سورة محمد صلى اللّه عليه وسلممدنية كلها (١) ١{أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أبطلها و [أصل "الضَّلال": الغَيْبُوبة] . يقال: ضل الماء في اللبن؛ إذا [غاب] وغُلب عليه؛ فلم يُتبيَّن. {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي سترها. {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي حالَهم. ٤{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي يضعَ أهل الحرب السلاحَ (٢) . قال الأعشى: وأعْدَدْتُ للحرب أوْزَارَها ... رِماحًا طِوالا وَخَيْلا ذُكُورَا ومِن نَسْجِ داودَ يُحْدَى بها ... على أثَرِ الحيِّ, عِيرًا فعِيرَا (٣) وأصل "الوِزْر" ما حملته؛ فسمي السلاح "أوزارا" لأنه يُحمل. ٦{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} يقال في التفسير (٤) : "بيَّنها لهم، وعرَّفهم منازلهم منها". __________ (١) عند الأكثر، أو عند الجميع كما قال الماوردي وابن عطية. على ما في تفسير القرطبي ١٦/٢٢٣، والبحر ٨/٧٢. وانظر الدر المنثور ٦/٤٦. (٢) تأويل المشكل ١٢٩. وروي عن قتادة بمعناه، على ما في تفسير الطبري ٢٦/٢٨. وانظر القرطبي ١٦/٢٢٩، والدر المنثور ٦/٤٧. (٣) البيتان في ديوانه ٧١، وتفسير القرطبي. وأولهما في اللسان ٧/١٤٥. ونسبه ابن عطية -على ما في البحر ٦/٧٤- إلى عمرو بن معديكرب. وثانيهما في اللسان ١٧/٣٤٢. والرواية فيه: " ... داود موضونة ... يساق بها ... . وفي الديوان: "موضونة تساق مع". (٤) كما روي بمعناه عن أبي سعيد الخدري والحسن وقتادة ومجاهد. على ما في تفسير القرطبي ١٦/٢٣١، والطبري ٢٦/٢٩، والبحر ٨/٧٥، والدر ٦/٢٨. وهو قول الفراء، على ما في اللسان ١١/١٤٥. وقال أصحاب اللغة (١) : "عَرَّفَهَا لَهُمْ": طَيَّبَها. يقال: طعام معرَّف؛ أي مطيَّب. قال الشاعر: فَتَدْخُلُ أيْدٍ فِي حَنَاجِرَ أُقْنِعَتْ ... لِعَادتِهَا من الخَزِيرِ المُعَرَّفِ (٢) ٨{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ} من قولك: تعَستُ؛ أي عثَرت وسقطت. ١١{مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} أي وليُّهم. {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} لا وَلِيَّ لهم (٣) . ١٢{وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} أي منزلٌ لهم. ١٣{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} أي كم من أهل قرية: {هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} يريد: [أخرجك] أهلها (٤) . ١٥{مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} أي غير متغيِّر الريح والطعم و "الآجن" نحوه. {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} أي: لذيذة. يقال: شراب لَذٌّ إذا كان طيبًا. ١٨{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أي هل ينظرون؟! {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي علاماتُها. __________ (١) اللسان. وهو مروي عن ابن عباس، كما في القرطبي. (٢) البيت في اللسان ٥/٣١٩، و ١١/١٤٥. وهو للأسود بن يعفر يهجو عقال بن محمد. و "أقنعت": مدت ورفعت إلى الفم. و "الخزير": الحساء من الدسم. وقد ورد في القرطبي ٢/١٣١ مصحفا بلفظ: "الحرير". وورد فيه بعده: "ويروى: "المغرف" بالغين. ومعناه: مصبوغ بالمغرف! ". وهي زيادة مقحمة ليست من الأصل، وناشئة عن التصحيف المذكور. وليس في اللسان ما يدل عليها. (٣) تأويل المشكل ٣٥٢. وانظر تفسير القرطبي ١٦/٢٣٤، والطبري ٢٦/٣٠. (٤) تأويل المشكل ١٦٢، والقرطبي ١٦/٢٣٥، والطبري. {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} ؟ فكيف لهم منفعةُ الذكرى إذا جاءتْ والتوبةُ -حينئذٍ- لا تُقبل؟! ٢٠-٢١- {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} هذا مفسر في كتاب "تأويل المشكل" (١) . {فَأَوْلَى لَهُمْ} وعيدٌ وتهدُّد؛ تقول للرجل -إذا أردت به سوءًا ففاتك-: أوْلَى لك. ثم ابتدأ فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} قال قتادةُ (٢) : "يقول: لطاعةُ اللّه وقولٌ بالمعروف -عند حقائق الأمور- خيرٌ لهم". ٢٥{سَوَّلَ لَهُمْ} زيَّن لهم. {وَأَمْلَى لَهُمْ} أطال لهم الأملَ. ٣٠{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} في نحو كلامهم ومعناه (٣) . ٣٥{فَلا تَهِنُوا} أي لا تضعُفوا. من "الوهْن". {وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} أي الصلح. {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي لن يَنقُصَكم ولن يظلمَكم (٤) . يقال: وتَرْتَني حقي؛ أي بخَستنِيه. ٣٧{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ} أي إن يُلحَّ عليكم بما يوجبه في أموالكم. {تَبْخَلُوا} يقال: أحْفَاني بالمسألة وألْحَف وَأَلَحَّ. __________ (١) ص ٣٢٥. وراجع: تفسير القرطبي ١٦/٢٤٣، والدر المنثور ٦/٦٣-٦٤. (٢) كما في الدر ٦/٦٤. وذكر مطولا في تفسير الطبري ٢٦/٣٥. وراجع: تأويل المشكل ٣٢٥ و ٤١٧، وتفسير القرطبي ١٦/٢٤٣-٢٤٤، والبحر ٦/٨١. (٣) كما في الطبري ٢٦/٣٨، واللسان ١٧/٢٦٥. أو في فحواه ومعناه، كما ورد في اللسان أيضا وفي القرطبي ١٦/٢٥٢. وانظر البحر ٨/٧١. (٤) كما روي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد. على ما في تفسير الطبري ٢٦/٤٠، والقرطبي، والدر المنثور ٦/٦٧. وانظر اللسان ٧/١٣٦. |
﴿ ٠ ﴾