سورة النساءوهي مائة وخمس وسبعون آية وثلاثة آلاف وخمس وأربعون كلمة وستة عشر ألف حرف وثلاثون حرفا. بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١قوله عز وجل : يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب للكافة فهو كقوله يا بني آدم اتَّقُوا رَبَّكُمُ أي احذروا أمر ربكم أن تخالفوه فيما أمركم به أو نهاكم عنه ثم وصف نفسه بكمال القدرة فقال تعالى الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعني من أصل واحد وهو آدم أبو البشر عليه السلام وإنما أنث الوصف على لفظ النفس وإن كان المراد به الذكر فهو كما قال بعضهم : أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال فإنما قال ولدته أخرى لتأنيث وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها يعني حواء وذلك أن اللّه تعالى لما خلق آدم عليه السلام ألقى عليه النوم ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى ، وهو قصير. فلما استيقظ رآها جالسة عند رأسه فقال لها : من أنت؟ قالت : امرأة قال : لما ذا خلقت قالت خلقت لتسكن إليّ فمال إليها وألفها لأنها خلقت منه واختلفوا في أي وقت خلقت حواء. فقال كعب الأحبار ووهب وابن إسحاق خلقت قبل دخوله الجنة وقال ابن مسعود وابن عباس إنما خلقت في الجنة بعد دخوله إياها وَبَثَّ مِنْهُما يعني نشر وأظهر من آدم وحواء رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً إنما وصف الرجال بالكثرة دون النساء لأن حال الرجال أتم وأكمل وهذا كالتنبيه عن أن اللائق بحال الرجال الظهور والاستشهار وبحال النساء الاختفاء والخمول وَاتَّقُوا اللّه الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ إنما كرر التقوى للتأكيد وأنه أهل أن يتقى والتساؤل باللّه هو كقولك أسألك باللّه واحلف عليك باللّه واستشفع إليك باللّه وَالْأَرْحامَ قرئ بفتح الميم ومعناه واتقوا الأرحام أن تقطعوها وقرئ بكسر الميم فهو كقولك سألتك باللّه وبالرحم وناشدتك باللّه وبالرحم لأن العرب كان من عادتهم أن يقولوا ذلك والرحم القرابة. وإنما استعير اسم الرحم للقرابة لأنهم خرجوا من رحم واحدة وقيل هو مشتق من الرحمة لأن القرابة يتراحمون ويعطف بعضهم على بعض. وفي الآية دليل على تعظيم حق الرحم والنهي عن قطعها ويدل على ذلك أيضا الأحاديث الواردة في ذلك (ق) عن عائشة قالت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله اللّه ومن قطعني قطعه اللّه (ق) عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال من سره أن يبسط عليه من رزقه وينسأ في أنزه فليصل رحمه قوله وينسأ في أثره أي يؤخر له في أجله. (ق) عن جبير بن مطعم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال (لا يدخل الجنة قاطع) قال سفيان في روايته يعني قاطع رحم وعن الحسن قال من سألك باللّه فأعطه ومن سألك بالرحم فأعطه وعن ابن عباس قال : الرحم معلقة بالعرش فإذا أتاها الواصل بشت به وكلمته وإذا أتاها القاطع احتجبت عنه إِنَّ اللّه كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً يعني حافظا والرقيب في صفة اللّه تعالى هو الذي لا يغفل عما خلق فيلحقه نقص ويدخل عليه خلل وقيل هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء من أمر خلقه فبيّن بقوله : إِنَّ اللّه كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً إنه يعلم السر وأخفى ، وإذا كان كذلك فهو جدير بأن يخاف ويتقى. قوله عز وجل : |
﴿ ١ ﴾