سورة النور

مدنية كلها

١

{فَرَضْنَاهَا} فرضنا ما فيها.

٨

{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} أي يَدْفعه عنها. والعذاب: الرَّجْم.

١١

{جَاءُوا بِالإِفْكِ} أي بالكذب.

وقوله: {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} يعني عائشة. أي تُؤْجَرُون فيه.

{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} أي [عُظْمَهُ] قال الشاعر يصف امرأة:

تَنَامُ عَن كِبْرِ شَأْنِهَا فإذا ... [قَامَتْ رُوَيْدًا تكادُ تَنْغَرِفُ] (١)

أي تنام عن عظم شأنها؛ لأنها مُنَعَّمَة.

١٢

{لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} أي بأمثالهم من المسلمين. على ما بينا في كتاب "المشكل" (٢) .

١٣

{لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} أي هَلا جاءوا.

١٤

{فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ} [أي خضتم فيه] .

١٥

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} أي تَقْبَلُونه. ومن قرأ "تَلِقُونه" أخذه من الْوَلْق وهو الكذِب. وبذلك قرأت عائشة (٣) .

__________

(١) البيت لقيس بن الخطيم، كما في ديوانه ١٧ واللسان ٦/٤٤٣، ١١/١٧٠ وبعده فيه "قال يعقوب: معناه: تتثنى، وقيل معناه: تنقصف من دقة خصرها".

(٢) راجع ص ٢٩٧.

(٣) تأويل مشكل القرآن ١٩.

٢١

{مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ} أي ما طَهُرَ.

{اللّه يُزَكِّي} أي يُطَهِّر.

٢٢

{وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} أي لا يحلِف. وهو يَفْتَعِل من الألِيَّةِ، وهي اليمين. وقُرِئَت أيضًا: ولا يَتَأَلَّ على يَتَفَعَّل.

{أَنْ يُؤْتُوا} أراد أن لا يؤتوا. فحذف "لا". وكان أبو بكر حلف أن لا ينفق على مِسْطَح وقرابته الذين ذكروا عائشة، وقال أبو عبيدة: لا يَأْتَلِ، هو يَفْتَعِل من ألَوْتُ. يقال: ما أَلَوْتُ أن أصْنع كذا وكذا. وما آلو [جهدًا] قال النابغة الجعدي:

وَأَشْمَطَ عُرْيَانًا يَشُدُّ كِتَافَهُ ... يُلامُ على جَهْدِ القِتَالِ وما ائْتَلا (١)

أي ما تَرَكَ جَهدًا.

٢٥

{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّه دِينَهُمُ الْحَقَّ} الدين هاهنا الحساب. والدين يتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب "المشكل" (٢) .

٢٦

{الْخَبِيثَاتُ} من الكلام.

{لِلْخَبِيثِينَ} من الناس.

{وَالْخَبِيثُونَ} من الناس.

{لِلْخَبِيثَاتِ} من الكلام (٣) .

{أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ} يعني عائشة.

وكذلك الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِين على هذا التأويل.

__________

(١) البيت له في اللسان ١٨/٤١ وفيه: "عريان".

(٢) راجع ص ٣٥١.

(٣) في تفسير القرطبي ١٢/٢١١ "قال النحاس في معاني القرآن: وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية، ودل على صحة هذا القول (أولئك مبرءون مما يقولون) أي عائشة وصفوان، مما يقول الخبيثون والخبيثات".

٢٧

{حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} أي حتى تستأذنوا {وَتُسَلِّمُوا} والاستئناس: أن يعلم من في الدار. تقول: استأنست فما رأيت أحدًا؛ أي استعلمت وتعرَّفْتُ. ومنه: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} (١) أي علمتم. قال النابغة:

كأنَّ رَحْلِي وقَدْ زَالَ النَّهارُ بِنَا ... بِذِي الجَلِيلِ على مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ (٢)

يعني ثورًا أبصر شيئًا فهو فَزِع.

٢٩

{بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} بيوت الخَانَات.

{فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} أي منفعة لكم من الحر والبرد.

والسترُ والمتاع: النَّفْع.

٣١

{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} يقال: الدُّمْلُج والوِشَاحان، ونحو ذلك.

{إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يقال: الكف والخاتم. ويقال: الكُحْل والخاتم (٣) .

{أَوْ إِخْوَانِهِنَّ} يعني الإِخْوَة.

{أَوْ نِسَائِهِنَّ} يعني المسلمات. ولا ينبغي للمسلمة أن تتجرد بين يَدَيْ كافرة.

{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} يريد الأتْبَاع الذين ليست لهم إِرْبَةٌ في النساء، أي حاجة، مثل الخَصِيّ والخُنْثَى والشيخ الهرِم.

__________

(١) سورة النساء ٦.

(٢) عجزه له في اللسان ٧/٣١٢ وبعده

"أي على ثور وحشي أحس بما

رابه، فهو يستأنس، أي يتبصر ويتلفت هل يرى أحدا؛ أراد أنه مذعور فهو أجد لعدوه وفراره وسرعته، وانظر ديوانه ٢٦، والبحر المحيط ٦/٤٤٦، وشرح القصائد العشر ٢٩٣.

(٣) راجع تفسير الطبري ١٨/٩٢ والقرطبي ١٢/٢٢٨.

{أَوِ الطِّفْلِ} يريد الأطفال. يدلك على ذلك قوله: {الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} أي لم يعرفوها ولم يفهموها.

{وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} أي لا يضربن بإحدى الرِّجلين على الأخرى ليصيب الخلخالُ الخلْخَالَ، فيعلم أن عليها خلْخَالَيْن.

٣٢

{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} والأَيَامَى من الرجال والنساء: هم الذين لا أزواج لهم. يقال: رجل أيِّم، وامرأة أيِّم؛ ورجل أرْمَل، وامرأة أرْملة ورجل بِكْر، وامرأة بِكْر: إذا لم يتزوجا. ورجل ثيب، وامرأة ثيب: إذا كانا قد تزوَّجا.

{وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} أي من عبيدكم. يقال: عَبْدٌ وعِبَاد وعَبِيد. كما يقال: كَلْبٌ وكِلاب وكَلِيب.

٣٣

{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} أي يريدون المُكَاتَبَةَ من العبيد والإماء، على أنفسهم.

{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} عفافًا وأمانة.

{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللّه} أي أعطوهم، أو ضَعُوا عنهم شيئًا مما يلزمهم.

{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} أي لا تكرهوا الإماء على الزنا.

{لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي لتأخذوا من أجورهم على ذلك.

{وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللّه مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يقال: للإماء (١) .

__________

(١) في تفسير الطبري ١٨/١٠٤ "يقول: غفور لهن للمكرهات على الزنا".

٣٥

{اللّه نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} في قلب المؤمن.

{كَمِشْكَاةٍ} وهي: الكُُوَّةُ غيرُ النافذةِ.

{فِيهَا مِصْبَاحٌ} أي سراجٌ.

{كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} مضئٌ، منسوب إلى الدُّر.

ومن قرأ: (دِرِّيءٌ) بالهمز وكسر الدال، فإنه من الكواكب الدَّرارئ وهن: اللائي يَدْرَأْن عليك، أي يطلُعن. وتقديره: فِعِّيلٌ، من "دَرَأْتُ" أي دفعتُ.

{لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} أي ليستْ في مَشْرََُقَةٍ أبدًا، فلا يصيبها ظلٌّ. ولا في مَقْنَأَةٍ أبدًا، فلا تُصيبُها الشمسُ. ولكنها قد جمعت الأمرين فهي شرقية غربية: تُصيبُها الشمسُ في وقت، ويُصيبها الظلُّ في وقت.

٣٧

{تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} أي تتقلب عمَّا كانت عليه في الدنيا: من الشك والكفر؛ وتتفتَّحُ فيه الأبصارُ من الأغْطية.

٣٩

(السَّرَابُ) ما رأيتَه من الشمس كالماء نصف النهار. و "الآل": ما رأيته في أول النهار وآخره، الذي يَرفعُ كل شيء.

{بِقِيعَةٍ} والقِيعَةُ: القاع. قال ذلك أبو عبيدةَ.

وأهلُ النظر من أصحاب اللغة يذكرون: أن "القِيعة" جمع "القاع" (١) ؛ قالوا: والقاعُ واحدٌ مذكر، وثلاثةٌ: أقْواعٌ، والكثيرةُ منها: قِيعانٌ وقِيعةٌ.

__________

(١) القاع: الأرض المنبسطة، وانظر اللسان ١٠/١٧٨ وتفسير القرطبي ١٢/٢٨٢ والطبري ١٨/١١٤.

٤١

{وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} قد صَفَّتْ أجنحتَها في الطيران.

٤٣

{يُزْجِي سَحَابًا} أي يَسُوقُه.

{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} بعضَه فوق بعض.

{فَتَرَى الْوَدْقَ} يعني المطرَ.

{يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} أي من خَللّه.

{سَنَا بَرْقِهِ} ضوءُه.

٤٩

{يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} أي مُقِرِّين خاضعين.

٥٣

{وَأَقْسَمُوا بِاللّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا} وتمَّ الكلام. ثم قال: {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} ؛ أراد: هي طاعة معروفة.

وفي هذا الكلام حذفٌ للإيجاز، يُستدلُّ بظاهره عليه. كأن القوم كانوا يُنافِقون ويَحلِفون في الظاهر على ما يُضمرون خلافَه؛ فقيل لهم: "لا تُقسموا؛ هي طاعةٌ معروفة، صحيحةٌ لا نفاق فيها؛ لا طاعةٌ فيها نفاقٌ" (١) .

وبعض النحويين يقولون: الضَّميرُ فيها: "لِتكنْ منكم طاعةٌ معروفة".

٥٤

{فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي أعرضوا.

{فَإِنَّمَا عَلَيْهِ} أي على الرسول.

{مَا حُمِّلَ} من التبليغ.

{وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} من القبول. أي ليس عليه ألا تقبلوا.

٥٨

{لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يعني: العبيدَ والإماءَ.

{وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} يعني: الأطفالَ؛ (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) .

__________

(١) تفسير القرطبي ١٢/٢٩٠ والطبري ١٨/١٢١.

ثم بيَّنهن، فقال: {مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} يريد: عند النوم.

ثم قال: {ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} يريد هذه الأوقات، لأنها أوقاتُ التَّجرُّد وظهورِ العورة:

فأمَّا قبلَ صلاة الفجر، فللخروجِ من ثياب النوم، ولُبسِ ثياب النهار.

وأمَّا عند الظهيرةُ فلوضعِ الثياب للقائلة.

وأمَّا بعدَ صلاة العشاء، فلوضعِ الثياب للنوم.

ثم قال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} أي بعد هذه الأوقات.

ثم قال: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} ؛ يريد: أنهم خدمُكم، فلا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات الثلاثة، بغير إذن. قال اللّه عز وجل: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} (١) أي يَطُوفون عليهم في الخدمة. وقال النبي -صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- في الهِرَّة: "ليستْ بنجِسٍ؛ إنَّما هي من الطَّوَّافِينَ عليكم والطَّوَّافاتِ" (٢) جعَلَها بمنزلة العبيد والإماء.

٥٩

{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} في كل وقت.

{كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني: الرجال.

٦٠

{وَالْقَوَاعِدُ} يعني: العُجْزَ. واحدها: قاعدٌ.

ويقال: "إنما قيل لها قاعدٌ: لقعودها عن المحيض والولد".

وقد تقعد عن المحيض والولد: ومثلُها يرجو النكاح، أي يطمعُ فيه.

__________

(١) سورة الواقعة ١٧.

(٢) الفتح الكبير للنبهاني ١/٤٤٨ وتفسير القرطبي ١٢/٣٠٦.

ولا أراها سميتْ قاعدًا، إلا بالقعود. لأنها إذا أسَنَّتْ: عجزتْ عن التَّصرُّفِ وكثرة الحركة، وأطالت القعودَ؛ فقيل لها: "قاعدٌ" بلا هاء؛ ليُدلَّ بحذف الهاء على أنه قعودُ كبَرٍ. كما قالوا: "امرأةٌ حاملٌ" بلا هاء؛ ليُدلَّ بحذف الهاء على أنه حمل حَبَلٍ. وقالوا في غير ذلك: قاعدةٌ في بيتها، وحاملةٌ على ظهرها.

{فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} يعني: الرِّداءَ.

{وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ} فلا يُلْقِينَ الرِّداءَ.

{خَيْرٌ لَهُنَّ} والعربُ تقول: "امرأةٌ واضعٌ": إذا كبِرتْ فوضعتْ الخِمار. ولا يكون هذا إلا في الهرِمة.

٦١

{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} في مؤاكلة الناس. وكذلك الباقون: وإن اختلفوا فكان فيهم الرَّغيبُ والزَّهيد. وقد بينت هذا في كتاب "المشكل"، واختلافَ المفسرين فيه (١) .

{وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} يريد: من أموال نسائكم ومَن ضَمَّتْهُ منازلُكم.

{أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} يعني: بيوت العبيد. لأن السيد يملك منزل عبده.

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا} أي مُجْتَمِعِين.

{أَوْ أَشْتَاتًا} أي مُفتَرِقين. وكان المسلمون يتحرَّجون (٢) من مؤاكلة أهل الضُّرِّ -: خوفًا من

__________

(١) راجع ص ٢٥٧-٢٥٩.

(٢) تأويل مشكل القرآن ٢٥٧ وتفسير القرطبي ١٢/٣١٧.

أن يَستأثِرُوا عليهم - ومن الاجتماع على الطعام: لاختلاف الناس في مأكلهم، وزيادةِ بعضهم على بعض. فوسَّع اللّه عليهم.

{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} قال ابن عباس (١) : "أراد المساجد، إذا دخلتَها فقل: السلامُ علينا وعلى عباد اللّه الصالحين".

وقال الحسن (٢) : "ليُسلِّم بعضكم على بعض. كما قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} . (٣)

٦٢

{وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} يريد يوم الجمعة، {لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} لم يقوموا إلا بإذْنه.

ويقال: بل نزل هذا في حفر الخندق؛ وكان قوم يَتَسَلَّلُون منه بلا إذن (٤) .

٦٣

{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} يعني: فخِّموه وشرِّفوه، وقولوا: يا رسول اللّه، ويا نبيَّ اللّه، ونحوَ هذا. ولا تقولوا: يا محمدُ، كما يدعو بعضكم بعضًا بالأسماء.

{قَدْ يَعْلَمُ اللّه الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} أي من يَسْتَتِرُ بصاحبه في اسْتِلالِهِ، ويخرجُ. ويقال: لاذ فلان بفلان؛ [إذا استترَ به] .

و"اللِّوَاذُ": مصدر "لاوَذْتُ به"، فعْل اثنين. ولو كان مصدرًا لـ "لُذْتُ" لكان "لِيَاذًا". هذا قول الفرَّاء.

__________

(١) تفسير الطبري ١٨/١٣٢ والبحر المحيط ٦/٤٧٤.

(٢) تفسير الطبري ١٨/١٣٢ والبحر المحيط ٦/٤٧٤.

(٣) سورة النساء ٢٩.

(٤) تفسير القرطبي ١٢/٣٢١.

﴿ ٠