١٩إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّه الْإِسْلامُ يعني أن الدين المرضي عند اللّه هو الإسلام كما قال تعالى : وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وفيه رد على اليهود والنصارى وذلك لما ادعت اليهود أنه لا دين أفضل من اليهودية ، وادعت النصارى أنه لا دين أفضل من النصرانية رد اللّه عليهم ذلك فقال : إن الدين عند اللّه الإسلام. وقرئ أن الدين بفتح الهمزة ردا على أن الأولى والمعنى شهد اللّه أنه لا إله إلّا هو ، وشهد أن الدين عند اللّه الإسلام ، وأصل الدين في اللغة الجزاء. يقال كما تدين تدان ثم صار اسما للملة والشريعة ، ومعناه الانقياد للطاعة والشريعة ، قال الزجاج الدين اسم لجميع ما تعبد اللّه به خلقه وأمرهم بالإقامة عليه ، والإسلام هو الدخول في السلم وهو الاستسلام والانقياد والدخول في الطاعة. وروى البغوي بسند الثعلبي عن غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فكنت أختلف إليه فلما كان ذات ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة قام من الليل يتهجد فمر بهذه الآية شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قال الأعمش : وأنا أشهد بما شهد اللّه به وأستودع اللّه هذه الشهادة وهي لي عند اللّه وديعة إن الدين عند اللّه الإسلام قالها مرارا قلت : سمع فيها شيئا فصليت الصبح معه وودعته ثم قلت له : إني سمعتك ترددهما فما بلغك فيها؟ قال : واللّه لا أحدثك فيها إلى سنة فكتبت على بابه ذلك اليوم وأقمت سنة ، فلما مضت السنة قلت : يا أبا محمد قد مضت السنة فقال : حدثني أبو وائل عن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول اللّه عز وجل : إن لعبدي هذا عندي عهدا وأنا أحق من وفي بالعهد أدخلوا عبدي الجنة وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ قال الكلبي : نزلت في اليهود والنصارى حين تركوا الإسلام والمعنى : وما اختلف الذين أوتوا الكتاب في نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ يعني بيان نعته وصفته في كتبهم. وقال الربيع : إن موسى عليه السلام لما حضره الموت دعا سبعين رجلا من خيار بني إسرائيل وأودعهم التوراة واستخلف يوشع بن نون ، فلما مضى القرن الأول والثاني والثالث وقعت الفرقة والاختلاف ، بينهم ، وهم الذين أوتوا الكتاب وهم من أبناء الملوك السبعين حتى أهرقوا الدماء ووقع الشر والاختلاف ، وذلك بعد ما جاءهم العلم يعني بيان ما في التوراة من الأحكام بَغْياً بَيْنَهُمْ أي طلبا بينهم للملك والرياسة فسلط اللّه عليهم الجبابرة. وقيل : نزلت في نصارى نجران ومعناه وما اختلف الذين أوتوا الكتاب يعني الإنجيل واختلافهم كان في أمر عيسى عليه الصلاة والسلام ، وما ادعوا فيه من الإلهية إلا من بعد ما جاءهم العلم. يعني بأن اللّه تعالى واحد أحد وأن عيسى عبده ورسوله بغيا بينهم يعني المعاداة والمخالفة. وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللّه فَإِنَّ اللّه سَرِيعُ الْحِسابِ فيه وعيد وتهديد لمن أصر على الكفر من اليهود والنصارى الذين جحدوا نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم قوله عز وجل : |
﴿ ١٩ ﴾