سورة الأنبياء١{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} أي قربتْ القيامةُ {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} ٦{مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} أي: ما آمنت بالآيات. ٨{وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} كقولهم: {مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} (١) فقال اللّه: ما جعلنا الأنبياء قبله أجسامًا لا تأكلُ الطعام ولا تموتُ، فنجعلَه كذلك. ١٠{لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي شرَفُكم وكذلك قوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} (٢) . ١١{قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} أي أهلكنا. وأصل القَصْم: الكسر. ١٢{إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} أي يَعْدُون. وأصل الرَّكْض: تحريك الرجلين؛ تقول: رَكَضْتُ الفرس: إذا أَعْدَيْتَهُ بتحريك رجليك فعدا. ولا يقال: فَرَكَضَ (٣) ، ومنه قوله: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ} (٤) . ١٣{وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} أي إلى نعمكم التي أَتْرَفَتْكُمْ. ١٥{خَامِدِينَ} قد ماتوا فسكَنُوا وخَمَدوا. __________ (١) سورة المؤمنون ٢٤. (٢) في تفسير القرطبي ١١/٢٧٣. (٣) في اللسان ٦/١٩ "وركضت الفرس برجلي، إذا استحثثته ليعدو، ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا، وليس بالأصل. والصواب ركض الفرس، على ما لم يسم فاعله، فهو مركوض". (٤) سورة ص ٤٢. ١٧{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} أي ولدًا. ويقال: امرأةً. وأصل اللّهو: النكاحُ. وقد ذكرت هذا في كتاب "تأويل المشكل" (١) . {لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي مِنْ عندِنا لا عندِكم. ١٨{فَيَدْمَغُهُ} أي يكسره. وأصل هذا إصابة الرأسِ والدماغِ بالضرب وهو مقتل. {فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} أي زائلٌ ذاهب. ١٩{وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} أي لا يعيون (٢) . والحَسِير: المنقطع به الواقف إعياءً أو كلالا. ٢١{هُمْ يُنْشِرُونَ} أي يُحيون الموتى. ٢٤{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أي حُجَّتَكم. {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} يعني القرآن. {وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} يعني الكتب المتقدمة من كتب اللّه. يريد أنه ليس في شيء منها أنه اتخذ ولدًا. ٢٧{لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} لا يقولون حتى يقولَ ويأمر وينهى، ثم يقولون عنه. ونحوه قوله: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّه وَرَسُولِهِ} (٣) أي لا تقدِّموا القول بالأمر والنهي قبلَه. ٢٨{وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} أي خائفون. ٣٠{كَانَتَا رَتْقًا} أي كانتا شيئا واحدًا مُلْتَئِمًا، ومنه يقال: هو يَرْتُق الفَتْقَ، أي يَسدُّه. وقيل للمرأة: رَتْقَاء. __________ (١) راجع ص ١٢٣-١٢٤ وانظر تفسير القرطبي ١١/٢٧٦. (٢) وهذا تفسير قتادة، كما في الطبري ١٧/٩. (٣) سورة الحجرات ١. {فَفَتَقْنَاهُمَا} يقال: كانَتَا مُصْمَتَتَيْنِ، فَفَتَقْنَا السماءَ بالمطر، والأرضَ بالنبات (١) . ٣٢{سَقْفًا مَحْفُوظًا} من الشياطين، بالنجوم. {وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} أي عمَّا فيها: من الأدلة والعبر. ٣٧{خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خُلقتْ العجلةُ في الإنسان، وهذا من المقدم والمؤخر، وقد بينت ذلك في كتاب "المشكل" (٢) . ٤٣{وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ} أي لا يجيرُهم منَّا أحدٌ؛ لأن الْمُجِيرَ صاحبٌ لجاره. ٤٤{أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} أي نَفْتَحُها عليك. {أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ} مع هذا؟! . ٥١{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} أي وهو غلام. ٥٨{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} أي فُتَاتًا. وكل شيء كسرته: فقد جَذَذْتَهُ. ومنه قيل للسَّويق: جَذِيذٌ. ٦٠{قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} أي يَعيبُهم. وهذا كما يقال: لئن ذكرتني لَتَنْدَمَنَّ. يريد: بسوء. ٦١{فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ} أي بِمَرْأًى من الناس: لا تأتوا به خِفْيَة. __________ (١) وهذا أولى الأقوال بالصواب عند الطبري ١٧/١٥ "لدلالة قوله: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) على ذلك، وأنه جل ثناؤه لم يعقب ذلك بوصف الماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبابه". (٢) راجع ص ١٥٢. ٦٥{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} أي رُدُّوا إلى أوّل ما كانوا يعرفونها به: من أنها لا تَنْطق؛ فقالوا: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} ؛ فحذف "قالوا" اختصارًا. ٦٩{كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا} أي وسلامةً. لا تكوني بردًا مُؤْذِيًا مضرًّا. ٧٢{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} دعا بإسحاق فاستُجيب له، وزِيدَ يعقوبُ نافلةً. كأنه تطوُّعٌ من اللّه وتفضُّلٌ بلا دعاء، وإن كان كلٌّ بفضله. ٧٨{نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} رعتْ ليلا. يقال: نَفَشَت الغنمُ بالليل، وهي إبلٌ، نَفَشٌ ونُفَّشٌ ونُفَّاشٌ. والواحد نَافِشٌ. وسَرَحَتْ، وسَرَبَتْ بالنَّهار. ٨٠{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} يعني الدُّروع. {لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} أي من الحرب. ٨١{عَاصِفَةً} شديدة الحر. وقال في موضع آخر: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً} (١) أي ليِّنَةً كأنها كانت تشتدُّ إذا أراد، وتَلِينُ إذا أراد. ٨٧{وَذَا النُّونِ} ذا الحوتِ. والنُّونُ: الحوت. {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي نُضَيِّقَ عليه. يقال: فلان مُقَدَّر عليه، ومُقَتَّر عليه في رزقه. وقال: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} (٢) أي ضَيَّق عليه في رزقه (٣) . __________ (١) سورة ص ٣٦. (٢) سورة الفجر ١٦. (٣) راجع تفسير ابن قتيبة لهذه الآية في تأويل مشكل القرآن ٣١٢-٣١٦ وانظر تفسير القرطبي ١١/٣٢٩ وتفسير الطبري ١٧/٦١. ٩٣{وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} أي تفرّقوا فيه واختلفوا. ٩٤{فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} أي لا نجْحَدُ ما عَمِل. ٩٥{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} أي حرامٌ عليهم أن يرجعوا. ويقال: حرامٌ: واجبٌ. وقال الشاعر: فإنَّ حَرَامًا لا أرى الدهرَ باكيًا ... على شَجْوِهِ إِلا بكَيتُ على عَمْرو (١) أي واجبًا. ومن قرأ: "حِرْمٌ" فهو بمنزلة حَرَام. يقال: حِرْمٌ وحرامٌ؛ كما يقال: حِلٌّ وحلالٌ. ٩٦{وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} أي من كل نَشْزٍ من الأرض وأكَمَةٍ. {يَنْسِلُونَ} من النَّسَلان. وهو: مُقَارَبَةُ الخطْو مع الإسراع، كمشيِ الذئبِ إذا بادر. والعَسَلان مِثله. ٩٧{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} يعني يوم القيامة. ٩٨{حَصَبُ جَهَنَّمَ} ما أُلقي فيها، وأصله من الحصْبَاء، وهي: الحصى. يقال: حَصَبْتُ فلانًا: إذا رميتَه حَصْبًا - بتسكين الصاد - وما رَمَيْتَ به: حَصَبٌ، بفتح الصاد. كما تقول: نَفَضْتُ الشجرة نَفْضًا. وما وقع من ثمرها: نَفَضٌ؛ واسم حصى الحجارة: حَصَبٌ. ١٠٤{السِّجِلِّ} الصحيفة. __________ (١) البيت لعبد الرحمن بن جمانة المحاربي الجاهلي، كما في اللسان ١٥/١٦ ونسب للخنساء في تفسير القرطبي ١١/٣٤٠ والبحر المحيط ٦/٣٣٩ وفيهما "بكيت على صخر" ولا يوجد البيت في ديوانها. ١٠٥{أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} يقال: أرض الجنة، ويقال: الأرض المقدَّسة، ترثها أمةُ محمد صلى اللّه عليه وعلى آله. ١٠٩{آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: أعلمتكم وصرتُ أنا وأنتم على سواء، وإنما يريد نابَذْتكُم وعاديتكم وأعلمتكم ذلك، فاستوَيْنا في العلم. وهذا من المختصر (١) . __________ (١) راجع تأويل مشكل القرآن ١٦. |
﴿ ٠ ﴾