سورة الحجمكية كلها إلا ثلاث آيات (١) ٢{تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} أي تسلو عن ولدها وتتركه. ٤{كُتِبَ عَلَيْهِ} أي على شيطانه {أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} ٥{مُخَلَّقَةٍ} تَامَّة. {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} غير تامَّة. يعني السّقط. {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} كيف نخلقكم {فِي الأَرْحَامِ} {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى} يعني قبل بلوغ الهَرَم. {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} أي الخَرَف والهرم. {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً} أي مَيِّتَةً يابسةً. ومثل ذلك همود النار: إذا طَفِئت فذهبت. {اهْتَزَّتْ} بالنبات. {وَرَبَتْ} انتفختْ. {وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي من كل جنس حسن، يُبْهِجُ، أي يَشْرح. وهو فعيل في معنى فاعل. يقال: امرأة ذات خَلْق باهِج. ٩{ثَانِيَ عِطْفِهِ} أي متكبر مُعرض. ١١{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ} على وجه واحد ومذهب واحد. __________ (١) هي قوله: "هذان خصمان" إلى تمام ثلاث آيات (١٩-٢١) كما في البحر المحيط ٦/٣٤٩ وتفسير القرطبي ١٢/١. {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} أي: ارتد. ١٣{لَبِئْسَ الْمَوْلَى} أي الوَليّ. {وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} أي الصاحب والخليل. ١٥{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّه} أي لن يرزقه اللّه. وهو قول أبي عبيدة، يقال: مَطرٌ نَاصِرٌ، وأرض مَنْصُورَةٌ. أي مَمْطورَة. وقال المفسرون: من كان يظن أن لن ينصر اللّه محمدًا (١) . {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} أي بحبل إلى سقف البيت. {ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ} أي حِيلتُه غيظَه لِيَجْهَد جهْده، وقد ذكرت ذلك في تأويل المشكل بأكثر من هذا التفسير (٢) . ١٩{يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} أي الماء الحار. ٢٠{يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} أي يُذاب. يقال: صَهَرت النار الشَّحْمة. والصُّهارة: ما أُذيب من الألْيَة. ٢٥{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} المقيم فيه والبادي، وهو الطارئ من البدو، سواء فيه: ليس المقيم فيه بأولى من النَّازح إليه. {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} أي من يرد فيه إلحادا. وهو الظلم والميل عن الحق. فزيدت الباءُ كما قال: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (٣) ؛ وكما قال الآخر: سُودُ المحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ (٤) __________ (١) تفسير القرطبي ١٢/٢١. (٢) راجع ص ٢٧٨-٢٨٠. (٣) سورة المؤمنون ٢٠. (٤) صدره: هن الحرائر لا ربات أخمرة وهو للراعي، كما في اللسان ٦/٥٢. أي: لا يقرأن السُّور. وقال الآخر: نَضْرِبُ بالسيف وَنْرجُو بالفَرَجْ (١) ٢٦{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} أي جعلنا له بيتًا. ٢٧{يَأْتُوكَ رِجَالا} أي رَجَّالةً، جمع رَاجِل، مثل صاحب وصِحَاب. {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أي رُكْبَانًا على ضُمْرٍ من طول السفر. {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} أي بعيد غامض. ٢٨{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} يقال: التجارة. {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} يوم التَّرْوِيَة، ويوم عَرَفَة، ويوم النَّحر. ويقال: أيام العشر كلها (٢) . ٢٩{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} والتَّفَثُ: الأَخْذ من الشارب والأظفار، ونتف الإبطين، وحلق العَانَة. {بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} سمي بذلك لأنه عتيق من التَّجَبُّر، فلا يتكبر عنده جبّار. ٣٠{وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللّه} يعني رَمْيَ الجِمَار، والوقوفَ بجمع، وأشباه ذلك. وهي شعائر اللّه. {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} يعني في سورة المائدة من الميتةِ والمَوْقُوذَةِ والمُتَرَدِّيَةِ والنَّطِيحَةِ (٣) . __________ (١) صدره: نحن بنو جعدة أصحاب الفلج وهو للنابغة الجعدي، كما في الخزانة ٤/٥٩ وانظر تخريجه في هامش تأويل مشكل القرآن ١٩٣. (٢) راجع تفسير القرطبي ٣/١-٣. (٣) راجع ص ١٣٨، ١٤٠. ٣١{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللّه فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} هذا مثل ضربه اللّه لمن أشرك به، في هلاكه وبعده من الهدى. (السَّحِيقُ) البعيد. ومنه يقال: بُعْدًا وسُحْقًا، وأَسْحَقَهُ اللّه. ٣٦{صَوَافَّ} أي قد صُفَّت أيديها. وذلك إذا قُرِنَت أيديها عند الذبح. {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} أي سقطت. ومنه يقال: وَجَبت الشمس: إذا غابت. {الْقَانِعَ} السائل (١) . يقال: قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعًا؛ ومن الرِّضا قَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعَةً. {الْمُعْتَرَّ} الذي يَعتريك: أي يُلِمُّ بك لتعطيه ولا يَسْأَل. يقال: اعْتَرَّني وعَرَّني، وعَرَانِي واعْتَرَانِي (٢) . ٣٧{لَنْ يَنَالَ اللّه لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا} كانوا في الجاهلية: إذا نحروا البُدْنَ نَضَحُوا دماءَها حول الكعبة؛ فأراد المسلمون أن يصنعوا ذلك، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {لَنْ يَنَالَ اللّه لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا} (٣) . ٤٠{لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} للصَّابئين. {وَبِيَعٌ} للنَّصارى. {وَصَلَوَاتٌ} يريد بيوت صَلَوَات، يعني كنائس اليهود. {وَمَسَاجِدُ} للمسلمين. هذا قول قتادة (٤) وقال: الأديان ستة: خمسة للشيطان، __________ (١) وهذا أولى الأقوال بالصواب عند الطبري ١٧/١٢١ وانظر الدر المنثور ٤/٣٦٢-٣٦٣. (٢) نقله في البحر المحيط ٦/٣٤٧ منسوبا لابن قتيبة. (٣) في تفسير القرطبي ١٢/٦٥ وفي الدر المنثور ٤/٣٦٣ وهو فيهما عن ابن عباس. (٤) في الدر المنثور ٤/٣٦٤. وواحد للرحمن، فالصابئون: قوم يعبدون الملائكة، ويصلون للقبلة ويقرأون الزَّبور. والمَجُوس: يعبدون الشمس والقمر، والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. واليهود والنصارى. ٤٥{وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} يقال: هو المبني بالشِّيد. وهو الجِصُّ. والمَشِيد: المُطَوَّل. ويقال: المَشِيدُ والمُشَيَّد سواء في معنى المطول، وقال عَدِيّ بن زَيْد: شَادَهُ مَرْمَرًا وَجَللّه كِلْ ... سًا فَلِلطَّيْرِ في ذَرَاهُ وُكُورُ (١) ٥١{مُعَاجِزِينَ} مُسَابِقِين (٢) . ٥٢{إِلا إِذَا تَمَنَّى} أي تلا القرآن. {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} في تلاوته. ٥٤{فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أي تخضع وتَذِلّ. ٥٥{عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} كأنه عَقُمَ عن أن يكون فيه خير أو فرج للكافرين. ٦٧{جَعَلْنَا مَنْسَكًا} أي عيدًا (٣) . ٧١{مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} أي برهانا ولا حُجَّة. __________ (١) البيت له في تفسير الطبري ١٧/١٢٨ والقرطبي ١٢/٧٤ والدر المنثور ٤/٣٦١ وغير منسوب في اللسان ٤/٢٣٠. (٢) قال الأخفش: معاندين مسابقين. وقال ابن عباس: مغالبين مشاقين، كما في تفسير القرطبي ١٢/٧٨. (٣) وقيل: عنى به ذبح يذبحونه ودم يهريقونه، قال الطبري ١٧/١٣٨ "والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى بذلك إراقة الدم أيام النحر بمنى؛ لأن المناسك التي كان المشركون جادلوا فيها رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم- كانت إراقة الدم في هذه الأيام ... ". ٧٢{يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} أي يتناولونهم بالمكروه من الشتم والضرب. ٧٨{هُوَ اجْتَبَاكُمْ} أي اختاركم. {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ضيق. {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا} يعني القرآن. {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} أي قد بلغكم. {وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} بأن الرسل قد بلّغتهم. {فَنِعْمَ الْمَوْلَى} أي الوَلِيّ. {وَنِعْمَ النَّصِيرُ} أي الناصر. مثل قَدِير وقَادِر، وسميع وسامع. |
﴿ ٠ ﴾