سورة النجم

مكية كلها (١)

١

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} يقال: "كان القرآن ينزلُ نُجومًا؛ فأقسم اللّه بالنجم منه إذا نزل".

وقال مجاهد: "أقسم بالثُّريَّا إذا غابت" والعرب تسمي الثّريا -وهي ستة أنجم ظاهرةٍ- نجمًا (٢) .

[و] قال أبو عبيدة: "أقسم بالنجم إذا سقط في الغَوْر". وكأنه لم يخصِّص الثُّريَّا دون غيرها.

٥

{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} جبريلُ عليه السلام. وأصله من "قُوَى الحَبْل"؛ وهي طاقاته. الواحدة: قوة.

٦ و٧- {ذُو مِرَّةٍ} أي ذو قوةٍ. وأصل "المِرَّة": الفَتْلُ.

ومنه الحديث (٣) : "لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغنيٍّ ولا لِذي مِرَّة سَوِيٍّ".

وقوله: {فَاسْتَوَى * وَهُوَ} ؛ أي استوى هو وجبريلُ (٤) -صلوات اللّه عليهما- {بِالأُفُقِ الأَعْلَى}

__________

(١) في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، على ما في تفسير القرطبي ١٧/٨١. أو بلا خلاف على ما يؤخذ من البحر ٨/٥٧، والدر المنثور ٦/١٢١.

(٢) الطبري والقرطبي والبحر، واللسان ١٦/٤٦ و ١٨/١٢١.

(٣) المرفوع من طريق أبي هريرة عند أحمد والنسائي وابن ماجه، ومن طريق ابن عمر عند أبي داود والترمذي والحاكم وأحمد أيضا. على ما في الفتح الكبير ٣/٣١٧. وقد ورد في الطبري ٢٧/٢٦، والبحر، والنهاية ٤/٨٨، واللسان ٧/١٥.

(٤) راجع في الطبري والقرطبي والبحر ٨/١٥٨، كلام البصريين والكوفيين في هذا التقدير.

٨ و٩- {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} أي قدرَ قوسين عربيتَيْن (١) .

وقال قوم: "القوس: الذارع؛ أي كان ما بينهما قدر ذراعين".

والتفسير الأول أعجبُ إليَّ؛ لقول النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم (٢) : "لَقابُ قوسِ أحدِكم من الجنةِ، أو موضعُ قِدِّه - خيرٌ له من الدنيا وما فيها". و "القِدُّ": السوط.

١٠

{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} عن اللّه عز وجل.

١١

{مَا رَأَى} يقول بعض المفسرين: "إنه أراد: رؤية بصر القلب".

١٢

{أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} أفتجادلونه. من "المراء".

ومن قرأ: {أَفَتُمَارُونَهُ} (٣) ؛ أراد: أفتجحدونه.

١٦

{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} من أمر اللّه تعالى.

١٧

{مَا زَاغَ الْبَصَرُ} أي ما عدل.

{وَمَا طَغَى} ما زاد ولا جاوز.

١٩-٢١- {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} ؟! كانوا يجعلونها بناتِ اللّه؛ فقال: ألكم الذكورُ من الولد وله الإناثُ؟!

٢٢

{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي جائرةٌ. يقال: ضِرت في الحكم؛ أي جُرْت.

و"ضِيزَى": فُعلى؛ فكسرت الضاد للياء. وليس في النعوت "فِعْلَى".

__________

(١) كما قال ابن عباس وابن المسيب وعطاء ومجاهد وقتادة والفراء. وهو اختيار الطبري. و "أو" بمعنى بل، كما في المشكل ٤١٥.

(٢) النهاية ٣/٢٨٢، واللسان ٢/١٨٧، والقرطبي ١٧/٩٠. وقد أخرج في الصحيح عن أبي هريرة مختصرا، على ما في القرطبي. وراجع الطبري ٢٧/٢٦-٢٧، والدر ٦/١٢٣، والبحر ٨/١٥٤ و ١٥٨.

(٣) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف ويعقوب.

٢٣

{مَا أَنْزَلَ اللّه بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} أي حجة.

٣٢

{اللَّمَمَ} صغار الذنوب. وهو من "أَلَمَّ بالشيء": إذا لم يتعَمَّق فيه ولم يلزمه. ويقال (١) "اللَّمَم: أن يُلِمَّ [الرجلُ] بالذنب ولا يعود".

٣٤

{وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى} أي قطع. وهو من "كُدْية الرَّكِيَّة". (٢) وهي: الصلابة فيها، وإذا بلغها الحافر يئس من حفرها فقطع الحفر. فقيل لكل من طلب شيئا فلم يبلغ آخرَه أو أعطَى ولم يتمِّمْ -: أكْدَى (٣) .

٣٥

{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} أي يعرفُ ما غاب عنه: من أمر الآخرة وغيرها؟!

٣٧

{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} أي بلَّغ.

٣٩

{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} أي ما عمِل لآخرته.

٤٠

{وَأَنَّ سَعْيَهُ} عمله.

{سَوْفَ يُرَى} أي يعلم.

٤١

{ثُمَّ يُجْزَاهُ} يُجْزَى به.

٤٦

{مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} أي تقدَّرُ وتُخلَق (٤) . يقال: ما تدري ما يَمْنِي لك الماني؛ أي ما يقدِّر لك اللّه.

٤٧

{وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى} أي الخلْق الثانيَ للبعث يوم القيامة.

__________

(١) الطبري ٢٧/٣٨-٤٠ والقرطبي ١٧/١٠٦-١٠٧، والبحر ٨/١٥٤ و ١٦٤، واللسان ١٦/٢٣.

(٢) كما حكاه الطبري ٢٧/٤٢ عن بعض أهل العلم بالعربية، وصاحب اللسان ٢٠/٨٠ عن الزجاج. وذكره القرطبي ١٧/١١٢، وصاحب البحر ٨/١٥٥ و"الركية": البئر تحفر؛ كما في اللسان ١٩/٥٠.

(٣) ذكر نحوه القرطبي وأبو حيان، ثم استشهدا ببيت للحطيئة ورد بهامش الأصل، وفي الدر المنثور ٦/١٢٩ باختلاف؛ وهو:

فأعطى قليلا ثم أكدى عطاءه ... ومن يبذل المعروف في الناس يحمد

(٤) كما قال أبو عبيدة، على ما في القرطبي ١٧/١١٨. وقال عطاء والضحاك والكلبي: تصب في الرحم وتراق؛ كما حكاه القرطبي، وقال به الطبري ٢٧/٤٤.

٤٨

{وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [أي أعطَى ما يُقتَنى] : من القِنْية والنَّشَب. يقال: أقنيت كذا [وأقْنَانِيه اللّه] .

٤٩

{وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} الكوكب [المضيء الذي يطلُع] بعد الجَوْزاء. وكان ناسٌ في الجاهلية يعبدونها.

٥٣

{وَالْمُؤْتَفِكَةَ} مدينة قوم لوط؛ لأنها ائْتفَكتْ [بهم] أي انقلبت.

{أَهْوَى} أسقط. يقال: هَوَى؛ إذا سقط. وأهواه اللّه أي أسقطه.

٥٤

{فَغَشَّاهَا} من العذاب والحجارة؛ {مَا غَشَّى}

٥٦

{هَذَا نَذِيرٌ} يعنى: محمدا صلى اللّه عليه وسلم.

{مِنَ النُّذُرِ الأُولَى} يعني من الأنبياء المتقدمين.

٥٧

{أَزِفَتِ الآزِفَةُ} أي قربت القيامة.

٥٨

{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللّه كَاشِفَةٌ} ليس لعلمها كاشفٌ ومبيِّنٌ دونَ اللّه، ومثله: {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ} (١) .

وتأنيث "كاشفة" كما قال: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} (٢) أي بقاء. و [كما قيل] : العاقبة، وليست له ناهية.

٦١

{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} لاهُون (٣) ؛ ببعض اللغات. يقال للجارية: اسْمُدِى لنا؛ أي غنِّي لنا.

__________

(١) سورة الأعراف ١٨٧، وانظر ما تقدم ص ١٧٥.

(٢) سورة الحاقة ٨، كما في تفسير الطبري ٢٧/٤٨ هو وما بعده. وانظر القرطبي ١٧/١٢٢، والبحر ٨/١٧٠، واللسان ١١/٢١٠.

(٣) كما في رواية عن ابن عباس وعكرمة. أو المغنون بالحميرية، كما روي عنهما أيضا. وهو الذي ذكره الشافعي أولا في أحكام القرآن ٢/١٧٨. ثم ذكر عن بعضهم -كمجاهد-: أنهم الغضاب المبرطمون. فراجع كلامه وهامشه، والدر ٦/١٣٢، والبحر ٨/١٥٥ و ١٧٠.

﴿ ٠