سورة النحلمكية كلها (١) ١{أَتَى أَمْرُ اللّه فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} يعني القيامة (٢) . أي هي قريب فلا تستعجلوا. وأتى بمعنى يأتي (٣) . وهذا كما يقال: أتاك الخير فأبشر. أي سيأتيك. ٢{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي: بالوحي. ٥{لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} (الدِّفْءُ) : ما استدفأت به. يريد ما يتخذ من أوبارها من الأكْسِيَةِ والأخْبِيَة وغير ذلك. ٦{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ} إذا راحت عِظَامَ الضرُوع والأسْنِمة، فقيل: هذا مال فلان (٤) . {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} بالغداة. ويقال: سَرَحَت الإبل بالغداة وسَرَّحتها (٥) . ٧{بِشِقِّ الأَنْفُسِ} أي بمشقة. يقال: نحن بِشِقٍّ من العيش، أي بجهد. وفي حديث أمّ زَرْع: "وجدني في أهل غُنَيْمَةٍ بِشِقّ" (٦) . __________ (١) في قول الحسن وعكرمة وعطاء، كما في البحر المحيط ٥/٤٧٢ وتفسير القرطبي ١٠/٦٥ "وتسمى سورة النعم، بسبب ما عدد اللّه فيها من نعمه على عباده". (٢) تأويل مشكل القرآن ٣٩٤. (٣) تأويل مشكل القرآن ٢٢٧. (٤) في تفسير الطبري ١٤/٥٥ "حِينَ تُرِيحُونَ: يعني حين تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها، ولذلك سمي المكان: المراح، لأنها تراح إليها عشيا فتأوي إليه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة ". (٥) قال الطبري: "يقول: وفي وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى مسارحها. يقال منه: سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا،: إذا أخرجها للرعي غدوة، وسرحت الماشية: إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا وسروحا. فالسرح بالغداة، والإراحة بالعشي ". (٦) في تفسير القرطبي ١٠/٧٢. ٩{وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي: من الطرق جائر لا يهتدون فيه. والجائرُ: العادِلُ عن القصد (١) . ١٠{مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ} يعني المرعى. قال عِكْرِمَة: لا تأكل ثمرَ الشجر فإنه سُحْت. يعني الكلأ. {فِيهِ تُسِيمُونَ} أي تَرْعَون. يقال: أَسَمْتُ إبلي فسَامَت. ومنه قيل لكل ما رعى من الأنعام: سائمة، كما يقال: رَاعِيَة. ١٤{وَتَرَى الْفُلْكَ} السفن. {مَوَاخِرَ فِيهِ} أي: جَوَارِيَ تَشُقُّ الماء. يقال: مَخَرَت السفينة. ومنه مَخْرُ الأرض، إنما هو شقُّ الماء لها. ١٥{وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ} أي: جبالا ثوابت لا تبرح. وكل شيء ثَبَتَ فقد رسا. {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي: لئلا تميد بكم الأرض. والميد: الحركة والميل. ومنه يقال: فلان يَمِيدُ في مشيته: إذا تَكَفَّأ (٢) . ٢١{وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي: متى يبعثون. ٢٦{فَأَتَى اللّه بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} أي: من الأساس. وهذا مثل. أي أهلكهم كما أهلك من هدم مسكنه من أسفله فخرَّ عليه. __________ (١) في تفسير الطبري ١٤/٥٨ "يعني تعالى ذكره: ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج. فالقاصد من السبل: الإسلام. والجائر منها: اليهودية والنصرانية وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها، سوى الحنيفية المسلمة. وقيل: "ومنها جائر" لأن السبيل يؤنث ويذكر، فأنت في هذا الموضع". (٢) في اللسان ١/١٣٦ "وفي حديث صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم: أنه كان إذا مشى تكفى تكفيا. التكفي: التمايل إلى قدام كما تتكفأ السفينة في جريها. قال ابن الأثير: روي مهموزا وغير مهموز، والأصل الهمز ". ٢٨{فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} أي: انقادوا واستسلموا. والسلم: الاستسلام. ٤٤{بِالْبَيِّنَتِ وَالزُّبُرِ} الكتب. جمع زبور. ٤٧{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} أي: على تَنَقُّص. ومثله: التَّخَوُّن، يقال: تَخَوَّفته الدهور وتخوَّنته، إذا نقصته وأخذت من ماله أو جسمه. ٤٨{يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} أي: تدور ظلاله وترجع من جانب إلى جانب. والْفَيْءُ: الرّجوع. ومنه قيل للظل بالعَشِيّ: فَيْءٌ، لأنه فَاءَ عن المغرب إلى المشرق. {سُجَّدًا للّه} أي مُسْتَسْلِمَة منقادة. وقد بينت هذا في كتاب "المشكل " (١) {وَهُمْ دَاخِرُونَ} أي: صاغرون. يقال: دخر للّه (٢) . ٥٢{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} أي: دائما (٣) . والدين: الطاعة. يريد: أنه ليس من أَحَدٍ يُدَانُ له ويطاع إلا انقطع ذلك عنه بزوال أو هلكة، غير اللّه. فإن الطاعة تدوم له. ٥٣{ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} أي: تضجُّون بالدعاء وبالمسألة. يقال: جَأَرَ الثور يَجْأَر. و {الضُّرُّ} البلاء والمصيبة. __________ (١) راجع تأويل مشكل القرآن ٣٢١-٣٢٣. (٢) في تفسير الطبري ١٤/٧٩ "يقال منه: دخر فلان للّه يدخر دخرا ودخورا: إذا ذل له وخضع". (٣) وقيل: واجبا. وكان مجاهد يقول: معنى الدين في هذا الموضع: الإخلاص، كما في تفسير الطبري ١٤/٨١. ٥٦{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} (١) هذا ما كانوا يجعلونه لآلهتهم من الحظ في زروعهم وأنعامهم. وقد ذكرناه في سورة الأنعام (٢) . ٥٧{وَيَجْعَلُونَ للّه الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} (٣) . أي تنزيها له عن ذلك. {وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} يعني البنين. ٥٨{وَهُوَ كَظِيمٌ} أي حزين قد كَظَم فلا يشكو ما به. ٥٩{أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} أي على هَوَان. {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} أي يَئِدُه. ٦٠{وَللّه الْمَثَلُ الأَعْلَى} شهادةُ أن لا إله إلا هو. ٦٢{وَيَجْعَلُونَ للّه مَا يَكْرَهُونَ} من البنات. {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} أي الجنة. ويقال: البنين. {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} أي معجلون إلى النار (٤) . يقال: فَرَطَ مني ما لم أحسبه. __________ (١) قال القرطبي في تفسيره ١٠/١١٥ "ذكر نوعا آخر من جهالتهم، وأنهم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضر وينفع - وهي الأصنام - شيئا من أموالهم يتقربون به إليه. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما". (٢) راجع ص ١٦٠. (٣) في تفسير القرطبي ١٠/١١٦ "نزلت في خزاعة وكنانة؛ فإنهم زعموا أن الملائكة بنات اللّه، فكانوا يقولون: ألحقوا البنات بالبنات ". (٤) وقيل: مخلفون متركون في النار منسيون فيها. وهو القول الذي اختاره الطبري ١٤/٨٧ "وذلك أن الإفراط الذي هو بمعنى التقديم إنما يقال فيمن قدم مقدما لإصلاح ما يقدم إليه إلى وقت ورود من قدمه عليه، وليس بمقدم من قدم إلى النار من أهلها لإصلاح شيء فيها لوارد يرد عليها فيها فيوافقه مصلحا؛ وإنما تقدم من قدم إليها لعذاب يجعل له. فإذا كان ذلك معنى الإفراط الذي هو تأويل التعجيل، ففسد أن يكون له وجه صحيح - صح المعنى الآخر، وهو الإفراط الذي بمعنى التخليف والترك. وذلك أنه يحكي عن العرب: ما أفرطت ورائى أحدا، أي ما خلفته، وما فرطته، أي لم أخلفه ". أي سبق. والفارِط: المتقدِّم إلى الماء لإصلاح الأَرْشِيَةِ والدِّلاء حتى يَرِدَ القوم. وأَفْرَطْتُه: أي قدّمته. ٦٦{نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} ذهب إلى النَّعَم. والنّعم تؤنث وتذكر (١) و (الْفَرْثُ) ما في الكَرِش. وقوله: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا} لأن اللبن كان طعامًا فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فَرْثٌ في الكرش، وخلص من الدم لبن. {سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} أي: سهلا في الشراب لا يَشْجَى به شاربه ولا يَغَصّ. ٦٧{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} أي: خمرًا. ونزل هذا قبل تحريم الخمر (٢) . {وَرِزْقًا حَسَنًا} يعني: التمر والزبيب. وقال أبو عبيدة: السَّكَرُ: الطُّعم (٣) . ولست أعرف هذا في التفسير. ٦٨{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [أي: ألهمها. وقيل:] سخَّرها. وقد بيَّنت في كتاب "المشكل" أنه قد يكون كلاما وإشارة وتسخيرًا (٤) . __________ (١) مجاز القرآن ١/٣٦٢. (٢) وإنما جاء تحريم الخمر بعد ذلك في سورة المائدة كما في تفسير الطبري ١٤/٩١. (٣) قال ذلك في مجاز القرآن ١/٣٦٣ واستشهد عليه بقول جندل: "جعلت عيب الأكرمين سكرا" ، وفي تفسير القرطبي ١٠/١٢٩ "أن الزجاج قال: قول أبي عبيدة هذا لا يعرف، وأهل التفسير على خلافه، ولا حجة له في البيت الذي أنشده؛ لأن معناه عند غيره:أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس"، وفي تفسير الطبري ١٤/٩٣ عن الشعبي "قال: السكر: النبيذ، والرزق الحسن: التمر الذي كان يؤكل. وعلى هذا التأويل الآية غير منسوخة بل حكمها ثابت. وهذا التأويل عندي هو أولى الأقوال بتأويل هذه الآية، وذلك أن السكر في كلام العرب على أحد أوجه أربعة: أحدها: ما أسكر من الشراب والثاني ما طعم من الطعام، والثالث السكون، والرابع المصدر ... ". (٤) راجع تأويل مشكل القرآن ٣٧٣-٣٧٤. {وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} كل شيء عُرِشَ من كَرْم أو نبات أو سقف: فهو عَرْش ومَعْرُوش. {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أي: من الثمرات. وكلّ هاهنا ليس على العموم. ومثل هذا قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (١) . ٦٩{فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا} أي: منقادة بالتَّسْخِير. وذُلُل: جمع ذَلُول. ٧٠{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} وهو الهَرَم؛ لأن الهرم أسوأ العمر وشرّه. {لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} أي: حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئا لشدة هرمه. ٧١{وَاللّه فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} يعني: فضّل السادة على المماليك. {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا} يعني: السادة. {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} أي: لا يجعلون أموالهم لعبيدهم حتى يكونوا والعبيد فيها سواء (٢) . وهذا مَثَل ضربه اللّه لمن جعل له شركاء من خلقه. ٧٢{بَنِينَ وَحَفَدَةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم. ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحَفْد: مُدَارَكَةُ الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه __________ (١) سورة الأحقاف ٢٥. (٢) في تفسير الطبري ١٤/٩٥ "يقول تعالى ذكره: فهم لا يرضون بأن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقتهم سواء، وقد جعلوا عبيدي شركائي في ملكي وسلطاني. وهذا مثل ضربه اللّه تعالى ذكره للمشركين باللّه. وقيل: إنما عنى بذلك: الذين قالوا: إن المسيح ابن اللّه، من النصارى". يقال في دعاء الوِتْر: وإليك نَسْعَى ونَحْفِد (١) . ٧٣وقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا} نَصَبَ شيئًا بإيقاع رزق عليه (٢) . أي: يعبدون ما لا يملك أن يرزقهم شيئًا. كما تقول: هو يخدم من لا يستطيع إعطاءه درهما. ٧٦{وَضَرَبَ اللّه مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ} أي: ثِقْلٌ على مولاه. أي على وليه وقرابته. مَثَل ضربه لمن جعل شريكًا له في خلقه (٣) . {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} مَثَل ضربه لنفسه. ٨٠{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا} يعني قِبَابَ الأَدَمِ وغيرها. {تَسْتَخِفُّونَهَا} في الحَمْل. {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} يوم سفركم {وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} و (الأثاث) : متاع البيت من الفُرِش والأَكْسِيَة. قال أبو زيد: واحد الأثاث: أثَاثَة (٤) . __________ (١) أي نسرع إلى العمل بطاعتك. وقيل الحفدة: بنو امرأة الرجل ليسوا منه. حكاه الطبري أيضا ثم قال ١٤/٩٨ "وإذا كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل المتخففون فيها، وكان اللّه أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا ومماليكنا، إذ كانوا يحفدوننا فيستحقون اسم حفدة؛ ولم يكن اللّه دل بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله، ولا بحجة عقل؛ على أنه عنى بذلك نوعا من الحفدة دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكل ذلك علينا - لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاص من الحفدة دون عام، إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم. وإذا كان ذلك كذلك فلكل الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا، وجه في الصحة ومخرج في التأويل ". (٢) يريد أن شيئا مفعول به للمصدر الذي هو "رزقا" وانظر البحر المحيط ٥/٥١٦. (٣) تأويل مشكل القرآن ٣٠٠ وتفسير الطبري ١٤/١٠٠. (٤) اللسان ١/٤١٥ وفيه أيضا: "وقال الفراء: الأثاث لا واحد لها كما أن المتاع لا واحد له ". ٨١{وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا} أي ظلال الشجر والجبال. و (السَّرَابِيلُ) : القُمُص. {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أراد تقيكم الحر والبرد. فاكتفى بذكر أحدهما إذا كان يدل على الآخر. كذلك قال الفرَّاء. {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} يعني الدُّرُوع تقيكم بأس الحرب (١) . ٨٣{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّه} أي يعلمون أن هذا كله من عنده، ثم ينكرون ذلك، بأن يقولوا: هو شفاعة آلهتنا (٢) . ٩٢(الأنكاث) : ما نقض من غزل الشعر وغيره. واحدها نِكْث، يقول: لا تؤكدوا على أنفسكم الأيْمان والعهود ثم تنقضوا ذلك وتحنثوا فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت، ثم نقضت ذلك النسج فجعلته أنكاثا (٣) . {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ} أي: دَخَلا وخيانة (٤) . {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ} أي: فريق منكم. {أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} أي: أغنى من فريق. ١٠٠{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} لم يرد أنهم بإبليس كافرون. ولو كان هذا كذا كانوا مؤمنين. وإنما أراد __________ (١) في تفسير الطبري ١٤/١٠٤ "يقول: ودروعا تقيكم بأسكم. والبأس: هو الحرب، والمعنى تقيكم في بأسكم السلاح أن يصل إليكم". (٢) وقيل إن المراد بالنعمة التي ينكرونها: النبي صلى اللّه عليه وسلم، عرفوا نبوته ثم جحدوه وكذبوه، وهو أولى الأقوال عند الطبري ١٤/١٠٦ "وذلك أن الآية بين آيتين كلتاهما خبر عن رسول اللّه وعما بعث به، فأولى ما بينهما أن يكون في معنى ما قبله وما بعده. إذ لم يكن معنى يدل على انصرافه عما قبله وعما بعده، فالذي قبل هذه الآية قوله: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ. يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا) وما بعده: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا) وهو رسولها ... ". (٣) راجع تفسير هذه الآية في تأويل مشكل القرآن ٣٠١. (٤) الدخل في كلام العرب: كل أمر لم يكن صحيحا. الذين هم من أجله مشركون باللّه. وهذا كما يقال: سار فلان بك عالمًا، أي سار من أجلك. ١٠١{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} أي: نَسخْنا آية بآية. ١٠٣{يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} أي يميلون إليه ويزعمون أنه يُعلِّمك. وأصل الإلحاد: الميل. ١٠٦{وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} أي فتح له صدرًا بالقبول. ١١١{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} أي يأتي كل إنسان يجادل عن نفسه [غدا] . ١١٢{رَغَدًا} كثيرًا واسعًا. ١١٨{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا} يعني: اليهود. ١٢٠{كَانَ أُمَّةً} أي معلما للخير يقال: فلان أمة. وقد بينت هذا في كتاب "المشكل" (١) . {قَانِتًا للّه} أي مطيعًا. ١٢١{شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ} جمع نُعْمٍ. يقال: يوم نُعْمٍ ويوم بُؤْس، ويُجمع أَنْعُم وأَبْؤُس. وليس قول من قال: إنه جمع نِعْمة بشيء؛ لأن فِعْلَة لا يجمع على أَفْعُل (٢) . ١٢٧{وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} تخفيف ضَيِّق. مثل: هَيْنٍ ولَيْنٍ. وهو إذا __________ (١) راجع تأويل مشكل القرآن ٣٤٥. (٢) في هامش الأصل: "وهذا قول سيبويه زعم أن أنعم جمع نعمة". كان على هذا التأويل صِفَةٌ. كأنه قال: لا تك في أمر ضَيِّق من مكرهم. ويقال: إن "ضَيْق" و " ضِيق" بمعنى واحد. كما يقال: رَطْلٌ ورِطْلٌ. ويقال: أنا في ضِيقٍ وضِيقَة. وهو أعجب إليَّ. |
﴿ ٠ ﴾