سورة الدهر١{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} قال المفسرون: "أراد: قد أتى على الإنسان"(١) (٢) . ٢{أَمْشَاجٍ} أخلاط؛ يقال: مَشَجْتُه فهو مَشِيجٌ. يريد: اختلاطَ ماء الرجل بماء المرأة (٣) . {نَبْتَلِيهِ} نختبره. أي إنا جعلناه سميعًا بصيرًا، لنبتليه بذلك (٤) . ٧{كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي فاشيًا منتشرًا. يقال: اسْتَطَار الحريقُ؛ إذا انتشر. واسْتَطَار الفجرُ: إذا انتشر الضوء (٥) . ١٠{يَوْمًا عَبُوسًا} أي يومًا تَعْبِسُ فيه الوجوهُ. فجعل عبوسًا من صفة اليوم؛ كما قال: (في يومٍ عاصفٍ) (٦) ؛ أراد: عاصف الريح. و (الْقَمْطَرِيرُ) الصَّعب الشديد. [يقال] : يوم قَمْطَرِيرٌ وقُمَاطِرُ (٧) ؛ [إذا كان صعبًا شديدًا أشدَّ ما يكون من الأيام، وأطولَه في البلاء] . ويُقال: المُعبِّسُ الوجه. __________ (١) مدنية في قول الجمهور، ومكية في قول ابن عباس ومقاتل والكلبي. وقيل غير ذلك. على ما في القرطبي ١٩/١١٦، والبحر ٨/٣٩٣. (٢) كما في المشكل ٤١٠. وهو رأي سيبويه والكسائي والفراء وأبي عبيدة. على ما في القرطبي. وقد حكى الفخر ٨/٢٩٠ الاتفاق عليه. (٣) كما قال ابن عباس وغيره على ما في الفخر ٨/ ٢٩١، والقرطبي ١٩/ ١١٩، والطبري ٢٩/١٢٦، والبحر. وانظر أحكام الشافعي ٢/١٨٨-١٨٩. (٤) كذا بالفخر والقرطبي ١٩/ ١٢٠. وفي الأصل: "نبتليه" وهو تحريف. (٥) ذكر في القرطبي ١٩/ ١٢٦، والفخر ٨/ ٢٩٥. وانظر البحر ٨/ ٣٩٢، والطبري ٢٩/ ١٢٩. (٦) سورة إبراهيم ١٨، وانظر ما تقدم ٢٣٢، والقرطبي ١٩/ ١٣٣، والفخر ٨/ ٢٩٧-٢٩٨. (٧) هذا قد ورد بالأصل بعد كلمة الوجه الآتية وهو إنما ذكر لتأييد الرأي المختار لابن قتيبة والفراء وأبي عبيدة والمبرد والكلبي؛ على ما في الفخر. فرأينا أن المناسب تقديمه وإضافة ما يوضحه. والرأي الآتي للزجاج، ونسبه القرطبي ١٩/ ١٣٤ لمجاهد وأبي عبيدة أيضا. فراجع أيضا اللسان ٦/٤٢٩، والطبري ٢٩/ ١٣١، والبحر ٨/ ٣٩٢. ١٤{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا} أي أُدْنِيَتْ منهم. من قولك: حَائطٌ ذليلٌ؛ إذا كان قصير السَّمْكِ (١) . ونحوه قوله: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} (٢) . و "القطوف": الثمر؛ واحدها: "قِطْفٌ". و (التَّذْلِيلُ) أيضًا: تسويةُ العُذوقِ (٣) . يقول أهل المدينة: ذُلِّلَ النخلُ؛ أي سُويَ عُذُوقُه. ١٥و (الأكْوَابُ) كيزان لا عُرًى لها. واحدها: كُوب (٤) . ١٦{قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ} مفسر في كتاب "تأويل المشكل" (٥) . {قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} على قَدْر الرِّيّ. ١٧-١٨- {كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا} يقال: هو اسم العين. وكذلك (السَّلْسَبِيلُ) اسم العين (٦) . قال مجاهد (٧) "السلسبيل: الشديد [ة] الجَرْيَة". وقال غيره: "السلسبيل: السَّلِسَةُ اللَّيِّنَة" (٨) . وأمَّا "الزنجبيل": فإن العرب تضرب به المثل وبالخمر ممتزِجَيْن. قال المُسيَّب بن عَلَس يصف فم المرأة: وَكَأَنَّ طَعْمَ الزَّنْجَبِيلِ به ... - إذْ ذُقْتُه - وَسُلافَةَ الخَمْرِ (٩) __________ (١) نقله في الفخر ٨/ ٢٩٩ عن ابن قتيبة. وهو رأي مجاهد على ما في القرطبي ١٩/ ١٣٧. (٢) سورة الحاقة ٢٣، وقد تقدم ٤٨٤. وانظر الطبري ٢٩/١٣٣، واللسان ١٣/٢٧٤. (٣) كما قال أبو حنيفة الدينوري على ما في اللسان. وانظر أيضا ١٢/١٠٩ منه. (٤) انظر ما تقدم ٤٠٠ و ٤٤٧ وهامشه، والقرطبي ١٩/ ١٢٨. (٥) ص ٢٣ و٥٧. وانظر القرطبي والفخر، والبحر ٨/ ٣٩٧، والطبري ٢٩/ ١٣٣-١٣٤. (٦) كما قال الزجاج على ما في القرطبي ١٩/ ١٤٠ والفخر ٨/ ٣٠٠ واللسان ١٣/٣٦٦، أو بعض نحويي البصرة كما في الطبري ٢٩/ ١٣٥. وتفسير الزنجبيل روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما. وانظر البحر ٨/ ٣٩٨. (٧) كما في الطبري والقرطبي بلفظ "حديدة". وروي نحوه عن ابن عباس. (٨) ذكر في اللسان بمعناه. ورواه الطبري عن مجاهد أيضا. (٩) البيت له: في الكشاف ٢/٥١٢ (أو شواهده ٦٩) ، والقرطبي ١٩/ ١٤٠، والبحر ٨/ ٣٩٢، وديوانه الملحق بديوان الأعشى ٣٥٢. وانظر اللسان ١٣/٣٣٢. ٢١و (السُّنْدُسُ) و (الإسْتَبْرَقُ) قد تقدم ذكرهما (١) . ٢٨{وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي خَلْقَهُم (٢) . يقال: امرأةٌ حسنةُ الأسْرِ؛ أي حسنة الخَلْقِ: كأنها أُسِرت، أي شُدَّتْ. وأصل هذا من "الإسار" وهو: القِدُّ [الذي يُشَدُّ به الأقْتَابُ] . يقال: (٣) ما أحسَنَ ما أسَرَ قَتَبَهُ! أي ما أحسن ما شَدَّه [بالقِدِّ] ! وكذلك: امرأةٌ حسنة العَصَب، إذا كانت مُدْمَجَةَ الخَلْقِ: كأنها عُصِّبَتْ، أي شُدَّتْ. __________ (١) ص ٢٦٧ و ٤٠٣. وانظر هامشه والقرطبي ١٩/ ١٤٤، والفخر ٨/ ٣٠٢. (٢) كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم. على ما في القرطبي ١٩/ ١٤٩، والطبري ٢٩/ ١٣٩. وذكر في اللسان ٥/٧٧. (٣) كما قال الأصمعي على ما في اللسان ٥/ ٧٦. وانظر القرطبي. |
﴿ ٠ ﴾