سورة يوسفمكية كلها ٥{فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} أي: يحْتَالُوا لك ويَغْتَالُوك. ٦{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} أي: يختارُك. {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} أي: من تفسير غامضها، وتفسير الرؤيا. ٧{آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} أي: مواعظُ لمن سأل (١) . ٨{وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} أي: جماعةٌ. يقال: الْعُصْبَة من العَشَرَةِ إلى الأربعين. ٩{يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} أي: يَفْرُغ لكم من الشغل بيوسفَ. {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ} أي: من بعد إهلاكه. {قَوْمًا صَالِحِينَ} أي: تائبينَ. ١٢{يَرْتَعْ} بتسكين العين: يأكلْ. يقال: رَتَعَت الإبل؛ إذا رعت. وَأَرْتَعْتُها: إذا تركتها ترعى. __________ (١) في تفسير الطبري ١٢/٩٣ "يعني السائلين عن أخبارهم وقصصهم. وإنما أراد جل ثناؤه نبيه محمدا صلى اللّه عليه وسلم، وذلك أنه يقال: إن اللّه إنما أنزل هذه السورة على نبيه يعلمه فيها ما لقي يوسف من إخوته وإذايته من الحسد، مع تكرمة اللّه إياه، تسلية له بذلك مما يلقى من إذايته وأقاربه من مشركي قريش". ومن قرأ: (نَرْتَعِ) بكسر العين - أراد: نتحارس ويرعى بعضُنا بعضا (١) ، أي: يحفظ. ومنه يقال: رعاك اللّه؛ أي: حفظك. ١٥و {الْجُبِّ} الرَّكِيَّة التي لم تُطْوَ بالحجارة (٢) . فإذا طُوِيَت: فليست بِجُبّ. ١٧{إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} أي: نَنْتَضِلُ، يسابق بعضنا بعضا في الرمي. يقال: سَابَقْتُه فسبقتُه سَبْقا. والْخَطَر هو: السَّبَق (٣) بفتح الباء. {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أي: بِمُصَدِّقٍ لنا. ١٨{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} أي: مكذوب به. {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ} أي: زَيَّنَت. وكذلك "سول لهم الشيطان أعمالهم" أي: زَيَّنَها. __________ (١) في تفسير الطبري ١٢/٩٤ "قرأته عامة قراء أهل المدينة: "يرتع ويلعب" بكسر العين من "يرتع" وبالياء في "يرتع" و "يلعب" على معنى "يفتعل" من الرعي، ارتعيت فأنا أرتعي؛ كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى: أرسله معنا غدا يرتع الإبل ويلعب، وإنا له لحافظون. وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة: "يرتع ويلعب" بالياء في الحرفين جميعا وتسكين العين؛ من قولهم: رتع فلان في ماله، إذا لهى فيه ونعم وأنفقه في شهواته.. وقرأ بعض أهل البصرة "نرتع" بالنون "ونلعب" بالنون فيهما جميعا، وسكون العين من نرتع ... (٢) يقال: طوى الركية طيا عرشها بالحجارة والآجر، كما في اللسان ١٩/٢٤٣. (٣) الذي يترامى عليه في التراهن، والجمع أخطار، كما في اللسان ٥/٣٣٥. ١٩{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} قومٌ يَسيرون. {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} أي: وَارِدَ الماءِ ليستقيَ لهم. {فَأَدْلَى دَلْوَهُ} أي: أرسلَهَا. يقال: أَدْلَى دَلْوَه؛ إذا أرسلَها للاستقاء. وَدَلَى يَدْلُو: إذا جذبها ليخرجَها (١) . {قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ} وذلك: أن يوسفَ تعلّق بالحبل حين أدْلاهُ، أي: أرسلَه. (وَأَسَرُّوهُ) أي: أسرُّوا في أنفسهم أنه بضاعةٌ وتجارةٌ. ٢٠{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} يكون: اشْتَرَوْه؛ يعني: السيارة. ويكون: باعوهُ، يعني: الإخوة. وهذا حرف من الأضداد (٢) . يقال: شريت الشيء؛ يعني: بعته واشتريته. وقد ذكرت هذا وما أشبهه في كتاب "تأويل المشكل" (٣) . و (الْبَخْسُ) الخسيس الذي بُخس به البائعُ. {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} يسيرةٍ سهُل عددُها لقلّتِها؛ ولو كانت كثيرة: لَثَقُل عددُها. ٢١{أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} أي: أكرمي منزله ومُقامه عندكِ. من قولك: ثويتُ بالمكان؛ إذا أقمت به. {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أي: نَتَبَنَّاه. __________ (١) في تفسير الطبري ١٢/٩٩ "وفي الكلام محذوف استغنى بدلالة ما ذكر عليه فترك، وذلك: فأدلى دلوه فتعلق به يوسف فخرج فقال المدلي: يا بشرى هذا غلام". (٢) راجع الأضداد لابن الأنباري ٥٩-٦١. (٣) راجع صفحة ١٤٥. ٢٢{بَلَغَ أَشُدَّهُ} إذا انتهى منتهاه قبل أن يأخذ في النقصان. وهو جمع. يقال: لواحده أَشُدّ. ويقال: شَدٌّ وَأَشُدٌّ. مثل: قَدّ وأَقُدّ. وهو الجلْد. ولا واحد له. وقد اختلف في وقت بلوغ الأشدّ، فيقال: هو بلوغ ثلاثين سنة. ويقال: بلوغ ثمان وثلاثين. ٢٣{وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} أي: هَلُمَّ لك. يقال: هَيَّتَ فلانٌ لفلان؛ إذا دعاه وصاح به. قال الشاعر: قَدْ رَابَنِي أَنَّ الْكَرِيَّ أَسْكَتَا ... لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهَا لَهَيَّتَا (١) ٢٤{لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} أي: حُجَّته عليه. ٢٥{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا} وجداه {لَدَى} عند {الْبَابَ} ٢٩{إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} قال الأصمعي: يقال: خَطِئَ الرجلُ يَخْطَأُُ خِطْأً -: إذا تعمد الذنب. فهو خَاطئ. والخطيئة [منه] وأخطأ يخطئ -: إذا غَلِطَ ولم يتعمَّد. والاسم منه الْخَطَأُ. ٣٠{قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} أي: بلغ حُبُّهُ شَغَافَهَا. وهو غلاف القلب. ولم يرد الغلاف إنما أراد القلب. يقال: قد شَغَفْتُ فلانا إذا أصبت شَغَافَهُ. كما يقال: كَبَدْتُه؛ إذا أصبت كَبِدَهُ. وَبَطَنْتُهُ: إذا أصبت بطنه. __________ (١) غير منسوب في اللسان ٢/٣٤٨، ٤١٢، وتفسير القرطبي ٩/١٦٥ والشطر الثاني غير منسوب في الصحاح ١/٢٧١ والكري: المستأجر. وأسكتا: انقطع كلامه. ومن قرأ: "شَعَفَهَا"- بالعين - (١) أراد فتَنها. من قولك. فلان مَشْعُوفٌ بفلانةَ. ٣١{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ} أي: بقولهن وغِيبتهن. {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ} أعتدت من العتاد (٢) . {مُتَّكَأً} أي: طعاما. يقال: اتكأنا عند فلان: إذا طعمنا. وقد بينت أصل هذا في كتاب "المشكل" (٣) . ومن قرأ "مُتْكًا" (٤) فإنه يريد الأتْرُجّ. ويقال: الزُّمَاوَرْد (٥) . وَأَيَّا مَّا كان فإني لا أحسبه سُمّي مُتَّكَأً إلا بالقطع؛ كأنّه مأخوذ من الْبَتْك. __________ (١) وممن قرأ بذلك الحسن البصري وأبو رجاء، كما في اللسان ١١/٧٩ وتفسير الطبري ١٢/١١٨ وقد قال في صفحة ١١٩ "والصواب في ذلك عندنا من القراءة: "قد شغفها" بالغين؛ لإجماع الحجة من القراء عليه". (٢) في تفسير الطبري ١٢/١١٩ "وأعتدت: أفعلت من العتاد، وهو العدة. ومعناه. أعدت لهن متكأ، يعني مجلسا للطعام، وما يتكئن عليه من النمارق والوسائد، وهو مفتعل من قول القائل: اتكأت، يقال: ألق له متكأ يعني ما يتكئ عليه". (٣) راجع تأويل مشكل القرآن ٣٢، ١٣٨. (٤) مخففا غير مهموز، كالضحاك ومجاهد وسعيد بن جبير راجع تفسير القرطبي ٩/١٧٨ واللسان ١٢/٣٧٤ والبحر المحيط ٥/٣٠٢. (٥) في تفسير الطبري ١٢/١١٩ "وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: المتكأ هو النمرق يتكأ عليه وقال: زعم قوم أنه الأترج. قال وهذا أبطل باطل في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتكأ أترج يأكلونه. وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام قول أبي عبيدة ثم قال: والفقهاء أعلم بالتأويل منه. ثم قال: ولعله بعض ما ذهب من كلام العرب، فإن الكسائي كان يقول: قد ذهب من كلام العرب شيء كثير انقرض أهله. والقول في أن الفقهاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة كما قال أبو عبيد لا شك فيه، غير أن أبا عبيدة لم يبعد من الصواب في هذا القول، بل القول كما قال من أن من قال للمتكأ هو الأترج إنما بين المعدّ في المجلس الذي فيه المتكأ والذي من أجله أعطين السكاكين لأن السكاكين معلوم أنها لا تعد للمتكأ إلا لتخريقه، ولم يعطين السكاكين لذلك" وقد لمح الطبري في قوله هذا كلام ابن قتيبة هنا. وأبدلت الميم فيه من الباء. كما يقال: سَمَّدَ رأْسَه وَسَبَّدَه. وَشَرٌّ لازِم ولازِب. والميم تبدل من الباء كثيرا لقرب مخرجهما. ومنه قيل للمرأة التي لم تُخْفَض، والتي لا تَحبس بولها: مَتْكََاء - أي: خَرْقَاء - والأصل بَتْكَاء. ومما يدل على هذا قوله: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا} ؛ لأنه طعام لا يُؤكل حتى يُقطع. وقال جُوَيْبِر، عن الضحاك: [الْمَتْك] كلّ شيء يُحَزُّ بالسكاكين (١) . {أَكْبَرْنَهُ} هَالَهُن فَأَعْظَمْنَه. ٣٢{فَاسْتَعْصَمَ} أي: امتنع. ٣٦{أَعْصِرُ خَمْرًا} يقال: عنبا. قال الأصمعي: أخبرني المُعْتَمِرُ بنُ سليمانَ (٢) أنه لقي أعرابيًّا معه عنب، فقال: ما معك؟ فقال: خمر. (٣) وتكون الخمر بعينها؛ كما يقال: عصرت زيتا؛ وإنما عصرت زيتونا. ٤٢{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} أي: عند سيدك. قال الأعشى يصف ملكا: رَبِّي كَرِيمٌ لا يُكَدِّرُ نِعْمَةً ... وَإِذَا يُنَاشَدُ بِالْمَهَارِقِ أَنْشَدا (٤) {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} يقال: ما بين الواحد إلى تسعة. وقال أبو عبيدة: هو ما [لم] يبلغ العقد ولا نصفه. يريد: ما بين الواحد إلى الأربعة. ٤٤{قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} أي: أخْلاط أحلام. مثل أضْغَاث النبات يجمعها الرجل فيكون فيها ضُرُوب مختلفة. والأحلام واحدها حُلُم. __________ (١) راجع تفسير الطبري ١٢/١٢٠ والدر المنثور ٤/١٦. (٢) الخبر في تفسير القرطبي ٩/١٩٠ وفي اللسان ٥/٣٣٩ "معمر بن سليمان". (٣) الخبر في تفسير القرطبي ٩/١٩٠ وفي اللسان ٥/٣٣٩ "معمر بن سليمان". (٤) ديوانه ١٥١، وتفسير القرطبي ٩/١٩٤ "وإذا تنوشد" وكذلك في اللسان ٤/٤٣٢ ومجاز القرآن ١/٣١٢ يعني النعمان بن المنذر، إذا شئل بالمهارق أي الكتب، أنشدا: أي أعطى، كقولك: إذا سئل أعطى. ٤٥{وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي: بعد حين. يقال: بعد سبع سنين. ومن قرأ (بَعْدَ أَمَةٍ) أراد: بعد نسيان (١) . ٤٦{الصِّدِّيقُ} الكثيرُ الصدقِ. كما يقال: فِسِّيقٌ وشِرِّيبٌ وسِكِّيرٌ؛ إذا كثر ذلك منه. ٤٧{تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} أي: جِدًّا في الزراعة ومتابعةً. وتقرأ (دَأَبًا) : بفتح الهمزة. وهما واحد. يقال: دَأَبْتُ أَدْأَبُ دَأْبًا وَدَأَبًا. ٤٨{تُحْصِنُونَ} أي: تُحْرِزُون. ٤٩{يُغَاثُ النَّاسُ} أي: يُمْطَرُون. والْغَيْثُ: المطرُ. {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} يعني: الأعنابَ والزيت. وقال أبو عبيدة (٢) (يعصرون) : يَنْجُون والْعُصْرة النَّجَاة. قال الشاعر: *وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ الْمَنْجُودِ* (٣) أي: غياثا ومنجاةً للمكروب. ٥١{مَا خَطْبُكُنَّ} ما أمْرُكُنَّ، ما شَأْنُكُنَّ؟ {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} أي: وضَح وتَبَيَّن. ٥٩{خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} أي: خير الْمُضِيفِين. __________ (١) راجع تأويل مشكل القرآن ٣١،٣٤٥. (٢) في مجاز القرآن ١/٣١٣. (٣) صدره: "صاديا يستغيث غير مغاث" وهو من قصيدة لأبي زبيد الطائي يرثي بها ابن أخته اللجلاج الحارثي وهي في جمهرة أشعار العرب ١٣٨-١٤١ والشطر في مجاز القرآن ١/٣١٣ والبيت في تفسير الطبري ١٢/١٣٨ وتفسير القرطبي ٩/٢٠٥ وفي البحر المحيط ٥/٣١٥ "قول أبي زبيد في عثمان رضي اللّه عنه" واللسان ٦/٢٥٤ والاقتضاب ٣٩٠. ٦٥{وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} من الميرة. يقال: مار أهلَه ويَميرُهم مَيْرًا، وهو مَائِرٌ أهلَه؛ إذا حمل إليهم أقواتَهم من غير بلده. {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} أي: حِمْلَ بعير. ٦٦{إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أي: تُشْرِفوا على الْهَلَكَة وتُغْلَبوا. {اللّه عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} أي: كفيلٌ. ٦٧{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} ؛ يريد: إذا دخلْتم مصرَ، فادخلوا من أبواب متفرّقة. يقال: خاف عليهم العين إذا دخلوا جملة. ٦٩{آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} أي: ضَمَّه إليه. يقال: آوَيْتُ فلانا إليَّ بِمَدّ الألف -: إذا ضممتَه إليك. وَأَوَيْتُ إلى بني فلان - بقصر الألف -: إذا لجأت إليهم. {فَلا تَبْتَئِسْ} من البُؤْس (١) . ٧٠{السِّقَايَةَ} المكيالَ. وقال قتادة: مَشْرَبَةُ المَلِك (٢) . {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} أي: قال قائلٌ، أو نادى مُنادٍ. {أَيَّتُهَا الْعِيرُ} القومُ على الإبل. ٧٢{صُوَاعَ الْمَلِكِ} وصَاعه واحدٌ. __________ (١) في تفسير الطبري ١٣/١١ "يقول: فلا تسكن ولا تحزن، وهو فلا تفتعل من البؤس، يقال منه: ابتأس يبتئس ابتئاسا". (٢) تفسير الطبري ١٣/١١. {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} أي: ضمين. ٧٥{قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} أي: يُستعبد بذلك. وكانت سنة آل يعقوب في السارق. ٧٦{كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي: احتلنا له. والكيد: الحيلة. ومنه قوله: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} {فِي دِينِ الْمَلِكِ} أي: في سلطانه. ٧٧{قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} ؛ يعنون يوسف، وكان سرق صنما يُعْبَد وألقاه. (١) ٨٠{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ} أي: يَئِسُوا. {خَلَصُوا نَجِيًّا} أي: اعتزلوا الناس ليس معهم غيرُهم يتناجَوْن ويتناظَرُون ويَتَسَارُّون. يقال: قوم نَجِيٌّ؛ والجميع أَنْجِيَة (٢) . قال الشاعر: إِنِّي إِذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ ... وَاصْطَرَبَتْ أَعْنَاقُهُمْ كَالأرْشِيَهْ (٣) __________ (١) في تفسير الطبري ١٣/١٩ "فقال بعضهم: كان صنما لجده أبي أمه كسره وألقاه على الطريق" وقيل غير ذلك. (٢) في تفسير الطبري ١٣/٢٢ "والنجي: جماعة القوم المنتجين، يسمى به الواحد والجماعة". (٣) الشعر لسحيم بن وثيل اليربوعي، كما في اللسان ٢٠/١٧٩ وروايته: "واضطرب القوم اضطراب الأرشيه * هناك أوصني ولا توصي بيه" قال ابن بري: حكى القاضي الجرجاني عن الأصمعي وغيره: أنه يصف قوما أتعبهم السير والسفر فرقدوا على ركابهم واضطربوا عليها، وشد بعضهم على ناقته حذار سقوطه من عليها. وقيل: إنما ضربه مثلا لنزول الأمر المهم" وانظر نوادر أبي زيد ١٠-١١ وتفسير القرطبي ٩/٢٤١. {قَالَ كَبِيرُهُمْ} أي: أعقلهم. وهو: شَمْعُون. وكأنه كان رئيسَهم. وأما أكبرُهم في السن: فَرُوبيلُ. وهذا قول مجاهد (١) . وفي رواية الكلبي: كبيرهم في العقل، وهو: يَهُوذا. ٨١{وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} يريدون: حين أعطيناك المَوْثق لنأتينَّك [به] ؛ أي: [لم] نعلم أنه يسرقُ فيؤخذ. ٨٤{وَقَالَ يَا أَسَفَى} ؛ والأسف: أشدُّ الحسرة. {فَهُوَ كَظِيمٌ} أي: كاظمٌ. كما تقول: قديرٌ وقادرٌ. والكاظمُ: المُمسكُ على حزنه، لا يُظهره، ولا يشكوه. ٨٥{تَاللّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي: لا تزالُ تذكر يوسُفَ. قال أوس بن حَجَر: فَمَا فَتِئَتْ خيلٌ تَثُوبُ وتَدَّعِي (٢) {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} أي: دَنِفًا (٣) . يقال: أحْرَضهُ الحزن؛ أي: أدنفه. ولا أحسبه قيل للرجل الساقطِ: حَارِضٌ؛ إلا من هذا. كأنَّه الذاهبُ الهالكُ. __________ (١) في تفسير الطبري ١٣/٢٣ "وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: عنى بقوله: (كبيرهم) روبيل، لإجماع جميعهم على أنه كان أكبرهم سنا. ولا تفهم العرب في المخاطبة إذا قيل لهم: فلان كبير القوم مطلقا بغير وصل - إلا أحد معنيين. إما في الرياسة عليهم والسؤدد، وإما في السن. فأما في العقل فإنهم إذا أرادوا ذلك وصلوه فقالوا: هو كبيرهم في العقل. فأما إذا أطلق بغير صلته بذلك فلا يفهم إلا ما ذكرت". (٢) عجزه "ويلحق منها لاحق ونقطع" كما في ديوانه في القصيدة رقم ١٧ ومجاز القرآن ١/٣١٦ وانظر الجمهرة ٣/٢٨٧ وهو غير منسوب في تفسير الطبري ١٣/٢٨. (٣) في تفسير الطبري ١٣/٢٨ "حتى تكون حرضا. يقول: حتى تكون دنف الجسم، مخبول العقل. وأصل الحرض: الفساد في الجسم والعقل من الحزن أو العشق". {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} يعني: الموتى. ٨٦و (الْبَثُّ) أشد الحزن. سمي بذلك: لأن صاحبه لا يصبر عليه، حتى يَبثَّه، أي: يشكوَه. ٨٨{بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} أي: قليلةٍ؛ ويقال: رَدِيئة؛ لا تنفق في الطعام، وتنفق في غيره. لأن الطعام لا يؤخذ فيه إلا الجيدُ. {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} يعنون: [تفضلْ بما] بين البضاعة وبين ثمن الطعام (١) . ٩٢{قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} لا تعْيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتُم. وأصل التَّثْريب: الإفسادُ. يقال: ثَرَّب علينا؛ إذا أفسد. وفي الحديث: "إذا زَنَتْ أَمةُ أحدكم: فليجلدها الحدَّ، ولا يُثَرِّبِ". (٢) أي: لا يُعَيِّرْها بالزنا. ٩٤{لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} أي: تُعَجِّزون (٣) . ويقال: لولا أن تُجَهِّلُونِ، يقال: أَفْنَدَهُ الهرمُ؛ إذا خلَّط في كلامه. ١٠٠{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} أي: على السرير. ١٠٥{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ} أي: كم من دليل وعلامةٍ. {فِي} خَلْق __________ (١) قارن هذا بقول الطبري في تفسيره ١٣/٣٥. (٢) اللسان ١/٢٢٨. (٣) في تفسير الطبري ١٢/٣٩ "يعني لولا أن تعنفوني وتعجزوني وتلوموني وتكذبوني". {السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (١) . ١٠٦{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّه إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} يريد: إذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: اللّه. ثم يشركون بعد ذلك. أي: يجعلون للّه شركاء. ١٠٧{غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللّه} أي: مُجَلِّلَةٌ (٢) تغشاهم. ومنه قولُه تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (٣) أي: خبرُها. ١٠٨{أَدْعُو إِلَى اللّه عَلَى بَصِيرَةٍ} أي: على يقين. ومنه يقال: فلان مُسْتَبْصِرٌ في كذا، أي: مُسْتَيْقِنٌ له. ١١٠{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} مُفَسَّرٌ في كتاب "تأويل المشكل" (٤) . ١١١{مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} أي: يُخْتَلَقُ ويُصنَعُ. __________ (١) في تفسير الطبري ١٣/٥٠ "يقول جل وعز: وكم من آية في السماوات والأرض للّه، وعبرة وحجة، وذلك كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك من آيات السماوات؛ وكالجبال والبحار والنبات والأشجار وغير ذلك من آيات الأرض - (يمرون عليها) يقول يعاينونها فيمرون بها معرضين عنها لا يعتبرون بها ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربها وأن الألوهة لا تنبغي إلا للواحد القهار الذي خلقها وخلق كل شيء فدبرها". (٢) مجللة: عامة في تغطيتها لهم. (٣) سورة الغاشية ١. (٤) فسرها في صفحة ٣١٧-٣١٨. |
﴿ ٠ ﴾