سورة الحجر

مكية كلها (١)

٤

{إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} أي: أجل مؤقت.

٧

{لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ} أي: هلا تأتينا بالملائكة. و "لولا" مثلها أيضا: إذا لم يكن يحتاج [إلى جواب. وقد ذكرناها في المشكل] (٢) .

١٠

{فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ} أي: أصحابِهم (٣) .

١٣

{لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} أي: تقدمتْ سيرةُ الأولين في تكذيب الأنبياء (٤) .

١٤

{فِيهِ يَعْرُجُونَ} أي: يَصْعَدُون. يقال: عرج إلى السماء؛ أي صعد. ومنه تقول العامة: عُرج بروح فلان. والمعارجُ: الدَّرَج.

١٥

{سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} غُشِيَتْ. ومنه يقال: سُكِرَ النهر؛ إذا سُدَّ. والسِّكْرُ: اسم ما سَكَرْتَ [به] . وسُكْرُ الشَّرابِ منه، إنما هو الغطاءُ على العقل والعين.

__________

(١) بلا خلاف كما في البحر المحيط ٥ /٤٤٣.

(٢) راجع تأويل مشكل القرآن ٤١٢ وانظر تفسير الطبري ١٤/٦.

(٣) في تفسير الطبري ١٤/٧ "وعنى بشيع الأولين: أمم الأولين، واحدتها: شيعة".

(٤) في تفسير الطبري ١٤/٨ "يقول تعالى ذكره: لا يؤمن بهذا القرآن قومك الذين سلكت في قلوبهم التكذيب حتى يروا العذاب الأليم، أخذا منهم سنة أسلافهم من المشركين قبلهم من قوم عاد وثمود وضربائهم من الأمم التي كذبت رسلها فلم تؤمن بما جاءها من عند اللّه حتى حل بها سخط اللّه فهلكت".

وقرأ الحسن: سُكِرَتْ - بالتخفيف - وقال: سُحِرَتْ (١) . والعامة تقول في مثل هذا: فلان يأخذ بالعين.

١٦

{جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} يقال: هي اثنا عشر برجًا (٢) . وأصل البرج: القصر والحِصْنُ.

١٧-١٨- {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} يقول: حفظناها من أن يصل إليها شيطان، أو يعلمَ من أمرها شيئًا إلا استراقا، ثم يتبعه {شِهَابٌ مُبِينٌ} أي كوكب مضيء.

١٩

{مَوْزُونٍ} مقدَّر. كأنه وُزِنَ.

٢٠

{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} مثل الوحش والطير والسباع. وأشباه ذلك: مما لا يرزقه ابن آدم.

٢٢

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} قال أبو عبيدة: "لواقح" إنما هي ملاقحُ، جمع ملقحة (٣) . يريد أنها تلقح الشجر وتلقح السحاب. كأنها تنتجه.

ولست أدري ما اضطره إلى هذا التفسير بهذا الاستكراه. وهو يجد العرب تسمي الرياح لواقح، والريح لاقحًا. قال الطِّرِمَّاح وذكر بُرْدًا مدَّه على أصحابه في الشمس يستظلون به:

قَلِقٌ لأفْنَانِ الرِّيَا ... حِ لِلاقِحٍ مِنْهَا وَحَائِلْ (٤)

__________

(١) اللسان ٦/٤٠ وفي تفسير الطبري ١٤/١٠ ".. فإن معنى سكرت وسكرت، بالتخفيف والتشديد متقاربان".

(٢) راجع اللسان ٣/٣٤ وفي تفسير القرطبي ١٠/٩ "وأسماء هذه البروج: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت".

(٣) نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/٣٤٨ "لواقح، مجازها مجاز "ملاقح" لأن الريح ملقحة للسحاب، والعرب قد تفعل هذا فتلقى الميم لأنها تعيده إلى أصل الكلام".

(٤) البيت له في الأزمنة والأمكنة ٢/٣٤١ مع شرحه نقلا عن أبي عبيدة.

فاللاقح: الجنوب (١) . والحائل: الشمال. ويسمون الشمال أيضا: عقيما. والعقيم التي لا تحمل. كما سموا الجنوب لاقحا. قال كُثَيِّر:

وَمَرُّ بِسِفْسَافِ التّرَابِ عَقِيمُهَا (٢)

يعني الشمال، وإنما جعلوا الريح لاقحًا - أي حاملا - لأنها تحمل السحاب وتقلبه وتصَرِّفه، ثم تحمله فينزل. [فهي] على هذا الحاملُ. وقال أبو وَجْزَةَ يذكر حميرًا وَرَدَتْ [ماء] :

حَتَّى رَعَيْنَ الشَّوَى مِنْهُنّ في مَسَكٍ ... مِنْ نَسْلِ جَوَّبَةِ الآفَاقِ مِهْدَاجِ (٣)

ويروى: "سلكن الشوى"؛ أي: أدخلن قوائمهن في الماء حتى صار الماء لها كالمَسَك. وهي الأسورة. ثم ذكر أن الماء من نَسْل ريح تَجُوب البلاد (٤) .

فجعل الماء للريح كالولد: لأنها حملته وهو سحاب وحلّته. ومما يوضح هذا قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالا} (٥) أي: حملت (٦) .

٢٦

(الصَّلْصَالُ) : الطين اليابس لم تصبه نار. فإذا نقرته صوَّتَ (٧) فإذا

__________

(١) في الأزمنة ٢/٢٤٢ بعد ذلك "لأنها لا تلقح السحاب. والحائل: الشمال، لأنها لا تنشئ سحابا".

(٢) الأزمنة والأمكنة ٢/٣٤٢ واللسان ١١/٥٥ "وهاج بسفساف" وصدره، كما في ديوانه ١/١٧٥

"إذا متنابات الرياح تناسمت".

(٣) البيت في الأزمنة والأمكنة ٢/٣٤٢ مع شرحه نقلا عن أبي عبيدة، وكذلك في اللسان ٣/٤١٩، ١٢/٣٨٦ والرواية فيهما "سلكن" يعني الأتن.

(٤) في الأزمنة بعد ذلك "أي هي أخرجته من الغيم واستدرته".

(٥) سورة الأعراف ٥٧.

(٦) بعد ذلك في اللسان ٣/٤١٩ نقلا عن الأزهري: "فعلى هذا المعنى لا يحتاج إلى أن يكون لاقح بمعنى ذي لقح، ولكنها تحمل السحاب في الماء".

(٧) في تفسير الطبري ١٤/١٩.

مسته النار فهو فَخَّار. ومنه قيل للحمار: مُصَلْصِل. قال الأعشى:

كَعَدْوِ المُصَلْصِلِ الجَوَّالِ (١)

ويقال: سمعت صَلْصَلَة اللجام؛ إذا سمعت صوت حِلَقِه.

{مِنْ حَمَإٍ} جمع حَمْأَة. وتقديرها: حَلْقَة وَحَلَق. وبَكَرَةُ الدَّلْو وبَكَر. وهذا جمع قليل.

و (الْمَسْنُونُ) المتغير الرائحة.

وقوله: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} في قول بعض أصحاب اللغة منه. وقد ذكرناه في سورة البقرة (٢) .

و (المسنونُ) [أيضا] : المصبوبُ. يقال: سننت الشيء؛ إذا صببته صبًّا سهلا. وسُنَّ الماء على وجهك.

٤٧

(الْغِلُّ) : العداوة والشحناء.

٥٥

{فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ} أي: اليائسين.

٦٦

{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ} أخبرناه.

٧٠

{قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} أي: [أو] لم ننْهك [عن] أن تضيف أحدًا (٣) ؟! وكانوا نَهَوْه عن ذلك.

__________

(١) تمامه "عنتريس تعدو إذا مسها الصوت" كما في ديوانه ٨٠ واللسان ١٣/٤٠٥ وفي مجاز القرآن ١/٣٥١ "إذا حرك السوط" والعنتريس: الناقة الصلبة الوثيقة الشديدة الكثيرة اللحم الجواد الجريئة. وقد يوصف به الفرس، كما في اللسان ٨/٤.

(٢) راجع ص ٩٥.

(٣) عن قتادة في تفسير الطبري ١٤/٣٠ والدر المنثور ٤/١٠٣.

٧٥

{لِلْمُتَوَسِّمِينَ} المتَفَرِّسين. يقال: توسمتُ في فلان الخير؛ أي: تبينته.

٧٩

{وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} أي: لبطريق واضح بين (١) . وقيل للطريق: إمامٌ؛ لأن المسافر يأتم به، حتى يصير إلى الموضع الذي يريده.

٨٢

{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ} يريد: أمنوا أن تقع عليهم.

٨٨

{لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} أي: أصنافا منهم.

٩٠

{الْمُقْتَسِمِينَ} قوم تحالفوا على عَضْهِ النبي صلى اللّه عليه وسلم (٢) وأن يذيعوا ذلك بكل طريق، ويخبروا به النزاع إليهم.

٩١

{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (٣) أي: فرَّقوه وعَضُّوه. قال رُؤْبة:

ولَيْسَ دينُ اللّه بِالْمُعَضَّى (٤)

ويقال: فرَّقُوا القول فيه. فقالوا: شعر. وقالوا: سِحر. وقالوا: كهانة. وقالوا: أساطير الأولين (٥) .

__________

(١) في تفسير الطبري ١٤/٣٣ "يقول: وإن مدينة أصحاب الأيكة ومدينة قوم لوط. والهاء والميم في قوله: "وإنهما" من ذكر المدينتين (لبإمام) لبطريق يأتمون به في سفرهم ويهتدون به (مبين) يبين لمن ائتم به استقامته، وإنما جعل الطريق إماما لأنه يؤم ويتبع".

(٢) وهم خمسة رهط من قريش، كما في تفسير الطبري ١٤/٤٣، ٤٨-٥١ وانظر الدر المنثور ٤/١٠٧-١٠٩.

(٣) راجع اللسان ١٧/٤١١، ١٩/٢٩٩.

(٤) ديوانه ٤١ واللسان ١٩/٢٩٨ وتفسير القرطبي ١٠/٥٩.

(٥) تفسير الطبري ١٤/٤٤.

وقال عِكْرَمة (١) العَضْهُ: السحر، بلسان قريش. يقولون للساحرة: عاضِهَةٌ. وفي [الحديث] : "لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العاضهة والمستعضهة" (٢) .

٩٤

{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} أي: أظهر ذلك. وأصله الفَرْق والفتحُ. يريد: اصدع الباطلَ بحقِّك.

٩٩

{حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} أي: الموت.

__________

(١) قوله في تفسير الطبري ١٤/٤٥.

(٢) في اللسان ١٧/٤١١. وقال الطبري ١٤/٤٥ "والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن اللّه أمر نبيه أن يعلم قوما عضهوا القرآن أنه لهم نذير من عقوبة تنزل بهم بعضههم إياه، مثل ما أنزل بالمقتسمين. وكان عضههم إياه قد فهموه بالباطل وقيلهم: إنه شعر وسحر وما أشبه ذلك. وإنما قلنا: إن ذلك أولى التأويلات به لدلالة ما قبله من ابتداء السورة وما بعده، وذلك قوله: (إنا كفيناك المستهزئين) - على صحة ما قلنا وأنه عنى بقوله: (الذين جعلوا القرآن عضين) مشركي قومه. وإذا كان ذلك كذلك فمعلوم أنه لم يكن في مشركي قومه من يؤمن ببعض القرآن ويكفر ببعض، بل إنما كان قومه في أمره على أحد معنيين: إما مؤمن بجميعه، وإما كافر بجميعه. وإذ كان ذلك كذلك فالصحيح من القول في معنى قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين) قول الذين زعموا أنهم عضهوه فقال بعضهم: هو سحر وقال بعضهم: هو شعر وقال بعضهم: هو كهانة، وما أشبه ذلك من القول، أوعضوه ففرقوه بنحو ذلك من القول. وإذا كان ذلك معناه احتمل قوله: (عضين) أن يكون جمع "عضة"، واحتمل أن يكون جمع "عضو" لأن معنى التعضية: التفريق كما يعضى الجزور والشاة فتفرق أعضاء. والعضه: البهت ورميه بالباطل من القول. فهما متقاربان في المعنى".

﴿ ٠