سورة القيامة

١

قوله عز وجل: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}(١) ؛ "لا" صلةٌ، (٢) أريدَ بها تكذيبُ الكفار؛ لأنهم قالوا: لا قيامةَ.

٢

(وَالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) أي تلومُ نفسَها يوم القيامة.

٣، ٤، ٥ {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ * بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} هذا مفسر في كتاب "تأويل المشكل" (٣) .

٦

{يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} أي متى يومُ القيامة (٤) ؟ .

٧

{فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} إذا حارَ عند الموت (٥) .

وأصل "البَرَق": الدهَش. يقال: بَرِقَ الرجل يبرقُ برقًا.

ومن قرأ: (بَرَقَ) ؛ (٦) أراد: بريقَه إذا شخَصَ.

٨

{وَخَسَفَ الْقَمَرُ} و "كُسِفَ" واحد (٧) .

١١

{كَلا لا وَزَرَ} أي لا ملجأَ.

__________

(١) مكية كلها بلا خلاف. على ما في القرطبي ١٩/٨٩، والبحر ٨/٣٨٤.

(٢) هذا رأي أبي عبيدة كما في الشوكاني ٥/٣٢٥ وحكاه القرطبي ١٩/ ٩٠، والطبري ٢٩/١٠٨. وضعفه الفخر ٨/١٧١.

(٣) ص ٢٦٩-٢٧٠. وانظر هامشه، والقرطبي ١٩/ ٩١-٩٣.

(٤) انظر المشكل ٢٧٠ و ٣٩٧، والفخر ٨/ ٢٧٩.

(٥) كما قال أبو عمرو والزجاج وغيرهما. على ما في القرطبي ١٩/ ٩٤، والطبري ٢٩/ ١١٢.

(٦) كنافع وأبان عن عاصم. والسابقة قراءة الباقين. راجع أيضا: اللسان ١١/٢٩٦-٢٩٧، والبحر ٨/ ٣٨٢ و ٣٨٥، والفخر ٨/ ٢٧٩-٢٨٠، والكشاف ٢/٥٠٨.

(٧) هذا رأي أبي عبيدة وجماعة من أهل اللغة كالجوهري. على ما في البحر ٨/ ٣٨٦، واللسان ١٠/٤١٤ ونص الآية قرأه الأعرج وابن أبي إسحاق وزيد بن علي وغيرهم: بضم الخاء وكسر السين. وقرأه الجمهور بالتحريك. راجع أيضا الفخر والقرطبي ١٩/ ٩٥.

وأصل "الوَزَر": الجبل [أو الحِصن] الذي يُمتنَع فيه.

١٣

{يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ} من عمل الخير والشر.

{وَأَخَّرَ} من سُنّة عُمل بها بعده.

١٤-١٥- {بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} أي شهيدٌ عليها بعملها بعدهُ ولو اعتذر. يريد: شهادةَ جوارحه.

ويقال: "أراد: بل على الإنسان -من نفسه- بصيرةٌ" (١) .

١٧

{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أي ضمَّه وجمْعَه.

١٨

{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي جمعناهُ.

{فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي جَمْعه. و "القراءة" و "القرآن" مصدران.

قال قتادةُ (٢) "اتبعْ حلاله، و [اجتنب] حرامَه".

٢٢

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} أي مُشرقةٌ.

٢٤

{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} أي عابسةٌ مقطِّبةٌ.

٢٥

و (الْفَاقِرَةُ) الداهيةُ. يقال: إنها من "فَقَار الظهر" كأنها تكسِره.

تقول: فَقَرتُ الرجل؛ إذا كسرتَ فَقَارَه. كما تقول: رَأَسْتُه؛ إذا ضربتَ رأسَه؛ وبَطَنْتُه: إذا ضربتَ بطنَه. ويقال: رجل فقير وفَقِرٌ.

وقال أبو عبيدة (٣) "هو من الوَسْمِ الذي يُفْقَرُ به على الأنف".

٢٦-٢٧- {كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} يعني: النفس؛ أي صارت النفس

__________

(١) أي شاهد. كما حكاه القرطبي ١٩/ ٩٥ عن بعض أهل التفسير. وحكي الأول عن ابن قتيبة والفراء وابن عباس. وجمع بينها في المشكل ١٤٨. وانظر الطبري ٢٩/ ١١٥-١١٦، والفخر ٨/ ٢٨١، والبحر ٨/ ٣٨٦.

(٢) كما في الطبري ٢٩/ ١١٨، والدر ٦/ ٢٨٩، والفخر ٨/ ٢٨٣؛ وفي القرطبي ١٩/ ١٠٥ بمعناه.

(٣) كما في الفخر ٨/ ٢٨٧، والبحر ٨/ ٣٨٩ بمعناه. وذكر نحوه عن الليث في اللسان ٦/٣٦٩، وعن الأصمعي في القرطبي ١٩/ ١٠٨، والشوكاني ٥/ ٣٢٩. وهو رأي الطبري ٢٩/ ١٢١، والأول رأي ابن المسيب ومجاهد. وقد ذكر الفخر بعض كلام ابن قتيبة السابق.

بين تراقيه. {وَقِيلَ: مَنْ رَاقٍ} ؟ أي هل أحدٌ يرقِي؟

٢٩

{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أتاه أولُ شدةِ أمرِ الآخرة، وأشدُّ آخرِ أمر الدنيا.

ويقال: "هو التفاف ساقَي الرجلِ عند السِّيَاقِ". [و] هو مثل قولهم (١) "شمَّرت عن ساقها".

٣١

{فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} أي لم يصدق ولم يصل (٢) .

٣٣

{يَتَمَطَّى} يَتَبَخْتَرُ. وأصله "يتمطّط"؛ فقُلبتْ الطاءُ فيه ياء. كما يقال: يَتَظَنَّى؛ وأصله: يَتَظَنَّن. ومنه "المِشْيَةُ المُطَيْطَاءُ".

وأصل الطاء في هذا كله: دال. إنما هو: مدُّ يدِه في المشي، إذا تبختر.

يقال: مدَدتُ ومططتُ؛ بمعنى واحد.

٣٥

{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} تهدُّدٌ ووعيدٌ (٣) .

٣٦

{أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} أي يُهْمَلَ: فلا يؤمَر، ولا يُنهَى، ولا يُعاقَبَ (٤) . يقال: أسديتُ الشيء؛ إذا أهملته.

__________

(١) بالأصل: "قوله"! و "السياق": نزع الروح. وهذا قول بعضهم كالشعبي وقتادة. والأول قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما. راجع الطبري ٢٩/ ١٢٢-١٢٣، والقرطبي ١٩/ ١١٠، والفخر ٨/ ٢٨٨، والبحر ٨/ ٣٩٠، والدر ٦/ ٢٩٥-٢٩٦، واللسان ١٢/٣٤-٣٥.

(٢) كما في المشكل ٤١٧، والقرطبي ١٩/ ١١١. وانظر الفخر ٨/ ٢٨٨-٢٨٩.

(٣) كما في المشكل ٤١٧ والقرطبي. وانظر الفخر ٨/ ٢٨٩.

(٤) لم يختلف أهل العلم بالقرآن في ذلك، كما قال الشافعي في الأحكام ١/٣٦ و ٢/١٢٣ وانظر هامشه والطبري والفخر، والقرطبي ١٩/ ١١٤، والبحر ٨/ ٣٨٢، واللسان ١٩/٩٨.

﴿ ٠