سورة هود

مكية كلها

١

{أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} فلم تُنْسَخ (١) .

{ثُمَّ فُصِّلَتْ} بالحلال والحرام. ويقال: فُصِّلت: أُنزلت شيئا بعد شيء، ولم تنزل جملة.

{مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} أي: من عند حكيم خبير.

٣

{يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} أي: يعمِّركم (٢) وأصل الإمتاع: الإطالة. يقال: أَمْتَعَ اللّه بك ومتّع اللّه بك إِمْتَاعا وَمَتَاعا. والشيء الطويل: مَاتِعٌ. ويقال: جبل ماتِعٌ. وقد مَتَع النَّهار: إذا تطاوَل.

٥

{يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} أي: يطوون ما فيها ويسترونه {لِيَسْتَخْفُوا} بذلك من اللّه (٣) .

__________

(١) في البحر المحيط "قال ابن قتيبة: أحكمت: أتقنت" وفي تفسير الطبري ١١/١٢٣ "قال بعضهم: أحكمت آياته بالأمر والنهي، وفصلت: بالثواب والعقاب. وقال آخرون: معنى ذلك: أحكمت آياته من الباطل ثم فصلت فبين منها الحلال من الحرام ... وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: أحكم اللّه آياته من الدخل والخلل والباطل، ثم فصلها بالأمر والنهي، وذلك أن إحكام الشيء: إصلاحه وإتقانه، وإحكام آيات القرآن: إحكامها من خلل يكون فيها أو باطل يقدر ذو زيغ أن يطعن فيها من قبله. وأما تفصيل آياته، فإنه تمييز بعضها من بعض بالبيان عما فيها من حلال وحرام وأمر ونهي.. وأما قوله: (من لدن حكيم خبير) فإن معناه: حكيم بتدبير الأشياء وتقديرها، خبير بما تؤول إليه عواقبها".

(٢) في تفسير الطبري ١١/١٢٤ "بسط عليكم من الدنيا ورزقكم من زينتها، وأنسأ لكم في آجالكم إلى الوقت الذي قَضَى فيه عليكم الموت".

(٣) وكانوا يفعلون ذلك جهلا منهم باللّه أنه يخفى عليه ما تضمره نفوسهم أو تناجوه بينهم.

{أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} أي: يستترون بها وَيَتَغَشَّوْنَهَا.

٦

{وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} قال ابن مسعود: مستقرها: الأرحام. ومستودعها: الأرض التي تموت فيها (١) .

٨

{إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} أي: إلى حين بغير توقيت. فأما قوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} (٢) فيقال: بعد سبع سنين.

٩

{لَيَئُوسٌ} فَعَولٌ من يَئِسْت. أي: قَنُوط (٣) .

١٠

{ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} أي: البلايا.

١٥

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} أي: نؤتهم ثواب أعمالهم لها فيها.

{وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} أي: لا ينقصون.

١٧

{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} مفسر في كتاب "المشكل" (٤) .

٢٢

{لا جَرَمَ} حقا.

٢٣

{وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} أي: تواضعوا لربهم. وَالإخْبَاتُ: التواضع والوقار.

__________

(١) في تفسير الطبري ١٢/٣ والدر المنثور ٣/٣٢١.

(٢) هي الآية ٤٥ من هذه السورة. وفي تأويل مشكل القرآن ٣٤٥ بعد أمة: بعد حين. و (إلى أمة معدودة) أي: سنين معدودة، كأن الأمة من الناس: القرن ينقرضون في حين، فتقام الأمة مقام الحين" وفي تفسير الطبري ١٢/٥ "إلى أمة معدودة: وقت محدود وسنين معلومة، وإنما قيل للسنين المعدودة والحين - في هذا الموضع ونحوه -: أمة؛ لأن فيها تكون الأمة. وإنما معنى الكلام ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى مجيء أمة وانقراض أخرى قبلها".

(٣) في تفسير الطبري ١٢/٦.

(٤) فسره في صفحة ٣٠٧-٣٠٨.

٢٧

{أَرَاذِلُنَا} شِرَارُنَا. جمع أَرْذَل. يقال: رجُل رَذْل وقد رَذل رذَالة ورُذُولة.

{بَادِيَ الرَّأْيِ} أي: ظاهر الرأي. بغير همز. من قولك: بدا لي ما كان خَفِيًّا: أي ظهر. ومن همزه جعله: أوَّل الرأي. من بدأت في الأمر فأنا أبدأ.

٢٨

{أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي على يقين وبيان.

{فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} أي: عَمِيتم عن ذلك. يقال: عَمِيَ عليَّ هذا الأمر. إذا لم أفهمه، وعميت عنه؛ بمعنى.

{أَنُلْزِمُكُمُوهَا} أي: نُوجِبُهَا عليكم ونأخذكم بفهمها وأنتم تكرهون ذلك (١) ؟! .

٣٥

{قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ} أي: اخْتَلَقْتُه.

{فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} أي: جُرْمُ ذلك الاختلاق - إن كنتُ فعلْتُ.

{وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} في التكذيب (٢) .

٣٧

و {الْفُلْكَ} السفينة. وجمعها فُلْكٌ، مثل الواحد.

__________

(١) قال الطبري ١٢/١٨ "يقول: أنأخذكم بالدخول في الإسلام وقد عماه اللّه عليكم (لها كارهون) يقول وأنتم لإلزامناكموه كارهون. يقول: لا نفعل ذلك، ولكن نكل أمركم إلى اللّه حتى يكون هو الذي يقضي في أمركم ما يرى ويشاء".

(٢) في تفسير الطبري ١٢/٢٠ "يقول تعالى ذكره: أيقول يا محمد هؤلاء المشركون من قومك: افترى محمد هذا القرآن وهذا الخبر عن نوح. قل لهم: إن افتريته فتخرصته واختلقته (فعلي إجرامي) . يقول: فعلي إثمي في افترائي ما افتريت على ربي دونكم لا تؤاخذون بذنبي ولا إثمي، ولا أؤاخذ بذنبكم (وأنا بريء مما تجرمون) يقول وأنا بريء مما تذنبون وتأثمون بربكم من افترائكم عليه، ويقال منه: أجرمت إجراما، وجرمت أجرم جرما. كما قال الشاعر:

طريد عشيرة ورهين ذنب ... بما جرمت يدي وجنى لساني

٤٠

{مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي من كلِّ ذكرٍ وأنثى اثنين.

{وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} أي سبق القول بِهَلَكَتِهِ.

٤١

{مَجْرَاهَا} مسيرُها.

{وَمُرْسَاهَا} حيث ترسى وترسو أيضا. أي: تقف.

٤٣

{يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} أي: يمنعني منه.

{قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ} لا معصوم اليوم.

{مِنْ أَمْرِ اللّه إِلا مَنْ رَحِمَ} ومثله: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (١) بمعنى مدفوق.

٤٤

{وَغِيضَ الْمَاءُ} أي: نقص. يقال: غاض الماء وغضتُه. أي: نقص ونقصته.

{وَقُضِيَ الأَمْرُ} أي: فُرِغ منه، فغرِق مَن غرق، ونجا مَن نجا

و {الْجُودِيِّ} جبل بالجزيرة.

٤٦

{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} لمخالفته إياك. وهذا كما يقول الرجل لابنه إذا خالفه: اذهب فلست منك ولست مني. لا يريد به دفع نسبه. أي: قد فارقتك.

٥٠

{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} جعله أخاهم؛ لأنه منهم.

٥٤

{إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} أي: أصابك بِخَبَل، يقال: عَرَاني كذا وكذا واعْتَرَانِي: إذا أَلَمَّ بي. ومنه قيل لمن أتاك يطلب نائلك: عار. ومنه قول النابغة:

__________

(١) سورة الطارق ٦.

أَتَيْتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيَابِي ... عَلَى خَوْفٍ تُظَنُّ بِيَ الظُّنُونُ (١)

٥٩

{عَنِيدٍ} العنيد والْعَنُود والعاند: المعارض لك بالخلاف عليك.

٦٠

{وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} أي: أُلحقوا.

٦٣

{فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} أي: غير نُقصان.

٦٩

{بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} أي: مَشْوِيّ. يقال: حَنَذْتُ الجمل: إذا شويته في خَدٍّ من الأرض بِالرَّضَفِ، وهي الحجارة الْمُحْمَاة. وفي الحديث: أن خالد بن الوليد أكل مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأُتي بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ.

٧٠

{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ} أي: إلى العجل، يريد رآهم لا يأكلون.

{نَكِرَهُمْ} أَنْكَرَهُمْ. يقال: نَكِرْتُك، وأَنْكَرْتُك، وَاسْتَنْكَرْتُك.

{وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي: أَضْمَر في نفسه خوفا.

٧١

{فَضَحِكَتْ} قال عِكْرمة: حاضت، من قولهم: ضحكت الأرْنب: إذا حاضت (٢) .

وغيره من المفسرين يجعله الضحك بعينه (٣) . وكذلك هو في التوراة؛ وقرأت

__________

(١) ديوانه ١١٤ واللسان ١٩/٢٧٢.

(٢) في اللسان ١٢/٣٤٧ "قال الفراء: وأما قولهم: فضحكت: حاضت، فلم أسمعه من ثقة" وقد نقل الطبري قول الفراء هذا ولم ينسبه ونقل عن بعض أهل العربية من البصريين أن العرب قد قالت: ضحكت المرأة حاضت. راجع ١٢/٤٥.

(٣) قال الطبري ١٢/٤٥ "وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بالصواب - قول من قال: معنى قوله: "فضحكت" فعجبت من غفلة قوم لوط عما قد أحاط بهم من عذاب اللّه. وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب لأنه ذكر عقيب قولهم لإبراهيم: (لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط) فإذا كان ذلك كذلك، وكان لا وجه للضحك والتعجب من قولهم لإبراهيم: لا تخف - كان الضحك والتعجب إنما هو من أمر قوم لوط".

فيها: "أنها حين بُشِّرت بالغلام ضحكت في نفسها وقالت: مِن بعد ما بليت أعود شابّةً، وسيدي إبراهيم قد شاخ؟ فقال اللّه لإبراهيم عليه السلام: لِمَ ضحكتِ سَرَّا - وسَرَّا اسمها في التوراة. يعني سارَة - وقالت: أَحَقٌّ أن أَلِدَ وقد كبرت؟ فجحدت سَرَّا وقالت: لمْ أضحك. من أجل أنها خشيت. فقال: بلى لقد ضحكت".

{وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} أي: بعدَ إسحاق. قال أبو عبيدة: الوراء: وَلَدُ الْوَلَدِ.

{سِيءَ بِهِمْ} فُعل من السوء (١) .

٧٧

{وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} أي: شديد. يقال: يوم عَصِيب وَعَصَبْصَب.

٧٨

{وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} أي: يسرعون إليه. يقال: أُهْرِعَ الرجلُ: إذا أسرع على لفظ ما لم يُسَمَّ فَاعلُه كما يقال: أُرعد. ويقال: جاء القوم: يُهْرَعُون، وهي رِعْدة تحلّ بهم حتى تذهب عندها عقولهم من الفزع والخوف إذا أسرعوا (٢) .

{هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} أي: تزوجوهن فَهُنَّ أطهر لكم.

__________

(١) قال الطبري ١٢/٤٩ "يقول تعالى ذكره: ولما جاءت ملائكتنا لوطا ساءه مجيئهم، وهو فعل من السوء، وضاقت نفسه غما بمجيئهم، وذلك أنه لم يكن يعلم أنهم رسل اللّه في حال ما ساءه مجيئهم، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيانهم الفاحشة، وخاف عليهم، فضاق من أجل ذلك بمجيئهم ذرعا وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه، ولذلك قال: هذا يوم عصيب".

(٢) قال الطبري ١٢/٥٠ "يقول تعالى ذكره: وجاء لوطا قومه يستحثون إليه، يرعدون مع سرعة المشي مما بهم من طلب الفاحشة، يقال: أهرع الرجل من برد أو غضب أو حمى: إذا أرعد، وهو مهزع: إذا كان معجلا حريصا" وانظر اللسان ١٠/٢٤٧-٢٤٨.

{فِي ضَيْفِي} أي: في أضيافي. والواحد يدل على الجمع (١) . كما يقال: هؤلاء رَسُولي ووكيلي.

٧٩

{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ} أي: لم نتزوجهن قبلُ، فَنَستحقَّهن.

٨٠

{أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أي: عشيرة (٢) .

٨١

{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} أي: سرْ بهم ليلا.

{بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} أي: ببقية تبقَى من آخره. والقِطْعُ والقِطْعةُ: شيء واحد (٣) .

٨٢

{حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} يذهب بعض المفسرين إلى أنها "سَنْكِ وَكِلْ" بالفارسية (٤) وَيَعْتَبِرُهُ بقوله عز وجل: {حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} (٥) يعني الآجُرَّ. كذلك قال ابن عباس (٦) .

وقال أبو عبيدة (٧) السجيل: الشديد. وأنشد لابن مُقْبِل:

__________

(١) في تفسير الطبري ١٢/٥٢.

(٢) قال الطبري ١٢/٥٢ "يقول تعالى ذكره: قال لوط لقومه حين أبوا إلا المضي لما جاؤا له من طلب الفاحشة، وأيس من أن يستجيبوا له إلى شيء مما عرض عليهم - لو أن لي بكم قوة بأنصار تنصرني عليكم وأعوان تعينني، أو آوي إلى ركن شديد. يقول: أو أنضم إلى عشيرة مانعة تمنعني منكم - لحلت بينكم وبين ما جئتم تريدونه مني في أضيافي. وحذف جواب "لو" لدلالة الكلام عليه، وأن معناه مفهوم".

(٣) راجع ص ١٩٦.

(٤) راجع تأويل مشكل القرآن ٥٧ واللسان ١٣/٣٤٧.

(٥) سورة الذاريات ٣٣.

(٦) ومجاهد، كما روي ذلك عنهما في الدر المنثور ٣/٣٤٥-٣٤٦.

(٧) في مجاز القرآن ١/٢٩٦.

ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأبْطَالُ سِجِّينَا (١)

وقال: يريد ضربا شديدا.

ولست أدري ما سجيل من سجين. وذَاك باللام وهذا بالنون. وإنما سجين في بيت ابن مقبل "فِعِّيلٌ" من سَجَنْتُ. أي حَبَسْت. كأنه قال: ضَرْبٌ يُثْبِتُ صَاحِبَه بمكانه. أي يحبسه مقتولا أو مُقَارِبًا للقتل. و"فِعِّيلٌ" لما دام منه العمل. كقولك: رجل فِسِّيقٌ وَسِكِّيرٌ وسِكِّيتٌ: إذا أدام منه الفسق والسكر والسكوتَ. وكذلك "سِجِّينٌ". هو ضرب يدوم منه الإثبات والْحَبْسُ.

وبعض الرواة (٢) يرويه "سِخِّين" - من السُّخُونة - أي ضربا سُخْنا.

{مَنْضُودٍ} بعضه على بعض كما تُنْضد الثيابُ وكما يُنضد اللبِن.

٨٣

{مُسَوَّمَةً} معلمة بمثل الخواتيم. والسُّومَةُ: العلامة (٣) .

٨٦

{بَقِيَّتُ اللّه خَيْرٌ لَكُمْ} أي: ما أبقى اللّه لكم من حَلال الرزق خير من التَّطْفِيف.

٨٧

{أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ} أي: دينك. ويقال: قراءتك (٤) .

٨٩

{لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي} أي: لا يكسبنَّكم ويجرّ عليكم شقاقي، أي: عداوتي، أن تَهْلِكُوا (٥) .

__________

(١) صدره:

"ورجلة يضربون البيض عن عرض"

وهو من قصيدة لتمميم بن مقبل العامري، في جمهرة أشعار العرب ١٦٢ والشطر في تفسير الطبري ١٢/٥٧.

(٢) في اللسان ١٧/٦٥ "ورواه ابن الأعرابي: "سخينا" أي سخنا، يعني الضرب. وروي عن المؤرج: "سجيل وسجين: دائم في قول ابن مقبل".

(٣) راجع ص ١٠٢، ١٠٩.

(٤) تأويل مشكل القرآن ٣٥٥.

(٥) في تفسير الطبري ١٢/٦٣ "يقول: لا يحملنكم عداوتي وبغضي وفراق الدين الذي أنا عليه، على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر باللّه وعبادة الأوثان وبخس الناس في المكيال والميزان وترك الإنابة والتوبة. فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح من الغرق، أو قوم هود من العذاب، أو قوم صالح من الرجفة، وما قوم لوط، الذين ائتفكت بهم الأرض منكم ببعيد هلاكهم. أفلا تتعظون به وتعتبرون. يقول: فاعتبروا بهؤلاء واحذروا أن يصيبكم بشقاقي مثل الذي أصابهم".

٩١

{وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} أي: قتلناك. وكانوا يقتلون رَجْمًا. فسمّى القتل رجما. ومثله: قوله: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١) .

٩٢

{وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} أي: لم تلتفتوا إلى ما جئتكم به عنهُ، تقول العرب: جعلتني ظِهْرِيًّا وجعلت حاجتي منك بظهر؛ إذا أعرضت عنه وعن حاجته.

٩٣

{وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} أي: انتظروا إني معكم منتظر (٢) .

٩٥

{أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} يقال: بعِدَ يبْعُدُ: إذا كان بُعْد، هلكة. وَبَعُدَ يَبْعُدُ: إذا نأى.

٩٩

{الرِّفْدُ} العطية. يقال: رَفَدْتُه أَرْفِدُه؛ إذا أعطيته وأعنته.

و {الْمَرْفُودُ} المعطى. كما تقول: بئس العطاء والمعطى.

١٠٠

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى} أي: من أخبار الأمم.

{مِنْهَا قَائِمٌ} أي: ظاهر للعين.

{وَحَصِيدٌ} قد أُبيد وحُصِدَ.

١٠١

{وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} أي: غير تخسير. ومنه قوله عز وجلّ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (٣) أي: خسرت.

__________

(١) سورة يس ١٨.

(٢) في تفسير الطبري ١٢/٦٥ "إني معكم رقيب، يقول: إني أيضا ذو رقبة لذلك العذاب معكم، وناظر إليه بمن هو نازل منا ومنكم".

(٣) سورة المسد ١.

١٠٧

{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} مبيَّن في كتاب "المشكل" (١) .

١٠٨

{غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي: غير مقطوع. يقال: جَذَذْتُ، وَجَدَدْتُ وَجَذَفْتُ، وَجَدَفْتُ؛ إذا قطعت.

١١٠

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} أي: نَظِرَةٌ لهم إلى يوم الدين.

{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} في الدنيا.

١١٢

{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} أي: امض على ما أُمِرت به.

١١٤

{وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} أي: ساعة بعد ساعة. واحدتها زُلْفَةٌ. ومنه يقال: أَزْلَفَنِي كذا عِنْدَك؛ أي: أدناني.

وَالْمَزَالِفُ: المنازل والدَّرَج. وكذلك الزُّلَف. قال الْعَجَّاج: (٢) .

طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا ... سَمَاوَةَ الْهِلالِ حَتَّى احْقَوْقَفَا (٣)

١١٦

{فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي: فهلا.

{أُولُو بَقِيَّةٍ} أي: أولو بقيّة من دين. يقال: [قوم] لهم بقيّة وفيهم بقية. إذا كانت بهم مُسْكَةٌ وفيهم خير.

__________

(١) بين تفسيرها في صفحة ٥٤ وانظر تفسير الطبري ١٢/٧٠-٧٢.

(٢) اللسان ١٠/٣٦٧، ٣٦٨.

(٣) ديوانه ٨٤١ وتفسير الطبري ١٢/٧٧ واللسان ١١/٣٨ والكامل للمبرد ١/١٢٩، ٣/٨٣٤ وقبله: "ناج طواه الأين مما وجفا" ومعنى بعير ناج: سريع. والأين: الإعياء. والوجيف: ضرب من السير. وسماوة الهلال: أعلاه. واحقوقفا: يريد اعوج، وإنما هو: "افعوعل" من الحقف، والحقف: النقا من الرمل يعوج ويدق. يريد طواه الأين كما طوت الليالي سماوة الهلال".

{وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} ما أعطوا من الأموال؛ أي: آثروه واتبعوه فَفُتِنُوا به (١) .

١١٨

{وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} في دينهم.

١١٩

{إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} فإن دينهم واحد لا يختلفون.

{وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} يعني: لرحمته خلق الذين لا يختلفون في دينهم. وقد ذهب قوم (٢) إلى أنه للاختلاف خلقهم اللّه. واللّه أعلم بما أراد.

١٢٠

{وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} أي: في هذه السورة (٣) .

١٢١

{اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أي: على مواضعكم واثْبُتُوا {إِنَّا عَامِلُونَ}

١٢٢

{وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} تهديد ووعيد.

__________

(١) في تفسير الطبري ١٢/٨٤ "إن اللّه أخبر أن الذين ظلموا أنفسهم من كل أمة سلفت، فكفروا باللّه واتبعوا ما أنظروا فيه من لذات الدنيا، فاستكبروا عن أمر اللّه وتجبروا وصدوا عن سبيله، وذلك أن المترف في كلام العرب هو المنعم الذي قد غذي باللذات".

(٢) منهم الحسن البصري. وقال الطبري ١٢/٨٧ "وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: وللاختلاف بالشقاء والسعادة خلقهم، لأن اللّه ذكر صنفين من خلقه: أحدهما أهل اختلاف وباطل. والآخر أهل حق. ثم عقب على ذلك بقوله: (ولذلك خلقهم) فعم بقوله: (ولذلك خلقهم) صفة الصنفين، فأخبر عن كل فريق منهما أنه ميسر لما خلق له ... فمعنى اللام في قوله: (ولذلك خلقهم) بمعنى "على" كقولك للرجل: أكرمتك على برك بي، وأكرمتك لبرك بي".

(٣) وقيل: وجاءك في هذه الدنيا الحق. والأول هو أولى الأقوال بالصواب عند الطبري الذي قال بعد ذلك ١١/٨٨ "فإن قال قائل: أَوَلَم يَجِئ النبي الحق من سور القرآن إلا في هذه السورة؟ قيل له: بلى قد جاء فيها كلها. فإن قال: فما وجه خصوصه إذًا في هذه السورة؟ قيل: إن معنى الكلام: وجاءك في هذه السورة الحق مع ما جاءك في سائر سور القرآن، أو إلى ما جاءك من الحق في سائر سور القرآن، لا أن معناه: وجاءك في هذه السورة الحق دون سائر سور القرآن".

﴿ ٠