سورة المجادلةمدنية كلها (١) ١{وَتَشْتَكِي إِلَى اللّه} أي تشكو. يقال: اشتكيْت ما بي وشكوْته. ٣{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} أي: يُحرِّمونهم تحريم ظهور الأمهات (٢) . ويروى: أن هذا نزل في رجل (٣) ظاهَرَ فذكر اللّه قصته. ثم تبع هذا كلُّ ما كان من الأم محرمًا على الابن أن يطأه: كالبطن والفَخْذِ وأشباهِ ذلك. وقوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ؛ يتوهم قوم: (٤) أن الظِّهار لا يُحسب ولا يقع حتى يتكرر اللفظ به؛ لقول (٥) اللّه تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} وقد أجمع الناس على أن الظِّهار يقع بلفظ واحد. فأمَّا تأويلُ قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ؛ فإن أهل الجاهليَّة كانوا يطلِّقون __________ (١) في قول العامة. وروي عن عطاء: أن العشر الأول منها مدني، وباقيها مكي. وعن الكلبي أن الآية السابعة مكية. وفي الأصل: "مكية كلها" وهو تصحيف. راجع تفسير القرطبي ١٧/٢٦٩ والفخر الرازي ٨/١٠٨، والشوكاني ٥/١٧٦، والبحر ٨/٢٣٢، والدر المنثور ٦/١٧٩. (٢) بأن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. وهو قول المنكر والزور، الذي عناه اللّه بقوله في الآية الثانية: (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) . كما في القرطبي ١٧/٢٨٠. (٣) هو: أوس بن الصامت. وامرأته خولة -أو خويلة أو جميلة- بنت ثعلبة أو خويلد أو الصامت أو الدليج أو حكيم. راجع قصتهما: في تفسير الطبري ٢٨/٢-٦، والقرطبي ١٧/٢٦٩-٢٧٢، والدر ٦/١٧٩-١٨٣، وأسباب النزول للواحدي ٣٠٤-٣٠٦. (٤) هم: داود بن علي وأتباعه أهل الظاهر. ونسب مذهبهم إلى بكير بن الأشج وأبي العالية وأبي حنيفة والفراء؛ على ما في القرطبي ١٧/٢٨٠-٢٨١، والشوكاني ٥/١٧٨، والبحر ٨/٢٣٣، والفخر ٨/١١٣. وراجع الطبري ٢٨/٧-٨. (٥) عبارة الأصل: " ... لا يحسب ارتفع حتى يكون اللفظ به كقول ... " وهي ناقصة مصحفة ولعل أصلها ما ذكرناه. بالظِّهار؛ فجعل اللّه حُكمَ الظِّهار في الإسلام خلافَ حكمه عندهم في الجاهلية؛ وأنزل: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} في الجاهلية {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [لما] كانوا يقولونه من هذا الكلام (١) . {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أي عتقُها {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٢) . ٥{كُبِتُوا} قال أبو عبيدة: (٣) أُهْلِكُوا. وقال غيره: غِيظُوا وأُخْزُوا (٤) . وقد تقدم ذكر هذا في سورة آل عمرانَ. ٨ و ١٠- {النَّجْوَى} السِّرَار. ١١{تَفَسَّحُوا} أي تَوَسَّعُوا. {انْشُزُوا} (٥) قوموا. و "الناشِزُ" منه. ومنه قيل: نَشَزَت المرأةُ على زوجها. __________ (١) كما قال الثوري، وبينه الفخر ٨/١١٣ بنحو ما هنا. ثم عقب عليه، ورد برد آخر يحسن الرجوع إليه. وراجع كلام الشافعي في الأحكام ٥/٢٦٢، والأحكام ١/٢٣٣-٢٣٥، واللسان ٤/٣١١. (٢) ذهب الجمهور إلى أن المراد بالتماس هنا: الجماع. وقيل: مطلق الاستمتاع. وبه قال مالك. وروي عن الشافعي القولان. على ما في الشوكاني ٥/١٧٨. (٣) والأخفش كما في القرطبي ١٧/٢٨٨، والبحر ٨/٢٣٤، والشوكاني ٥/١٨١. وحكاه الطبري عن بعض أهل العلم بالعربية. وهو قريب من قول ابن زيد- كما في القرطبي والشوكاني-: "عذبوا" وقول أبي إسحاق والمبرد: "أذلوا وأخذوا بالعذاب"؛ على ما في اللسان ٢/٣١٨، والفخر ٨/١١٦. (٤) يوم الخندق -أو يوم بدر-، كما حكاه الطبري عن بعض أهل العلم بالعربية أيضا. وقد روي عن الفراء بلفظ "غيظوا" في القرطبي والبحر والشوكاني واللسان. وعن قتادة بلفظ "أخزوا" في الطبري والدر ٦/١٨٣، والقرطبي والشوكاني والبحر. وفي الأصل: "وأحزنوا". وهو مصحف عما ذكرنا. وإن وافق عبارة ما تقدم ص ١١٠: "ويحزنهم". (٥) قرأ نافع وابن عامر وحفص وشعبة بخلاف عنه: بضم الشين. وقرأ الجمهور: بالكسر. وهما لغتان مثل "يعكفون" و "يعرشون" على ما في الطبري ٢٨/١٤، والقرطبي ١٧/٢٩٩، والفخر ٨/١٢٠، والبحر ٨/٢٣٧، والشوكاني ٥/١٨٤. وانظر: اللسان ٧/٢٨٥. ١٨{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّه جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} أي يحلفُ المنافقون للّه يومَ القيامة كما حلَفوا لأوليائه في الدنيا. هذا قول قتادةَ (١) . ١٩{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} أي غلب عليهم واستولى. ٢١{كَتَبَ اللّه} أي قضى اللّه: (٢) {لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} ٢٢{حَادَّ اللّه} و "شاقَّه" واحدٌ. __________ (١) الطبري ٢٨/١٧، والدر ٦/١٨٩. وروي نحوه عن ابن عباس في الفخر ٨/١٣٣. وانظر القرطبي ١٧/٣٠٥، والبحر ٨/٢٣٨. (٢) تأويل المشكل ٣٥٦. وقد اختاره الطبري ٢٨/١٨ والقرطبي ١٧/٣٠٦، ورويا قريبا منه عن قتادة. وانظر: الشوكاني ٥/١٨٨. |
﴿ ٠ ﴾