سورة المنافقون

مدنية كلها (١)

٢

{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} أي استتروا بالحلف: كلّما ظَهَر [النبيُّ] على (٢) شيء منهم يوجب معاقبتهم، حلفوا كاذبين.

ومن قرأ: (إِيمَانَهُم) بكسر الألف؛ (٣) ؛ أراد: تصديقهم باللّه جُنةٌ [ووِقاية] (٤) من القتل.

٤

{كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ (٥) مُسَنَّدَةٌ} جمع "خَشَبة". كما يقال: بَدَنَةٌ وبُدْنٌ، وأَكَمَةٌ وأُكْمٌ، ورَحْمَةٌ ورُحْمٌ. ومن المعتل: قادة وقُود (٦) .

__________

(١) بالإجماع على ما في القرطبي ١٨/١٢٠، والبحر ٨/٢٧١، والفخر ٨/١٥٤، والدر ٦/٢٢٢، والشوكاني ٥/٢٢٢.

(٢) كذا بالأصل. أي اطلع عليه. قال في اللسان ٦/٢٠٠: "يقال: أظهرني اللّه على ما سرق مني؛ أي أطلعني عليه".

(٣) كالحسن على ما في البحر. والأولى قراءة الجمهور التي اقتصر عليها الطبري والفخر والقرطبي.

(٤) فالجنة تطلق على الوقاية، كما تطلق على السترة. كما في اللسان ١٦/٢٤٦-٢٤٧.

(٥) بسكون الشين. وهي قراءة قنبل عن ابن كثير والكسائي وأبي عمرو وغيرهم، واختيار أبي عبيد وأبي حاتم. على ما في القرطبي ١٨/١٢٥، والبحر ٨/٢٧٢. وانظر الكشاف ٢/٤٦١، والطبري ٢٨/٧٠، والشوكاني ٥/٢٢٤. وراجع اللسان ١/٣٤٠ و ١٤/٢٨٦ و ١٥/١٢١ و ١٦/١٩٣.

(٦) كذا بالقرطين ٢/١٧٠. وفي الأصل: "فأر وثور"!! و "القود" جمع الجمع، والمفرد: قائد. على ما قد يؤخذ من اللسان ٤/٣٧٢، والقاموس ١/٣٣٠. وقد ضبط فيهما: بتشديد الواو. وسكت عنه شارح القاموس ٢/٤٧٧. وهو ضبط يخرج المثال عن صحة الاستشهاد به. نعم قد ورد في اللسان ٣٧٤: "خيل قود" بضم القاف وتسكين الواو؛ وإن ورد في القاموس بفتح الواو. فلو صح هذا وثبت أن يطلق على الخيل قادة، كان المثال صحيحا في الجملة. ولو ثبت أن العادة والغادة يجمعان على عود وغود، لكان ما في الأصل مصحفا عن أحدهما. لكن لم يثبت ذلك على ما في اللسان ٤/٣٠٩ و ٣٢٣، والتاج ٢/٤٣٦ و ٤٤٧.

ومن قرأ: (خُشُبٌ) ؛ (١) ؛ جعله جمعا لـ "خَشَب"؛ [وخَشَبٌ جمع "خشبة] ". مثل ثَمَرة وثَمَر وثُمُر (٢) .

{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} أي كلّما صاح صائح، ظنُّوا أن ذاك أمرٌ عليهم: جُبْنًا [منهم] . كما قال الشاعر:

ولو أنَّها عُصفُورةٌ لَحَسِبْتَها ... مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْدًا وأَزْنَمَا (٣)

أي لو طارت عصفورة لحسبتَها -من جبنك- خيلا تدعو هاتَيْن القبيلتَيْن.

ثم قال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} أي فهم الأعداء (٤) .

__________

(١) بضمتين. وهي قراءة الجمهور. وهناك قراءة ثالثة: بفتح الخاء والشين. وهي جمع خشبة، كمدر ومدرة. وقد رويت عن ابن المسيب وابن جبير، ونسبت في الكشاف لابن عباس.

(٢) حكاه الأزهري سماعا عن أبي الهيثم، على ما في اللسان ٥/١٧٦. وقال سيبويه -على ما نقله عنه القرطبي-: إن "خشب" على هذه القراءة، جمع "خشاب" بالكسر، وهو جمع خشبة؛ مثل ثمرة وثمار وثمر (بالضم) .

(٣) ورد البيت في المشكل ٦ والقرطبي ١٨/١٢٦ غير منسوب، وفي اللسان ١٥/١٦٩ منسوبا للعوام بن شوذب الشيباني. وفيهما: "فلو ... لحسبتها" بضم التاء. وهو خطأ. وانظر: هامش المشكل. و "أزنم": بطن من بني يربوع.

(٤) المشكل ٢١٩. وذكر نحوه في الكشاف ٢/٤٦١، والفخر ٨/١٥٦، وانظر الطبري ٢٨/٧٠، واللسان ١٩/٢٦٣.

﴿ ٠