سورة الأعرافمكية كلها (١) ٢{فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} أي: شك. وأصل الحَرَج: الضيق والشاك في الأمر يضيق صدرًا؛ لأنه لا يعلم حقيقته. فسمى الشك حَرَجًا. ٤{فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} يعني العذاب. {بَيَاتًا} ليلا. {أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} من القائلة نصف النهار. ٥{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ} أي: قولهم وتداعِيهم. ٩{بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} أي: يجحدون. والظلم يتصرف على وجوه قد ذكرناها في "المشكل" (٢) . ١٢{مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} أي: أن تسجد. و"لا" زائدة للعلة التي ذكرناها في "المشكل" (٣) . ١٦{لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} أي: دينك. يقول: لأَصُدَّنهم عنه. ١٧{ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} مفسر في كتاب "المشكل" (٤) . __________ (١) البحر المحيط ٤/٢٦٥. (٢) راجع تأويل المشكل ٣٥٩. (٣) ذكرها في صفحة ١٨٩. (٤) فسره في صفحة ٢٧١. ١٨{مَذْءُومًا} مذموما بأبلغ الذم (١) . {مَدْحُورًا} أي: مَقْصِيًّا مبْعَدًا. يقال: اللّهم ادْحَر عني الشيطان (٢) . ٢٠{لِيُبْدِيَ لَهُمَا} أي: ليظهر. {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} أي: سُتِرَ. والتَّواري والمُواراة منه. ٢٢{وَطَفِقَا} أي: جعلا وأقْبلا. يقال: طَفِقْت أفعل كذا. {يَخْصِفَانِ} أي: يصلان الورق بعضه ببعض ويلصقان بعضه على بعض. ومنه يقال: خَصَفْتُ نعلي: إذا طبَّقت عليها رقعة. ٢٦(والرِّيشُ) و (الرِّياشُ) : ما ظهر من اللباس. وريش الطائر: ما ستره اللّه به. {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} أي: خير من الثياب؛ لأن الفاجر وإن كان حسن الثوب فإنه بادِي العورة. و "ذلك" زائدة. قال الشاعر في مثل هذا المعنى: إنِّي كأَنِّي أَرَى مَنْ لا حَيَاءَ لَهُ ... ولا أَمَانَةَ وَسْطَ القوم عُرْيَانَا (٣) وقيل في التفسير: إن لباس التقوى: الحياء (٤) . ٢٧{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} أصحابه: وجنده. __________ (١) في مجاز القرآن ١/٢١١ "مذءوما: من ذأمت الرجل، وهي أشد مبالغة من ذممت ومن ذمت الرجل تذيم" وانظر تفسير الطبري ٨/١٠٣. (٢) في تفسير الطبري ٨/١٠٣. (٣) البيت لسوار بن المضرّب، كما في نوادر أبي زيد ٤٥. (٤) روي ذلك عن معبد الجهني، كما في تفسير الطبري ٨/١١٠ والدر المنثور ٣/٧٦. ٢٩{وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} يقول: إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد من المساجد فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم: لا أصلي حتى آتى مسجدي (١) . ٣١وقوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} كان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت عراة بالنهار والنساء منهم بالليل إلا الحُمْس-وهم قريش ومن دان بدينهم- ولا يأكلون من الطعام إلا اليسير إعظاما لحجِّهم. فأنزل اللّه هذه الآية (٢) . ٣٣{مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} أي حُجَّة. ٣٧{أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} أي: حظهم مما كتب عليهم من العقوبة. ٣٨{ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي: ادخلوا مع أمم. {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا} تداركوا. أدغمَت التاء في الدال وأدخلت الألف ليسلم السكون لما بعدها. يريد: تتابعوا فيها واجتمعوا. ٤٠{لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [أي ليس لهم عمل صالح تفتح لهم به أبواب السماء] ويقال: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء (٣) إذا ماتوا. {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ} أي يدخل البعير. {فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} أي: في __________ (١) هذا كلام الفراء في معاني القرآن ١/٣٧٦ وقيل: بل عَنَى بذلك: واجعلوا سجودكم للّه خالصًا دون ما سواه من الآلهة، وهو الذي ارتضاه الطبري ٨/١١٥. (٢) راجع أسباب النزول ١٦٨-١٦٩ وتغسير الطبري ٨/١١٨-١١٩ والدر المنثور ٣/٧٨ والبحر المحيط ٤/٢٨٩ وتفسير القرطبي ٧/١٨٩. (٣) راجع اختلاف أهل التأويل في ذلك في تفسير الطبري ٨/١٢٨-١٢٩. ثقب الإبرة (١) . وهذا كما يقال: لا يكون ذاك حتى يشيب الغراب. وحتى يَبْيَضَّ القارُ. ٤١{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ} أي: فراش. {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} أي: ما يغشاهم من النار (٢) . ٤٣(الغِلُّ) الحسد والعداوة. ٤٤{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} أي: نادى مناد بينهم: {أَنْ لَعْنَةُ اللّه عَلَى الظَّالِمِينَ} ٤٦و {الأَعْرَافِ} سور بين الجنة والنار سمي بذلك لارتفاعه وكل مرتفع عند العرب: أعْرَاف. قال الشاعر: كُلُّ كِنَازٍ لَحْمُهُ نِيَافِ ... كالعَلَمِ المُوفِى على الأعْرَافِ (٣) و (السِّيماءُ) : العلامة. ٥١{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ} أي: نتركهم. ٥٣{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ} أي هل ينتظرون إلا عاقبته. يريد ما وعدهم اللّه من أنه كائن {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} في القيامة. {يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ} أي تركوه وأعرضوا عنه (٤) . __________ (١) في تفسير الطبري ٨/١٣٠ "وأما الخياط: فإنه المخيط، وهي الإبرة، قيل لها: خياط ومخيط، كما قيل: قناع ومقنع وإزار ومئزر، ولحاف وملحف". (٢) قال الطبري ٨/١٣٢ "يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها - من جهنم مهاد، وهو ما امتهدوه مما يقعد عليه ويضطجع كالفراش الذي يفرش، والبساط الذي يبسط، ومن فوقهم غواش، وهو جمع غاشية، وذلك ما غشاهم فغطاهم من فوقهم. وإنما معنى الكلام: لهم من جهنم مهاد من تحتهم فرش ومن فوقهم منها لحف، وإنهم بين ذلك". (٣) البيت غير منسوب في اللسان ١١/٢٥٨ وتفسير الطبري ٨/١٣٦ ومجاز القرآن ١/٢١٥. (٤) تفسير الطبري ٨/١٤٥. ٥٦{وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} أي خوفا منه ورجاء لما عنده. ٥٧{بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} كأنها تبشر. ورحمته ها هنا: المطر، سماه رحمة: لأنه كان برحمته. ومن قرأها (نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أراد جمع نَشُور ونَشْرُ الشيء ما تفرق منه. يقال: اللّهم اضمم إلي نشري. أي ما تفرق من أمري. {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا} أي حملت. ومنه يقال: ما أستقِلُّ به. ٥٨{لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا} أي إلا قليلا. يقال: عطاء مَنْكُودٌ: مَنزور. ٦٣{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ} أي على لسان رجل منكم. ٦٦{إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} أي في جهل. ٦٩{آلاءَ اللّه} نعمه. واحدها ألًى (١) ومثله في التقدير {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} (٢) أي وقته. وجمعه: آناء. ٧٤{وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ} أي أنزلكم. ٧٨{جَاثِمِينَ} (٣) الأصل في الجُثُوم للطير والأرنب وما يَجْثُم. والجُثُوم البروك على الركب. __________ (١) في اللسان ١٨/٤٦ "واحدها: ألًى بالفتح، وإلْيٌ، وَإِلًى. وقال الجوهري: قد تكسر وتكتب بالياء مثل: معي وأمعاء". (٢) سورة الأحزاب ٥٣، وفي اللسان ١٨/٥١ "إناه: الإنى - بكسر الهمزة والقصر- النضج". (٣) سورة الأعراف ٧٨، قال الطبري ٨/١٦٤ "جاثمين: يعني سقوطا صرعى لا يتحركون لأنهم لا أرواح فيهم، قد هلكوا". ٨٣{الْغَابِرِينَ} الباقين (١) يقال: من مضى ومن غَبَر أي ومن بقي. ٨٩{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا} أي احكم بيننا. ويقال للحاكم: الفتاح (٢) . ٩٢{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي لم يقيموا فيها. يقال: غنينا بمكان كذا: أقمنا. ويقال للمنازل: مَغَانٍ. واحدها مغْنى. ٩٥{حَتَّى عَفَوْا} أي كثروا. ومنه الحديث "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر أن تُحفى الشّوارب وتُعْفَى اللحى" (٣) أي تُوَفَّر. ١١١{أَرْجِهْ} أي أخره. وقد تهمز. يقال: أرجأت الشيء وأرجيته ومنه قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} (٤) يقرأ بهمز وغير همز (٥) . ومنه سميت المُرْجِئَةُ (٦) . ١١٣{إِنَّ لَنَا لأَجْرًا} أي جزاء من فرعون. ١١٦{وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} أرهبوهم. ١١٧{تَلْقَفُ} تَلْتَهِم وتَلْقَم. ١٢٦{أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أي صُبَّه علينا. __________ (١) في تفسير الطبري ٨/١٦٥ "وقيل: من الغابرين ولم يقل الغابرات؛ لأنه يريد أنها ممن بقي مع الرجال، فلما ضم ذكرها إلى ذكر الرجال قيل: من الغابرين". (٢) معاني القرآن للفراء ١/٣٨٥. (٣) الحديث في اللسان ١٩/٣٠٧. (٤) سورة الأحزاب ٥١. (٥) تفسير الطبري ٩/١٢ والبحر المحيط ٤/٣٥٩. (٦) في اللسان ١٩/٢٥ عن ابن الأثير "هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا مرجئة لاعتقادهم أن اللّه أرجأ تعذيبهم على المعاصي، أي أخره عنهم". ١٢٧{الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ} أشرافهم ووجوههم. وكذلك الملأ من قومه [في كل موضع] . ١٣٠{أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} بالجَدْب. يقال: أصابت الناس سَنَةٌ: أي جَدْب. ١٣١{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ} يعني الخصْب. {قَالُوا لَنَا هَذِهِ} أي هذا ما كنا نعرفه وما جرينا على اعتياده. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي قحط. {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى} وقالوا: هذا بشؤمه. {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللّه} لا عند موسى (١) . ١٣٣{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} السيل العظيم. وقيل: الموت الكثير الذريع (٢) . وطوفان الليل: شدة سواده. وقال الراجز: *وَعَمَّ طُوفَانُ الظَّلامِ الأَثْأَبَا* (٣) {آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ} بين الآية والآية فَصْلٌ ومُدَّة. ١٣٤و (الرِّجْزُ) العذاب. ١٣٦و (الْيَمّ) البحر. __________ (١) في مجاز القرآن ١/٢٢٦ "مجازه: إنما طائرهم، وتزاد "ألا" للتنبيه والتوكيد. ومجاز "طائرهم" حظهم ونصيبهم" وانظر تأويل مشكل القرآن ٣٠٤. (٢) قال الطبري ٩/٢١ "والصواب من القول في ذلك عندي - ما قاله ابن عباس: أنه أمر من اللّه طاف بهم، وأنه مصدر من قول القائل: طاف بهم أمر اللّه يطوف طوفانا، كما يقال: نقص هذا الشيء ينقص نقصانا وإذا كان ذلك كذلك، جاز أن يكون الذي طاف بهم المطر الشديد، وجاز أن يكون الموت الذريع". (٣) قاله العجاج، كما في اللسان ١١/٣٢ وزيادات ديوانه ٧٤ وقبله: "حتى إذا ما يومها تَصَبْصَبَا". ومعنى عم: ألبس- والأثأب: شجر شبه الطرفاء إلا أنه أكبر منه". ١٣٧{وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} أي: يبنون، والعروش: البيوت. والعروش: السقوف. ١٣٨{يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} أي: يقيمون عليها مُعَظِّمين. كما يقيم العاكفون في المساجد. ١٣٩{مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} أي: مُهْلَكٌ. والتَّبَارُ: الهلاك. ١٤١{وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: في إنجائه إياكم نِعْمَةٌ من اللّه عظيمة (١) . ١٤٣{تَجَلَّى رَبُّهُ} أي: ظهر. أو ظهر من أمره ما شاء. ومنه يقال: جَلَوْت العروس: إذا أبرزتها. ومنها يقال: جَلَوْت المِرْآة والسيف: إذا أبرزته من الصدأ والطَبَع وكشفت عنه (٢) . {جَعَلَهُ دَكًّا} أي: ألصقه بالأرض. يقال: ناقةٌ دَكَّاء: إذا لم يكن لها سنام (٣) . كَأَنَّ سنَامها دُكَّ -أي أُلْصِق- ويقال: إنَّ دككت دققت فأبدلت القاف فيه كافا. لتقارب المخرجين. {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} أي: مغشيا عليه. ١٤٩{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} أي: ندموا. يقال: سقط في يد فلان: إذا ندم. __________ (١) في تفسير الطبري ٩/٣٢ "يقول: وفي سومهم إياكم سوء العذاب اختبار من اللّه لكم وتعمد عظيم". (٢) في تفسير القرطبي ٧/٢٧٨. (٣) مجاز القرآن ١/٢٢٨. ١٥٠{أَسِفًا} شديد الغضب. يقال: آسفني فأسفت. أي: أغضبني فغضبت. ومنه قوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} (١) . ١٥٤{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} أي: سكن. {وَفِي نُسْخَتِهَا} أي: فيما نسخ منها. ١٥٥{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} أي: اختار من قومه. فحذف "مِنْ" والعرب تقول: اخترتك القوم. أي اخترتك من القوم (٢) . ١٥٦{إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} أي: تُبنا إليك. ومنه: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} (٣) كأنهم رجعوا عن شيء إلى شيء. ١٥٧{الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ} أي: يجدون اسمه مكتوبا أو ذِكْرَه. {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} فكل خبيث عند العرب فهو مُحَرَّم. {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} أي: الثِّقل الذي كان بنو إسرائيل أُلزِمُوه. وكذلك {وَالأَغْلالَ} هي الفرائض المانعة لهم مِنْ أشياء رُخِّصَ فيها لأمة محمد صلى اللّه عليه وعلى آله (٤) . {وَعَزَّرُوهُ} عظّموه. (الأَسْبَاطُ) : القبائل. واحدها سبط. ١٦٠{فَانْبَجَسَتْ} أي: انفجرت. يقال: انبجس الماء كما يقال: تفجر. __________ (١) سورة الزخرف ٥٥. (٢) راجع تأويل مشكل القرآن ١٧٧ ومجاز القرآن ١/٢٢٩. (٣) سورة المائدة ٤١. (٤) راجع تفسير الطبري ٩/٥٨. ١٦٣{إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} أي: يَتَعَدَّوْن الحق. يقال: عَدَوْتُ على فلان إذا ظلمته. {شُرَّعًا} أي: شَوَارِعَ في الماء. وهو جمع شَارع. ١٦٥{بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} أي: شديد. ١٦٧{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} أي أعْلَمَ. وهو من آذنتك بالأمر. {مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} أي: يأخذهم بذلك ويوليهم إيّاه. يقال: سُمْتُ فلانا كذا. وسوءُ العذاب: الجزية التي ألزموها إلى يوم القيامة والذلة والمسكنة. ١٦٨{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ} أي: فرقناهم. {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} أي: اختبرناهم بالخير والشر والخصب والجدب. ١٦٩{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} والخَلْف: الرّدِيء من الناس ومن الكلام، يقال: هذا خَلْف من القول. ١٧١{وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} أي زَعْزَعْناه. ويقال: نَتَقْتُ السِّقَاءَ: إذا نَفَضْته لتقتلع الزبدة منه. وكان نَتْقُ الجبل أنّه قُطِعَ منه شيء على قدر عسكر موسى فأظلّ عليهم. وقال لهم موسى: إما أن تقبلوا التوراة وإما أن يسقط عليكم (١) . ١٧٥{فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي أدركه. يقال: أتبعت القوم: إذا لحقتهم وتَبِعْتُهم: سِرْتُ في إثْرهم. ١٧٦{أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ} أي ركن إلى الدنيا وسكن. {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ} __________ (١) راجع ما روي في ذلك في تفسير الطبري ٩/٧٥. تطرده. {يَلْهَثْ} وهذا مفسر في كتاب "المشكل" (١) . ١٧٩{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} أي خلقنا لجهنم. ومنه ذُرِّيَّةُ الرجل: إنما هي الخَلْق. ولكن همزها يتركه أكثر العرب. ١٨٠{وَللّه الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} أي: الرحمن والرحيم والعزيز. وأشباه ذلك (٢) . {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} أي: يجورون عن الحق ويعدلون. فيقولون: اللات والعزى ومناة، وأشباه ذلك. ومنه قيل: لحد القبر. لأنه في جانب (٣) . ١٨٣{وَأُمْلِي لَهُمْ} أي أؤخرهم. {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أي: شديد. ١٨٤{مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} أي جنون. ١٨٧{أَيَّانَ مُرْسَاهَا} أي متى ثُبُوتها. يقال: رسا في الأرض: إذا ثبت؛ ورسا في الماء: إذا رسب. ومنه قيل للجبال: رواسٍ. {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ} أي: لا يظهرها. يقال: جلّى لي الخبر: أي كشفه وأوضحه. {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي خفي علمُها على أهل السماوات والأرض، وإذا خفي الشيء ثقل. {حَفِيٌّ عَنْهَا} أي مَعْنِيٌّ بطلب علمها. ومنه يقال: تَحَفَّى فلان بالقوم. ١٨٩{فَمَرَّتْ بِهِ} أي استمرت بالحمل. __________ (١) راجع تأويل مشكل القرآن ٢٨٦-٢٨٧. (٢) راجع الدر المنثور ٣/١٤٧-١٤٨. (٣) في تفسير الطبري ٩/٩١. {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} ولدًا سويًا بشرًا ولم [تجعله بهيمة] مفسر في كتاب "تأويل المشكل" (١) . ١٩٩{خُذِ الْعَفْوَ} أي: الميسور من الناس. {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [أي بالمعروف] (٢) . ٢٠٠{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ} أي يستخفنك. ويقال: نزعَ بيننا: إذا أفسد. ٢٠٢{يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ} أي يطيلون لهم فيه. {وَإِخْوَانُهُمْ} شياطينهم. يقال: لكل كافر شيطان يغويه. ٢٠٣{وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا} أي: هلا اخترت لنا آية من عندك. قال اللّه: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} (٣) . ٢٠٥{وَالآصَالِ} آخر النهار. وهي العشى أيضا. ٢٠٦{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} يعني الملائكة. __________ (١) راجع تأويل مشكل القرآن ٢٠٠-٢٠١. (٢) راجع صفحة ٨٣، وتأويل مشكل القرآن ٣، والدر المنثور ٣/١٥٣. (٣) في تفسير الطبري ٩/١٠٩ "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم: قل يا محمد للقائلين لك إذا لم تأتهم بآية: هلا أحدثتها من قبل نفسك-: إن ذلك ليس لي ولا يجوز لي فعله، لأن اللّه إنما أمرني باتباع ما يوحى إلي من عنده، فإنما أتبع ما يوحى إلي من ربي لأني عبده، وإلى أمره انتهى، وإياه أطيع". |
﴿ ٠ ﴾