سورة الممتحنة

مدنية كلها (١)

١

{تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي تُلقون إليهم المودة (٢) .

وكذلك: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}

٤

{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي عبرةٌ (٣) وائْتمامٌ.

{إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ} قال قتادةُ: (٤) "ائْتَسُوا بأمر إبراهيمَ كلِّه إلا في استغفاره لأبيه: فلا تأتسُوا به في ذلك؛ لأنه كان عن موعدة منه له (٥) ".

١٠

{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أي بحبالهن. واحدتها: "عِصمة" (٦) . أي لا ترغبوا فيهن.

{وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} أي سلُوا أهل مكةَ أن يردُّوا عليكم مهورَ النساء اللاتي يخرجْنَ إليهم مرتدَّاتٍ.

__________

(١) بلا خلاف. على ما في القرطبي ١٨/٤٩، والفخر ٨/١٣٥، والبحر ٨/٢٥٢، والدر ٦/٢٠٢، والشوكاني ٥/٢٠٤.

(٢) فالباء زائدة كما في المشكل ١٩٣-١٩٤، والقرطبي ١٨/٥٢. وهو رأي الكوفيين على ما في البحر ٨/٢٥٢. وانظر الطبري ٢٨/٣٧. وراجع فيه ٢٨/٣٨-٤٠ وفي المشكل ٢٧٦، والفخر ٨/١٣٥-١٣٦، وأحكام الشافعي ٢/٤٦-٤٧، وأسباب الواحدي ٣١٤- الكلام عن هذه الآية وسبب نزولها.

(٣) كذا بالأصل. ولا تبعد صحته: لأن الأسوة قد تطلق على ما يأتسي الحزين ويتعزى به. كما في اللسان ١٨/٣٧-٣٨. وفي الطبري ٢٨/٤١: القدوة. وهو الأنسب. و "أسوة" قرئ بالضم وبالكسر. وهما لغتان مشهورتان. فراجع أيضا: الفخر ٨/١٣٧، والقرطبي ١٨/٥٦، والبحر ٨/٢٥٤، والشوكاني ٥/٢٠٦.

(٤) كما في الطبري. ورواه القرطبي ١٨/٥٧ والفخر عن مجاهد. ورواه أبو حيان عنهما وعن عطاء الخراساني. كما رواه السيوطي في الدر ٦/٢٠٥ عن ابن عباس.

(٥) وقال في المشكل ٢٧٧: "يريد أن إبراهيم عاداهم وهجرهم في كل شيء إلا في قوله لأبيه: لأستغفرن لك". وقد ذكره الفخر مع تعقيب لابن الأنباري عليه، بنحو قول قتادة.

(٦) كما في الطبري ٢٨/٤٧، والقرطبي ١٨/٦٥، واللسان ١٥/٢٩٨.

{وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} وليسألوكم مهورَ من خرج إليكم من نسائهم (١) .

١١

{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} يقول: إن ذهبت امرأة من نسائكم فلحقتْ بالمشركين بمكة {فَعَاقَبْتُمْ} أي أصبتم [منهم] عُقْبَى (٢) أي غنيمةً من غزوٍ.

ويقال: "عَاقَبْتُمْ": غزوتم معاقِبين غزوًا بعد غزو (٣) .

[فآتوا] : فأعطوا المسلمين.

{الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ} إلى مكةَ {مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} -يعني: المهر- من تلك الغنيمة قبل الخُمُس (٤) .

وتُقرأ: (فَعَقَّبْتُمْ) (٥) من "تعقيب الغزو".

وتقرأ: (فَأَعْقَبْتُمْ) (٦) .

١٢

{وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} ؛ [أي لا يُلْحِقْن (٧) بأزواجهن غير أولادهم] .

__________

(١) راجع الكلام عن أحكام هذه الآية وسبب نزولها: في أحكام الشافعي ١/١٨٥-١٨٧ و ٢/٦٧-٧٠، والطبري ٢٨/٤٤-٤٩، والقرطبي ١٨/٦١-٦٨، والفخر ٨/١٤٠، والبحر ٢٠٧، وأسباب الواحدي ٨/٣١٧.

(٢) كما قال أبو عبيدة، على ما في الفخر ٨/١٤١. واختاره الطبري ٢٨/٤٩، وأبو إسحاق النحوي على ما في اللسان ٢/١١٠. وانظر: البحر ٨/٢٥٨. وهو قريب مما حكاه الواحدي عن المفسرين -على ما في الشوكاني ٨/٢١٠-: "فغنتم". وهو قول مسروق والنخعي، على ما في الطبري ٢٨/٥٠ واللسان.

(٣) كما حكاه الفخر عن المبرد بزيادة، ونسبه القرطبي ١٨/٦٩ إلى ابن قتيبة.

(٤) هذا رأي ابن عباس ومجاهد وقتادة ومسروق والنخعي، على ما في الطبري ٢٨/٥٠، والقرطبي والدر ٦/٢٠٧-٢٠٨. وقال الشافعي في الأحكام ٢/٧١: "كأنه يعني من مهورهم؛ إذا فاتت امرأة مشرك أتتنا مسلمة، قد أعطاها مائة في مهرها؛ وفاتت امرأة مشركة إلى الكفار، قد أعطاها مائة-: حسبت مائة المسلم بمائة المشرك. فقيل: تلك العقوبة". وروي نحوه عن الزهري، واختاره الزمخشري. انظر: الطبري ٢٨/٤٩، والبحر ٨/٢٥٨، والدر ٦/٢٠٦.

(٥) بالتشديد كما قرأ علقمة والنخعي وحميد وغيرهم. وقرئت أيضا: بفتح القاف وبكسرها مع التخفيف: وكلها لغات بمعنى واحد، كما قال القرطبي. وراجع: الطبري والبحر ٨/٢٥٧، والفخر، واللسان.

(٦) قرأ مجاهد بذلك، وقال: "صنعتم كما صنعوا بكم". كما في القرطبي. وحكاها عنه في البحر. وذكرت في الفخر غير منسوبة.

(٧) كما روي عن ابن عباس في الطبري ٢٨/٥١، والدر ٦/٢١٠، والفخر ٨/١٤٢. واختاره الطبري، والجمهور على ما في القرطبي ١٨/٧٢، والبحر ٨/٢٥٨.

وكانت المرأة تلتقطُ المولود فتقولُ للزوج: هذا ولدي منك (١) .

{وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} أي في أمرٍ تأمُرهن به. وأمرُ رسول اللّه -صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- كلُّه معروفٌ.

١٣

{كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} أن يبعثوا؛ كذلك يئس أولئك من الآخرة أن تكون (٢) .

ويقال: "أراد كما يئس الكفار الموتى من الآخرة؛ أي يئس المشركون من الآخرة كما يئس أسلافهم الكفار المقبورون (٣) ".

و"المَقْبُورون" هم: أصحاب القبور.

__________

(١) كما قال الفراء على ما في الفخر. وذكر في القرطبي والبحر.

(٢) كما قال ابن عباس وقتادة والحسن والضحاك وغيرهم. على ما في الطبري ٢٨/٥٣-٥٤، والقرطبي ١٨/٧٦، والدر ٦/١١٢، والفخر ٨/١٤٢.

(٣) أن يرجعوا إلى الدنيا، أو أن يرحمهم اللّه في الآخرة. كما روي عن مجاهد وعكرمة والكلبي على ما في القرطبي والطبري والفخر. وانظر: البحر ٨/٢٥٩.

﴿ ٠