٤٥قوله عز وجل : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ قيل إن المخاطبين بهذا هم المؤمنون لأن من ينكر الصلاة والصبر على دين محمد صلّى اللّه عليه وسلّم لا يقال له استعن بالصبر والصلاة فلا جرم وجب صرفه إلى من صدّق محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم وآمن به. وقيل يحتمل أن يكون الخطاب لبني إسرائيل لأن صرف الخطاب إلى غيرهم يوجب تفكيك نظم القرآن ولأن اليهود لم ينكروا أصل الصلاة والصبر لكن صلاتهم غير صلاة المؤمنين ، فعلى هذا القول أن اللّه تعالى لما أمرهم بالإيمان بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم والتزام شريعته وترك الرياسة وحب الجاه والمال قال لهم استعينوا بالصبر أي بحبس النفس عن اللذات وإن ضممتم إلى ذلك الصلاة هان عليكم ترك ما أنتم فيه من حب الرياسة والجاه والمال. وعلى القول الأول يكون معنى الآية واستعينوا على حوائجكم إلى اللّه. وقيل : على ما يشغلكم من أنواع البلاء. وقيل : على طلب الآخرة بالصبر وهو حبس النفس عن اللذات وترك المعاصي. وقيل بالصبر على أداء الفرائض. وقيل الصبر هو الصوم لأن فيه حبس النفس عن المفطرات وعن سائر اللذات وفيه انكسار النفس والصلاة ، أي اجمعوا بين الصبر والصلاة وقيل معناه واستعينوا بالصبر على الصلاة وعلى ما يجب فيها من تصحيح النية وإحضار القلب ومراعاة الأركان والآداب مع الخشوع والخشية ، فإن من اشتغل بالصلاة ترك ما سواها. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، أي إذا أهمه أمر لجأ إلى الصلاة وعن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما أنه نعي له أخوه قثم وهو في سفره فاسترجع ثم تنحى عن الطريق ، فصلى ركعتين أطال فيهما السجود ، ثم قام إلى راحلته وهو يقول : فاستعينوا بالصبر والصلاة وَإِنَّها يعني الصلاة وقيل الاستعانة لَكَبِيرَةٌ أي ثقيلة إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ يعني المؤمنين وقيل الخائفين : وقيل المطيعين المتواضعين للّه وأصل الخشوع السكون فالخاشع ساكن إلى الطاعة وقيل الخشوع الضراعة وأكثر ما تستعمل في الجوارح وإنما كانت الصلاة ثقيلة على غير الخاشعين لأن من لا يرجو لها ثوابا ولا يخاف على تركها عقابا فهي ثقيلة عليه. وأما الخاشع الذي يرجو لها ثوابا ويخاف على تركها عقابا فهي سهلة عليه |
﴿ ٤٥ ﴾