سورة القلم١{ن} قال قتادةُ والحسن: (١) (٢) هي الدواة. ويقال: الحوتُ تحت الأرض (٣) . وقد ذكرت الحروف المقطَّعة في كتاب "تأويل مشكل القرآن" (٤) . {وَمَا يَسْطُرُونَ} أي يكتبون. ٣{وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي غير مقطوع [ولا منقوص] . يقال: مَنَنْتُ الحبل؛ إذا قطعته. ٦{بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} أي أيُّكم المفتونُ؟ [أي الذي فُتِن بالجنون] . والباء زائدة. (٥) . كما قال الراجز: __________ (١) مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر كما قال القرطبي ١٨/٢٢٢، أو بلا خلاف بين أهل التأويل كما زعم ابن عطية على ما في البحر ٨/٣٠٧. وفي رواية عن ابن عباس وقتادة -حكاها الماوردي كما في القرطبي، والشوكاني ٥/٢٥٩-: أن بعضها مدني. وانظر الدر ٦/٢٤٩. وعبارة الأصل: "سورة ن". (٢) الطبري ٢٩/١٠، والقرطبي ١٨/٢٢٣، والفخر ٨/١٩٣، والبحر، والدر ٦/٢٥٠. وهو قول الضحاك، ومروي عن ابن عباس. (٣) روي هذا عن مجاهد ومقاتل وعطاء الخراساني والسدي والكلبي وغيرهم. وهو المشهور عن ابن عباس. (٤) ص ٢٣٠-٢٣٩. وانظر هامشه. (٥) هذا قول قتادة وأبي عبيدة على ما في القرطبي ١٨/٢٢٩، والبحر ٨/٣٠٩، والفخر ٨/١٩٦، واللسان ١٧/١٩٥. ونسبه الفخر والقرطبي إلى الأخفش، كما نسبه الفخر إلى ابن قتيبة. وهو قريب في المعنى مما ذكره الطبري ٢٩/١٣: من أن الباء بمعنى الفاء، أي في أي الفريقين المجنون. وحكاه عن مجاهد والضحاك. كما حكاه أبو حيان عن الحسن والأخفش، والزجاج عن النحويين على ما في اللسان. ونسبه أبو حيان والقرطبي إلى الفراء. وانظر الدر ٦/٢٥١. نَضْرِبُ بالسيفِ ونرجُو بالفَرَجْ (١) أي نرجو الفرج. وقال الفراء: (٢) "و [قد] يكون (الْمَفْتُونُ) بمعنى: الفتنة؛ كما يقال: ليس له معقول -أي عقلٌ- ولا معقود، أي رأيٌ. وأراد: الجنونَ". ٩{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} أي: تُدَاهن [وتَلين لهم] في دينك {فَيُدْهِنُونَ} [فيَلينون] في أديانهم (٣) . وكانوا أرادوه على أن يعبد آلهتَهم مدة، ويعبدوا اللّه مدة. ١٠(الْمَهِينُ) الحقير الدنيء. ١١{هَمَّازٍ} عَيَّاب. ١٢{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} بخيل. {مُعْتَدٍ} ظلوم. و (الْعُتُلُّ) الغليظ الجافي (٤) . نراه من قولهم: فلان يُعْتَل؛ إذا غُلِّظَ عليه وعُنِّف به في القود: و (الزَّنِيمُ) : الدَّعِيُّ (٥) . __________ (١) أنشده أبو عبيدة كما في الفخر. وورد في الطبري ٢٩/١٤ والقرطبي، والشوكاني ٥/٢٦١، ومعجم البكري ٣/١٠٢٩، والخزانة (ش ٧٨٩) - مسبوقا بهذا الشطر: *نحن بنو جعدة أصحاب الفلج* أو بني. وقد ورد هذا الصدر في معجم ياقوت ٦/٣٩١ والتاج ٢/١٧، منسوبا للنابغة الجعدي وورد في ياقوت بعده: *نحن منعنا سيله حتى اعتلج* و"فلج": مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة وقشير وكعب بن ربيعة؛ أو مدينة قيس بن عيلان. كما قال ياقوت. وانظر اللسان ٣/١٧٣. (٢) والمبرد كما في الفخر. وحكاه الزجاج عن النحويين أيضا. وذهب في الصحاح إلى نحوه: على أن الباء زائدة. ولم يرتضه ابن بري، وقال: إذا كانت زائدة فالمفتون الإنسان (لا الفتنة) كما في اللسان. (٣) المشكل ١٨٤. وهو قول الكلبي والفراء والليث، على ما في القرطبي ١٨/٢٣٠، والفخر ٨/١٩٧، والبحر ٨/٣٠٩، واللسان ١٧/٩ وحكى الطبري ٢٩/١٤-١٥ نحوه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، واختاره. وحكاه القرطبي هو وما بعده -بدون الزيادة- عن ابن قتيبة. وانظر الدر /٦ ٢٥١. (٤) هذا قول الزجاج كما في الفخر، وابن السكيت كما في القرطبي ١٨/٢٣٢. وحكي في اللسان ١٣/٤٤٩ واختار الطبري نحوه، ورواه عن ابن عباس. وانظر البحر ٨/٣٠٥. (٥) هذا قول الفراء كما في الفخر ٨/١٩٨، واللسان ١٥/١٦٨. وهو اختيار الطبري ٢٩/١٧ وروي عن ابن عباس على ما فيه وفي القرطبي ١٨/٢٢٤، والبحر ٨/٣١٠، والدر ٦/٢٥٢. واختاره في الكشاف ٢/٤٨٠، والبحر ٨/٣٠٥. وقد ذكرت هذا في كتاب "تأويل المشكل"، وتأويل قوله: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (١) . ١٧{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ} أي حلفوا ليَجُذُّنَّ ثمرها صباحًا؛ ولم يستثنوا. ٢٠{فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} أي سوداءَ كالليل مُحْتَرِقَةً. و "الليل" هو: الصّريم؛ و "الصبح" أيضًا: صريم. لأن كل واحد منهما ينصرم من صاحبه. (٢) . ويقال: "أصبحت: وقد ذهب ما فيها من الثمر؛ فكأنه صُرِمَ" (٣) أي قُطِع وجُذَّ. ٢٣-٢٤- {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} أي يتسارون: بـ {أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} (٤) . ٢٥{وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ} أي منعٍ (٥) . و "الحَرْد" و "المُحَارَدة": المنع. يقال: حَارَدَتْ السَّنَةُ؛ إذا لم يكن فيها مطرٌ. وحاردت الناقةُ: إذا لم يكن لها لبَنٌ. __________ (١) ص ٢٥ و ١١٨-١٢١. وراجع القرطبي ١٨/٢٣٦، والطبري ٢٩/١٨، والفخر، والبحر ٨/٣١١. (٢) المشكل ١٤٣، وأضداد ابن الأنباري ٨. وذكر في الفخر ٨/٢٠٠، واللسان ١٥/٢٢٨-٢٢٩. وحكاه الطبري ٢٩/٢٠ عن بعضهم -كابن عباس- باختصار. كما حكاه القرطبي ١٨/٢٤٢ وصاحب البحر ٨/٣١٢ عن شمر. وانظر الدر ٦/٢٥٤، وما نقل عن الفراء في القرطبي ١٨/٢٤١ والبحر واللسان. (٣) ذكر ذلك في الفخر أيضا. وحكي في اللسان عن قتادة مختصرا. (٤) كما قال قتادة على ما في الدر ٦/٢٥٤، والقرطبي ١٨/٢٤١، والطبري ٢٩/٢٠. وحكي عن عطاء في القرطبي، وابن عباس في الفخر والدر. وانظر البحر واللسان ٢/٣٣٥. (٥) هذا قول أبي عبيدة والمبرد على ما في الشوكاني ٥/٢٦٤، والقرطبي ١٨/٢٤٣، والبحر ٨/٣٠٥. ونسبوه إلى ابن قتيبة أيضا. وذكر في الفخر، واللسان ٤/١٢١ و ١٢٥. وهو رأي الفراء على ما قال الأزهري. وحكاه الطبري ٢٩/٢١ عن بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، وذكر توجيهه، ثم قال: "وهذا قول لا نعلم له قائلا -من متقدمي أهل العلم- قاله". و "الحَرْد" أيضًا: القَصْدُ. يقال للرجل: لئن حَرَدتَ حَرْدَك؛ أي قصدتَ قصدَك. (١) ومنه قول الشاعر: أمَّا إِذا حَرَدَتْ حَرْدِي فمُجْرِيَةٌ (٢) أي إذا قصَدتْ قَصْدِي. ويقال (٣) : (عَلَى حَرْدٍ) أي على حَرْدِ. وهما لغتان (٤) ؛ كما يقال: الدَّرَك والدَّرْك. قال الأشهب بن رُمَيْلة: أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ ... تَساقَوْا على حَرْدٍ دِمَاءَ الأسَاوِدِ (٥) {قَادِرِينَ} أي مَنَعوا: وهم قادرون، أي واجدون. ٢٨{قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أي خيرُهم [فعلا] ، وأَعْدلُهم قولا-: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ} أي هلا تسبحون (٦) . ٤٠{أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} أي كفيل (٧) . يقال: زَعَمْتُ به أزعُم [زَعْمًا وزَعَامَةً] ؛ إذا كَفَلْت. __________ (١) في القرطبي، والكشاف ٢/٤٨١، والفخر ٨/٢٠١. وهذا الرأي نقل في اللسان -مع ما سبق وغيره- عن ابن الأعرابي، وروي عن ابن عباس، واختاره الطبري وأبو حيان ٨/٣١٢. (٢) صدر بيت لمنقذ الأسدي الملقب بالجميح. وعجزه -كما في اللسان ٩/٢١٤ و ١٨/١٥١، والتاج ٥/١٧٥ و ١٠/٧١-: *ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب* والرواية في الموضع الأول: "أحردت". وهو تشبيه للمرأة باللبؤة الضبطاء نزقا وخفة. (٣) يعني: يقرأ. وهي قراءة أبي العالية وابن السميقع، كما في القرطبي والشوكاني ٥/٢٦٥. (٤) فصيحتان حكاهما المفضل وابن السكيت، وإن كان التسكين أكثر كما قال ابن الأعرابي على ما في اللسان ٤/١٢٢، والبحر ٨/٣٠٥. (٥) البيت له: في الطبري ٢٩/٢١، والبحر ٨/٣٠٥، واللسان ٤/١٢٢. وورد فيه ١٨/٢٥٩ بلفظ: "على لوح". وورد عجزه غير منسوب في الشوكاني ٥/٢٦٥. كما ورد صدره في اللسان ١٩/١٦٠. وقد استشهد ابن قتيبة به على ورود لغة التسكين والتخفيف. كما استشهد به ابن بري وأبو حيان والطبري والشوكاني علي ورودها بمعنى الغضب. (٦) أي هلا تستثنون وتقولون: سبحان اللّه! وتشكرونه على ما أعطاكم. كما قال مجاهد وأبو صالح والجمهور. وقيل: هلا تستغفرونه من فعلكم، وتتوبون إليه من خبث نيتكم. انظر القرطبي ١٨/٢٤٤، والطبري ٢٩/٢٢، والفخر ٨/٢٠١، والبحر ٨/٣١٣، والدر ٦/٢٥٤. (٧) كما قال ابن عباس وقتادة على ما في القرطبي ١٨/٢٤٧، والطبري ٢٩/٢٣، والدر. وهو الذي قاله أهل اللغة على ما في اللسان ١٥/١٥٨. ٤٢{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} أي عن شدةٍ من الأمر (١) . قال الشاعر: في سَنةٍ قد كشَفَتْ عن ساقِها ... حمراءَ تَبْرِي اللَّحْمَ عن عُرَاقِها (٢) "عُرَاقِها": جمع "عَرْق". والعُراقُ: العظام. ويقال: "قامت الحرب على ساق" (٣) . وأصل هذا مُبَيَّن في كتاب "تأويل المشكل" (٤) . ٤٣{تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} تغشاهم. ٤٤{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} أي نأخذُهم قليلا قليلا ولا نُباغِتُهم (٥) . ٤٥{وَأُمْلِي لَهُمْ} أي أُطيلُ لهم وأُمهلُهم. {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أي شديد. و "الكيد": الحيلةُ والمكر. ٤٨{وَهُوَ مَكْظُومٌ} من الغَمِّ (٦) . و "كظِيمٌ" مثله. ٤٩(العَرَاءُ) الأرض التي لا تُواري مَن فيها بجبل ولا شجر (٧) . __________ (١) كما قال قتادة على ما في المشكل ١٠٣، والطبري ٢٩/٢٤. وروي نحوه عن ابن عباس ومجاهد وابن جبير. على ما في الفخر ٨/٢٠٣، والقرطبي ١٨/٢٤٩، والدر ٦/٢٥٥ وهو اختيار أبي عبيدة وأهل اللغة، على ما في البحر ٨/٣١٦، واللسان ١٢/٣٤، والكشاف ٢/٤٨٢. (٢) البيت غير منسوب: في القرطبي ١٨/٢٤٨، والشوكاني ٥/٢٦٧، والبحر ٨/٣١٦. وفي الفخر: "شمرت". وورد عجزه في اللسان ١٢/١١٥. (٣) وهو على المثل، كما في اللسان ١٢/٣٤ و ٣٥. (٤) ص ١٠٣-١٠٤ وقد نقل الفخر بعضه. (٥) المشكل ١٢٦. وحكي في القرطبي ١٨/٢٥١. وانظر الفخر ٨/٢٠٥، والشوكاني ٥/٢٦٨. (٦) كما هو رأي ابن عباس على ما في القرطبي ١٨/٢٥٣، والطبري ٢٩/٢٨، والدر ٦/٢٥٨. وانظر الشوكاني ٥/٢٦٩، واللسان ١٥/٤٢٤. (٧) انظر القرطبي ١٨/٢٥٤. ٥١{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} قال الفراء: "يَعْتانونك أي يصيبونك بأعينهم" (١) ؛ وذكر: "أن الرجل من العرب كان يَمْثُل (٢) على طريق الإبل -إذا صَدَرَتْ عن الماء- فيُصيبُ منها ما أراد بعينه، حتى يُهلِكَه". هذا معنى قوله، وليس هو بعينه. ولم يرد اللّه جلّ وعزّ -في هذا الموضع- أنهم يصيبونك بأعينهم، كما يُصيبُ العائن بعينه ما يَسْتَحْسِنُه ويَعجَب منه. وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك -إذا قرأتَ القرآن- نظرًا شديدًا بالعداوة والبغضاء، يكاد يُزلِقك، أي يُسقطك. كما قال الشاعر: يَتَقَارَضُون - إذا الْتَقَوْا في مَوْطِنٍ - ... نظَرًا يُزِيلُ مَوَاطِئَ الأقْدَامِ (٣) __________ (١) حكاه في اللسان ١٢/١٠ عن بعض المفسرين بمعناه، ثم نقل نحو ما بعده عن الفراء. وهو نحو ما حكي عن بني أسد: في الفخر ٨/٢٠٧، والقرطبي ١٨/٢٥٤-٢٥٥، والكشاف ٢/٤٨٤ وحكى الكلبي نحوه على ما في البحر ٨/٣١٧-٣١٨. (٢) أي ينتصب قائما. كما في اللسان ١٤/١٣٦. وعبارة الأصل: "يميل عن". (٣) المشكل ١٢٩-١٣٠ و ٣٢٥ باختصار. وذكر كذلك عن ابن قتيبة: في اللسان ١٢/١٠، والشوكاني ٥/٢٦٩. والبيت ورد أيضا: في اللسان ٩/٨٣، والكشاف ٢/٤٨٣ (أو شواهده ١٤١) ، والقرطبي ١٨/٢٥٦، والفخر ٨/٢٠٧، والبحر ٨/٣١٧. وانظر هامش المشكل ٨/١٢٩. وفي بعض الروايات: "يزل مواطن". وراجع الطبري ٢٩/٢٩-٣٠. |
﴿ ٠ ﴾