١٨٥

قوله عز وجل : كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ يعني أن كل نفس مخلوقة ذائقة الموت ولا بد لها منه. قيل لما نزل قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ يا رسول اللّه إنما نزلت في بني آدم فأين ذكر الموت للجن والأنعام والوحوش والطير؟ فنزلت هذه الآية

وقيل لما خلق اللّه آدم عليه السلام اشتكت الأرض إلى ربها عز وجل مما أخذ منها فوعدها أن يرد فيها ما أخذ منها فما أحد يموت إلّا ويدفن في التربة التي خلق منها.

فإن قلت الحور والولدان نفوس مخلوقة في الجنة لا تذوق الموت فما حكم لفظ كل في قوله كل نفس ذائقة الموت؟

قلت لفظة كل لا تقتضي الشمول والإحاطة بدليل

قوله تعالى وأوتيت من كل شيء ولم تؤت ملك سليمان فتكون الآية من العام المخصوص ويحتمل أن يكون المراد بهم المكلفين بدليل سياق الآية وهو

قوله تعالى : وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يعني توفون جزاء أعمالكم يَوْمَ الْقِيامَةِ إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ يعني فمن نجا وأبعد من النار وأدخل الجنة فقد ظفر بالنجاة ونجا من الخوف وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ يعني أن العيش في هذه الدار الفانية يغر الإنسان بما يمنيه من طول البقاء وسينقطع عن قريب فوصفت بأنها متاع الغرور لأنها تغر ببذل المحبوب. وتخيل للإنسان أنه يدوم وليس بدائم والمتاع كل ما استمتع به الإنسان من مال وغيره

وقيل المتاع كالفارس والقدر والقصعة ونحوها والغرور ما يغر الإنسان مما لا يدوم

وقيل الغرور الباطل. ومعنى الآية أن منفعة الإنسان بالدنيا كمنفعته بهذه الأشياء التي يستمتع بها ثم تزول عن قريب.

وقيل متاع متروك يوشك أن يضمحل ويزول فخذوا من هذا المتاع واعملوا فيه بطاعة اللّه ما استطعتم.

قال سعيد بن جبير هي متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة فأما من اشتغل بطلب الآخرة فهي له متاع وبلاغ إلى ما هو خير منها

(ق) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال اللّه عز وجل : (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) واقرءوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين.

زاد الترمذي : (و في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها) واقرءوا إن شئتم : (و ظل ممدود ولموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها) واقرءوا إن شئتم : فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ.

قوله عز وجل :

﴿ ١٨٥