سورة الشعراء

مكية كلها إلا خمس آيات من آخرها (١)

٧

{مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أي من كل جنس حَسَن.

١٤

{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} أي عندي ذنبٌ.

١٦

{إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الرسول يكون بمعنى الجميع، كما يكون الضيفُ. قال: {هَؤُلاءِ ضَيْفِي} (٢) وكذلك الطفلُ؛ قال: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا} (٣) وقال أبو عبيدة: "رسولٌ بمعنى: رسالة". وأنشد:

لَقَدْ كَذَبَ الواشُونَ; ما بُحْتُ عندَهمْ ... بِسِرٍّ, ولا أرسَلْتُهمْ برَسولِ (٤)

أي برسالة.

١٩

{وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} للنِّعمة.

٢٠

{قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} قال أبو عبيدةَ (٥) "يعني من الناسِين". واستَشْهد بقوله عز وجل في موضع آخرَ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} أي تَنْسَى، {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} (٦) .

٢٢

{عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} اتَّخذتَهم عبيدًا.

__________

(١) من ٢٢٣ - إلى ٢٢٧ راجع البحر المحيط ٧/٥ والقرطبي ١٣/٨٧.

(٢) سورة الحجر ٦٨.

(٣) سورة الحج ٥.

(٤) البيت لكثير في اللسان ١٣/٣٠١ وغير منسوب في تفسير الطبري ١٩/٤١ والقرطبي ١٣/٩٣-٩٤.

(٥) القرطبي ١٣/٩٥.

(٦) سورة البقرة ٢٨٢، وانظر تأويل مشكل القرآن ٣٥٣.

٣٦

{أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} أي أخِّره وأخاه.

٥٠

{قَالُوا لا ضَيْرَ} هي من "ضَارَه يَضُوره ويَضِيره" بمعنى: ضَرَّه. وقد قرئ بها: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} (١) ؛ يعني: لا يَضُرُّكم شيئًا.

٥٤

{إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ} أي طائفة.

٦٠

{فَأَتْبَعُوهُمْ} لَحِقُوهم.

{مُشْرِقِينَ} مُصْبِحين حين شَرَقت الشمس، أي طَلَعتْ. يقال: أَشْرَقْنا؛ أي دخلنا في الشُّروق. كما يقال: أمْسَيْنا وأصْبَحْنا؛ إذا دخلنا في المَساء والصَّباح. ومنه قول العرب في الجاهلية: "أشْرِقْ ثَبِيرُ، كَيْما نُغِيرَ" (٢) . أي ادخُلْ في شروق الشمس.

٦٣

و (الطَّوْد) الجَبَل.

٦٤

{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} قال الحسن: أهلَكْنا (٣) .

وقال غيره: (٤) جَمَعْنا. أراد: جمعناهم في البحر حتى غَرِقوا. قال: ومنه قيل: "ليلةُ المُزْدَلِفَة" أي ليلة الازْدِلاف، وهو الاجتماع. ولذلك قيل للموضع: "جَمْعٌ".

ويقال: {أَزْلَفْنَا} قَدَّمْنا وقرَّبْنا. ومنه "أزْلَفَك اللّه" أي قَرَّبك. ويقال أزلَفَني كذا عند فلان؛ أي قَرَّبَنِي منه منظرًا. و "الزُّلَفُ": المَنازل والمَراقي؛ لأنها تَدْنوا بالمسافر والراقي والنازل.

وإلى هذا ذهب قَتَادةُ (٥) فقال: قَرَّبهم اللّه من البحر حتى أغرقهم فيه،

__________

(١) سورة آل عمران ١٢٠.

(٢) اللسان ٥/١٦٨، ١٢/٤٢ وثبير: جبل معروف عند مكة.

(٣) تفسير الطبري ١٩/٥٢ واللسان ١١/٣٨.

(٤) كأبي عبيدة، كما في تفسير القرطبي ١٣/١٠٧.

(٥) البحر المحيط ٧/٢٠.

ومنه: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} (١) أي أُدْنِيَتْ.

وكلُّ هذه التأويلات متقاربةٌ يرجعُ بعضها إلى بعض.

٨٩

{إِلا مَنْ أَتَى اللّه بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أي خالصٍ من الشِّرْك.

٩٤

{فَكُبْكِبُوا فِيهَا} أي أُلقُوا على رءوسهم. وأصل الحرف: "كُبِّبُوا" من قولك: كَبَبتُ الإناء. فأبدَلَ من الباء الوسطى كافًا: استثقالا لاجتماع ثلاث باءات (٢) . كما قالوا: "كُمْكِمُوا" من "الكُمَّة" - وهي: القَلَنْسُوَة- والأصل: "كُمِّمُوا" (٣) .

١١٨

{فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ} أي احكم بيني وبينهم واقض. ومنه قيل للقاضي: الفَتَّاحُ (٤) .

١١٩

و {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} المملوء. يقال: شَحَنْتُ الإناء، إذا ملأته.

١٢٨

(الرِّيعُ) الارتفاعُ من الأرض. جمع "رِيعَة". قال ذو الرُّمَّة يصف بازِيًا:

طِرَاقُ الْخَوَافِي مُشْرِقًا فَوْقَ رِيعَةٍ ... نَدَى لَيْلِهِ في رِيشِهِ يَتَرَقْرَقُ (٥)

والرِّيع أيضًا: الطريقُ. قال المُسَيَّبُ بن عَلَسٍ -وذكر ظُعُنًا-:

في الآلِ يَخْفِضُهَا ويَرْفَعُها ... رِيعٌ يلُوحُ كأنَّه سَحْلُ (٦)

و"السَّحْلُ": الثوب الأبيض. شَبَّه الطريق به.

__________

(١) سورة الشعراء ٩٠.

(٢) اللسان ٢/١٩٠.

(٣) النهاية ٤/٣٣ واللسان ١٥/٤٣١.

(٤) اللسان ٣/٢٧٣ والنهاية ٣/١٨١ ومفردات الراغب ٣٧٦ وتأويل مشكل القرآن ٣٧٦ وما تقدم ص ١٧٠.

(٥) ديوانه ٤٠٠ "واقع" وتفسير الطبري ١٩/٥٨ واللسان ٩/٤٩٩ وغير منسوب في تفسير القرطبي ١٣/١٢٣ والبحر المحيط ٧/٢٩.

(٦) البيت له في السان ٩/٤٩٩، وتفسير القرطبي ١٣/١٢٢، والبحر المحيط ٦/٣٠.

والآيَةُ: العَلَم.

١٢٩

و (المَصَانِعُ) البناء. واحدها: "مَصْنَعَة".

{لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أي كيْما تَخْلُدوا. وكأن المعنى: أنهم كانوا يَسْتَوْثِقُون في البناء والحصون، ويذهبون إلى أنها تُحَصِّنُهُم من أقدار اللّه عز وجل.

١٣٠

{وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} يقول إذا ضَرَبْتُم: ضَرَبْتُم بالسياط ضَرْب الجبَّارين، وإذا عاقبتُم قتلتُم.

١٣٧

(إِنْ هَذَا إِلا خَلْقُ الأَوَّلِينَ) أراد: اخْتلاقَهم وكذبهم. يقال: خَلَقْتُ الحديثَ واخْتَلَقْتُهُ؛ إذا افْتَعَلْتُهُ. قال الفرَّاء: (١) "والعربُ تقول للخُرافات: أحاديثُ الخَلْق".

ومن قرأ: {إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ} أراد: عَادتهم وشأنَهم.

١٤٨

{طَلْعُهَا هَضِيمٌ} والهضيمُ: الطَّلْع قبل أن تَنْشَقَّ عنه القشور وتَنْفتح. يريد: أنه منضمٌ مُكتَنز. ومنه قيل: أهضَمُ الكَشْحَيْن، إذا كان مُنْضَمَّهما.

١٤٩

{فَارِهِينَ} أَشِرِين بَطِرِين. ويقال: الهاء فيه مبدلة من حاء، أي فَرِحِينَ. و"الفرحُ" قد يكون: السرورَ، ويكون: الأشَرَ. ومنه قول اللّه عز وجل: {إِنَّ اللّه لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (٢) أي الأَشِرِين.

ومن قرأ: (فَارِهِينَ) فهي لغة أخرى. يقال: فَرِهٌ وفارِهٌ، كما يقال: فَرِحٌ وفارِحٌ.

__________

(١) كما في اللسان ١١/٣٧٦. وانظر: تفسير القرطبي ١٣/١٢٥.

(٢) سورة القصص ٧٦.

ويقال: (فَارِهِينَ) حاذِقين (١) .

١٥٣

{إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} أي من المُعَلَّلِين بالطعام والشراب. يريدون: إنَّما أنت بشرٌ. وقد تقدم ذكر هذا (٢) .

١٥٥

{لَهَا شِرْبٌ} أي حظٌّ من الماء.

١٦٨

{مِنَ الْقَالِينَ} أي من المُبْغِضِين. يقال: قَلَيْتُ الرجلَ، أي أبغضته.

١٧٦

{الأَيْكَة} الغَيْضَةُ. وجمعها: "أيْكٌ".

١٨٤

(الْجِبِلَّةَ) : الخَلْق. يقال: جُبِلَ فلانٌ على كذا وكذا؛ أي خُلِق. قال الشاعر:

والموتُ أعظمُ حادثٍ ... مِمَّا يَمُرُّ على الجِبِلَّةْ (٣)

١٨٧

(فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسْفًا) (٤) أي قطعةً.

{مِنَ السَّمَاءِ} يقال: كِسْفٌ وكِسْفةٌ، كما يقال: قِطْعٌ وقِطْعةٌ. و "كِسَفٌ" (٥) جمع "كِسْفَة"، كما يقال: قِطَعٌ [جمع قطعة] .

__________

(١) راجع في ذلك كله: تفسير القرطبي ١٣/١٢٩، والطبري ١٩/٦٢، والبحر المحيط ٧/٣٥ واللسان ١٧/٤١٧.

(٢) راجع: صفحة ٢٥٦ وهامشها، وتفسير القرطبي ١٣/١٣٠، والطبري ١٩/٦٣.

(٣) في تفسير القرطبي ١٣/١٣٦: "فيما".

(٤) هذه قراءة جمهور القراء، وقرأ السلمي وحفص: بفتح السين. أي قطعا، كما تقدم: ص ٢٦١، وقاله الطبري ١٩/٦٦.

(٥) وكذلك "كسف" بالسكون جمع كسفة، مثل سدر وسدرة. وإن كان من قرأ به جعله واحدا، كما قال الأخفش. راجع: تفسير القرطبي ١٣/١٣٦، واللسان ١٥/١٥٥ و ١١/٢٠٩، والبحر المحيط ٧/٣٨.

١٩٧

{أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي علامةً.

١٩٨

{عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ} يقال: رجلٌ أعجمُ، إذا كانت في لسانه عُجْمَةٌ، ولو كان عربيَّ النَّسبِ، ورجلٌ أعجميٌّ: إذا كان من العَجَم، وإن كان فصيحَ اللسان (١) .

٢٠٠

{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ} يعني: التكذيب، أدخلناه {فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}

٢١٢

{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} أي عن الاستماع بالرَّجْم (٢) .

٢٢٣

وقوله: {يُلْقُونَ السَّمْعَ} أي يَسْتَرِقُونه.

٢٢٤

{يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} قوم يتَّبعونهم يَتَحَفَّظون سبَّ النبي -صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- ويَرْوونه.

٢٢٥

{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} أي في كل وادٍ من القول، وفي كل مذهب.

{يَهِيمُونَ} يذهبون كما يذهب الهائمُ على وجهه (٣) .

__________

(١) راجع تفسير الطبري ١١/٦٩، وكلام الفراء في تفسير القرطبي ١٣/١٣٩، واللسان ١٥/٢٧٩-٢٨٠.

(٢) أي برمي الشهب. كما في تفسير القرطبي ١٣/١٤٢. وانظر ما تقدم: ص ٢٣٦.

(٣) على غير قصد؛ بل جائرا عن الحق وطريق الرشاد وقصد السبيل. كما قال الطبري ١٩/٧٨.

﴿ ٠