سورة القصص٣{مِنْ نَبَإِ مُوسَى} أي من خَبَرِه. (١) {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي فِرَقًا وأصْنافًا في الخدمة. {يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} يعني: بني إسرائيلَ (٢) . ٥{وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} للأرض. ٧{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} أي ألقَيْنا في قلبها. ومثله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} (٣) . {فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} أي في البحر. ٨{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} لم يلتقطوه في وقتهم ذاك لهذه العلةِ. وإِنَّما التقطوه: ليكونَ لهم ولدًا بالتَّبَنِّي؛ فكان عدوًّا وحُزْنًا فاختُصر الكلامُ. ١٠{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} قال أبو عبيدة: "فارغًا من الحزن لعلمها أنه لم يُقتل"؛ أو قال: لم يَغْرَق (٤) . وهذا من أعجب التفسير. كيف يكون فؤادُها من الحزن فارغًا في وقتها ذاك، واللّه سبحانه يقول: {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} ؟! وهل يُربَطُ إلا على قلب __________ (١) راجع الكلام عن كونها مكية كلها أو معظمها: في تفسير القرطبي ١٣/٢٤٦ والبحر المحيط ٧/١٠٤. (٢) كما في تفسير القرطبي ١٣/٢٤٨، والطبري ٢٠/١٩. (٣) سورة المائدة ١١١، وانظر: تفسير الطبري ٢٠/٢٠، والبحر ٧/١٠٥. (٤) كما في القرطبي ١٣/٢٥٥، والبحر ٧/١٠٧. وانظر: الطبري ٢٠/٢٤. الجازع والمحزون؟! والعربُ تقول للخائف والجبان: "فؤاده هواء". لأنه لا يَعِي عزمًا ولا صبرًا. قال اللّه {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (١) . وقد خالفه المفسرون إلى الصواب (٢) فقالوا أصبح فارغًا من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتمَّ بشيء -مما يهتم به الحيُّ- إلا أمْرَ ولدِها. ١١{وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي قُصِّي أثرَه واتَّبعيهِ. {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي عن بُعدٍ منها عنه وإعراضٍ: لئلا يَفْطُنوا لها. و"المجانبةُ" من هذا. {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} بها. ١٢{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} أي منعناه أن يرضع [منهن] و"المراضع": جمع "مُرْضِع". {يَكْفُلُونَهُ} أي يَضُمُّونه إليهم. ١٤{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قد تقدم ذكره (٣) . {وَاسْتَوَى} أي اسْتَحْكَم وانتهى شبابُه واستقرَّ: فلم تكن فيه زيادةٌ. ١٥{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} يقال: نصفُ النهار. {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} أي من أصحابه. يعني: بني إسرائيلَ. {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} أي من أعدائه. و "العَدوُّ" يدل على الواحد، وعلى الجمع (٤) . __________ (١) سورة إبراهيم ٤٣، وراجع: اللسان ٢٠/٢٤٧. (٢) وقال الطبري: "وهذا قول لا معنى له، لخلافه قول جميع أهل التأويل" كما قال أبو حيان: "وهذا فيه بعد، وتبعده القراءات الشواذ التي في اللفظة". (٣) راجع: صفحة ٢١٥ و٢٥٤، وتفسير القرطبي ١٣/٢٥٨، والطبري ٢٠/٢٧-٢٨. (٤) يطلق على الذكر والأنثى. وانظر: اللسان ١٩/٢٥٩ و٢٦٢-٢٦٣. {فَوَكَزَهُ مُوسَى} أي لَكَزَهُ. يقال وَكَزْتُهُ ولَكَزْتُهُ [ونَكَزْتُهُ ونَهَزْتُهُ] ولَهَزْتُهُ؛ إذا دَفَعته. {فَقَضَى عَلَيْهِ} أي قتله. وكلُّ شيء فَرَغتَ منه: فقد قضَيتَه، وقضيتَ عليه. ١٨{خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أي ينتظرُ سوءًا ينالُه منهم. {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} أي يستغيثُ به. يعني: الإسرائيليَّ. {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} يجوز أن يكون هذا القولُ للإسرائيليّ (١) . أي أغْوَيْتَنِي بالأمس حتى قتلتُ بنُصرتِك رجلا. ويجوز أن يكون لعدوِّهما (٢) . {يَسْعَى} أي يُسرِعُ [في مشيه] (٣) . {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ} يعني: الوُجوهَ من الناس والأشراف (٤) . {يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} قال أبو عبيدة: (٥) "يتشاورون فيك ليقتلوك". واحتَج بقول الشاعر: أحارُ بنَ عمرٍو! كأنِّي خَمِرْ ... ويَعْدُو على المرءِ ما يَأْتَمِرْ (٦) وهذا غلط بيّنٌ لمن تدبر، ومضادَّةٌ للمعنى. كيف يعدو على المرء ما شاور فيه، __________ (١) كما قال ابن عباس واختاره الطبري ٢٠/٣١. (٢) القبطي. كما قال الحسن، على ما في تفسير القرطبي ١٣/٢٦٥. (٣) كما في تأويل المشكل ٣٩٠، وانظر تفسير الطبري ٢٠/٣٣. (٤) كما تقدم: ص ١٧١. وانظر: البحر المحيط ٧/١١١. (٥) اللسان ٥/٨٩. وراجع: تفسير الطبري ٢٠/٣٢-٣٣، والقرطبي ١٣/٢٦٦. (٦) ورد البيت في اللسان ٥/٩٠ منسوبا لامرئ القيس. وهو مطلع قصيدة في ديوانه ٧٧، كما ورد في اللسان ٥/٨٩ منسوبا للنمر بن تولب بلفظ: "فؤادي قمر". والمشاورةُ بركة وخير؟! وإنما أراد: يعدو عليه ما همّ به للناس من الشر. ومثله: قولهم: "مَن حفر حفرة وقع فيها". وقوله: {إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ} أي يَهِمُّون بك. يَدُلُّك على ذلك قولُ النَّمِر بن تَوْلَب: اعْلَمَنْ أنْ كلَّ مُؤْتَمَرٍ ... مُخْطِئٌ في الرَّأي أحْيَانَا (١) فإذَا لم يصِبْ رَشَدًا ... كانَ بعضُ الَّلومِ ثُنْيَانَا يعني: أن كل من ركب هواهُ وفعل ما فعل بغير مشاورة فلا بد من أن يخطئَ أحيانًا. فإذا لم يُصبْ رُشْدًا لامَهُ الناسُ مرتَيْن: مرةً لركوبه الأمرَ بغير مشاورة، ومرةً لغلطه. ومما يدلك على ذلك أيضا قولُه عز وجل: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} (٢) لم يُرِد تَشاوَرُوا، وإنما أراد: هُمُّوا به، واعتَزِموا عليه. وقالوا في تفسيره: هو أن لا تُضِرّ المرأةُ بزوجها، ولا الزوجُ بالمرأة. ولو أراد المعنى الذي ذهب إليه أبو عُبيدةَ، لكان أوْلَى به أن يقول: "إن الملأََ يَتَآمَرُون فيك" أي يَسْتَأمِرُ بعضُهم بعضًا. ٢٢{تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي تِجَاهَ مدينَ ونحوها. وأصله: "اللِّقاءُ". زيدتْ فيه التاءُ. قال الشاعر: فالْيَوْمَ قَصَّرَ عن تِلْقَائهِ الأَمَلُ (٣) __________ (١) البيت في اللسان ٥/٨٩. وقد ورد فيه كلام ابن قتيبة باختصار. ونقله كذلك الأزهري في التهذيب. (٢) سورة الطلاق ٦، وفي البحر ٧/١١١: "وقال ابن قتيبة: يأمر بعضهم بعضا بقتله، من قوله تعالى ... ". وانظر تفسير القرطبي. (٣) عجز بيت للراعي، كما في اللسان ٢٠/١٢٠-١٢١ وصدره: أملت خيرك هل تأتي مواعده أي عن لقائه. {سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي قَصْدَه. ٢٣{وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} أي جماعةً (١) . {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} أي تكُفَّان غَنَمهما. وحُذِف "الغنمُ" اختصارًا. وفي تفسير أبي صالح: "تحبسُ إحداهما الغنمَ على الأخرى". (٢) {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} أي ما أمرُكما؟ وما شأنُكما؟. (يَصْدُرَ الرِّعَاءُ) (٣) أي يرجعَ الرعاءُ. ومن قرأ: {يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} ؛ أراد: يردَّ الرعاءُ أغنامَهم عن الماء. ٢٧{عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} أي تُجازيَني عن التَّزْويج، والأَجرُ من اللّه إنَّما هو: الجزاءُ على العمل. ٢٨{أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ} قال المفسرون: لا سبيل عليَّ. والأصلُ من "التَّعدِّي"، وهو: الظلم. كأنه قال: أيَّ الأَجَلَيْنِ قضيتُ، فلا تعتدِ عليَّ بأن تُلزمَني أكثرَ منه. ٢٩{أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} أي قطعةٍ منها. ومثلها الجِذْمة (٤) وفي التفسير: "الجذوةُ عودٌ قد احترق". __________ (١) في تأويل المشكل ٣٤٥-٣٤٦، كلام جامع عن معاني الأمة. (٢) تفسير القرطبي ١٣/٢٦٨، والطبري ٢٠/٣٥-٣٦، والبحر ٧/١١٣. (٣) هذه قراءة ابن عامر وأبي عمرو، والآتية قراءة الباقين. انظر: القرطبي ١٣/٢٦٩، والطبري ٢٠/٣٧. (٤) كما قال أبو عبيدة على ما في القرطبي ١٣/٢٨١، أو أبو عبيد على ما في اللسان ١٨/١٥٠. ٣٢{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} أي أدْخِلْ يدَك، يقال: سَلَكتُ يدي وأسلكتُها (١) . (الجَنَاحُ) الإبْطُ. والجَناح: اليد أيضا. {الرَّهْبِ} والرَّهَبُ [والرُّهْبُ] (٢) والرَّهْبةُ واحدٌ. {بُرْهَانَانِ} أي حُجَّتان. ٣٤{فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} أي مُعينًا. يقال: أردأْتُه على كذا، أي أعنْتُه. ٣٥{وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} أي حُجَّةً. ٣٨{فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} أي اصنعْ لي الآجُرَّ. {فَاجْعَلْ لِي} منه {صَرْحًا} أي قصرًا عاليًا. ٤٥{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي مقيمًا. يقال: ثَوَيْتُ بالمكان؛ إذا أقمت به. ومنه قيل للضيف: الثَّوِيُّ. ٤٨(سَاحِرَانِ (٣) تَظَاهَرَا) أي تَعاوَنَا. ٥١{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} أي أتْبَعنا بعضه بعضًا، فاتَّصل عندهم. يعني: القرآن. ٥٧{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} أي ألم نُسْكِنْهُم إيَّاه ونجعله مكانًا لهم؟!. __________ (١) انظر تفسير الطبري ٢٠ /٤٦، وكلام أبي عبيد وابن الأعرابي: في اللسان ١٢/٣٢٧. (٢) قرأ بهذه ابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي وبالثانية نافع وابن كثير وأبو عمرو. وبالأولى حفص. (٣) هذه قراءة الجمهور. وقرأ الكوفيون ومنهم حفص "سحران": بالكسر. انظر: تفسير الطبري ٢٠/٥٣، والقرطبي ١٣/٢٩٤، والبحر ٧/١٢٤. ٥٨{بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} أي أشِرَت. وكأن المعنى: أبْطَرَتْهَا معيشتُها. كما تقول: أَبْطَرَكَ مالُك، فَبَطِرتَ. ٥٩{فِي أُمِّهَا رَسُولا} أي في أعظَمِها. ٦١{ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} أي محضَرِي النارِ. ٦٣{الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي وَجَبتْ عليهم الحُجةُ، فوجب العذابُ. ٦٦{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ} أي عَمُوا عنها -من شدة الهول يومئذٍ- فلم يُجيبوا. و"الأنباءُ": الحُججُ هاهنا. ٦٨{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} أي يختارُ للرسالة. {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي لا يُرسل اللّه الرسلَ على اختيارهم. ٧١(السَّرْمَدُ) الدائمُ. ٧٥{وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} أي: أحضَرْنا رسولَهم المبعوث إليهم. ٧٦{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} أي تميلُ بها العصبةُ -إذا حملتْها- من ثقلها. يقال: ناءتْ بالعُصبة، أي مالتْ بها. وأناءَت العصبةَ: أمَالَتْها. ونحوه في المعنى قوله: {وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (١) أي لا يُثْقِله حتى يَؤُودَه، أي يُميلَه. __________ (١) سورة البقرة ٢٥٥، وانظر: تفسير الطبري ٢٠/٦٩-٧٠ والقرطبي ١٣/٣١٢، والبحر ٧/١٣٢، واللسان ١/١٦٩ و ٤ /٤٠، وتأويل المشكل ١٥٣و١٥٧، وما تقدم: ص٩٣. و"العُصْبة": ما بين العشرة إلى الأربعين. وفي تفسير أبي صالح: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} يعني: الكنز نفسه وقد تكون "المفاتحُ": مكان الخزائن. قال في موضع آخر: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} (١) أي ما ملكتُموه: من المخزون. وقال: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} (٢) نرى: أنها خزائنُه. {لا تَفْرَحْ} لا تأشَرْ، ولا تَبْطَرْ. قال الشاعر: ولستُ بمِفْرَاحٍ إذا الدهرُ سَرَّني ... ولا جازعٍ من صَرْفه المُتَحَوِّلِ (٣) أي لست بأَشِرٍ. فأمَّا السرورُ فليس بمكروه. ٧٧{وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أي لا تترُك حظَّك منها. ٧٨{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أي لفضلٍ عندي. وروي في التفسير: أنه كان أَقْرأَ بني إسرائيلَ للتوراة (٤) . {وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} قال قتادة (٥) يدخُلُون النار بغير حساب. وقال غيره (٦) يُعْرَفون بسيمَاهم. __________ (١) سورة النور ٦١، وانظر: تأويل المشكل ٢٥٨. (٢) سورة الأنعام ٥٩. (٣) في تفسير القرطبي ١٣/٣١٣: ولا ضارع في صرفه المتقلب والبيت لهدبه بن خشرم. وهو في الكامل ٢/٣٠٤، وعيون الأخبار ٢/١٧٦و ٢٨١، وحماسة البحتري ١٢٠ وابن الشجري ١٣٧، والبحر المحيط ٧/١٣٢. (٤) تفسير القرطبي ١٣/٣١٥، والبحر ٧/١٣٣. (٥) كما في تفسير الطبري ٢٠/٧٢، والقرطبي ١٣/٣١٦، والبحر ٧/١٣٤. (٦) كمجاهد. ونسب في البحر إلى قتادة أيضا. وانظر: تأويل المشكل ٤٦. ٨٠{وَلا يُلَقَّاهَا} أي لا يُوَفَّقُ لها. ويقال: يُرزَقُها. ٨٢{وَيْكَأَنَّ اللّه} قال قتادةُ: هي "ألم تعلم! ". و قال أبو عبيدةَ: سبيلُها سبيلُ "أَلَمْ تَرَ؟ ". وقد ذكرت الحرفَ والاختلاف فيه، في كتاب "تأويل المشكل" (١) . ٨٥{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي أوجب عليك العمل به. وقال بعض المفسرين (٢) أنزله عليك. {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قال مجاهد: يعني مكةَ. وفي تفسير أبي صالح: "أنَّ جبريل -عليه السلام- أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلمُ فقال: أتشتاقُ إلى مولدِك ووطنِك، يعني: مكة؟ قال: نعم. فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكةَ والمدينةِ". وقال الحسن والزُّهريُّ - أحدهما: "معادُه: يومُ القيامة"؛ والآخر: "معادُه: الجنة". وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتُمُه (٣) . __________ (١) راجع صفحة ٤٠١، وتفسير القرطبي ٣١٨-٣١٩، والبحر ٧/١٣٥. (٢) الطبري ٢٠/٧٩، والبحر ٧/١٣٦. (٣) تأويل المشكل ٣٩٢، وتفسير القرطبي ١٣/٣٢١، والبحر ٧/١٣٦. سورة القصص٣{مِنْ نَبَإِ مُوسَى} أي من خَبَرِه. (١) {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي فِرَقًا وأصْنافًا في الخدمة. {يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} يعني: بني إسرائيلَ (٢) . ٥{وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} للأرض. ٧{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} أي ألقَيْنا في قلبها. ومثله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} (٣) . {فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} أي في البحر. ٨{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} لم يلتقطوه في وقتهم ذاك لهذه العلةِ. وإِنَّما التقطوه: ليكونَ لهم ولدًا بالتَّبَنِّي؛ فكان عدوًّا وحُزْنًا فاختُصر الكلامُ. ١٠{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} قال أبو عبيدة: "فارغًا من الحزن لعلمها أنه لم يُقتل"؛ أو قال: لم يَغْرَق (٤) . وهذا من أعجب التفسير. كيف يكون فؤادُها من الحزن فارغًا في وقتها ذاك، واللّه سبحانه يقول: {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} ؟! وهل يُربَطُ إلا على قلب __________ (١) راجع الكلام عن كونها مكية كلها أو معظمها: في تفسير القرطبي ١٣/٢٤٦ والبحر المحيط ٧/١٠٤. (٢) كما في تفسير القرطبي ١٣/٢٤٨، والطبري ٢٠/١٩. (٣) سورة المائدة ١١١، وانظر: تفسير الطبري ٢٠/٢٠، والبحر ٧/١٠٥. (٤) كما في القرطبي ١٣/٢٥٥، والبحر ٧/١٠٧. وانظر: الطبري ٢٠/٢٤. الجازع والمحزون؟! والعربُ تقول للخائف والجبان: "فؤاده هواء". لأنه لا يَعِي عزمًا ولا صبرًا. قال اللّه {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (١) . وقد خالفه المفسرون إلى الصواب (٢) فقالوا أصبح فارغًا من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتمَّ بشيء -مما يهتم به الحيُّ- إلا أمْرَ ولدِها. ١١{وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي قُصِّي أثرَه واتَّبعيهِ. {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي عن بُعدٍ منها عنه وإعراضٍ: لئلا يَفْطُنوا لها. و"المجانبةُ" من هذا. {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} بها. ١٢{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} أي منعناه أن يرضع [منهن] و"المراضع": جمع "مُرْضِع". {يَكْفُلُونَهُ} أي يَضُمُّونه إليهم. ١٤{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قد تقدم ذكره (٣) . {وَاسْتَوَى} أي اسْتَحْكَم وانتهى شبابُه واستقرَّ: فلم تكن فيه زيادةٌ. ١٥{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} يقال: نصفُ النهار. {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} أي من أصحابه. يعني: بني إسرائيلَ. {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} أي من أعدائه. و "العَدوُّ" يدل على الواحد، وعلى الجمع (٤) . __________ (١) سورة إبراهيم ٤٣، وراجع: اللسان ٢٠/٢٤٧. (٢) وقال الطبري: "وهذا قول لا معنى له، لخلافه قول جميع أهل التأويل" كما قال أبو حيان: "وهذا فيه بعد، وتبعده القراءات الشواذ التي في اللفظة". (٣) راجع: صفحة ٢١٥ و٢٥٤، وتفسير القرطبي ١٣/٢٥٨، والطبري ٢٠/٢٧-٢٨. (٤) يطلق على الذكر والأنثى. وانظر: اللسان ١٩/٢٥٩ و٢٦٢-٢٦٣. {فَوَكَزَهُ مُوسَى} أي لَكَزَهُ. يقال وَكَزْتُهُ ولَكَزْتُهُ [ونَكَزْتُهُ ونَهَزْتُهُ] ولَهَزْتُهُ؛ إذا دَفَعته. {فَقَضَى عَلَيْهِ} أي قتله. وكلُّ شيء فَرَغتَ منه: فقد قضَيتَه، وقضيتَ عليه. ١٨{خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أي ينتظرُ سوءًا ينالُه منهم. {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} أي يستغيثُ به. يعني: الإسرائيليَّ. {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} يجوز أن يكون هذا القولُ للإسرائيليّ (١) . أي أغْوَيْتَنِي بالأمس حتى قتلتُ بنُصرتِك رجلا. ويجوز أن يكون لعدوِّهما (٢) . {يَسْعَى} أي يُسرِعُ [في مشيه] (٣) . {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ} يعني: الوُجوهَ من الناس والأشراف (٤) . {يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} قال أبو عبيدة: (٥) "يتشاورون فيك ليقتلوك". واحتَج بقول الشاعر: أحارُ بنَ عمرٍو! كأنِّي خَمِرْ ... ويَعْدُو على المرءِ ما يَأْتَمِرْ (٦) وهذا غلط بيّنٌ لمن تدبر، ومضادَّةٌ للمعنى. كيف يعدو على المرء ما شاور فيه، __________ (١) كما قال ابن عباس واختاره الطبري ٢٠/٣١. (٢) القبطي. كما قال الحسن، على ما في تفسير القرطبي ١٣/٢٦٥. (٣) كما في تأويل المشكل ٣٩٠، وانظر تفسير الطبري ٢٠/٣٣. (٤) كما تقدم: ص ١٧١. وانظر: البحر المحيط ٧/١١١. (٥) اللسان ٥/٨٩. وراجع: تفسير الطبري ٢٠/٣٢-٣٣، والقرطبي ١٣/٢٦٦. (٦) ورد البيت في اللسان ٥/٩٠ منسوبا لامرئ القيس. وهو مطلع قصيدة في ديوانه ٧٧، كما ورد في اللسان ٥/٨٩ منسوبا للنمر بن تولب بلفظ: "فؤادي قمر". والمشاورةُ بركة وخير؟! وإنما أراد: يعدو عليه ما همّ به للناس من الشر. ومثله: قولهم: "مَن حفر حفرة وقع فيها". وقوله: {إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ} أي يَهِمُّون بك. يَدُلُّك على ذلك قولُ النَّمِر بن تَوْلَب: اعْلَمَنْ أنْ كلَّ مُؤْتَمَرٍ ... مُخْطِئٌ في الرَّأي أحْيَانَا (١) فإذَا لم يصِبْ رَشَدًا ... كانَ بعضُ الَّلومِ ثُنْيَانَا يعني: أن كل من ركب هواهُ وفعل ما فعل بغير مشاورة فلا بد من أن يخطئَ أحيانًا. فإذا لم يُصبْ رُشْدًا لامَهُ الناسُ مرتَيْن: مرةً لركوبه الأمرَ بغير مشاورة، ومرةً لغلطه. ومما يدلك على ذلك أيضا قولُه عز وجل: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} (٢) لم يُرِد تَشاوَرُوا، وإنما أراد: هُمُّوا به، واعتَزِموا عليه. وقالوا في تفسيره: هو أن لا تُضِرّ المرأةُ بزوجها، ولا الزوجُ بالمرأة. ولو أراد المعنى الذي ذهب إليه أبو عُبيدةَ، لكان أوْلَى به أن يقول: "إن الملأََ يَتَآمَرُون فيك" أي يَسْتَأمِرُ بعضُهم بعضًا. ٢٢{تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي تِجَاهَ مدينَ ونحوها. وأصله: "اللِّقاءُ". زيدتْ فيه التاءُ. قال الشاعر: فالْيَوْمَ قَصَّرَ عن تِلْقَائهِ الأَمَلُ (٣) __________ (١) البيت في اللسان ٥/٨٩. وقد ورد فيه كلام ابن قتيبة باختصار. ونقله كذلك الأزهري في التهذيب. (٢) سورة الطلاق ٦، وفي البحر ٧/١١١: "وقال ابن قتيبة: يأمر بعضهم بعضا بقتله، من قوله تعالى ... ". وانظر تفسير القرطبي. (٣) عجز بيت للراعي، كما في اللسان ٢٠/١٢٠-١٢١ وصدره: أملت خيرك هل تأتي مواعده أي عن لقائه. {سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي قَصْدَه. ٢٣{وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} أي جماعةً (١) . {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} أي تكُفَّان غَنَمهما. وحُذِف "الغنمُ" اختصارًا. وفي تفسير أبي صالح: "تحبسُ إحداهما الغنمَ على الأخرى". (٢) {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} أي ما أمرُكما؟ وما شأنُكما؟. (يَصْدُرَ الرِّعَاءُ) (٣) أي يرجعَ الرعاءُ. ومن قرأ: {يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} ؛ أراد: يردَّ الرعاءُ أغنامَهم عن الماء. ٢٧{عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} أي تُجازيَني عن التَّزْويج، والأَجرُ من اللّه إنَّما هو: الجزاءُ على العمل. ٢٨{أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ} قال المفسرون: لا سبيل عليَّ. والأصلُ من "التَّعدِّي"، وهو: الظلم. كأنه قال: أيَّ الأَجَلَيْنِ قضيتُ، فلا تعتدِ عليَّ بأن تُلزمَني أكثرَ منه. ٢٩{أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} أي قطعةٍ منها. ومثلها الجِذْمة (٤) وفي التفسير: "الجذوةُ عودٌ قد احترق". __________ (١) في تأويل المشكل ٣٤٥-٣٤٦، كلام جامع عن معاني الأمة. (٢) تفسير القرطبي ١٣/٢٦٨، والطبري ٢٠/٣٥-٣٦، والبحر ٧/١١٣. (٣) هذه قراءة ابن عامر وأبي عمرو، والآتية قراءة الباقين. انظر: القرطبي ١٣/٢٦٩، والطبري ٢٠/٣٧. (٤) كما قال أبو عبيدة على ما في القرطبي ١٣/٢٨١، أو أبو عبيد على ما في اللسان ١٨/١٥٠. ٣٢{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} أي أدْخِلْ يدَك، يقال: سَلَكتُ يدي وأسلكتُها (١) . (الجَنَاحُ) الإبْطُ. والجَناح: اليد أيضا. {الرَّهْبِ} والرَّهَبُ [والرُّهْبُ] (٢) والرَّهْبةُ واحدٌ. {بُرْهَانَانِ} أي حُجَّتان. ٣٤{فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} أي مُعينًا. يقال: أردأْتُه على كذا، أي أعنْتُه. ٣٥{وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} أي حُجَّةً. ٣٨{فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} أي اصنعْ لي الآجُرَّ. {فَاجْعَلْ لِي} منه {صَرْحًا} أي قصرًا عاليًا. ٤٥{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} أي مقيمًا. يقال: ثَوَيْتُ بالمكان؛ إذا أقمت به. ومنه قيل للضيف: الثَّوِيُّ. ٤٨(سَاحِرَانِ (٣) تَظَاهَرَا) أي تَعاوَنَا. ٥١{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} أي أتْبَعنا بعضه بعضًا، فاتَّصل عندهم. يعني: القرآن. ٥٧{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} أي ألم نُسْكِنْهُم إيَّاه ونجعله مكانًا لهم؟!. __________ (١) انظر تفسير الطبري ٢٠ /٤٦، وكلام أبي عبيد وابن الأعرابي: في اللسان ١٢/٣٢٧. (٢) قرأ بهذه ابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي وبالثانية نافع وابن كثير وأبو عمرو. وبالأولى حفص. (٣) هذه قراءة الجمهور. وقرأ الكوفيون ومنهم حفص "سحران": بالكسر. انظر: تفسير الطبري ٢٠/٥٣، والقرطبي ١٣/٢٩٤، والبحر ٧/١٢٤. ٥٨{بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} أي أشِرَت. وكأن المعنى: أبْطَرَتْهَا معيشتُها. كما تقول: أَبْطَرَكَ مالُك، فَبَطِرتَ. ٥٩{فِي أُمِّهَا رَسُولا} أي في أعظَمِها. ٦١{ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} أي محضَرِي النارِ. ٦٣{الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي وَجَبتْ عليهم الحُجةُ، فوجب العذابُ. ٦٦{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ} أي عَمُوا عنها -من شدة الهول يومئذٍ- فلم يُجيبوا. و"الأنباءُ": الحُججُ هاهنا. ٦٨{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} أي يختارُ للرسالة. {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي لا يُرسل اللّه الرسلَ على اختيارهم. ٧١(السَّرْمَدُ) الدائمُ. ٧٥{وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} أي: أحضَرْنا رسولَهم المبعوث إليهم. ٧٦{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} أي تميلُ بها العصبةُ -إذا حملتْها- من ثقلها. يقال: ناءتْ بالعُصبة، أي مالتْ بها. وأناءَت العصبةَ: أمَالَتْها. ونحوه في المعنى قوله: {وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (١) أي لا يُثْقِله حتى يَؤُودَه، أي يُميلَه. __________ (١) سورة البقرة ٢٥٥، وانظر: تفسير الطبري ٢٠/٦٩-٧٠ والقرطبي ١٣/٣١٢، والبحر ٧/١٣٢، واللسان ١/١٦٩ و ٤ /٤٠، وتأويل المشكل ١٥٣و١٥٧، وما تقدم: ص٩٣. و"العُصْبة": ما بين العشرة إلى الأربعين. وفي تفسير أبي صالح: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} يعني: الكنز نفسه وقد تكون "المفاتحُ": مكان الخزائن. قال في موضع آخر: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} (١) أي ما ملكتُموه: من المخزون. وقال: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} (٢) نرى: أنها خزائنُه. {لا تَفْرَحْ} لا تأشَرْ، ولا تَبْطَرْ. قال الشاعر: ولستُ بمِفْرَاحٍ إذا الدهرُ سَرَّني ... ولا جازعٍ من صَرْفه المُتَحَوِّلِ (٣) أي لست بأَشِرٍ. فأمَّا السرورُ فليس بمكروه. ٧٧{وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أي لا تترُك حظَّك منها. ٧٨{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أي لفضلٍ عندي. وروي في التفسير: أنه كان أَقْرأَ بني إسرائيلَ للتوراة (٤) . {وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} قال قتادة (٥) يدخُلُون النار بغير حساب. وقال غيره (٦) يُعْرَفون بسيمَاهم. __________ (١) سورة النور ٦١، وانظر: تأويل المشكل ٢٥٨. (٢) سورة الأنعام ٥٩. (٣) في تفسير القرطبي ١٣/٣١٣: ولا ضارع في صرفه المتقلب والبيت لهدبه بن خشرم. وهو في الكامل ٢/٣٠٤، وعيون الأخبار ٢/١٧٦و ٢٨١، وحماسة البحتري ١٢٠ وابن الشجري ١٣٧، والبحر المحيط ٧/١٣٢. (٤) تفسير القرطبي ١٣/٣١٥، والبحر ٧/١٣٣. (٥) كما في تفسير الطبري ٢٠/٧٢، والقرطبي ١٣/٣١٦، والبحر ٧/١٣٤. (٦) كمجاهد. ونسب في البحر إلى قتادة أيضا. وانظر: تأويل المشكل ٤٦. ٨٠{وَلا يُلَقَّاهَا} أي لا يُوَفَّقُ لها. ويقال: يُرزَقُها. ٨٢{وَيْكَأَنَّ اللّه} قال قتادةُ: هي "ألم تعلم! ". و قال أبو عبيدةَ: سبيلُها سبيلُ "أَلَمْ تَرَ؟ ". وقد ذكرت الحرفَ والاختلاف فيه، في كتاب "تأويل المشكل" (١) . ٨٥{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي أوجب عليك العمل به. وقال بعض المفسرين (٢) أنزله عليك. {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قال مجاهد: يعني مكةَ. وفي تفسير أبي صالح: "أنَّ جبريل -عليه السلام- أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلمُ فقال: أتشتاقُ إلى مولدِك ووطنِك، يعني: مكة؟ قال: نعم. فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكةَ والمدينةِ". وقال الحسن والزُّهريُّ - أحدهما: "معادُه: يومُ القيامة"؛ والآخر: "معادُه: الجنة". وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتُمُه (٣) . __________ (١) راجع صفحة ٤٠١، وتفسير القرطبي ٣١٨-٣١٩، والبحر ٧/١٣٥. (٢) الطبري ٢٠/٧٩، والبحر ٧/١٣٦. (٣) تأويل المشكل ٣٩٢، وتفسير القرطبي ١٣/٣٢١، والبحر ٧/١٣٦. |
﴿ ٠ ﴾