم. ويقال: نَصَرْتُمُوهُمْ (٤) .

{سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي قصد الطريق ووسطه.

__________

(١) في اللسان ٢/٢٥٧ "القتيبي: النصب: صنم أو حجر، وكانت الجاهلية تنصبه تذبح عنده فيحمر للدم ... ".

(٢) راجع باب الاستقسام بالأزلام في كتاب الميسر والقداح للمؤلف ٣٨.

(٣) البيت لحاتم الطائي، كما في الأغاني ١٦/١٢٢ ونوادر أبي زيد ١١١ وطبقات الشعراء ٤٨٣.

(٤) وهو قول مجاهد والسدي، وهو أولى الأقوال عند الطبري ١٠/١٢١.

١٣

(القاسية) والعاتية والعاسية واحد، وهي اليابسة.

{وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} أي تركوا نصيبًا مما أُمروا به.

و (الخَائِنَةُ) (١) الخيانة. ويجوز أن يكون صفة للخائن، كما يقال: رجل طاغية وراوية للحديث (٢) .

٢١

{الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} دمشق وفلسطين وبعض الأردنّ.

{الَّتِي كَتَبَ اللّه لَكُمْ} أي جعلها لكم وأمركم أن تدخلوها.

٢٦

{فَلا تَأْسَ} أي لا تحزن. يقال: أَسِيتُ على كذا: أي حزنتُ فأنا آسى أسًى.

٢٧

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} أي خبرهما.

و (القُرْبَانُ) : ما تقرِّب به إلى اللّه من ذبح وغيره.

٢٩

{أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أي: تنقلب وتنصرف بإثمي أي: بقتلى. وإثمك: ما أضْمَرت في نفسك من حسدي وعداوتي.

٣٠

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} أي: شايعته (٣) وانقادت له. يقال: طَاعَتْ نَفْسُه بكذا ولساني لا يَطُوع لِكذا. أي: لا ينقاد. ومنه يقال: أتيته طائعا وطوعا وكرها.

__________

(١) في مجاز القرآن ١/١٥٩ ".. الخيانة، والعرب قد تضع لفظ "فاعلة" في موضع المصدر، كقولهم للخوان: مائدة، وإنما المائدة هي التي تميدهم على الخوان؛ يميده ويميحه واحد".

(٢) وهذا هو رأي أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/١٥٨ وانظر تفسير الطبري ١٠/١٣١ - ١٣٣.

(٣) نقله في البحر المحيط ٣/٤٦٤ وانظر اللسان ١٠/١١٢.

ولو كان من أطاع لكان مطيعا وطاعة وإطاعة.

٣٢

{فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} أي: يُعَذَّب كما يعذَّب قاتل الناس جميعا.

{وَمَنْ أَحْيَاهَا} أُجِرَ في إحيائها كما يؤجر من {أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} وإحياؤه إياها: أن يعفو عن الدم إذا وجب له القَوَد.

٣٣

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّه وَرَسُولَهُ} مفسر في كتاب "تأويل المشكل" (١) .

٣٥

{الْوَسِيلَةَ} القُرْبة والزُّلْفَة. يقال: توسل إليَّ بكذا أي تقرّب.

٣٨

{نَكَالا مِنَ اللّه} أي عظة من اللّه بما عوقبا به لمن رآهما. ومثله قوله: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} (٢) .

٤٢

{أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} أي: للرُّشَى: وهو من أَسْحَتَه اللّه وسَحَتَه: إذا أبطله وأهلكه.

{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} أي بالعدل.

٤٤

{وَالرَّبَّانِيُّونَ} العلماءُ وكذلك (الأحبار) واحدهم حَبْر وحِبْر (٣) .

__________

(١) راجع تأويل مشكل القرآن ٣١٠-٣١١.

(٢) سورة البقرة ٦٦ وانظر تفسير الطبري ٢/١٧٦-١٧٧.

(٣) في تفسير الطبري ١٠/٣٤١ "والربانيون: جمع رباني، وهم العلماء الحكماء البصراء بسياسة الناس وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم.. وأما الأحبار، فإنهم جمع حبر، وهو العالم المحكم للشيء، ومنه قيل لكعب: "كعب الأحبار" وكان الفراء يقول: أكثر ما سمعت العرب تقول في واحد الأحبار: حبر، بكسر الحاء".

{بِمَا اسْتُحْفِظُوا} أي استُودِعُوا.

٤٥

{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} أي للجارح وأجْرٌ للمَجْرُوح.

٤٨

{وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} أي أمينا عليه.

{شِرْعَةً} وشَرِيعة هما واحد.

و (المِنْهَاجُ) : الطريق الواضح. يقال: نهجت لِيَ الطريق: أي أوضحتَه.

{وَلَوْ شَاءَ اللّه لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: لجمعكم على دين واحد. والأمَّة تتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب "تأويل المشكل" (١) .

٥٢

{يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} أي في رضاهم: {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} أي: يدور علينا الدّهرُ بمكروه -يعنون الجَدْب- فلا يُبَايِعُونَنَا. ونَمْتارُ فيهم فلا يميروننا. فقال اللّه: {فَعَسَى اللّه أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} (٢) أي بالفرج. ويقال: فتح مكة.

{أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} يعني الخصْب.

٦٤

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّه مَغْلُولَةٌ} أي: ممسكة عن العطاء مُنْقبِضَة (٣) وجعل الغُلَّ لذلك مَثَلا.

٦٦

{لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} يقال: من قَطْرِ السماء ونبات الأرض.

ويقال أيضا (٤) هو كما يقال: فلان في خير من قَرْنِه إلى قَدِمه.

__________

(١) بينها في صفحة ٣٤٥-٣٤٦.

(٢) راجع تأويل مشكل القرآن ٣٧٦.

(٣) راجع تفسيرها في الطبري ١٠/٤٥٠.

(٤) القولان على الترتيب في معاني القرآن للفراء ١/٣١٥، وقد حكم الطبري بفساد ثانيهما ١٠/٤٦٤.

٦٧

{وَاللّه يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} أي يمنعك منهم. وعصمةُ اللّه إنما هي مَنْعُهُ العبدَ من المعاصي. ويقال: هذا طعامٌ لا يَعصمُ أي لا يَمنعُ من الجوع.

٧٥

{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أي: تقدمت قبلَه الرسل. يريد أنه لم يكن أول رسول أُرسِلَ فيعجب منه.

وقوله: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} هذا من الاختصار والكناية، وإنما نَبَّه بأكل الطعام على عاقبته وعلى ما يصير إليه وهو الحدَث؛ لأن مَن أَكَلَ الطعام فلا بد له من أن يُحدث.

{انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ} وهذا من ألطف ما يكون من الكناية (١) .

{أَنَّى يُؤْفَكُونَ} مثل قوله: {أَنَّى يُصْرَفُونَ} أي: يصرفون عن الحق ويعدلون. يقال: أَفِك الرجل عن كذا: إذا عدل عنه. وأرض مَأْفُوكَةٌ: أي محرومة المطر والنبات. كأن ذلك عدل عنها وصُرف.

٩٠

{وَالْمَيْسِرُ} القمار. يقال: يَسَرْتُ: إذا ضرَبت بالقِدَاح والضارب بها يقال له: ياسر وياسرون ويُسْر وأَيسار. وكان أصحاب الثروة والأجواد في الشتاء عند شدّة الزمان وكَلَبِهِ يَنْحَرُون جَزُورًا ويجزِّئونها أجزاء ثم يضربون عليها بالقداح، فإذا قَمَر القَامِرُ جَعَلَ ذلك لذوي الحاجة وأهل المسكنة. وهو النَّفْع (٢) الذي ذكرَه اللّه في سورة البقرة - فقال: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (٣) وكانوا يتمادحون بأخذ القداح ويتسابون بتركها ويعيبون من لا يَيْسِرُون ويسمونهم الأَبْرَام. واحدهم بَرَم (٤) .

{وَالأَنْصَابُ} حجارة كانوا يعبدونها في الجاهلية.

{وَالأَزْلامُ} القِدَاح. وقد ذكرتها في أول هذه السورة (٥) .

{رِجْسٌ} وأصل الرجس: النَّتَن.

٩٣

{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} أي إثم.

{فِيمَا طَعِمُوا} أي شربوا من الخمر قَبْلَ نزول التحريم. يقال: لم أطْعَمْ خبزًا ولا ماءً ولا نَومًا. قال الشاعر:

فإن شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ ... وإن شئت لم أطْعَمْ نُقَاخًا ولا بَرْدًا (٦)

والبَردُ: النوم. والنُّقَاخ: الماء العذب.

{إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} يريد: اتقوا شرب الخمر وآمنوا بتحريمها.

٩٤

{تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} يعني بيض النعام (٧) .

{وَرِمَاحُكُمْ} يعني الصيد.

٩٥

و (النَّعَم) الإبل. وقد تكون البقر والغنم. والأغلب عليها الإبل.

__________

(١) ليس في هذا كناية، وإنما يريد: انظر يا محمد كيف نبين لهؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى، الدلائل والحجج على بطلان ما يقولون في أنبياء اللّه، وفي افترائهم على اللّه وادعائهم أن له ولدا، وشهادتهم لبعض خلقه بأنه لهم رب وإله، ثم لا يرتدعون مع قطع الحجج لأعذارهم. راجع تفسير الطبري ١٠/٤٨٥.

(٢) راجع باب نفع الميسر في كتاب " الميسر والقداح" للمؤلف ٤٣.

(٣) سورة البقرة ٢١٩.

(٤) الميسر والقداح ٤٥.

(٥) راجع ص ١٤١.

(٦) البيت للعرجي، كما في اللسان ٤/٣٢، ٥١.

(٧) في تفسير الطبري ١٠/٥٨٣ "يعني: إما باليد، كالبيض والفراخ؛ وإما بإصابة النبل والرماح، وذلك كالحمر والبقر والظباء، فيمتحنكم به في حال إحرامكم بعمرتكم أو حجكم".

وقوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} أي مثلُه.

٩٦

{صَيْدُ الْبَحْرِ} ما صيد من السمك {وَطَعَامُهُ} ما نَضَب عنه الماء وما قذفه البحر وهو حيّ.

{مَتَاعًا لَكُمْ} أي منفعة لكم (١) {وَلِلسَّيَّارَةِ} يعني المسافرين.

٩٧

{قِيَامًا لِلنَّاسِ} أي قِوامًا لهم بالأمن فيه (٢) .

١٠٣

{مَا جَعَلَ اللّه مِنْ بَحِيرَةٍ} البحيرة: الناقة إذا نتجت خمسة أبطن. والخامس ذكر نَحَرُوه فأكلَه الرجال والنساء.

وإن كان الخامس أنثى بَحروا أذنها أي: شَقُّوها. وكانت حراما على النساء لحمها ولبنها فإذا ماتت حلّت للنساء.

و (السَّائِبَةُ) البعير يُسَيَّب بِنَذْر يكون على الرجل إن سلّمه اللّه من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك.

و (الوَصِيلَةُ) من الغنم. كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن نظروا: فإن كان السابع ذكرًا ذبح. فأكل منه الرجال والنساء.

وإن كان أنثى تُرِكت في الغنم.

وإن كان ذكرا وأنثى قالوا: قد وَصَلَت أخاها. فلم تذبح لمكانها. وكانت لحومها حراما على النساء. ولبن الأنثى حراما على النساء إلا أن يموت منهما شيء فيأكله الرجال والنساء.

__________

(١) راجع معاني "المتاع" في تأويل مشكل القرآن ٣٩٢.

(٢) راجع تأويل مشكل القرآن ٥٢-٥٣.

و (الْحَام) : الفحل الذي ركب ولد ولده. ويقال: إذا نتج من صلبه عشرة أبطن. قالوا: قد حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلإ ولا ماء (١) .

{يَفْتَرُونَ} يختلقون الكذب.

١٠٦

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} قد ذكرتها في كتاب تأويل "المشكل" (٢) .

١٠٧

{فَإِنْ عُثِرَ} أي: ظهر.

{الأَوْلَيَانِ} الوَلِيَّان.

١٠٩

{يَوْمَ يَجْمَعُ اللّه الرُّسُلَ (٣) فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا} قيل: تدخلهم حيرة من هول القيامة وهول المسألة.

١١٠

{أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} أي: قَويتك وأعنتك.

{وَكَهْلا} ابن ثلاثين سنة.

{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ} أي: الخط.

{وَالْحِكْمَةَ} يعني الفقه (٤) .

١١١

{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} أي: قَذَفْتُ في قلوبهم؛

__________

(١) مجاز القرآن ١/١٧٩.

(٢) ذكرها في صفحة ٢٩٣-٢٩٦.

(٣) في تفسير الطبري ٧/٨١ "يقول تعالى: واتقوا اللّه أيها الناس، واسمعوا وعظه إياكم وتذكيره لكم؛ واحذروا يوم يجمع اللّه الرسل. ثم حذف: "واحذروا" واكتفى بقوله: "واتقوا اللّه واسمعوا" عن إظهاره. وأما قوله: (ماذا أجبتم؟) فإنه يعني: ما الذي أجابتكم به أممكم حين دعوتموهم إلى توحيدي والإقرار بي والعمل بطاعتي والانتهاء عن معصيتي".

(٤) في تفسير الطبري ٧/٨٣ "والحكمة: وهي الفهم بمعاني الكتاب الذي نزلته عليك، وهو الإنجيل".

كما قال: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} (١) .

١١٢

(المَائِدَةُ) الطعام. من مَادَنِي يَميدُني. كأنها تميدُ للآكلين. أي: تعطيهم. أو تكون فاعلة بمعنى مفعول بها. أي: ميد بها الآكلون.

١١٤

{تَكُونُ لَنَا عِيدًا} أي: مجمعا.

{وَآيَةً مِنْكَ} أي: علامة.

١١٦

{وَإِذْ قَالَ اللّه يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} بمعنى إذ يقول اللّه يوم القيامة. فعل بمعنى يَفْعَل. على ما بينت في كتاب "المشكل" (٢) .

١١٨

{فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} أي: عبيدك. عبدٌ وعِباد كما يقال: فَرْخ وفِرَاخ وكلْب وكِلاب.

__________

(١) سورة النحل ٦٨، وانظر تأويل مشكل القرآن ٣٧٣.

(٢) راجع تأويل مشكل القرآن ٢٢٧.

﴿ ٠