٣٦فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ أي استزل آدم وحواء ودعاهما إلى الزلة وهي الخطيئة ، وسيأتي الكلام إن شاء اللّه تعالى على عصمة الأنبياء والجواب عما صدر منهم عند قوله عز وجل : وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى في سورة طه عَنْها أي الجنة فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ يعني من النعيم وذلك أن إبليس أراد أن يدخل الجنة ليوسوس لآدم وحواء فمنعه الخزنة فأتى الحية وكانت صديقة لإبليس وكانت من أحسن الدواب لها أربع قوائم كقوائم البعير وكانت من خزّان الجنة فسألها أن تدخله الجنة في فيها فأدخلته ومرت به على الخزنة وهم لا يعلمون. وقيل إنما رآهما على باب الجنة لأنهما كانا يخرجان منهما ، وكان إبليس بقرب الباب فوسوس لهما وذلك أن آدم لما دخل الجنة ورأى ما فيها من النعيم قال لو أن خلدا فاغتنم ذلك الشيطان منه وأتاه من قبل الخلد. وقيل لما دخل الجنة وقف على آدم وحواء وهما لا يعلمان أنه إبليس فبكى وناح نياحة أحزنتهما وهو أول من ناح فقالا ما يبكيك قال أبكي عليكما لأنكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة فوقع ذلك في أنفسهما واغتما ومضى إبليس ثم أتاهما بعد ذلك وقال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد فأبى أن يقبل منه فقاسمهما باللّه إني لكما لمن الناصحين ، فاغترا وما ظنا أن أحدا يحلف باللّه كاذبا ، فبادرت حواء إلى أكل الشجرة ، ثم ناولت آدم فأكل منها. قال إبراهيم بن أدهم : أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا ، قال ابن عباس : قال اللّه تعالى : (يا آدم ألم يكن فيما أبحتك من الجنة مندوحة عن الشجرة قال بلى يا رب وعزتك ولكن ما ظننت أن أحدا يحلف بك كاذبا. قال : فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش فيها إلّا نكدا فاهبط من الجنة وعلم صنعة الحديد ، وأمر بالحرث فحرث وزرع وسقى حتى إذا بلغ واشتد حصده ثم درسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه وخبزه ثم أكله فلم يبلغه حتى بلغ منه الجهد). وفي رواية أخرى عن ابن عباس : إن آدم لما أكل من الشجرة التي نهى عنها قال اللّه تعالى : يا آدم ما حملك على ما صنعت؟ قال يا رب زينته لي حواء قال : فإني أعقبتها أن لا تحمل إلّا كرها ولا تضع إلّا كرها ودميتها في الشهر مرتين ، فرنت حواء عند ذلك فقيل عليك الرنة وعلى بناتك. والرنة الصوت ، فلما أكلا من الشجرة تهافتت عنهما ثيابهما ، وأخرجا من الجنة ، فذلك قوله عز وجل وَقُلْنَا اهْبِطُوا أي انزلوا إلى الأرض يعني آدم وحواء وإبليس والحية فهبط آدم بسرنديب من أرض الهند على جبل يقال له نود ، وأهبطت حواء بجدة وإبليس بالأبلة من أعمال البصرة والحية بأصبهان بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يعني العداوة التي بين المؤمنين من ذرية آدم وبين إبليس وإليه الإشارة ب قوله عز وجل : إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا والعداوة التي بين ذرية آدم والحية. عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : (من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا ، ما سالماهن منذ حاربناهن) أخرجه أبو داود ، وله عن ابن مسعود أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : (اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف من ثأرهن فليس مني) وفي رواية (اقتلوا الكبار كلها إلّا الجان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة) (م) عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : (إن بالمدينة جنّا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان) وفي رواية (إن بهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فاخرجوا عليه ثلاثا فإن ذهب وإلّا فاقتلوه فإنه كافر) وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ أي موضع قرار وَمَتاعٌ أي بلغة ومستمتع إِلى حِينٍ أي إلى وقت انقضاء آجالكم. |
﴿ ٣٦ ﴾