١

{نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} يقال: "النفر" ما بين الثلاثة إلى العشرة (٢) .

٣

{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ} قال مجاهد (٣) جلالُ ربنا.

وقال قتادةُ (٤) عظمته.

وقال أبو عبيدةَ (٥) مُلكُه وسلطانُه.

٤

{يَقُولُ سَفِيهُنَا} جاهلُنا.

{عَلَى اللّه شَطَطًا} أي جَوْرًا في المقال (٦) .

٦

{فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أي ضلالا.

وأصل "الرَّهَقِ": العيب. ومنه يقال: يُرَهَّقُ في دِينه (٧) .

٨

(والشُّهُبُ) جمع "شِهاب"، وهو: النجم المضيء.

٩

و (الشَّهَابُ الرَّصَدُ) : الذي قد أُرصِد به للرَّجْم.

__________

(١) مكية كلها بالإجماع. على ما في القرطبي ١٩/١، والشوكاني ٥/٢٩٣.

(٢) ذكره الشوكاني ٥/ ٢٩٤. وهو قول الخليل والليث على ما في القرطبي ١٩/ ٧، واللسان ٧/٨٣.

(٣) كما في الطبري ٢٩/٦٥، واللسان ٤/٧٨. ورواه الطبري عن عكرمة أيضا.

(٤) كما في الطبري. وهو رأي الجمهور على ما في البحر ٨/٣٤٧، وابن عباس على ما في الدر ٦/٢٧١. وهو وما قبله سواء على ما في اللسان. وانظر القرطبي ١٩/ ٨، والفخر ٨/٢٣٩، والمشكل ٢٣٠، والشوكاني ٥/ ٢٩٥.

(٥) كما في القرطبي والشوكاني، والبحر ٨/ ٣٤٤. وانظر الكشاف ٢/٤٩٣، واللسان ٤/٧٧.

(٦) انظر المشكل ٣٣١. وهو قول أبي مالك وأبي إسحاق، على ما في القرطبي ١٩/ ٩، واللسان ٩/٢٠٧.

(٧) أي يتهم فيه. على ما في اللسان ١١/٤٢٠.

١١

{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي كنا فِرَقًا مختلفةً أهواؤنا.

و"القِدَد": جمع "قِدة"؛ وهي بمنزلة قطعة وقِطَع [في التقدير والمعنى] (١) .

١٢

{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللّه} أي اسْتَيْقَنَّا.

١٣

{فَلا يَخَافُ بَخْسًا} أي نقصًا من الثواب.

{وَلا رَهَقًا} أي ظلمًا.

وأصل "الرَّهَقِ": ما رَهِقَ الإنسانَ من عيب أو ظلم.

١٤

و {الْقَاسِطُونَ} الجائرون. يقال: قسط؛ إذا جار. وأقسط: إذا عدل.

{فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} أي تَوَخَّوْهُ وأمُّوه.

١٦

{وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} يقال: طريقةُ الكفر.

{لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} و "الغدق": الكثير. وهذا مِثلُ "لَزِدناهم في أموالهم ومواشيهم".

ومثلُه: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً} (٢) أي كَفَرَةً كلُّهم. هذا بمعنى قول الفراء (٣) .

وقال غيره: "وأن لو استقاموا على الهُدَى جميعا: لأَوْسَعْنا عليهم" (٤) .

__________

(١) كما في المشكل ٣٣٤. وانظر القرطبي ١٩/ ١٤-١٥، والفخر ٨/ ٢٤٢، واللسان ٤/٣٤٢، والبحر ٨/ ٣٤٤ و ٣٥٠، والشوكاني ٥/ ٢٩٧.

(٢) سورة الزخرف ٣٣، وقد تقدم ص ٣٩٧ آية ٣٣ من سورة الزخرف.

(٣) هذا الرأي روي عن الكلبي والضحاك وأبي مجلز والربيع بن أنس وزيد بن أسلم وغيرهم. على ما في القرطبي ١٩/ ١٧-١٨، والشوكاني ٥/ ٢٩٩، والبحر ٨/ ٣٥٢، والطبري ٢٩/ ٧٢-٧٣. وذكر في الفخر ٨/ ٢٤٣. كما ذكر مختصرا في المشكل ٣٣٥.

(٤) ذكر نحوه في المشكل ٣٣٤، وروي عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وابن جبير. وهو اختيار الطبري ٢٩/ ٧١. وذكر في الفخر والقرطبي أيضا. وانظر الدر ٦/ ٢٧٤.

١٧

{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنختبرَهم، فنعلم كيف شكرُهم.

{يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} أي عذابًا شاقًّا. يقال: تصعّدني الأمر؛ إذا شق عليّ.

ومنه قول عمرَ: "ما تَصَعَّدَنِي شيءٌ ما تصعَّدَتْنِي (١) خِطْبَةُ النِّكاح".

ومنه قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (٢) أي عقبةً شاقةً.

ونرى (٣) أصلَ هذا كلِّه من "الصُّعود": لأنه شاقٌّ؛ فكُنِّي به عن المشقات.

١٨

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للّه} أي السُّجود للّه. هو جمع "مَسجَد"؛ يقال: سجدت سجودًا ومَسجَدًا؛ كما يقال: ضربت في البلاد ضربًا ومَضرَبًا. ثم يجمع فيقال: المساجدُ للّه. كما يقال: المضاربُ في الأرض لطلب الرزق (٤) .

١٩

{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللّه يَدْعُوهُ} أي لما قام النبي-صلى اللّه عليه وسلم- يدعو إليه (٥) .

{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} أي يَلْبُدون به [ويَتَراكبُون] : (٦) رغبةً في القرآن، وشهوةً لاستماعه.

وهو جمع "لِبْدَة"؛ يقال: غَشِيَتْه لِبدةٌ من الحِرَام (٧) أي قطعةٌ لَبَدتْ به.

__________

(١) كذا في القرطبي ١٩/ ١٨، والكشاف ٢/ ٤٩٥، والفخر ٨/ ٢٤٣، والنهاية ٢/٢٦٣، واللسان ٤/٢٣٩. وفي الأصل: "تصعدني". وذكر قول عمر في البحر ٨/ ٣٥٢ باختلاف.

(٢) سورة المدثر ١٧، وانظر المشكل ٣٣٥، والفخر ٨/ ٢٤٤، واللسان ٤/ ٢٣٨.

(٣) بالأصل: "ويروى"! والذي في النهاية واللسان أن كلام عمر من "الصعود" بالفتح: العقبة الشاقة. وانظر كلام أبي عبيدة المذكور في القرطبي ١٩/ ١٩، وما روي عن ابن عباس فيه وفي الفخر.

(٤) ذكر في المشكل ٣٣٥ مختصرا. وحكي كذلك في القرطبي ١٩/ ٢٠، والبحر ٨/ ٣٥٢، والكشاف ٢/ ٤٩٥. ورواه الفخر ٨/ ٢٤٤ عن الحسن.

(٥) أي إلى اللّه كما قال ابن جريج. على ما في القرطبي ١٩/ ٢٢. وفي المشكل ٢٣٥: "يدعو اللّه"؛ أي يعبده وحده. على ما في القرطبي والفخر ٨/ ٢٤٤-٢٤٥.

(٦) كما في المشكل. أي يركب بعضهم بعضا، كما قال القرطبي والأزهري على ما في اللسان ٤/٣٩٢. وقال الضحاك -كما في القرطبي والطبري ٢٩/ ٧٤-: " ... يركبونه ... ".

(٧) كذا بالأصل غير مضبوط. والظاهر أن المراد منه الشياه، أي صوفها. واحدتها: "حرمي" بفتح فسكون. على ما في اللسان ١٥/١٥-١٦. وعبارة القرطين: "الجن"!.

٢٢

{وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أي مَعْدِلا ومَوْئلا (١) .

٢٣

{إِلا بَلاغًا مِنَ اللّه وَرِسَالاتِهِ} هذا استثناء من {لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} إلا أن أُبَلِّغَكُم (٢) .

٢٥

{أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا} أي غاية.

٢٦-٢٧- {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} أي اصطفَى للنبوة والرسالة: فإنه يُطلعه على ما شاء من غيبه؛ {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} أي يجعل بين يديه وخلفه {رَصَدًا} من الملائكة: يدفعون عنه الجن أن يسمعوا ما ينزل به الوحي، فيُلقُوه إلى الكَهَنة قبل أن يخبِر [به] النبيُّ -صلى اللّه عليه وسلم- الناسَ (٣) .

٢٨

{لِيَعْلَمَ} محمد أن الرسل قد بلَّغتْ عن اللّه عز وجل، وأن اللّه حفظها ودَفَعَ عنها، وأحاط بما لَدَيها (٤) .

ويقال: ليعلم محمد أن الملائكة -يريد جبريلَ- قد بلَّغ رسالاتِ ربه (٥) .

ويُقرأ: (لِتَعْلَمَ) بالتاء. (٦) يريد: لتعلم الجنُّ أن الرسل قد بلَّغتْ [عن] إلهِهم بما وَدُّوا (٧) من استراق السمع.

__________

(١) أي ملجأ كما قال قتادة وغيره. على ما في القرطبي ١٩/ ٢٤، والطبري ٢٩/ ٧٦. وهو قول الفراء على ما في اللسان ٤/٣٩٤-٣٩٥. وانظر الفخر ٨/ ٢٤٥.

(٢) هذا قول الفراء على ما في القرطبي ١٩/ ٢٥، والفخر ٨/ ٢٤٥. وانظر الكشاف ٢/ ٤٩٦، والبحر ٨/ ٣٥٤، والطبري ٢٩/ ٧٦.

(٣) انظر المشكل ٣٣٦، والقرطبي ١٩/ ٢٦-٢٨، والطبري ٢٩/ ٧٦-٧٧، والكشاف ٢/ ٤٩٧، والفخر ٨/ ٢٤٧-٢٤٨، والبحر ٨/ ٣٥٥-٣٥٧.

(٤) هذا قول قتادة والكلبي على ما في القرطبي ١٩/ ٢٩، والفخر ٨/ ٢٤٩، والبحر ٨/ ٣٥٧، والشوكاني ٥/ ٢٠٣ وهو اختيار الطبري ٢٩/ ٧٨.

(٥) هذا قول ابن عباس وابن جبير ببعض اختلاف. على ما في القرطبي والبحر والطبري ٢٩/ ٧٧ والشوكاني. وذكره الفخر. وانظر المشكل ٣٣٦.

(٦) كذا بالأصل والقرطين ٢/١٨٧. ولم نعثر على هذه القراءة. ولكن عثرنا على قراءة أخرى لابن عباس ومجاهد وحميد ويعقوب: بضم الياء. ولعل الأصل: "ليعلم بضم الياء". ويؤيد ذلك أن القرطبي والشوكاني نقلا عن ابن قتيبة أنه قال: "ليعلم الجن أن الرسل قد بلغوا ما أنزل عليهم، ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع عليهم".

(٧) بالأصل: "لما ردوا". وهو تصحيف. وفي القرطين: "بما رجوا".

﴿ ٠